فضل سورة المزمل

كتابة:
فضل سورة المزمل

فضل سورة المزمل

بناء شخصية الداعية المسلم لتحمل أعباء الرسالة

قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ* قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا* نِّصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا* أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا* إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا* إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا *إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا* وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا* رَّبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَـهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا).[١]

ذكرت سورة المزمل شخصية الداعية وما يجب أن يكون عليه، وبيان هذه الصفات ما يأتي:

  • القيام والتهجد، من التربية الإيمانية أن يجعل العبد المسلم جزءاً من ليله للقيام والتهجد فالقيام مُعين للداعية في دعوته، وفيه تدبر وتفقه لمعاني القرآن العظيمة عن تلاوته بأكثر اللحظات هدوءاً وسكوناً خلال اليوم.[٢]
  • عبادة الليل، تفضيل عبادة الليل لما فيها من حضور القلب والذهن ولها وقع أكبر في النفوس، فالقلب أفرغ للعبادة بالليل، وأكثر خشوعاً بعيداً عن ملهيات النهار ومكاسب الدنيا.[٣]
  • التخلق بالقرآن، فالقرآن العظيم ثقيل في تنزيله، ثقيل في أحكامه وعبره وآياته، ثقيل في امتثال أوامره واجتناب نواهيه، ثقيل في ميزان من عظّمه وقام بما فيه يوم القيامة.[٤]
  • الإخلاص، الإخلاص لله -تعالى- بالدعاء والعبادة والتوحيد، والتوكل عليه حقّ التوكل، وعد اتخاذ غيره ولي ونصير من أهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها الداعي ويتمسك بها.[٥]

الصبر في تبليغ الدعوة وتذكر عاقبة الأمم السابقة

قال -تعالى-: (وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا* وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا* إِنَّ لَدَيْنَا أَنكَالًا وَجَحِيمًا* وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا* يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَّهِيلًا* إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا* فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا).[٦]

(فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا* السَّمَاءُ مُنفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا* إِنَّ هَـذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا)،[٧]الصبر والمصابرة على كل من يتجرأ على الله بالقول من الصاحبة والولد، وتكذيب الوحي، وما يقال من السب والاستهزاء للرسول إنما قد أوذي وكُذِّب من هو خير فتدعوا الآيات الرسول بأن يوكَّل أمره لرب العباد.[٨]

الله -تعالى- المنتقم يوم القيامة عظيم الأهوال والمشاهد، فإنّ الله قد توعد للمكذبين بأشد أنوع العذاب الشديد المهين، فكيف يقون أنفسهم إذا رأوا القيامة، فإذا أعظم المخلوقات كالسماوات يتفطرن، فما ظنك يا محمد بغيرها من الخلائق، فاصبر فإنّه لا يخلف الميعاد.[٨]

أشرف الأعمال عند الله قراءة القرآن

قال -تعالى-: (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّـهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّـهِ).[٩]

(وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّـهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّـهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّـهَ إِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾.[٩]

تتجلّى حكمته -تعالى- في هذه الآية بعلمه بمقادييرالليل والنهار وعلمه بما سيكون عليه حال عباده، ورحمته التي وسعت كل شيء بأمته، بما يأتي:[١٠]

  • الحث على قيام الليل، وفيه تخفيف من الله -تعالى- على رسوله -عليه الصلاة والسلام- وأمته بقيام الليل وتلاوة القرآن ما تيسر لهم منه.
  • إعطاء العذر للعباد الذين سيمرضون ويجاهدون لكسب رزقهم والمقاتلون في سبيله أن تصيبهم مشقة وحرج من القيام، فيقرأوا ما تيسر من القرآن.
  • استقامة أمر الدين تكزن بتأدية الأمور المفروضة، من الصلوات الخمس الواجبة والزكاة المفروضة والنفقة في سبيل الله عن طيب نفس.
  • سؤال الله ستر الذنوب، والغفران لأهل التقصير لنيل أعظم الأجر.

تعريف عام بسورة المزمل

سورة المزمل هي سورة مكية ما عدا الآيات: 10، 11، 20 فهي مدنية، عدد آياتها 20 آية نزلت بعد سورة القلم،[١١] وسورة المزمل من أوائل ما نزل على النبي -عليه الصلاة والسلام-، وسميت ‏بهذا ‏الاسم ‏لأنَّ ‏محورها ‏دار ‏حول ‏الرسول‏ ‏وما ‏كان ‏عليه ‏من ‏حالة لما نزل عليه الوحي جبريل‏‏، ‏فوصفه ‏الله ‏وناداه ‏بحالته ‏التي ‏كان ‏عليها وهي المزمل أي ‏المغشي ‏بثوبه.[١٢]

ترتيبها في المصحف الشريف هو الثالثة والسبعون، بدأت بأسلوب النداء وأمر: (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ* قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا)،[١٣] تتضمن السورة جانباً من حياة الرسول الأعظم، ومحور السورة يدور حول الرسول -صلى الله عليه وسلم-.[١٢]

المراجع

  1. سورة المزمل، آية:1-9
  2. عادل محمد خليل، أول مرة أتدبر القرآن، صفحة 261. بتصرّف.
  3. مقاتل، تفسير مقاتل بن سليمان، صفحة 475. بتصرّف.
  4. مأمون حموش، التفسير المأمون على منهج التنويل والصحيح المسنون، صفحة 233. بتصرّف.
  5. مقاتل، تفسير مقاتل بن سليمان، صفحة 467. بتصرّف.
  6. سورة المزمل، آية:10-16
  7. سورة المزمل، آية:16-19
  8. ^ أ ب صديق حسن خان، كتاب فتح البيان في مقاصد القرآن، صفحة 388-392. بتصرّف.
  9. ^ أ ب سورة المزمل، آية:20
  10. صديق حسن خان، كتاب فتح البيان في مقاصد القرآن، صفحة 393-399. بتصرّف.
  11. مقاتل، تفسير مقاتل بن سليمان، صفحة 473. بتصرّف.
  12. ^ أ ب "تعريف سورة المزمل"، المصحف الإلكتروني.
  13. سورة المزمل، آية:1-2
5225 مشاهدة
للأعلى للسفل
×