محتويات
ما هو الموت الدماغي؟
لعلّك شاهدت في أحد المسلسلات أو الأفلام التلفزيونيّة مصابًا بالموت الدماغي، وقد استمرّ في غيبوبةٍ لا يستيقظ منها، وربّما تخيّلت كيفيَّة تلقي العائلة خبر تعرّض المريض للموت الدماغيّ، وصعوبة تقبّلهم الأمر، فضلًا عن محاولات الأطبّاء شبه البائسة وأملهم بحدوث معجزة تُعيد المريض إلى الحياة.
يُعرَف الموت الدماغيّ (Brain Death) على أنّه حالة توقّف كافّة وظائف الدّماغ، بما فيها وظائف جذع الدّماغ (Brain Stem) المسؤول عن التحكّم بالتنفّس، وضربات القلب، وضغط الدمّ، والبلع، فيفقد المريض وعيه بالكامل، وتنتهي فرصته بالحياة، ويغدو من المستحيل إنعاشه، وقد تستمر الأعضاء الأخرى بالعمل كالقلب، والرئتين، والكلى، والكبد، ولكن بمساعدة الأدوية، والأجهزة الطبيّة فقط، فهي تتلقّى أوامرها من جذع الدماغ الذي توقفت وظائفه في هذه الحالة، وغالبًا ما يصدر القرار بفصل الأجهزة الطبيّة عن المريض، وحينها يُفقَد جسدًا وروحًا، في الحقيقة، يعدّ المريض الميّت دماغيًّا في القوانين الطبيّة البريطانيَّة ميّتًا بالأساس، ممّا يفتح المجال للنقاش بشأن التبرّع بالأعضاء مع أهل المريض.[١][٢]
ما أسباب الموت الدماغي؟
قد يموت الدماغ عند انقطاع الأكسجين عنه، ويتوقّف إمداده بالدمّ، ويحدث ذلك في الحالات الآتية :[١][٢]
- السكتة الدماغيّة، التي ينقطع فيها تدفّق الدم إلى الدماغ بشكل خاص، بسبب انسداد مجرى الدم أو وجود إعاقة.
- السكتة القلبيّة، وتحدث حين يمتنع القلب عن ضخّ الدم، وتنقطع إمدادات الدم نحو الدماغ.
- الجلطة الدمويّة، أو تكوّن خثرة تسدّ مجرى الأوعية الدمويّة وتعيق تدفّق الدم حول الجسم.
- النوبة القلبية أو الغرق.
وقد يحدث موت الدماغ لأسباب مختلفة، مثل:[١]
- حدوث نزيف حادّ في الدماغ.
- التعرّض لإصابات شديدة في الرأس، ناجمة عن حادث سيّارة، أو الإصابة بعيار ناريّ، أو سقوط، أو توجيه ضربة للرأس.
- حدوث عدوى والتهابات في الدماغ.
- ظهور ورم في المخّ.
أعراض وعلامات الموت الدماغي
الموت الدماغي لا يحدث فجأة، فبعد التعرض لإصابة، أو نوبة قلبيّة، أو سكتة دماغيّة حرِجة تُدخِل المُصاب في وحدة العناية المشدّدة، يبدء بعدها الدماغ بالموت تدريجيًّا، وتتضمن أعراض وعلامات الموت الدماغي انعدام استجابة المريض للمحفّزات من حوله، فلا يستجيب للضوء عند تسليطه على عينيه، ولا يتقيّأ عند لمس مؤخّرة الحلق، ولا يتألّم عند الضغط على جبهته وأنفه.[٣]
قد يخلط البعض ما بين الغيبوبة، والحالة الإنباتيّة، والموت الدماغي، إذ تعرف الغيبوبة (Coma) بأنّها حالة انعدام الوعي، وغياب استجابة المريض نتيجة تعرّضه لمرض شديد أو إصابة في الدماغ، ويوضع المريض في وحدة العناية الحثيثة لإعطائه فرصة لاستعادة وظائف الدّماغ، وقد يحتاج بعض المرضى لجهاز التنفّس الصناعي، إلّا أنّ البعض الآخر قد يكون قادرًا على التنفّس طبيعيًا، أمّا الحالة الإنباتيّة (Vegetative state)، فهي حالة من غياب الوعي، وانخفاض بعض وظائف جذع الدماغ (ليست جميعها)، فقد يكون المريض قادرًا على التنفّس دون الاستعانة بالأجهزة، وقد يستجيب للألم، وللأصوات العالية من حوله، ويُظهِر بعض الحركات اللاإراديّة.[٤]
طرق تشخيص الموت الدماغي
في البداية، يتأكّد الأطّباء من وجود تلف دماغيّ لا يمكن علاجه، وأنَّ المريض فقد وعيه بالكامل، ولا يستطيع التنفّس دون استخدام جهاز التنفّس، وقبل البدء بفحوصات الموت الدماغي، لا بُدَّ من استبعاد الأسباب الأخرى التي تتشابه في أعراضها مع الموت الدماغي، مثل:[٥][٦]
- تناول جرعة زائدة من المخدّرات والمهدّئات التي تحجب بعض وظائف المخّ.
- نقص حادّ في نشاط الغدّة الدرقيّة، أو توقّفها عن العمل.
