أمراض زواج الأقارب

كتابة:
أمراض زواج الأقارب

زواج الأقارب

يشير مصطلح زواج الأقارب إلى الاتحاد عن طريق الزواج بين الأقارب بيولوجيًا، وفي علم الوراثة يُطلَق هذا المصطلح على الزواج بين أبناء العمومة من الدرجة الأولى والثانية، ويُعدّ هذا الارتباط شائعًا في دول كلٍّ من الشرق الأوسط، وشرق آسيا، وشمال أفريقيا.[١] ويعتمد زواج الأقارب في مختلف البلدان على عدة عوامل؛ مثل: مستوى التعليم، والدِّين، والعادات، والتقاليد، والوضعان الاجتماعي والاقتصادي، وقد أظهرت الدراسات التي أجريت على مدى عقود أنّ هناك علاقة وثيقة بين زواج الأقارب والحالات الخلقية الموروثة. وتشمل هذه الحالات الشذوذ الجسدي أو الوظيفي الذي يولد الطفل مصابًا به.[١]

تؤدي الحالات الخَلقِيّة الشاذة إلى وفاة الرُضع، وقد لوحِظ أنّ 70% من الرضع الذين يولودون بحالات وراثية يموتون في الشهر الأول التالي للولادة ، وقد تبيّن أنّ 30-40% من هذه التشوّهات وراثي، وزواج الأقارب من العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بها، وتشمل الحالات التي تنجم عن هذا العامل السرطان، والاضطرابات النفسية، والعجز السمعي، والسكري، والربو، وغيرها من الأمراض المزمنة.[١]


أمراض زواج الأقارب

تشمل الحالات الخَلقية الشائعة التي قد تنجم عن زواج الأقارب ما يأتي:


متلازمة داون

يولد الأشخاص المصابون بـمتلازمة داون مع كروموسوم إضافي، والكروموسومات هي حزم من الجينات، ويؤدي وجود هذا الكروموسوم الإضافي إلى حدوث العديد من المشكلات التي تؤثر في دماغ وجسم المريض.[٢] ومتلازمة داون لها العديد من الآثار المختلفة تمامًا من مريض لآخر، لكن يميل المصابون بها إلى التشارك في بعض السمات الجسدية المشتركة؛ مثل: الأنف المُسطّح، والأذن الصغيرة، وتختلف القدرات العقلية أيضًا لديهم، لكنّ معظمهم لديهم مشكلات خفيفة إلى معتدلة في التفكير والاستيعاب والفهم، غير أنّ لديهم القدرة على التعلم، والتقاط المهارات، لكنهم قد يستغرقون وقتًا للوصول إلى أهداف مهمة؛ مثل: المشي، والتحدث، وتطوير المهارات الاجتماعية.[٢]

تحتوي الخلية في الجسم على 23 زوجًا من الكروموسومات، ويأتي كروموسوم واحد في كلّ زوجين منها من الأب وآخر من الأم، وتحدث الإصابة بمتلازمة داون نتيجة الحصول على نسخة إضافية من الكروموسوم 21؛ مما يعني أنّ الشخص تصبح لديه 3 نسخ من هذا الكروموسوم بدلًا من نسختين.[٢]


فقر الدم المنجلي

هو حالة لا تتشكّل فيها خلايا بشكل صحيح، إذ عادةً ما تبدو خلايا الدم الحمراء في هيئة أقراص دائرية، لكن عند الإصابة بفقر الدم المنجلي يبدو شكلها مشابهًا لشكل الهلال أو المنجل.[٣] وتعلق خلايا الدم المنجلية بعضها ببعض؛ مما يؤدي إلى إغلاق الأوعية الدموية بسهولة، مما يمنع تدفق الدم إلى الأعضاء، ويسبب تلفها، والشعور بالألم.[٣]

تحدث الإصابة بـفقر الدم المنجلي نتيجة وراثة جينين من جينات فقر الدم المنجلي؛ واحد من الأب والثاني من الأم، وأحيانًا يرث الشخص جينًا واحدًا لهذا المرض؛ مما يعني أنّ الشخص لن يصاب بالمرض لكنه يحمل السّمة الوراثية له، وينقل المرض إلى أطفاله.[٣]


تكسّر الدم الفولي

يُعرّف بأنّه نقص الإنزيم G6PD، وهو خلل وراثي ينجم عنه نقص في مستويات إنزيم سداسي فوسفات الجلوكوز النازع للهيدروجين في الدم، الذي يساعد في تنظيم التفاعلات الكيميائية المختلفة في الجسم.[٤] ويُعدّ مسؤولًا أيضًا عن الحفاظ على صحة خلايا الدم الحمراء، ويسبب النقص فيه إتلاف خلايا الدم الحمراء قبل الأوان، وتُسمّى هذه الحالة بانحلال الدم؛ مما يؤدي في النهاية إلى الإصابة بفقر الدم الانحلالي.[٤] الذي يتطور عند تدمير خلايا الدم الحمراء بشكل أسرع من إنتاج الجسم لها ليعوض مكانها، مما يسبب انخفاض تدفق الأكسجين إلى الأعضاء مؤديًا إلى الشعور بالتعب، واصفرار الجلد والعينين، وضيق التنفس.[٤]

