معنى آية يوم يكون الناس كالفراش المبثوث

معنى آية: يوم يكون الناس كالفراش المبثوث

هذه الآية من آيات سورة القارعة، والتي هي اسم من أسماء يوم القيامة، قال الله -عز وجل- في محكم كتابه العزيز: (يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ)،^[١] ومعنى هذه الآية عند المفسرين كما يأتي:

قول الله -عز وجل-: (يوم)

يوم هو يوم القارعة إذ يكون الناس فيه كالفراش المبثوث، والقارعة هو اسم من أسماء يوم القيامة الذي يجمع الله -عز وجل- الناس فيه، ويحاسبهم على أعمالهم، وسُمي يوم القيامة بالقارعة؛ لأنَّ القلوب تقرع وتفزع من شدة الأحول والأهوال في هذا اليوم العظيم.^[٢]

بل من شدة هولها تؤثر في الأجرام؛ فتنشق السموات، وتُزلزل الأرض، وتُنتَثر الكواكب، وتُدك وتنسف الجبال، وتتكور الشمس والقمر، ويوم القيامة لها أسماء متعددة ذكرها الله -عز وجل- في كتابه العزيز: كالصاخة، الطامة، الحاقة، الواقعة، وغيرها من الأسماء.^[٢]

قول الله -عز وجل-: (يكون الناس كالفراش المبثوث)

أي إنَّه يحدث القرع والفزع، وأهوال يوم القيامة، عندما يخرج الناس من قبورهم فزعين، مضطربين، خائفين، مرعوبين، كأنهم فراشٌ كثير متفرق ومنتشر هنا وهناك، يموج بعضهم في بعض من شدة الفزع والحيرة والاضطراب، والمبثوث المُفرَّق.^[٣]

لذلك شبه الله -عز وجل- الخلق وقت البعث والإخراج من القبور بالفراش المبثوث، وفي آية أخرى وصف الله -عز وجل- الخلق وقت البعث بالجراد المنتشر؛ فقال الله -عز وجل-: (خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ)،^[٤] شبَّه الله -عز وجل- الخلق وقت البعث بالفراش، لأن الفراش إذا ثار لا يتجه إلى جهة واحدة.^[٥]

بل كل واحدة منها تذهب إلى غير جهة الأخرى، فدلَّ على أنَّهم إذا بعُثوا فزعوا وارتعبوا، وشبَّه الله -عز وجل- الخلق وقت البعث بالجراد فهم من الكثرة، يصبح الناس كغوغاء الجراد يركب بعضه بعضاً، فكذلك الناس إذا بعثوا يموج بعضهم في بعض كالجراد والفراش، قال الله -عز وجل-: (وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا).^[٦][٥]

ما ترشد إليه الآية الكريمة

سورة القارعة كل آياتها تتحدث عن أهوال القيامة، وبالتالي هي أخبار غيبية تندرج ضمن العقيدة، ومما تُرشد إليه الآية الكريمة ما يأتي:

• الاستعداد للمدوامة على العمل الصالح؛ للقاء الله -عز وجل- في هذا اليوم على أفضل حال.
• تسمية يوم القيامة باسم القارعة وغيره من الأسماء يدلُّ على عظم وهول هذا اليوم.
• الإيمان بهذا اليوم أي يوم القيامة، هو ركن من أركان العقيدة الإسلامية، لا يصح الإيمان بدونه، كما ثبت عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (وتُؤْمِنَ بالبَعْثِ الآخِرِ).^[٧]
• هذا اليوم يجمع الله -عز وجل- فيه الخلائق جميعاً؛ للعرض والحساب.
• ذكر الله -عز وجل- لنا يوم القيامة باسم القارعة وأنه سيحدث فيه ما يحدث من أهوال؛ ليكون لنا محفزاً على الأعمال الصالحة، ورادعاً عن ارتكاب المحرمات.
• كثرة خلق الله -عز وجل- في هذا اليوم؛ حتى أنَّ الله -عز وجل- شبههم بالفراش والجراد.

المراجع

1. ↑ سورة القارعة، آية:4
2. ^ ^{أ ب} محمد الصابوني (1417)، صفوة التفاسير (الطبعة 1)، القاهرة:دار الصابوني، صفحة 568، جزء 3. بتصرّف.
3. ↑ الحسين البغوي (1420)، تفسير البغوي (الطبعة 1)، بيروت:دار إحياء التراث العربي، صفحة 297، جزء 5. بتصرّف.
4. ↑ سورة القمر، آية:7
5. ^ ^{أ ب} محمد القرطبي (1384)، تفسير القرطبي (الطبعة 2)، القاهرة:دار الكتب، صفحة 165، جزء 20. بتصرّف.
6. ↑ سورة الكهف، آية:99
7. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري ، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:4777، صحيح.