التغلب على قسوة القلب والتكاسل عن الطاعات

كيفية التغلب على قسوة القلب والتكاسل عن الطاعات

جاء ذمّ قسوة القلب في عدد من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة، فإنّ قسوة القلب أساسٌ لكثير من الشرور، فقسوة القلب تجعلُ العبد فظًا غليظًا لا تؤثر فيه المواعظ، ولا يستشعر ما أنعم الله - عز وجل- عليه من نعم عظيمة،^[١]يقول -تعالى-: (فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ).^[٢]

وإنَّ هناك الكثير من الأمور التي تزيل قسوة القلب، وسنذكر في هذا المقال بعضًا منها من خلال ما يلي:

قراءة القرآن الكريم

إن من أسباب لين القلب وإزالة قسوته الإكثار من قراءة القرآن، مع قراءته بتدبر وتمعن، وفهم معانيه ودلالاته، فإن هجر القرآن يجعل القلب متحجرًا لا تنفعه موعظة ولا تؤثر فيه، والقرآن يهز الجبال فكيف لا يهز قلب المؤمن،^[٣] يقول -تعالى-: (لَوْ أَنزَلْنَا هَٰذَا الْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ۚ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ).^[٤]

الابتعاد عن مجالس اللغو وصحبة السوء

إن من أهمِّ ما يزيل قسوة القلب ويعين على أداء الطاعات أن يتخلص الإنسان من مجالس اللغة والغيبة والنميمة، وأن يحرص على مرافقة الصالحين، فالصحبة الصالحة كلها خير، وتعين على ذكر الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.^[٥]

يقول -تعالى-: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا)،^[٦] ويقول -تعالى-: (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ).^[٧]

الاستغفار والتوبة الصادقة

يذكر العلماء أنّ من أهم أسباب قسوة القلب الذنوب، فكلما أذنب العبد ذنبًا زاد قلبه قسوة وبعدًا عن الله -تعالى-، لذا فإنّ من أهم أسباب زوال قسوة القلب التوبة الصادقة، والإكثار على الدوام من الذكر وخاصة الاستغفار.^[٥]

يقول -تعالى-: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).^[٨]

تذكر الموت وزيارة القبور

إن تذكر الموت وزيارة القبور ممّا يعين على إزالة قسوة القلب، وعن سعيد بن جبير أنّه قال: (لو فارق ذكر الموت قلبي خشيت أن يفسد علي قلبي)،^[٥] وجاء في الحديث النبوي الشريف: (كنتُ نَهَيتُكم عن زيارةِ القُبورِ، ألَا فزُورُوها؛ فإنَّها تُرِقُّ القلبَ، وتُدمِعُ العَينَ، وتُذَكِّرُ الآخِرةَ، ولا تَقولوا هُجْرًا).^[٩]

الإحسان إلى الأيتام

استحب العلماء أن يحسن المسلم إلى الأيتام ومجهولي النسب، وأن يرفق بهم، وأن يرعاهم بماله وبما يستطيع،^[١٠] وهذا من أسباب لين القلب وزوال القسوة، وقد وردت أحاديث تحث على الإحسان لهذه الفئة، ومنها ما يلي:

• قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (مثلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحمِهم وتعاطفِهم كمثلِ الجسدِ الواحدِ إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائرُ الجسدِ بالحمى والسهرِ).^[١١]
• قول الرسول -صلى الله عليه وسلم- عندما شكا له رجل قسوة القلب: (إنْ أردتَ أنْ يَلينَ قلبُكَ، فأطعِمْ المسكينَ، وامسحْ رأسَ اليتيمِ).^[١٢]

المراجع

1. ↑ زين الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي (2003)، ذم قسوة القلب (الطبعة 2)، صفحة 259. بتصرّف.
2. ↑ سورة الأنعام، آية:43
3. ↑ محمد بن صالح بن محمد العثيمين، فتاوى نور على الدرب، صفحة 2، جزء 24. بتصرّف.
4. ↑ سورة الحشر، آية:21
5. ^ ^{أ ب ت} مجموعة من المؤلفين، موسوعة الأخلاق الإسلامية، صفحة 462، جزء 2. بتصرّف.
6. ↑ سورة الكهف، آية:25
7. ↑ سورة الزخرف، آية:67
8. ↑ سورة الزمر، آية:53
9. ↑ رواه شعيب الأرناؤوط ، في تخريج المسند، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:21/14، خلاصة حكم المحدث إسناده حسن.
10. ↑ عَبد الله بن محمد الطيّار (2012)، الفقه الميسر (الطبعة 2)، الرياض:مدار الوطن للنشر، صفحة 157، جزء 5. بتصرّف.
11. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن النعمان بن بشير، الصفحة أو الرقم:6011.
12. ↑ رواه الألباني ، في صحيح الجامع، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:1410، خلاصة حكم المحدث حسن.