نبذة عن المرقش الأكبر

كتابة:
نبذة عن المرقش الأكبر

المرقش الأكبر

لماذا سمّي المرقش الأكبر بهذا الاسم؟

عمرو بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة، ومشهور بلقبه المرقش الأكبر، وقد اختلفت الروايات والمصادر حول اسمه، فمنها ما يقول إنه عمرو، ومنها ما يقول إنه ربيعة بن سعد، وهو شاعر من شعراء العصر الجاهلي من مواليد قبل الهجرة، وفي طبقات الشعراء هو شاعر من الطبقة الأولى؛ أي من طبقة امرئ القيس، وله قصيدة موجودة ضمن المعلقات المشهورة، أما عن سبب تسميته بالمرقش فذلك لأنه عندما كان يصف أطلال ديار المحبوبة وصفها بقوله "كما رقش في ظهر الأديم قلم" وهو من الشعراء المجوّدين، ومن أكثر ما اشتهر به المرقش الأكبر قصة حبه لأسماء بنت عوف، أما عن سبب اتْباع لقبه المرقش بكلمة الأكبر فذلك لأنه عم الشاعر المرقش الأصغر، وكأنه وصفٌ للتمييز بن الشاعرين،[١] ومع أنه شاعر جاهلي إلا أنه لم ينشغل في شعره بالحديث عن الصراعات بين القبائل والحروب، بل كان يميل للجانب الوجداني، ومعاني الحب وعذاباته وما في من حرمان ولوعة.[٢]

مسيرة المرقش الأكبر الأدبية

كيف كانت بيئة المرقش الأكبر؟ وهل أسهمت بدورها في تنشئته الأدبية؟

إن النظر في الحياة التي عاشها الشاعر الجاهلي المرقش الأكبر، يبين أنه نشأ في وسط كان منشغلًا بالشعر ونظمه، فكان الشعر هو الذي يعبر عن كل ما يعتلج في صدور الناس وعقولهم إضافة إلى أنهم كانوا يتفاخرون بقول الشعر ونظمه، ويستخدمونه في الأغراض الشعرية المختلفة للتعبير عن مشاعرهم، فتارة وصف وتارة رثاء وتارة فخر وتارة هجاء، وهذا الوسط المحيط بالمرقش الأكبر كان له الأثر الكبير عليه وعلى شخصيته الأدبية.[٣]

إلا أنه لم يكن تابعًا لما هو منتشر ورائج تبعية مطلقة دون تفكير منه، بل كان يتميز بطابعه الشخصي، فقد كان شعره ينتج عن عفوية وبساطة في شخصيته، أي كما يقال: عفو الخاطر، إضافة إلى أنه كان قادرًا على تحقيق التفاعل بين قصائده وبين شخصيته وما تمر به من أحداث ووقائع، فجلّ شعره كان عن معاناته الشخصية وهمومه وما مر به من مشاكل وعقبات في الحياة التي عاشها، وإذا ما ابتعد قليلًا عن هذا الموضوع الفني من الشعر فهو يتجه إلى الفخر والرثاء والمديح.[٣]

ومما تميز به أنه كان في شعره يترفع عن التبجح والغرور والشتم واللعن والطعن بمن يوجّه إليهم الشعر؛ اي عما كان رائجًا بكثرة في ذلك العصر، فقد كان ينأى بنفسه عن الصراعات اليومية التي تدور بين الشعراء، ولعل انشغاله بمحبوبته هو الذي ساعده في هذا الأمر، فأغلب شعره كان وجدانيًا مفعمًا بالحب وموضوعاته المختلفة، وإن ما في شعره من رقة وحديث عن الحب والمشاعر لا يعني أنه لم يكن شجاعًا.[٤]

بل على العكس هو من الشعراء الذين كان لهم الأثر والمكانة في بكر بن وائل وفي حروبهم مع تغلب واتصف بشدة بأسه، وتقدمه في المعارك، ونكايته للعدو، وحسن الأثر الذي يتركه، وقد وردت روايات كثيرة وفي كتب مختلفة عن شجاعته، وعن قصته المشهورة في حبه لأسماء، وكل هذه الظروف والمواقف التي عاشها المرقش كانت ذات أثر كبير على شعره وعلى قصائده التي تركها.[٤]

