محتويات
قصيدة نشرتُ في موكب العشاق أعلامي
- نشرتُ في موكبِ العشَّاقِ أعلامي
- وكانَ قبلي بُلى في الحبِّ أغلامي
- وسِرْتُ فيهِ ولم أبْرَحْ بِدَوْلَتِهِ،
- حتى وَجَدْتُ مُلوكَ العِشقِ خُدّامي
- ولمْ أزلْ منذُ أخذِ العهدِ في قدمي
- لكَعْبَة ِ الحُسنِ، تجريدي وإحرامي
- وقد رَماني هَواكُم في الغَرامِ إلى
- مقامِ حبٍّ شريفٍ شامخٍ سامِ
- جهلتُ أهليَ فيهِ أهلَ نسبتهِ
- وهمْ أعزُّ أخلاَّئي وألزامي
- قضيتُ فيهِ إلى حين انقضا أجلي
- شهري ودهري وساعاتي وأعوامي
- ظنَّ العذولُ بأنًّ العذلَ يوقفني
- نامَ العذولُ وشوقي زائدُ نامِ
- إن عامَ إنسانُ عَيني في مَدامِعِهِ،
- فقدْ أُمِدّ بإحْسانٍ وإنعامِ
- يا سائقاً عيسَ أحبابي عسى مهلاً
- وسرْ رُوَيْداً، فقَلبي بينَ أنْعامِ
- سَلَكْتُ كُلّ مَقامٍ في مَحَبّتِكُمْ
- وما تَرَكْتُ مَقاماً قَطّ قُدّامي
- وكُنتُ أحْسَبُ أنّي قد وَصَلْتُ إلى
- أعْلى ، وأغْلى مَقامٍ، بينَ أقْوامي
- حتى بَدا لي مَقامٌ لم يكُنْ أرَبي،
- ولمْ يمرَّ بأفكاري وأوهامي
- إنْ كانَ منزلتي في الحبِّ عندكمْ
- ما قد رأيتُ، فقد ضَيّعْتُ أيّامي
- أمنيَّة ٌ ظفرتْ روحي بها زمناً
- واليومَ أحسَبُها أضغاثَ أحْلامِ
:وإنْ يكنْ فرطُ وجدي في محبَّتكمْ
- إثماً فقدْ كثرتْ في الحبِّ آثامي
- ولو عَلِمْتُ بأنّ الحُبّ آخِرُهُ
- هذا الحِمامُ، لَما خالَفْتُ لُوّامي
- أوْدَعْتُ قلبي إلى مَن ليس يَحفَظُهُ
- أبْصرْتُ خلفي، وما طالَعتُ قٌدّامي
- لقدْ رماني بسهمٍ من لواحظهِ
- أصْمى فؤادي، فواشوقي إلى الرامي
- آهاً على نَظرَة ٍ مِنْهُ أُسَرّ بها،
- فإنَّ أقصى مرامي رؤية ُ الرَّامي
- إنْ أسْعَدَ اللّهُ روحي، في محَبّتِهِ،
- وجسمها بينَ أرواحٍ وأجسامِ
- وشاهدتْ واجتلتْ وجهَ الحبيبِ فما
- أسى وأسعدَ أرزاقي وأقسامي
- ها قد أظَلّ زمانُ الوَصْلِ، يا أمَلي،
- فامنُنْ، وثَبّتْ بهِ قَلبي وأقدامي
- وقد قَدِمتُ، وما قدّمتُ لي عَمَلاً،
- إلاّ غَرامي، وأشواقي، وإقدامي
- دارُ السَّلامِ إليها قدْ وصلتُ إذنْ
- منْ سبلِ أبوابِ إيماني وإسلامي
- يا ربَّنا أرني أنظرُ إليكَ بها
- عِندَ القُدومِ، وعامِلني بإكرْام
قصيدة لعينيك ما يلقى الفؤاد وما لقي
لعَيْنَيْكِ ما يَلقَى الفُؤادُ وَمَا لَقي
- وللحُبّ ما لم يَبقَ منّي وما بَقي
وَما كنتُ ممّنْ يَدْخُلُ العِشْقُ قلبَه
- وَلكِنّ مَن يُبصِرْ جفونَكِ يَعشَقِ
وَبينَ الرّضَى وَالسُّخطِ وَالقُرْبِ وَالنَّوَى
- مَجَالٌ لِدَمْعِ المُقْلَةِ المُتَرَقرِقِ
وَأحلى الهَوَى ما شكّ في الوَصْلِ رَبُّهُ
- وَفي الهجرِ فهوَ الدّهرَ يَرْجو وَيَتّقي
وَغضْبَى من الإدلالِ سكرَى من الصّبى
- شَفَعْتُ إلَيها مِنْ شَبَابي برَيِّقِ
وَأشنَبَ مَعْسُولِ الثّنِيّاتِ وَاضِحٍ
- سَتَرْتُ فَمي عَنهُ فَقَبّلَ مَفْرِقي
وَأجيادِ غِزْلانٍ كجيدِكِ زُرْنَني
- فَلَمْ أتَبَيّنْ عاطِلاً مِنْ مُطَوَّقِ