يحدث فقر الدم الانحلالي لدى الأشخاص المصابين بـتكسر الدم الفولي بعد تناول البقوليات، وقد ينجم أيضًا عن العدوى، وتناول بعض أنواع الأدوية، وهذا المرض حالة وراثية تنتقل من أحد الوالدين أو كليهما إلى الطفل، وحمل جين واحد يُعدّ كافيًا للتسبب في الإصابة بالمرض لدى الذكور، أمّا لدى الإناث يجب أن توجد نسختان من جين تكسّر الدم الفولي للتسبب في المرض.[٤]


عيوب القلب الخلقية

هي تشوّه أو أكثر يحدث في بنية القلب، ويولد الشخص مصابًا به، وتؤدي هذه العيوب إلى تغيير طريقة تدفق الدم عبر القلب، وتتراوح درجاتها من البسيطة التي قد لا تسبب حدوث أي مشاكل إلى المعقّدة التي قد تسبب مضاعفات تهدد الحياة.[٥] وقد يحتاج الشخص المصاب بأحد عيوب القلب الخلقية إلى الرعاية الطبية طوال الحياة، وتشمل بعض أنواعها ما يأتي:[٥]

  • البطين الأيمن ذو المخرجين.
  • الجذع الشرياني.
  • تشوّه الحاجز البطيني.
  • عيب الحاجز الأذيني.
  • متلازمة وولف باركنسون وايت.
  • القناة الشريانية السالكة.
  • رباعية فالو.


النوع الأول من مرض السكري

يحدث مرض السكري عندما يبدو مستوى الجلوكوز في الدم مرتفعًا باستمرار، ويحدث النوع الأول من مرض السكري عندما لا يُنتِج الجسم ما يكفي من الهرمون الذي يسمح للخلايا بامتصاص الجلوكوز واستخدامه، ويُسمّى هذا الهرمون الأنسولين.[٦] ويصاب الشخص بالنوع الأول من هذا الداء نتيجة مهاجمة جهاز المناعة لمجموعات الخلايا في البنكرياس التي تنتج الأنسولين، مما يسبب إبطاء أو توقف الإنتاج، ودون هذا الهرمون لا يدخل الجلوكوز إلى الخلايا، ويبقى متراكمًا في الدم.[٦]


خلل التنسج الوركي

هو حالة لا يتشكّل فيها مفصل الورك الذي يتكوّن من رأس كروي ومقبس بشكل صحيح لدى الرضع والأطفال الصغار، ويُطلق على هذه الحالة أحيانًا اسم خلع الورك الخلقي.[٧] ويربط مفصل الورك عظم الفخذ بالحوض، وعندما يبدو ضحلًا لا يُثبّت رأس الفخذ في مكانه، ويحدث خلع الورك بشكل جزئي أو كلي، وقد يصيب أحد الوركين أو كليهما لكنه أكثر شيوعًا في الورك الأيسر، ولدى الإناث أكثر من الذكور.[٧]


استسقاء الرأس

يشير مصطلح استسقاء الرأس إلى التراكم المفرط للسائل النخاعي في الدماغ، وهو سائل شفاف يحيط بالدماغ والنخاع الشوكي، ويؤدي هذا الاضطراب فيه إلى التوسع غير الطبيعي لمساحات في الدماغ تُسمّى البطينان، ويسبب هذا الاتساع الضغط على أنسجة أخرى في الدماغ.[٨]

يتكوّن البطين من أربعة بطينات متصلة بواسطة ممرات ضيقة، ويتدفق السائل النخاعي عادةً بين البطينين ويعود إلى المساحة التي تعمل بمنزلة خزانات للسائل في قاعدة الدماغ، ومن ثم يُعاد امتصاصه عبر مجرى الدم، وتتمثل وظيفته في الحفاظ على أنسجة الدماغ من خلال امتصاص الصدمات، ويُوصِل المواد الغذائية إلى الدماغ، ويزيل المخلفات منه، ويُعوّض عن تغيّرات حجم الدم داخل الجمجمة.[٨]

يُعدّ التوازن بين إنتاج السائل النخاعي وامتصاصه أمرًا بالغ الأهمية، فنظرًا لأنّ هذا السائل يُنتج باستمرار؛ فإنّ الحالات المَرَضيّة التي تمنع الامتصاص الطبيعي له تؤدي إلى تراكمه؛ مما يسبب استسقاء الرأس، الذي قد ينجم عن العيوب الوراثية التي تسبب تضيق المسال (القنوات بين البطينين)، أو اضطرابات النمو؛ مثل: عيوب الأنبوب العصبي؛ بما فيها تشقق العمود الفقري، والقيلة الدماغية، بالإضافة إلى العديد من الأسباب المحتملة.[٨]


