آثار أزمة كورونا على الصحة النفسية للأطفال

كتابة:
آثار أزمة كورونا على الصحة النفسية للأطفال

مفهوم الصحة النفسية للطفل

إنّ الصحّة النفسية للطفل Children's mental health، تعني خُلُوّ الطّفل من أيّ نوع من أنواع الاضطرابات النفسية الشائعة، ويناقش مجال الصحة النفسية للأطفال أهم العوامل المؤثّرة في الصحة النفسية المحيطة بالطفل، وضرورة التحكم بها، وقد درس علماء النفس كثيرًا في تعريف الصحة النفسية للطفل، ووجدوا أنها مفهومٌ إيجابيّ متعدّد المستويات، يكون فيه الإنسان صحيحًا على المستوى الجسديّ والنفسيّ والاجتماعيّ، وأشارت الأبحاث النفسية على ضرورة أن يكون الطفل في حالة توازن ما بين إشباع الحاجات في هذه المستويات كافة وتنشيطها، إذ لا يجب أن يكون هناك إشباع جسميّ على حساب الجانب النفسيّ، حتى لا ينتج خلل في النمو والتوازن الصحي، ويصبح الطفل غير صحيّ نفسيًا، ويغطي مفهوم الصحة النفسية للطفل سلسلة من الموضوعات المتعلقة بصحة الأطفال والمراهقين، ويستهدف كذلك الأشخاص الذين يعملون مع الأطفال، ويتضمن ذلك علماء نفس الطفل والأخصائيين الاجتماعيين، والأطباء والممرضين وأخصائيي المعالجة المهنية والطبيعية، وأخصائيي النُطُق، والمعلمين، فضلًا عن أولياء أمور الأطفال.[١]

آثار أزمة كورونا على الصحة النفسية للأطفال

إنّ جائحة COVID-19 المعروفة أيضًا باسم جائحة كورونا أو الفيروس التاجي، هو جائحة عالمية لمرض الفيروس التاجي COVID-19 لعام 2019، والذي ينجم عنه متلازمة تنفسية حادة، وقد تم تحديد التفشي لأول مرة في مدينة ووهان في الصين، في ديسمبر 2019، حيث أعلنت منظمة الصحة العالمية تفشي المرض، وحالة طوارئ صحية عامة ذات أهمية دولية في 30 يناير 2020، ووباء في 11 مارس للعام نفسه، حتى وقت كتابة هذا المقال، تم الإبلاغ عن أكثر من 5.64 مليون حالة من COVID-19 في أكثر من 188 دولة ومنطقة، وأكثر من 352000 حالة وفاة، بينما تَعافى أكثر من 2 مليون شخص من الفيروس.[٢]


وضع للأطفال في ظل الفيروس

شكلت جائحة كورونا -فيروس كوفيد 19- والتدابير غير المسبوقة لاحتواء انتشار الفيروس عاملًا مؤثّرًا تقريبًا على كل جانب من جوانب في حياة الأطفال، ومن ضمنها صحتهم الجسدية ونموهم وتعلمهم وتعليمهم وسلوكهم، والأمن الاقتصادي لأسرهم وحمايتهم من العنف وسوء المعاملة، وصحتهم النفسية، وقد أشارت الإحصائيّات لغاية الشهر 5 من عام 2020 إن حوالي 99 بالمائة من أطفال العالم، في ظلّ الجائحة، يعيشون تحت شكل من أشكال الحجر المنزلي، لتجنب الإصابة بالفيروس، وإنّ 60 بالمائة من الناس في دول يخضعون لحالاتِ حظر كاملة أو جزئية، وأنّ هناك أكثر من 1.5 مليار طفل خارج المدرسة، وشكلت الجائحة حدثًا مأساويًا بشكلٍ خاص للأطفال الذين يعيشون في مجتمعات فقيرة، بالنسبة للصحة البدنية والنفسية.[٣]


المشكلات المستجدة

إنّ الأطفال الأصغر سنًا معرّضون لخطر كبير مقارنة بالشباب، قد يكون ذلك بسبب أنّ مناعة الأطفال هي أضعف نسبيًا مقارنة بمناعة البالغين، وإن المستويات العالية من التوتر والعزلة يمكن أن تؤثر كذلك على نمو الدماغ، و قد تكون مصحوبة أحيانًا مع عواقب جسدية أو نفسية لا يمكن إصلاحها على المدى الطويل، كما كان هناك زيادة في تأثير الفيروس على الأطفال والشباب الذين يتعاملون مع حالات الانفصال العائلي، ورعاية الأقارب المرضى، وحتى بالنسبة للذين تعرضوا لوفاة أحبائهم نتيجة الفيروس، وهناك تأثيرات عانت منها الفتيات بشكل خاص، فقد أدت تدابير الاحتواء إلى زيادة العنف القائم على نوع الجنس، ونسب حمل الأطفال، حتى زواج القاصرات، هذا إضافة إلى تولّي المسؤولية المتزايدة عن الأعمال المنزلية ورعاية الأهل، أما بالنسبة إلى الأطفال من الأسر المهجّرة والنازحة، فلا يتم الحصول عادة على معلومات حيوية حول أوضاعهم، مما يزيد من القلق بشان هذه المجموعات البشرية، وخاصة بالنسبة لأولئك الذين يعيشون في مجتمعات تتزايد فيها الكوارث الإنسانية، والصراعات، فقد يكونون في خطر أكبر من فيروس كورونا بالإضافة إلى تأثير الفيروس، إذ تنهار أنظمة الدول من حولهم، ويضمحل أي شعور بالحياة الطبيعية والأمان.[٤]