قصة حب المرقش الأكبر

هل التقى المحبوبان تحت سقف واحد؟ أم حالت الظروف بينهما؟

لعل قصة الحب التي عاشها الشاعر المرقش الأكبر هي التي شغلت الحيز الأكبر من أخباره في مختلف الكتب والمصادر التي تذكر ترجمته، فقد وقع في حب ابنة عمه أسماء بنت عوف، ومما ورد عن هذه القصة في أغلب المراجع والكتب المختصة بترجمة الأعلام أنه في إحدى الليالي أرسله والده مع أخيه حرملة إلى رجل نصراني من أهل الحيرة، وفي فترة غيابه قام عمه بتزويج محبوبته أسماء لرجل آخر من خارج القبيلة، وعند عودة المرقش الأكبر من رحلته أخفوا عليه خبر زواج محبوبته أسماء من رجل آخر، وقالوا له خبرًا كاذبًا مفاده أن أسماء قد ماتت.[١]

لكن المرقش أحس أن ثمة أمر مخالف لما قالوه له، ولذلك قرر أن يجهز رحاله ويذهب في الفيافي ليبحث عن محبوبته، واصطحب معه عبدًا له مع زوجه، وفي أثناء مسيره أصابه مرض شديد لم يقوَ على مواجهته، وعندما اشتدت وطأة المرض عليه، شعر العبد الذي كان يرافقه أن المرقش الأكبر لن ينجو وأنه سيموت، فهرب العبد مع زوجه تاركًا المرقش وحيدًا، وعندها شعر المرقش بخيانة العبد له، كتب أبياتًا على لوح مؤخرة الرحل يخبر فيها عن خيانة العبد وزوجه له لعل أحدًا من قبيلته يرى هذه الأبيات ويعرف الحقيقة.[١]

وعندما عاد العبد إلى القبيلة وأخبر الناس فيها أن المرقش قد مات، شعر أخاه حرملة بريبة في الأمر ولم يصدق ما قاله العبد وزوجته، وعندما ذهب باحثًا عن أخيه، وجد الرحل ورأى الأبيات التي كتبها المرقش وفهم القصة الحقيقية، وعندها اعترف العبد وزوجه بالقصة الحقيقية، ومع ما كان عليه المرقش من احتضار إلا أنه استطاع أن يحتال بنظم أبيات أخرى يستغيث فيها محبوبته، إذ إنه كان قريبًا من الحي الذي تقيم فيه.[١]

وعندها طلبت أسماء من زوجها أن ينقذه، وأحضاره إلى المنزل، لفظ المرقش الأكبر أنفاسه الأخيرة في منزل زوج محبوبته، وهذه هي القصة التي اشتهر بها المرقش الأكبر، وعنها كانت معظم قصائده، وإن كانت أجزاء من القصة غير واضحة المعالم، مثل معرفة السبب الذي دفع عمه أن يزوج أسماء من رجل غريب، ومعرفة السبب الذي دفع العبد ليترك المرقش في الصحراء، إلا أنها قصة منتشرة في أغلب كتب التراجم.[٥]

قصائد المرقش الأكبر

هل ترك المرقش الأكبر إرثًا أدبيًا خلفه؟ أم اندثرت أشعاره كلّها معه؟

إن القصائد التي تركها الشاعر المرقش الأكبر لم تصل كلها للرواة، ولكن مع ذلك إن ما وصل من قصائده لم يكن قليلًا، وعناوين قصائده هي -كما كان حال غيره من الشعراء- البيت الأول أو الشطر الأول من القصيدة، ومما ورد أنه لم يبق من قصائده إلا اثنتي عشرة قطعة، أربعة منها من المفضليات ويوجد من ضمن المفضيلات اثنتان مضطربتا الرواية، ويوجد واحدة منهم لم يتمكن المتأخرون من تحديد بحرها الشعري، إضافة إلى بعض قصائده الواردة في الأغاني.[٦] وإن الاطلاع على عناوين هذه القصائد يجعل القارئ متأكدًا من كمية الحب والعشق الذي كان يكنه المرقش الأكبر لأسماء بنت عوف ابنة عمه؛ إذ غلب على القصائد ما يدل على حبه لها وتعلقه بها وبديارها، ومن هذه القصائد:[٧]

