محتويات
ما المقصود بمناعة القطيع؟
في ظل الوضع الوبائي الراهن الذي يعيشه العالم أجمع ظهر مصطلح أثار التساؤلات وأشغل الأذهان كثيرًا في محاولة للتصدّي للأمراض ووقف تفشّيها، ألا وهو مناعة القطيع، فماذا تعني هذه الاستراتيجية؟ وهل هي فعلًا مُجدية في وقف ما نعيشه اليوم من الانتشار الكبير والسريع لفيروس كورونا وما قد يظهر من أمراض أخرى؟
وتشير سياسة مناعة القطيع أو المناعة المجتمعية إلى الوضع الذي تكتسب فيه نسبة كبيرة من المجتمع مناعةً ضد الأمراض المعدية الناتجة عن الإصابة بالبكتيريا أو الفيروسات أو غيرها من المسببات، بالتالي الحد من انتشار المرض وانحساره، ويذكر من يتبنّون هذه الطريقة أنّها تهدف إلى حماية الأشخاص الأكثر عرضةً لحدوث المضاعفات، كالأطفال ومن يعانون من ضعف في الجهاز المناعي.[١]
ولتوضيح المشهد أكثر إذا كان 80% من السكان محميين من الفيروس فإنّ 4 من كل 5 أشخاص قد يخالطون شخصًا مصابًا بالمرض لن تنتقل إليهم العدوى، وبذلك تتم السيطرة على انتشار الأمراض المُعدية تدريجيًّا. وتجدر الإشارة إلى أنّه -غالبًا- يجب أن تكون لدى ما نسبته 70-90% من أفراد المجتمع مناعة ضد المرض لتحقيق مناعة القطيع.[٢]
ما هي آلية مناعة القطيع؟
يقلّ انتشار المرض ويتباطأ وربما يتوقف عندما تكتسب نسبة كبيرة من الأفراد في المجتمع مناعةً ضده، إذ تنتقل بعض الفيروسات والبكتيريا من شخصٍ إلى آخر بسرعةٍ كبيرة، لكن قد تتوقف سلسلة الانتشار عند امتلاك مناعة ضد المرض، ويهدف هذا إلى حماية الأشخاص غير المحميين أو الذين قد يُصابون بالعدوى ومضاعفاتها بسهولة أكبر، وهم:[٣]:
- كبار السن.
- الأطفال الرضع.
- الأطفال الصغار.
- النساء الحوامل.
- الأشخاص الذين يعانون من حالاتٍ صحية.
- من يعانون من ضعفٍ في الجهاز المناعي، كالأشخاص المصابين بالسرطان، أو فيروس نقص المناعة المكتسب الإيدز، أو مرض السكري من النوع الأول.[٤]
كيف يتم تطبيق مناعة القطيع؟
لفهم مبدأ مناعة القطيع افترض أحد المختصين وجود دائرة مغلقة فيها 100 شخص، والأشخاص الأكثر عرضةً للإصابة بالمرض ومضاعفاته في منتصف الدائرة، فكلما زاد عدد الذين يمتلكون مناعةً ضد المرض ويحيطون بالأشخاص الأكثر عرضةً للإصابة يقلّ احتمال انتقال الفيروس إليهم، وعليه يمكن القول إنّ اكتساب مناعة القطيع وتطبيقها يكون بأسلوبين لكن النتائج قد تكون وخيمةً على المجتمعات، ويمكن توضيح ذلك على النحو الآتي:[٥]:
الشفاء من العدوى
تعتمد هذه الطريقة على تعرّض الجسم للمرض مباشرةً، فيُنتج أجسامًا مضادّةً تحارب العدوى، ويستمرّ بقاء هذه الأجسام فيه بعد التعافي من المرض، لذا عند تكرار التعرُّض للفيروس يتعرّف عليه الجهاز المناعي ويحاربه،[١] وفي هذه الحالة على المريض أن يكون على استعدادٍ كامل للتعرّض لبعض الأمراض الخطيرة وربما المُميتة أحيانًا؛ لامتلاك المناعة ضد الأمراض المُعدية.
بعض البلدان خاطرت واتّبعت هذا النهج خلال أزمة كورونا، وكانت لديهم معدلات وفيات مرتفعة للغاية مقارنةً بالدول التي لم تتبع سياسة مناعة القطيع،[٥] لكن يجب الإشارة إلى نجاح هذه الطريقة أحيانًا؛ إذ من خلالها أوقفت البرازيل انتشار فيروس زيكا بعد ما تعرّض 63% من السكان له.[١].