عيوب الأنبوب العصبي

خلال الشهر الأول من الحمل تتكوّن بنية نسيجية بدائية لدى لجنين تُسمّى الأنبوب العصبي، الذي مع نمو الجنين يبدأ بالتحوّل إلى بنية أكثر تعقيدًا من العظام والأنسجة والأعصاب التي تصبح في النهاية العمود الفقري والجهاز العصبي.[٩] وتشقّق العمود الفقري من أكثر عيوب الأنبوب العصبي شيوعًا، وهو حالة تحدث نتيجة وجود خطأ في تطوّر الأنبوب العصبي والعمود الفقري يؤدي إلى عدم إغلاق هذا الأخير تمامًا، وما يزال سبب تشقق العمود الفقري غير معروف، لكن يُعتقَد أنّه ناجم عن مجموعة من العوامل الوراثية والبيئية.[٩]


زواج الأقارب والسرطان

يحدث السرطان بسبب الطفرات الجينية التي تحدث بشكل عشوائي في واحدة أو بضع خلايا في الجسم، وقد تنشأ مثل هذه التغييرات الجينية التي تُسمّى الطفرات الجسدية نتيجةً طبيعيةً لتقدم السن، أو تلف الحمض النووي للخلية في بعض خلايا الجسم، وتُسمّى هذه الطفرات بالطفرات المكتسبة ولا تنتقل من الآباء إلى الأطفال.[١٠]

لدى نسبة صغيرة من المصابين بالسرطان يعزى سبب الإصابة بهذا المرض الخبيث إلى نوع مختلف من الطفرات يُسمّى الطفرات الوراثية، وهي تغيّرات تُورّث عادةً من أحد أو كلا الوالدين للأطفال، وتوجد تقريبًا في خلايا الجسم كلها، ونظرًا لوجودها في البويضات والحيوانات المنوية؛ فإنّها تنتقل خلال العائلة.[٩]

لا يصاب الأشخاص الحاملون لهذه الطفرات دائمًا بالسرطان، لكن يبدو خطر الإصابة لديهم أعلى من المتوسط، وخلال السنوات الأخيرة اكتشف العلماء العديد من الطفرات التي تسهم في إصابة الشخص بأنواع معينة من السرطان، بما في ذلك سرطان الثدي، وسرطانات المبيض، والقولون والمستقيم، والبروستاتا، وأنواع أخرى أقل شيوعًا.[٩]


الفحوصات الجينية قبل الولادة

تقدّم هذه الاختبارات معلومات للأزواج الذين يخططون للإنجاب في ما إذا بدت جيناتهم تحتوي على اضطرابات وراثية معينة أو لا، وتشمل هذه الفحوصات ما يأتي:[١١]

  • فحص حامل الطفرة الجينية: يُجرى هذا الفحص للأبوين اللذين يخططان للإنجاب، ويُنفّذ من خلال أخذ عينة من الدم أو الأنسجة داخل الخد لمعرفة إذا ما بدا هذا الشخص حاملًا لاضطرابات وراثية معينة أو لا، ويُجرى قبل أو أثناء الحمل.
  • الفحص الوراثي لدم المرأة قبل الولادة: يُستخدَم للبحث عن الطفرات الوراثية؛ مثل: عيوب الدماغ، والأنبوب العصبي، وبعض عيوب القلب، والبطن.


المراجع

  1. ^ أ ب ت "Consanguineous marriages ", alliedacademies, Retrieved 21-10-2019. Edited.
  2. ^ أ ب ت "What Is Down Syndrome?", webmd, Retrieved 21-12-2019. Edited.
  3. ^ أ ب ت "Sickle Cell Disease", kidshealth, Retrieved 21-12-2019. Edited.
  4. ^ أ ب ت ث Jaime Herndon, "G6PD Deficiency"، healthline, Retrieved 21-12-2019. Edited.
  5. ^ أ ب "Congenital heart disease in adults", mayoclinic, Retrieved 21-12-2019. Edited.
  6. ^ أ ب Adam Felman, "What to know about type 1 diabetes"، medicalnewstoday, Retrieved 21-12-2019. Edited.
  7. ^ أ ب "Developmental dysplasia of the hip", nhs, Retrieved 21-12-2019. Edited.
  8. ^ أ ب ت "Hydrocephalus Fact Sheet", ninds, Retrieved 21-12-2019. Edited.
  9. ^ أ ب ت ث "Neural tube defects", pregnancybirthbaby, Retrieved 21-12-2019. Edited.
  10. "Hereditary Cancer & Genetics", mskcc, Retrieved 21-12-2019. Edited.
  11. "Prenatal Genetic Screening Tests", acog, Retrieved 21-12-2019. Edited.
11049 مشاهدة
للأعلى للسفل
×