تاريخ بناء الكعبة

كتابة:
تاريخ بناء الكعبة

تاريخ بناء الكعبة

الكعبة المشرفة هي قبلة صلاة المسلمين، وهي البناء الذي يطوف حوله الحُجّاج في الحج والعمرة، وهي أقدس مكان عند المسلمين، وتعدّ الكعبة أول بيت بُني على سطح الأرض، استناداً لقوله -تعالى-: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ).[١]

وقد ذكر النووي أن بناء الكعبة مرّ بمراحل عدّة، كان أوّلها بناء الملائكة لها، ومن ثمّ بناء إبراهيم -عليه السلام-، ثمّ قريش بحضرة الرسول قبل بعثته، ثم ابن الزبير، وانتهاءً ببناء الحجاج الثقفي،[٢] وسيتمّ فيما يأتي ذكر هذه المراحل بشيءٍ من التفصيل:

وضع أساسات الكعبة (البناء الأول)

سيتمّ فيما يأتي ذكر المراحل الأولى لتأسيس الكعبة كما ذُكر في كتب أهل العلم:

بناء الملائكة للكعبة

قيل إنّ الملائكة هم أول من وضعوا أساسات الكعبة المشرّفة، ودلّ على ذلك ما نقله النّويري من الأثر عن علي بن الحسين -رضي الله عنهما-، حيث سُئِل عن سبب الطواف حول الكعبة، فذكر قول الله -تعالى-: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ).[٣][٤]

وقال إنّ الملائكة ظنّوا أنّهم أغضبوا الله بسؤالهم هذا، فجعلوا يطوفون حول عرشه -تبارك وتعالى-، فشاء الله أن يجعل لهم البيت المعمور يطوفون به، ويدخله كل يوم سبعون ألف ملك، ثمّ أمرهم ببناء كعبة في الأرض ليطوف الناس فيها،[٤] مع الإشارة إلى أنّ القول بأنّ الملائكة هم أول من بنى الكعبة قول مختلف فيه بين العلماء.[٥]

بناء سيدنا آدم للكعبة

قيل إن آدم -عليه السلام- هو أوّل من بنى الكعبة،[٦] وهو قول منسوب لابن عباس -رضي الله عنه-، إذ قال: "فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ أَسَّسَ الْبَيْتَ، وَصَلَّى فِيهِ، وَطَافَ بِهِ آدَمَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، حَتَّى بَعَثَ اللهُ الطُّوفَانَ"،[٧] وقيل: بل إبراهيم -عليه السلام-، وجُمع بين الرأيين فقيل إنّ إبراهيم -عليه السلام- رفع القواعد التي أسّسها آدم -عليه السلام-.[٨]

بناء سيدنا إبراهيم للكعبة

جاء في القرآن الكريم ذِكر قصّة بناء سيدنا إبراهيم مع ابنه إسماعيل -عليهما السلام- للكعبة، قال -تعالى-: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ* رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).[٩][١٠]

حيث رفع إبراهيم -عليه السلام- قواعد الكعبة، وكان ابنه إسماعيل -عليه السلام- يُساعده في البناء وبنقل الحجارة، ثمّ أتمّوا بناءها بوضع الحجر الأسود الذي أنزله الله -تعالى- من الجنة بواسطة الوحي جبريل، ودعوا الله أن يتقبّل منهم هذا البناء، وأن يتوافد إليه المسلمون من كلّ مكان،[١١] فاستجاب الله وعمّ الخير في هذا المكان.[١٢]

إعادة بناء الكعبة قبل بعثة النبي

قبل بعثة النبيّ بخمس سنوات كانت الكعبة قد تعرّضت لسيلٍ قوي أدّى إلى انهيار بعض أجزائها، وعلى إثر ذلك قرّرت قريش إعادة بناء الكعبة، وكان للنبيّ موقف عظيم في بناء الكعبة ودحض النزاع الذي حصل بين القبائل على وضع الحجر الأسود، حيث ارتضوا به حكماً، فأمر بوضع الحجر الأسود في رداء تُمسك بأطرافه كل قبيلة، ثم وضع الحجر بيديه الشريفتين، فتمّ إعادة بناء الكعبة.[١٣]

إعادة بناء الكعبة بعد الإسلام

إعادة بناء عبد الله بن الزبير للكعبة

احترقت أجزاء من الكعبة المشرفة بعد غزو مكة في عهد عبد الله بن الزبير، فأعاد بناء الكعبة، وقال للناس إنّه سمع من عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (لولا أن الناس حديث عهدهم بكفر، وليس عندي من النفقة ما يقوي على بنائه، لكنت أدخلت فيه من الحجر خمس أذرع، ولجعلت لها بابا يدخل الناس منه، وبابا يخرجون منه).[١٤][١٥]

إعادة بناء الحَجاج والسلطان مراد للكعبة

ثبت أنّ الحَجّاج الثقفي أعاد بناء الكعبة، حيث قال النووي: "بناء الحجاج بن يوسف الثقفي، وهذا هو البناء الموجود اليوم، وهكذا كانت الكعبة في زمن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"،[٢] وكان ذلك في عهد عبد الملك بن مروان،[١٦] ثم أُعيد بناؤها عام 1040هـ في عهد السلطان مراد الرابع في العصر العثماني.[١٧]

المراجع

  1. سورة آل عمران، آية:96
  2. ^ أ ب النووي، تهذيب الأسماء واللغات، صفحة 124. بتصرّف.
  3. سورة البقرة، آية:30
  4. ^ أ ب أحمد النويري، نهاية الأرب في فنون الأدب، صفحة 299-300. بتصرّف.
  5. لجنة الفتوى بالشبكة الإسلامية، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 73. بتصرّف.
  6. محمد الشعراوي، تفسير الشعراوي، صفحة 578. بتصرّف.
  7. الأزرقي، أخبار مكة للأزرقي، صفحة 36، جزء 1. بتصرّف.
  8. سراج الدين النعماني، اللباب في علوم الكتاب، صفحة 478. بتصرّف.
  9. سورة البقرة، آية:127- 128
  10. ابن كثير، البداية والنهاية، صفحة 180. بتصرّف.
  11. محمد علي مغربي (1414)، كتاب أعلام الحجاز في القرن الرابع عشر للهجرة (الطبعة 1)، السعودية:دار تهامة، صفحة 56-54، جزء 2. بتصرّف.
  12. ابن كثير، البداية والنهاية، صفحة 357. بتصرّف.
  13. المباركفوري، الرحيق المختوم (الطبعة 1)، بيروت:دار الهلال، صفحة 52. بتصرّف.
  14. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1333، صحيح.
  15. عبد الرزاق، المصنف، صفحة 104. بتصرّف.
  16. التقي الفاسي، شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام، صفحة 135، جزء 1. بتصرّف.
  17. المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، موسوعة المفاهيم الإسلامية العامة، صفحة 97. بتصرّف.
8033 مشاهدة
للأعلى للسفل
×