نظام المرافعات الشرعية السعودي

كتابة:
نظام المرافعات الشرعية السعودي

نظام المرافعات

إنّ نظام المرافعات من الأنظمة التي تتولىّ تنظيم القضاء وتسيير جميع شؤونه، فهو يحدّد اختصاصات المحاكم، والإجراءات الواجبة الاتباع أمامها، كما ينظّم القواعد الخاصة بالهيئة القضائية، والنيابة العامة، وجميع الموظفين في المحاكم، بما فيهم من كتبة ومحضريين وإلى غير ذلك، ويبين أيضًا إجراءات التقاضي وكيفية تحريك الدعوى منذ بدايتها إلى حين انتهائها، والحكم بها حكمًا غير قابلٍ للطّعن، وبالتالي فهو نظام شكليّ؛ لأنّه عبارة عن إجراءات متبعة أمامم الهيئات القضائية، وفي ذلك سيتم بيان نظام المرافعات الشرعية السعودي، وأنواع آثار أحكام نظام المرافعات الشرعية السعودي، وغاياته، ونظام المرافعات في ظل الشريعة الإسلامية.

نظام المرافعات الشرعية السعودي

قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا"[١] ،في نظام المرافعات الشرعية السعودي، تقوم المحاكم بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، وفقًا لما دل عليه الكتاب والسنة، وبناءً على القرارات التي يصدرها ولي الأمر والتي يجب ألّا تتعارض مع الكتاب والسنة النبوية، ويتبين من ذلك أن الأحكام القضائية التي تصدر عن المحاكم تستمد من الأحكام الموضوعية الواجبة التطبيق في الشريعة الإسلامية، التي نص عليها في القرآن الكريم وسنة النبي محمد -صلّى الله عليه وسلم-.[٢]

ويتمّ تطبيق أيّ نظام مرعيّ في المملكة، ولكن يجب ألّا يتعارض مع أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية، ويجب على القاضي إذا التبس عليه شيء من نظام المرافعات الشرعية السعودي أن يستمد تفسيره من الشرع، وفقًا لما دلّت عليه الشريعة الإسلامية، فيجب الاحتكام إلى الشرع في جميع المسائل المتنازع عليه، وهو واجب على كلّ حاكم ومحكوم.[٢]

آثار أحكام نظام المرافعات الشرعية السعودي

إنّ آثار الأحكام في نظام المرافعات الشرعية السعودي تتنوع وتتعدد، فمنها ما يسمى بالإقتصار، ومنا ما يسمى بالإنعطاف، ويعني إقتصار الأحكام أن يكون أثر الأحكام منذ صدورها إلى بعدِه حسب ما ينص عليه النظام، وإذا أطلق فمنذ صدورها، ويعني ذلك أن قاعدة الاقتصار تطبق على جميع الأحكام منذ صدورها ولا تنعطف على ما سبقها من إجراءات، وأصل ذلك قول الله تعالى: "وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا"[٣]، فتعدّ مهمة الرسل واجبة كما نصّت الآية القرآنية السابقة، حيث إنّ مهمتهم البشارة والدعوة إلى عبادة الله تعالى، والتحذير من عقابه، ولن يؤاخذ الله تعالى خلقه قبل ذلك.[٤]

أمّا النوع الثاني وهو الانعطاف، فهو جريان الأحكام الصادرة على ما قد سبقها من وقائع، والذي يعبر عنه الفقهاء برجعية الأحكام، ولا تنعطف الأحكام على ما سبق صدورها من وقائع إلا إذا نص على ذلك نظام المرافعات الشرعية السعودي.[٤]

غاية نظام المرافعات الشرعية السعودي

إنّ الهدف الأسمى من نظام المرافعات هو إيصال الحق إلى صاحبه عند حدوث النزاعات والخلافات بين الأفراد في المجتمع، وبالتالي فإن الأشخاص في هذه الأحوال يلجأون إلى القضاء لردّ الحقوق لأصحابها، حيث إنّ قواعد المرافعات تبين الإجراءات المتبعة أمام القضاء للوصل إلى تلك الغاية، وهي الحصول على الحق المتنازع عليه، فبموجب نظام المرافعات يتم تأمين طرق فعالة لرد الحقوق إلى أصحابها جبرًا على المدينين الذي رفضوا الوفاء بديونهم.[٥]

