هل التقبيل يعتبر من الزنا؟

كتابة:
هل التقبيل يعتبر من الزنا؟

الزنا

يعدُّ الزنا في الشريعة الإسلاميّة من كبائر الذنوب، حيثُ جاء تحريمه في القرآن الكريم بعد الشرك بالله والقتل قال تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} [١]، وهو من الكبائر التي وضع الله تعالى لها حدًّا أي عقوبة في كتابه الكريم، فعقوبة الزنا في الإسلام نوعان: فعقوبة الزاني المُحصن الرجم حتى الموت، وعقوبة الزاني غير المحصن مئة جلدة وتغريب سنة حسب جمهور الفقهاء من أهل العلم، وفي هذا المقال سيدور الحديث حول الزنا الحقيقي في الإسلام وحول هل التقبيل يعتبر من الزنا أم لا. [٢]

الزنا الحقيقي

قبل معرفة هل التقبيل يعتبر من الزنا أم لا بدَّ من تعريف مصطلح الزنا الحقيقي، فالزنا الحقيقي هو جريمة الزنا التي توجب إقامة الحدِّ عليها ولا يتحقق هذا الزنا إلا بالإيلاج وهو إدخال ذكر الرجل في فرج المرأة كما نصَّت على ذلك أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلو لم يتم الإيلاج لا يعتبر زنا حقيقي ولا يقام عليه الحد، وقد ورد في الموسوعة الفقهية عند بيان حد الزنا الذي اتُّفق عليه الفقهاء: "لا خلاف بين الفقهاء في أنَّه يشترط في حدِّ الزنا إدخال الحشفة أو قدرها من مقطوعها في الفرج، فلو لم يدخلها أصلًا أو أدخل بعضها فليس عليه الحد لأنَّه ليس وطئًا"، ودليل ذلك حديث ماعز، فقد رويَ: "أنَّ ماعزُ بنُ مالكٍ كان يتيمًا في حَجْرِ أبي، فأصاب جاريةً من الحيِّ، فقال له أبي: ائْتِ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- فأخبِرْه بما صنَعتَ، لعلَّه يستغفِرُ لك، وإنَّما يريدُ بذلك رجاءَ أنْ يكونَ له مخرجًا، قال: فأتاه، فقال: يا رسولَ اللهِ، إنِّي زنَيتُ فأقِمْ عليَّ كتابَ اللهِ، فأعرَضَ عنه، فعاد فقال يا رسولَ اللهِ:  إنِّي زنَيتُ فأقِمْ عليَّ كتابَ اللهِ، فأعرَضَ عنه، فعاد فقال: يا رسولَ اللهِ،  إنِّي زنَيتُ فأقِمْ عليَّ كتابَ اللهِ، حتى قالَها أربعَ مِرارٍ، قال -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: إنَّك قد قُلتَها أربعَ مراتٍ، فبمن؟ قال: بفلانةَ، فقال: هل ضاجَعْتَها؟ قال: نعَمْ، قال: هل باشَرْتَها؟ قال: نعَمْ، قال: هل جامَعْتَها؟ قال: نعَمْ، قال: فأمَرَ به أنْ يُرجَمَ" [٣]، والمباشرة والجماع لا يدلُّ إلا على الوطء وهو كما سبق إدخال الذكر في عضو المرأة، والله تعالى أعلم. [٤]

هل التقبيل يعتبر من الزنا

كما سبق فإنَّ الزنا الحقيقيّ الذي يوجبُ إقامة الحدِّ هو تحقيق الوَطْء والإيلاج بكلّ معنى الكلمة، حيث يتمثّل بإدخال ذكر الرجل في فرج المرأة دون شبهةٍ أو شكٍّ، لكن هل التقبيل يعتبر من الزنا، نعم يعتبر التقبيل من الزنا فرغم أنَّ التقبيل لا يوجب إقامة الحد إلا أنه يعتبر من الزنا، ولو أن الزنا الذي يوجب الحد هو الوطء إلا أنَّ بقيَّة الأمور أيضًا من لمس أو تقبيل أو ضم أو نظر كل هذه الأمور تعتبر زنا، ويعتبرُ فاعله آثم وصاحبُ إثمٍ كبير إذا لم يتب ويرجع عن ذنبه، فقد ورد في الحديث الصحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "كُتِبَ على ابنِ آدَمَ نصيبُهُ منَ الزِّنا مدْرِكٌ ذلكَ لا محالَةَ، فالعينانِ زناهما النظرُ، والأذنانِ زناهما الاستماعُ، واللسانُ زناه الكلامُ، واليدُ زناها البطْشُ، والرِّجْلُ زناها الخطا، والقلْبُ يهوَى ويتَمَنَّى، يصدِّقُ ذلِكَ الفرجُ ويكذِّبُهُ" [٥]، وعلى ذلك يمكن اعتبار التقبيل زنا، ويجب على من فعل ذلكَ أن يتوب ويرجع عن ذنبه العظيم ويستغفر الله تعالى ويندم على فِعلته ويعزم على عدم العودة لفعل ذلك حتى يتوبَ الله عليه. [٦]

المراجع

  1. {الفرقان: الآية 68}
  2. زنا, ، "www.marefa.org"، اطُّلع عليه بتاريخ 6-2-2019، بتصرف
  3. الراوي: نعيم بن هزال، المحدث: شعيب الأرناؤوط، المصدر: تخريج سنن أبي داود، الصفحة أو الرقم: 4419، خلاصة حكم المحدث: صحيح لغيره
  4. الزنا الذي يوجب الحد, ، "www.islamqa.info"، اطُّلع عليه بتاريخ 6-2-2019، بتصرف
  5. الراوي: أبو هريرة، المحدث: الألباني، المصدر: صحيح الجامع، الصفحة أو الرقم: 4476، خلاصة حكم المحدث: صحيح
  6. الزنا الذي يوجب الحد, ، "www.islamweb.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 6-2-2019، بتصرف
5857 مشاهدة
للأعلى للسفل
×