إيجابيات العهدة العمرية

كتابة:
إيجابيات العهدة العمرية

إيجابيات العهدة العمرية

تطهير الصخرة المشرفة

حين دخل سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بيت المقدس سأل كعب الأحبار -رضي الله عنه- والذي كان يهوديًا ثم أسلم عن مكان الصخرة التي صعد عليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى السماء؛ فدله عليها بعلامات يحفظها، فلما بحثوا عنها وجدوها إلا أن النصارى كانوا قد اتخذوها مزبلةً، فأمر عمر بإزالة ما عليها من الكناسة حتى قيل إنه كنسها بردائه.[١]

دليل عملي على حرية الدين والمعتقد

قال -تعالى-: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ)،[٢] ضمن الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- سلامة دور العبادة في العهدة العمرية التي كتبها لأهل القدس، وعندما خاف عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- من انتقاض عهده لأهل القدس لم يُصلِّ في كنيسة القيامة حين أتاها.[٣]

وصلَّى على الدرجة التي على باب الكنيسة منفرداً أي ليس في جماعة، فلما أنهى صلاته قال: "لو صليتُ داخل الكنيسة أخذها المسلمون بعدي، ولقالوا: هنا صلى عمر"،[٣] وهذا يدل على تسامح الدين الإسلامي مع باقي الأديان وخصوصًا النصارى؛ فقد قال الله -تعالى- عنهم: (وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ).[٤]

والدعوة لدين الله داخل المجتمع الواحد تكون بالحكمة والموعظة الحسنة، والدخول في دين الله إنما يكون عن قناعة وإيمان راسخ وليس بالعنف والإكراه، وهذا ما نتعلمه جلياً من العهدة العمرية ومن فعل سيدنا عمر بن الخطاب مع بطريرك الكنيسة عند رفضه الصلاة داخل الكنيسة.

عدم مساكنة اليهود في بيت المقدس

على الرغم من اختلاف بعض العلماء في مسألة شرط عدم مساكنة اليهود للنصارى في بيت المقدس، إلا أن الغالب في هذا الشرط أن المراد بعبارة لا يساكنهم فيها اليهود؛ إنما تدل على أن القدس كانت خالية من اليهود وهذا أمر معلوم تاريخيًا.[٥]

ولم يشأ النصارى أن يسكنها اليهود من جديد تحت حكم المسلمين، وليس كما فسرها اليهود بأن اليهود كانوا يسكنون في القدس، واشترط النصارى على المسلمين إخراجهم منها.[٥]

رقيّ أخلاق المسلمين في عهد عمر بن الخطاب

مرّ على بيت المقدس الكثير من الحكام والعهود، والحروب وغيرها، ولم تشهد بيت المقدس حكمًا أكثر عدلًا ورحمةً وشفقة من الحكم الإسلامي سواء في العهدة العمرية أو بمن طبقها من المسلمين الذين استلموا حكم بيت المقدس بعد سيدنا عمر بن الخطاب، ولكن ما إن دخل الصليبيون بيت المقدس، حتى عقدوا أول اجتماع لديوان الثورة العسكرية قرروا فيه قتل كل مسلم بقي حيًّا فيها.

واستمر تنفيذ الإعدام الصليبي أسبوعاً كاملًا، حتى وصل الدم إلى الركب كما سجل ذلك المؤرخون النصارى، وعلى الرغم من ذلك إلا أن صلاح الدين الأيوبي لما أعاد فتح بيت المقدس لم يعامل النصارى بالمثل، وإنما سلك السبيل السلمي الذي نصت عليه العهدة العمرية، وبقي للنصارى في بيت المقدس حرية في معتقداتهم وديانتهم في الحكم الإسلامي.[٦]

المراجع

  1. إسماعيل بن كثير، البداية والنهاية، صفحة 58. بتصرّف.
  2. سورة البقرة، آية:256
  3. ^ أ ب منقذ السقار، التعايش مع غير المسلمين في المجتمع المسلم، صفحة 17. بتصرّف.
  4. سورة المائدة، آية:82
  5. ^ أ ب "العهدة العمرية ومسألة عدم مساكنة اليهود في بيت المقدس"، إسلام ويب، 5/5/2011، اطّلع عليه بتاريخ 11/2/2022. بتصرّف.
  6. منظمة المؤتمر الإسلامي بجدة، مجلة مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بجدة، صفحة 90. بتصرّف.
6241 مشاهدة
للأعلى للسفل
×