أسباب الاحتلال الفرنسي للجزائر

كتابة:
أسباب الاحتلال الفرنسي للجزائر

أسباب الاحتلال الفرنسي للجزائر

كانت الجزائر ما قبل الاحتلال دولةً ذات قوة وازدهار وتنظيم في جميع المجالات والميادين، في الداخل والخارج، وكانت دول أوروبا تخشى سطوتها وبأسها خاصةً في البحر الأبيض المتوسط، كما كانت تجارتها الخارجية نشطةً مع دول أوروبا، ولعبت دورًا مهمًا في مجالات مختلفة، مثل: الصناعة والزراعة والثقافة.[١]

توفرت عدة أسباب دفعت فرنسا لاحتلال الجزائر، مع العلم أنّها كانت تُخطط لهذا الاحتلال منذ عام 1792م؛ وذلك لرغبتها الشديدة في إنهاء سيطرة الإنجليز على حوض البحر الأبيض المتوسط وموقع الجزائر الاستراتيجي المهم،[٢] ويُمكن تلخيص باقي الأسباب فيما يأتي:

الأسباب السياسية

وذلك باعتبار الحكومة الجزائرية تابعة للدولة العثمانية التي بدأت بالانهيار والسقوط آنذاك، في حين كانت الدول الأوروبية تتحين الفرصة للسيطرة على الأراضي العثمانية، بالإضافة إلى اعتقاد فرنسا أنّها ستغنم بثروة تصل إلى 150 مليون فرنك موجودة في خزينة الدّاي.[٢]

الأسباب العسكرية

إنَّ خسارة الجيش الفرنسي وانهزامه في أوروبا؛ بسبب سقوطه في مصر والانسحاب منها تحت ضربات الجيش الإنجليزي سنة 1801م، دفع نابليون بونابرت أن يبعث بأحد ضباطه إلى الجزائر؛ لكي يضع له خطةً عسكريةً تسمح له بإقامة محميات فرنسية في شمال أفريقيا تمتد حدودها من المغرب الأقصى إلى مصر.[٣]

الأسباب الاقتصادية

إنّ مطامع فرنسا الاقتصادية في خيرات الجزائر وثرواتها الطبيعية، إضافةً إلى تأجيل سداد ديون الجزائر المتراكمة والتي تتمثل في كميات القمح التي استوردتها من فرنسا دفع الأخيرة إلى احتلال الجزائر، حيث إنَّ القنصل الفرنسي التجاري أورد ذكر هذه الأسباب في رسالته التي قام بإرسالها إلى حكومة فرنسا حيث قال:[٤]

"إنّ الفوائد المادية التي ستعود على فرنسا جراء غزو الجزائر - بعيداً عن ملايين الفرنكات الذهبية التي تتواجد في الخزينة الجزائرية - أجدى وأفضل لفرنسا من أيّة عمليات غزو اقتصادي قامت به في كل تاريخها، حيث إنّ هنالك سهول خصبة بشكل لا يصدق، بالإضافة إلى مناجم غنية بالحديد والرصاص، وجبال مليئة بالعناصر المعدنية كلها تنتظر الأيادي التي تستخرجها."[٥]

الأسباب الدينية

ظهرت رغبة فرنسا في نشر النصرانية في أفريقيا ابتداءً من الجزائر، وفي هذا الشأن ذكر وزير الحربية الفرنسية في تقريره الذي أرسله لملك فرنسا "شارل العاشر": لقد أرادت العناية الإلهية أن تستأثر لجلالتكم في شخص قنصلكم بواسطة ألدّ أعداء المسيحية، ولعله لم يكن من باب المصادفة، أن يجعل ابن لويس بـ"التقي" لكي ينتقم للدين والإنسانية، ولعل الزمن يُسعدنا بأن نستغل هذه الفرصة لكي نبدأ بنشر المدينة بين الناس وننصرهم".[٦]

في ضوء ما سبق، فرنسا كانت ترى في نفسها أنّها هي حامية الكنيسة الكاثوليكية، فالعامل الديني من الغزو نجده في دور رجال الدين النصراني في الحملة الاحتلالية للجزائر.[٦]

القضاء على القرصنة البحرية

في تلك الفترة كانت القرصنة أمراً شائعاً ومنتشرًا في جميع الدول، مثل: إسبانيا والبرتغال وفرنسا، وكان القراصنة الأوروبيون يُمارسون القرصنة بشكل وحشي ومجحف وخاصةً في معاملة الأسرى، حيث كانوا يُعذبون فريقاً ويقتلون فريقاً، أمّا البحارة الجزائريون فكانوا يُهاجمون السفن التابعة للدول المعادية لبلادهم، وبذلك لا يُمكن اعتبارهم قراصنة؛ لأنّ أسباب دفاعهم شرعية لحماية مياه بلادهم الإقليمية.[٧]

الظروف الدولية المواتية

تتلخص تلك الظروف فيما يأتي:[٨]

  • هزيمة الأسطول التركي بالقرب من الميناء الإغريقي نافاران أثناء حرب استقلال اليونان سنة 1827م.
  • تقبل القيصر نيكولا الأول للحملة للجزائر لإضعاف القوة العثمانية في البحر الأبيض المتوسط ليسهل عليهم الملاحة فيه.
  • انتهاج ملك بروسيا نفس النهج.
  • عدم معارضة دول شمال أوروبا.

احتلال الجزائر

احتلت فرنسا الجزائر في شهر تموز من سنة 1830 احتلالًا عسكريًا كاملاً، وذلك بعد دفاع قوي وعنيف من الحامية التركية ومن الأهالي آنذاك، حيث فُصّلت أخباره وأحداثه في كثير من الكتب خاصةً المؤلفات الفرنسية التي حملت اعترافًا صريحًا بالأعمال الوحشية التي قام بها الجيش الفرنسي آنذاك.[٩]

المراجع

  1. عمر العرباوي، كتاب الاعتصام بالإسلام، صفحة 108. بتصرّف.
  2. ^ أ ب علي محمد الصلابي، كفاح الشعب الجزائري: سيرة الأمير عبد القادر، صفحة 272. بتصرّف.
  3. علي محمد الصلابي، كفاح الشعب الجزائري: سيرة الأمير عبد القادر، صفحة 273. بتصرّف.
  4. علي محمد الصلابي، كفاح الشعب الجزائري: سيرة الأمير عبد القادر، صفحة 274. بتصرّف.
  5. علي محمد الصلابي، كفاح الشعب الجزائري: سيرة الأمير عبد القادر، صفحة 274. بتصرّف.
  6. ^ أ ب علي محمد الصلابي، كفاح الشعب الجزائري: سيرة الأمير عبد القادر، صفحة 275 - 278. بتصرّف.
  7. علي محمد الصلابي، كفاح الشعب الجزائري: سيرة الأمير عبد القادر، صفحة 278 - 279. بتصرّف.
  8. علي محمد الصلابي، كفاح الشعب الجزائري: سيرة الأمير عبد القادر، صفحة 279-280. بتصرّف.
  9. البشير الإبراهيمي، كتاب آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي ج5، صفحة 118. بتصرّف.
7004 مشاهدة
للأعلى للسفل
×