تأثير الركود الاقتصادي

دخل العالم في فترة الوباء في ركود اقتصادي عميق وطويل الأمد، وتم فقدان ملايين الوظائف حول العالم، وفقدت العديد من العائلات مصادر الدخل الخاص بها، وأثر ذلك على شعور الأطفال بالأمان والسلامة والحياة الطبيعية بشكل لم يسبق له مثيل، وفي المراحل الأولى من الوباء، نظمت منظمة اليونيسيف دراسة للكشف عن 1700 طفل وأب ومعلم ومقدّم رعاية في 104 دولة حول العالم، لفحص كيفية تأثير الوباء على الأطفال، ولا سيّما على صحتهم النفسية والأمان الاجتماعي، وبيّنت الدراسة التي أقامتها اليونيسف أن الأطفال قلقون بشأن عزلهم عن العائلة والأصدقاء أثناء الشك في إصابتهم، أو تفكيرهم بالموت أثناء أصابتهم في فيروس كورونا، وأوضحت النتائج أيضا أن الآباء مرتبكون بشأن كيفية معالجة مخاوف أطفالهم من الفيروس، أو كيفية تفسير تدابير العزل المنزلي، وما يصاحبه من مشكلات منزلية تتكون نتيجة الضغوطات التي تواجه الأسرة، مثل الابتعاد الاجتماعي، أثناء حجر أحد أفراد الأسرة الذي يكون مشكوك في أمرهم بشأن فيروس كوفيد 19.[٥]


طرق مساعدة الأطفال نفسيًا في الحجر المنزلي

قد يكون المحافظة على الهدوء هي الخطوة الأولى والأكثر أهمية للخفض من مستويات القلق لديهم، إذ يميل الأطفال إلى نمذجة سلوكيات والديهم ومقدّمي الرعاية، وبالتالي مساعدتهم في تحمل الضغوطات المحيطة بهم، ويجب على الآباء معرفة تأثير سلوكياتهم وطرق تفكيرهم في كيفية ردود أفعال الطفل أيضًا، كذلك فإن إدخال الإيجابية أثناء الحديث عن الوباء من الممكن أن يساعد على تهدئة الضغوطات التي تواجه الطفل، بل وتمنع للأطفال من تخيل سيناريوهات أسوأ بكثير من الواقع، لذلك يجب مشاركة المعلومات الواقعية، والمناسبة لعمر الطفل وقدرته الاستيعابية، حتى يساعده ذلك على وضع الموقف في منظوره الصحيح.[٦]


كذلك، فمن المهم المحافظة على روتين يومي، إذ تشير الدراسات النفسية إلى أنّ الأطفال يستفيدون من الجداول الزمنية والأنشطة الإنتاجية، لذلك يجب التخطيط للأنشطة التي تؤدي إلى ذكريات ممتعة، ويفضل تحديد أوقات محددة للقراءة والواجبات المنزلية، وقد وجدت بعض الأبحاث أيضًا أن قضاء الوقت في الطبيعة له آثار إيجابية متعددة على الصحة البدنية والعقلية للأطفال، لذلك قد يكون من الجيد لجميع أفراد الأسرة قضاء الوقت في خارج المنزل، عن طريق المشي أو ركوب الدراجات بعيدًا عن التجمعات.[٦]

المراجع

  1. "Mental_health", en.wikipedia.org, Retrieved 2020-05-27. Edited.
  2. "COVID-19_pandemic", en.wikipedia.org, Retrieved 2020-05-27. Edited.
  3. "-children-mental-health-coronavirus", www.theguardian.com, Retrieved 2020-05-27. Edited.
  4. "covid-19-is-hurting-childrens-mental-health", www.weforum.org, Retrieved 2020-05-27. Edited.
  5. "How the coronavirus pandemic is harming family well-being for U.S. low-wage workers", equitablegrowth.org, Retrieved 2020-05-27. Edited.
  6. ^ أ ب "quarantine-parents-tips", www.apa.org, Retrieved 2020-05-27. Edited.
4199 مشاهدة
للأعلى للسفل
×