أبرز القضايا النقدية في الأدب في العصر العباسي الأول

كتابة:
أبرز القضايا النقدية في الأدب في العصر العباسي الأول


أبرز القضايا النقدية في الأدب في العصر العباسي الأول

احتل العصر العباسي الأول مكانةً مميزةً جدًّا بين العصور الإسلامية في الدراسات الثقافية والأدبية، ومن القضايا التي لاقت اهتمامًا كبيرًا مسألة نقد الأدب ونقد الشعر، أما القضايا التي اهتمّ بها النقاد كثيرًا، فهي على النحو الآتي:[١]

قضية القديم والجديد

ظهرت هذه القضية منذ القرن الثاني الهجري، عندما انقسم الرواة إلى اتجاهين منفصليْن تمامًا، اتجاه اندفع نحو التطور والتحرر من كل روابط الشعر القديمة، ويحاول التكيف مع موضوعات الشعر الجديدة نتيجة الانفتاح الكبير للدولة العباسية على الدول الأخرى، واتجاه آخر يتمسّك بقواعد الشعر الجاهلي ويحاول أن يقضي على كل الشعر المُحدَث،[٢] ومن ذلك تعصّب ابن العربي ضد أرجوزة لأبي تمام:

وَعاذِلٍ عَذَلتُهُ في عَذلِهِ

فَظَنَّ أَنّي جاهِلٌ مِن جَهلِهِ[٣]


فطلب من منشدها أن ينسبها لهذيل؛ لأنه لم يسمع أحسن منها، وعندما عرف أنها لأبي تمام صاح: الكاتب خرق، وحجّة ابن العربي في ذلك: "إنما أشعار هؤلاء المُحدثين مثل أبي نواس وغيره مثل الريحان، يذوى ويرمى به، وشعار القدماء مثل المسك والعنبر كلما حرّكته ازداد طيبًا".

قضية السرقات

قال ابن فارس: سرق أي أخذ شيء في ستر وخفاء، ويقال: سرق يسرق سرقة وهو مسروق، أما السرقة الشعرية بالتحديد فيه: أن يأخذ شاعرٌ شعر شاعرٍ آخر، لفظًا أو معنى، أو أخذ بعض شعره فنسبه لنفسه، ولا يقتصر لفظ السرقة في الأدب العربي على الأخذ أو الإغارة أو الاعتداء على شعر الآخرين وأدبهم، بل يتجاوزه إلى التضمين، والمحاكاة، والاقتباس.[٤]


في العصر العباسي تنوعت السَّرقات الشعرية، إذ اتسع مجالها إلى حد لم تبلغه في العصور السابقة، وكانت أبرز نتائجها ظهور المناهج النقدية العلمية لمواجهة وضبط تلك السرقات، مثلًا قال بشار بن برد:[٤]

مَن راقَبَ الناسَ لَم يَظفَر بِحاجَتِهِ

وَفازَ بِالطَيِّباتِ الفاتِكُ اللَهِجُ[٥]

فأخذ فكرته تلميذه سلم الخاسر، وقال:

مَن راقَبَ الناسَ ماتَ غَمًّا

وَفازَ بِاللّذَّةِ الجَسورُ[٦]


ذكر الرواة أن بشارًا لمّا سمع بهذه السرقة قال: "يعمد إلى معانيَّ التي سهرت فيها ليلي، وأتعبت فيها فكري فيكسوها لفظًا أخفَّ من لفظي، فيروي شعره ويترك شعري، والله لا أكلت اليوم ولا صمت". ومع كل المؤلفات التي توثق السرقات الشعرية، إلا أنّ كثيرًا منها بالغ في الأمر، مثلًا قال الأصمعي إن شعر الفرزدق تسعة أعشاره مسروق.

قضية الصدق والكذب

أوّل من أثار هذه القضية هو ابن طباطبا، فقد اشترط الصدق في التشبيه وفي القصيدة، فكان يُلغي الخيال المستخدم في القصائد، وشاطره الرأي عبد القاهر الجرجاني، لكنّه سمح بوجود التخييل في الشعر، أمّا قدامة بن جعفر فقد أيّد الفريق الذي ينادي بمقولة:" أعذب الشعر أكذبه".[٧]

إحسان عبّاس تاريخ النقد الأدبي عند العرب صفحة 35-36 ،بتصرّف




فانقسم النقاد إلى ثلاثة أقسام: قسم يناصر الصدق، وقسم يناصر الكذب، أما القسم الثالث فقد نادى به المرزوقي الذي يرى بأنّ أحسن الشعر أقصده.[٧]

المراجع

  1. انتصار عمر محجوب إدريس، حركة النقد الأدبي في العصر العباسي الأول، صفحة 35-36. بتصرّف.
  2. انتصار عمر محجوب إدريس، حركة النقد الأدبي في العصر العباسي الأول، صفحة 73-74. بتصرّف.
  3. "وعاذل عذلته في عذله"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 21/2/2022.
  4. ^ أ ب حسن علي معو، مقتطفات حول السرقات الشعرية في العصرين الأموي والعباسي، صفحة 205-211. بتصرّف.
  5. "خشاب هل لمحب عندكم فرج"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 21/2/2022.
  6. "من راقب الاناس مات غما"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 21/2/2022.
  7. ^ أ ب إحسان عبّاس، تاريخ النقد الأدبي عند العرب، صفحة 35-36. بتصرّف.
7386 مشاهدة
للأعلى للسفل
×