التطعيم
يمكن للبعض امتلاك المناعة ضد مرضٍ مُعدٍ عن طريق أخذ المطعوم أو اللقاح المخصص له، الذي يكون فيه الفيروس ضعيفًا أو ميتًا، بالتالي فاقدًا لقدرته على التسبُّب بالعدوى، ولمواجهته يُطلِق الجسم الأجسام المضادة لحمايته، مما يُكسِبه المناعة اللازمة، وفي حال عدم توفر اللقاح تتبع الدول سياسات التباعد الاجتماعي للحماية من الإصابة بالمرض إلى حين توفره، الأمر الذي يساعد على تناقص أعداد حالات الإصابة لأطول مدةٍ ممكنة، ومن خلال هذه الطريقة أوقفت الولايات المتحدة الأمريكية انتشار مرض شلل الأطفال.[١]
هل مناعة القطيع مجدية في مواجهة كورونا؟
يُفيد الخبراء أن فيروس الإنفلونزا احتاج إلى امتلاك 60% من السكان مناعةً ضده لتطوير ما يُعرَف بمناعة القطيع، بينما بلغت النسبة في عدوى الحصبة حوالي 95% من السكان، لذلك فهي سياسةٌ قد تكون مُجديةً في بعض الأمراض، أمّا في فيروس كوفيد 19 (COVID-19) من المُحتمَل أن تكون هذا السياسة غير فعّالة في مواجهته؛ إذ يُعتقَد أنّه يجب أن تصل نسبة السكان الذي يمتلكون مناعةً ضد فيروس كوفيد 19 إلى 70% لتكوين مناعة القطيع ضده،[٥] إلا أن الفيروس ما زال جديدًا؛ أي أنّه لا توجد أي نسبة لمناعة مجتمعية ضده، لذا توجد حاجة إلى بناء هذه المناعة من البداية، كما أن جميع الأبحاث المتعلقة بفيروس كوفيد 19 هي أبحاث أولية تحتاج إلى إجراء المزيد من الأبحاث لإثبات نتائجها، فمثلًا توضّح الأبحاث الأولية أن الإصابة بفيروس كورونا تكون مرةً واحدةً عند الشخص، لكن هذا لا يعدّ دليلًا قاطعًا على أن الإصابة مرة واحدة تمنع تكرارها، وبما أن الفيروس ما زال حديثًا فإنه توجد حاجة إلى إجراء أبحاثٍ أكثر.[٦]
تعد اللقاحات الطريقة الأكثر أمانًا لتشكيل مناعة القطيع، لكن لا توجد لقاحات حتى الآن تقي من الإصابة بكورونا، وعدم توفرها يعني وجوب إصابة الكثير من الأشخاص وتعافيهم قبل تشكُّل مناعة القطيع تجاه هذا الفيروس،[٦] بالإضافة إلى ذلك فإن الإصابة به تكون في كثير من الأحيان شديدةً ومهدِّدة للحياةً، وإلى الآن لا يعلم المختصون ما هي العوامل المُؤدية إلى ظهور مضاعفات شديدة أو عدم ظهورها بعد التعرُّض للعدوى بفيروس كوفيد 19، وكما تبين خلال فترة الإصابة بالمرض فإن العديد من المستشفيات والأنظمة الصحية لم تستطع التعامل مع العدد الكبير من الإصابات، فهذا كله يضع احتمالية أن تكون استراتيجية مناعة القطيع غير مُجدية في مواجهة كورونا.[٣]
المراجع
- ^ أ ب ت ث "What Is Herd Immunity?", webmd, Retrieved 8/06/2020. Edited.
- ↑ "What is Herd Immunity and How Can We Achieve It With COVID-19?", jhsph, Retrieved 8/06/2020. Edited.
- ^ أ ب "What Is Herd Immunity and Could It Help Prevent COVID-19?", healthline, Retrieved 8/06/2020. Edited.
- ↑ "Vaccines Protect Your Community", vaccines, Retrieved 8/06/2020. Edited.
- ^ أ ب ت "Understanding herd immunity", newsnetwork, Retrieved 8/06/2020. Edited.
- ^ أ ب "What Is Herd Immunity?", webmd, Retrieved 8/06/2020. Edited.