- الصّرع، ويُستبعد بإجراء تخطيط لكهربيّة الدماغ (EEG).
- انخفاض درجة حرارة الجسم بشكل غير طبيعي لأقل من 35 درجة مئويّة، والتي يمكن عكسها برفع درجة حرارة الجسم إلى أكثر من 36 درجة تدريجيًّا لاستعادة وظائف الجسم والدّماغ.
وبعد التحقّق ممّا سبق، يصبح الموت الدماغي التفسير الأرجح لحالة المريض، ويوضع هذا الخيار على الطّاولة، ويُشخَّص المريض من قبل اثنين من كبار الأطبّاء في المستشفى، من خلال سلسة من الفحوصات والاختبارات السريريّة التي تستند إلى قواعد طبيّة وقانونيّة، والتي تُجرى مرّتين، للتقليل من فرصة الخطأ قدر الإمكان، بحيث يستفزّ الأطباء فيها جسم المريض بطرق مختلفة لتحديد ما إنْ كان هناك أيّ نشاط للدماغ، واختبار مدى استجابته لتلك المحفّزات، مثل: [٧][٥]
- تسليط شعاع من الضوء في كلتا العينين، لاختبار استجابة العين للضوء.
- اختبار انعكاس القرنيّة، حيث يلمس الطبيب سطح العين بمنديل قطنيّ.
- الضغط على الجبهة، وعلى الأنف.
- اختبار انعكاس العين الدهليزي، من خلال سكب الماء المثلّج داخل الأذن لتحفيز حركة العين.
- وضع أنبوب بلاستيكي رفيع داخل القصبة الهوائيّة، الذي عادةً ما يسبّب التقيُّؤ أو السّعال على الأقل.
- اختبار انقطاع النّفس، إذ يُفصل جهاز التنفّس عن المريض لوهلة قصيرة، لاختبار محاولته في التنفّس وحده.
وعند فشل المريض بالاستجابة لجميع المحفّزات السّابقة، فهذا يعني انعدام نشاط الدماغ لديه، وحينها يُشخَّص بالموت الدماغي، وقد يُجري الأطبّاء أحيانًا مخطط لكهربيّة الدماغ (EEG)، وتصوير للأوعية الدمويّة في الدماغ لتأكيد تلفها، بهدف إثبات التشخيص لعائلة المريض، ولتسريع إجراءات التبرّع بالأعضاء للزراعة.[٥][٨]
ومن المُلفت للانتباه أنّ المريض قد يبدأ بتحريك أطرافه العلويّة بعد ثبوت موت جذع الدّماغ، إلّا أنّ هذا للأسف لا يُعطي أملًا في عودته إلى الحياة، فهذه الحركات ما هي إلّا ردود فعل ناتجة عن تحفيز العمود الفقريّ، ولن تؤثّر على الدماغ أو تُلغي التشخيص.[٧]
هل يمكن العيش بعد موت الدماغ؟
من الناحية الطبية من غير المُمكن عودة المريض للحياة بعد موته دماغيًّا، ولن تساعد الأدوية أو أجهزة التنفّس على شفاءه، وعلى الرّغم من عمل القلب بعد موت الدماغ، إلّا أنّه لن يستمرّ طويلًا، فبعد موت الدماغ بوقتٍ قصير، تلحقه أجهزة الجسم الأخرى، فيتوقّف القلب عن الخفقان، وتفقد الرئتين قدرتها على التنفّس، حيث أنّ إبقاء المريض على أجهزة التنفّس لا يعني امتلاكه فرصة في العودة للحياة، وإنّما هي فقط للمحافظة على إمداد أعضاء الجسم بالأكسجين لأطول وقت ممكن، إلى حين أخذ القرار بشأن التبرّع بها.[٢]
يحرص الأطبّاء على بذل قصارى جهدهم في الحفاظ على حياة المريض، ولكن بمجرّد تشخيص الموت الدماغي تنتهي حياة المريض، وتُعلَن وفاته قانونيًّا، ويتحدّث أخصَّائي الرعاية الصحيّة مع عائلة المريض حول القرارات التي يجب اتّخاذها في تلك المرحلة، من فصل جهاز التنفّس، وإمكانيّة التبرّع بالأعضاء والأنسجة، علمًا بأنّ شهادة الوفاة تصدُر في وقت إعلان تشخيص الموت الدماغي وليس عند نزع جهاز التنفّس.[٨]
المراجع
- ^ أ ب ت "Brain death", nhs, Retrieved 2020-10-03. Edited.
- ^ أ ب ت "Understanding Brain Death", donorrecovery, Retrieved 2020-10-03. Edited.
- ↑ "Brain death", betterhealth, Retrieved 2020-10-03. Edited.
- ↑ "The Challenges of Defining and Diagnosing Brain Death", hopkinsmedicine, Retrieved 2020-10-05. Edited.
- ^ أ ب ت Kenneth Maiese (2020-08-31), "Brain Death", msdmanuals, Retrieved 2020-10-03. Edited.
- ↑ "Diagnosis -Brain death", nhs, Retrieved 2020-10-05. Edited.
- ^ أ ب "Diagnosis", nhs, Retrieved 2020-10-03. Edited.
- ^ أ ب "Brain Death", kidney, Retrieved 2020-10-03. Edited.