وبالتالي، كلّما طبقت قواعد المرافعات بالشكل الصحيح انتشر السلام والأمن في البلاد وأدّى كلّ إنسان ما عليه من واجبات؛ لأنه إذا لم يقم بتأدية حقّه المترتب في ذمته طوعًا، سيجبر على تنفيذه قسرًا بعد أن يحصل الخصم على حكم من القضاء لاستيفاء حقه بقوة القانون، وتتجلى أهمية نظام المرافعات في تحريك السلطة العامة لمصلحة الفرد ومساعدته للحصول على حقوقه ضدّ من يمانع في أدائها.[٥]

ويعدّ نظام المرافعات أحد الضمانات التي كفلها المشرع لحفظ حقوق المتقاضيين، وهو يعد أيضًا من الضمانات الهامة لحسن سير العدالة، وذلك من خلال إتاحة الدفاع الكامل أمام القضاء، وكذلك فإن القاضي يقوم بتسبيب الأحكام ولا يقضي إلا بالطرق النظامية الشرعية، كما أنّ هذا النظام يمنح القاضي الوقت الكافي للإطلاع على الدعوى ويصدر بها حكمًا سديدًا، وبالتالي فإن كشف الحقائق ليس من السهل الوصول إليها إلا من خلال وجود نظام مرافعات يكفل ذلك.[٥]

المرافعات في ظل الشريعة الإسلامية

إنّ المصدر الأساسيّ لنظام المرافعات السعودي هو الشريعة الإسلامية، حيث تبنّى أحكامه وفقًا لكتاب الله -عزّ وجلّ- القرآن الكريم، وسنة أفضل خلقه سيّدنا محمّد -صلى الله عليه وسلّم-، وما يصدر عن أولياء الأمور من أنظمة وتعليمات وقرارات لا تخالف قواعد الشريعة الإسلامية وأحكامها، ويجب على القاضي وأطراف الدعوى الإلتزام بهذا الترتيب في الترافع.[٦]

ويشهد على ذلك حديث معاذ -رضي الله عنه-: "أنَّ النَّبيَّ عليه الصلاةُ والسَّلامُ حينَ بعَثه إلى اليمَنِ قال له: كيف تقضي إذا عرَض لكَ قَضاءٌ؟ قال: أقضي بما في كتابِ اللهِ، قال: فإن لم يكُنْ في كتابِ اللهِ؟ قال: بسُنَّةِ رسولِ اللهِ، قال: فإن لم يكُنْ في سنَّةِ رسولِ اللهِ؟ قال: أجتَهِدُ رأيي لا آلو، قال: فضرَب رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- صدرَه، ثم قال: الحمدُ للهِ الَّذي وفَّق رسولَ رسولِ اللهِ لِمَا يُرْضي رسولَ اللهِ"[٧]، وبالتالي فإن نظام المرافعات هو النظام الأساسيّ في الأنظمة الإجرائية التي تحكم عملَ القضاء.[٦]

المراجع

  1. سورة النساء، آية: 65.
  2. ^ أ ب عبدلله آل خنين (2001)، المدخل إلى علم المرافعات (الطبعة الأولى)، الرياض: دار العاصمة، صفحة 281-288. بتصرّف.
  3. سورة الإسراء، آية: 15.
  4. ^ أ ب عبدلله آل خنين (2012)، الكاشف في شرح نظام المرافعات الشرعية السعودي (الطبعة الخامسة)، الرياض-السعودية: دار ابن فرحون، صفحة 19-21، جزء 1. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت عبدالحميد أبو هيف (2016)، المرافعات المدنية والتجارية (الطبعة الأولى)، مصر: مكتبة الوفاء القانونية، صفحة 31. بتصرّف.
  6. ^ أ ب محمد الفوزان (2009)، الوسيط في نظام المرافعات الشرعية السعودي (الطبعة الأولى)، الرياض: مكتبة القانون والإقتصاد، صفحة 27-28. بتصرّف.
  7. رواه البخاري، في الضعفاء الكبير، عن معاذ بن جبل، الصفحة أو الرقم: 1/215، لا يصح ولا يعرف إلا مرسلاً.
4715 مشاهدة
للأعلى للسفل
×