  • ما قلت هيج عينه لبكائها.
  • يا ذات أجوارنا قومي فحيينا.
  • لمن الظعن بالضحى طافيات.
  • لا يمنعنك من بغاء الخير.
  • هل تعرف الدار عفا رسمها.
  • هل بالديار أن تجيب صمم.
  • ماذا وقوفي على ربع عفا.
  • وفيهن حور كمثل الظباء.
  • يا صاحبي تلوما لا تعجلا.
  • أبأت بثعلبة بن الخشام.
  • ألا بان جيراني ولست بعائف.
  • أمن آل أسماء الطلول الدوارس.
  • أتتني لسان بني عامر.
  • سرى ليلاً خيال من سليمى.
  • خليلي عوجا بارك الله فيكما.
  • قل لأسماء أنجزي الميعادا.
  • بينا الفتى يسعى ويسعى له.
  • يجم جموم الحسي جاش مضيقه.
  • هل يرجعن لي لمتي إن خضبتها.
  • أغالبك القلب اللجوج صبابة.

اقتباسات من شعر المرقش الأكبر

هل تأثر شعر المرقش الأكبر بمكنوناته وظروفه؟ أم لم يُسقطه فيما كتب من أشعار؟

إن ما مر به الشاعر المرقش الأكبر في حياته من مغامرات وقصص عديدة، والظروف القاهرة التي جاءت مخالفة لكل ما كان يريده، سواء من حيث إبعاده عن محبوبته، أو من حيث خيانة العبد له، أو من حيث موته وفي داخله حرقة ولوعة على فراق محبوبته، كل هذا كان منعكسًا على شعره، ولذلك غلبت الوجدانيات عى قصائده، وكثيرًا ما تحدث عن الحرمان في الحب، والمعاناة التي يمر بها الحبيبان، وأكثر من الوقوف على الأطلال، ووصف آثار الديار، وفيما يأتي بعض الأمثلة على الأبيات التي كتبها المرقش الأكبر:[٨]

  • كما ويقول المرقش الأكبر في قصيدته التي يقال أنّه كتبها على خشب الرحّل:

من مبلغ الفتيان أنّ مرقّشا

أضحى على الأصحاب عبئًا مثقلا

ذهب السّباع بأنفه فتركنه

ينهسن منه فى القفار مجدّلا

وكأنما ترد السّباع بشلوه

إذ غاب جمع بني ضبيعة، منهلا


  • كما ويقول المرقش الأكبر في قصيدته "فهل يرجعن" أيضًا:

فهل يرجعن لي لمّتي إن خضبتها

إلى عهدها، قبل الممات، خضابها

رأت أقحوان الشّيب فوق خطيطة

إذا مطرت لم يستكنّ صؤابها

فإن يظعن الشّيب الشّباب فقد ترى

به لمّتي لم يرم عنها غرابها
  • ويقول أيضًا:

ودوّيّة غبراء قد طال عهدها

تهالك فيها الورد والمرء ناعس

قطعت إلى معروفها منكراتها

بعيهمة تنسلّ واللّيل دامس

وتسمع تزقاء من البوم حولها

كما ضربت بعد الهدوّ النّواقس

وأعرض أعلام كأنّ رؤوسها

رؤوس رجال فى خليج تغامس

ولمّا أضأنا اللّيل عند شوائنا

عرانا عليها أطلس اللّون بائس

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث "المرقش الأكبر"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-20. بتصرّف.
  2. "المرقش الأكبر"، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-20. بتصرّف.
  3. ^ أ ب "المرقش الأكبر"، al-hakawati.la.utexas.edu، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-20. بتصرّف.
  4. ^ أ ب الأصفهاني، الأغاني 1 15 مع الملحق والفهارس ج 3، صفحة 136. بتصرّف.
  5. "المرقش الأكبر"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-20. بتصرّف.
  6. كارل بروكلمان، تاريخ الأدب العربى الجزء الاول، صفحة 103. بتصرّف.
  7. "المرقش الأكبر"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-20.
  8. ابن قتيبة الدينوري، كتاب الشعر والشعراء، صفحة 205-206.
8153 مشاهدة
للأعلى للسفل
×