وَما كلّ مَن يهوَى يَعِفّ إذا خَلا
- عَفَافي وَيُرْضي الحِبّ وَالخَيلُ تلتقي
سَقَى الله أيّامَ الصّبَى ما يَسُرّهَا
- وَيَفْعَلُ فِعْلَ البَابِليّ المُعَتَّقِ
إذا ما لَبِسْتَ الدّهْرَ مُستَمتِعاً بِهِ
- تَخَرّقْتَ وَالمَلْبُوسُ لم يَتَخَرّقِ
وَلم أرَ كالألحَاظِ يَوْمَ رَحِيلِهِمْ
- بَعثنَ بكلّ القتل من كلّ مُشفِقِ
أدَرْنَ عُيُوناً حائِراتٍ كأنّهَا
- مُرَكَّبَةٌ أحْداقُهَا فَوْقَ زِئْبِقِ
عَشِيّةَ يَعْدُونَا عَنِ النّظَرِ البُكَا
- وَعن لذّةِ التّوْديعِ خوْفُ التّفَرّقِ
نُوَدّعُهُمْ وَالبَيْنُ فينَا كأنّهُ
- قَنَا ابنِ أبي الهَيْجاءِ في قلبِ فَيلَقِ
قَوَاضٍ مَوَاضٍ نَسجُ داوُدَ عندَها
- إذا وَقَعَتْ فيهِ كنَسْجِ الخدَرْنَقِ
هَوَادٍ لأمْلاكِ الجُيُوشِ كأنّهَا
- تَخَيَّرُ أرْوَاحَ الكُمَاةِ وتَنْتَقي
تَقُدّ عَلَيْهِمْ كلَّ دِرْعٍ وَجَوْشنٍ
- وَتَفري إليهِمْ كلَّ سورٍ وَخَندَقِ
يُغِيرُ بهَا بَينَ اللُّقَانِ وَوَاسِطٍ
- وَيَرْكُزُهَا بَينَ الفُراتِ وَجِلّقِ
وَيَرْجِعُهَا حُمْراً كأنّ صَحيحَهَا
- يُبَكّي دَماً مِنْ رَحمَةِ المُتَدَقِّقِ
فَلا تُبْلِغَاهُ ما أقُولُ فإنّهُ
- شُجاعٌ متى يُذكَرْ لهُ الطّعنُ يَشْتَقِ
ضَرُوبٌ بأطرافِ السّيُوفِ بَنانُهُ
- لَعُوبٌ بأطْرافِ الكَلامِ المُشَقَّقِ
كسَائِلِهِ مَنْ يَسألُ الغَيثَ قَطرَةً
- كعاذِلِهِ مَنْ قالَ للفَلَكِ ارْفُقِ
لقد جُدْتَ حتى جُدْتَ في كلّ مِلّةٍ
- وحتى أتاكَ الحَمدُ من كلّ مَنطِقِ
رَأى مَلِكُ الرّومِ ارْتياحَكَ للنّدَى
- فَقامَ مَقَامَ المُجْتَدي المُتَمَلِّقِ
وخَلّى الرّماحَ السّمْهَرِيّةَ صاغِراً
- لأدْرَبَ منهُ بالطّعانِ وَأحْذَقِ
وكاتَبَ مِن أرْضٍ بَعيدٍ مَرامُهَا
- قَريبٍ على خَيْلٍ حَوَالَيكَ سُبّقِ
وَقَد سارَ في مَسراكَ مِنها رَسُولُهُ
- فَمَا سارَ إلاّ فَوْقَ هامٍ مُفَلَّقِ
فَلَمّا دَنَا أخْفَى عَلَيْهِ مَكانَهُ
- شُعَاعُ الحَديدِ البارِقِ المُتَألّقِ
وَأقْبَلَ يَمشِي في البِساطِ فَما درَى
- إلى البَحرِ يَسعى أمْ إلى البَدْرِ يرْتَقي
ولَمْ يَثْنِكَ الأعْداءُ عَنْ مُهَجاتِهمْ
- بمِثْلِ خُضُوعٍ في كَلامٍ مُنَمَّقِ
وَكُنْتَ إذا كاتَبْتَهُ قَبْلَ هذِهِ
- كَتَبْتَ إليْهِ في قَذالِ الدّمُسْتُقِ
فإنْ تُعْطِهِ مِنْكَ الأمانَ فَسائِلٌ
- وَإنْ تُعْطِهِ حَدّ الحُسامِ فأخلِقِ
وَهَلْ تَرَكَ البِيضُ الصّوارِمُ منهُمُ
- حَبِيساً لِفَادٍ أوْ رَقيقاً لمُعْتِقِ
لَقَد وَرَدوا وِرْدَ القَطَا شَفَرَاتِهَا
- وَمَرّوا عَلَيْها رَزْدَقاً بعدَ رَزْدَقِ
بَلَغْتُ بسَيْفِ الدّوْلَةِ النّورِ رُتْبَةً
- أنَرْتُ بها مَا بَينَ غَرْبٍ وَمَشرِقِ
إذا شاءَ أنْ يَلْهُو بلِحيَةِ أحْمَقٍ
- أراهُ غُبَاري ثمّ قالَ لَهُ الحَقِ
وَما كمَدُ الحُسّادِ شيءٌ قَصَدْتُهُ
- وَلكِنّهُ مَن يَزْحَمِ البَحرَ يَغرَقِ
وَيَمْتَحِنُ النّاسَ الأميرُ برَأيِهِ
- وَيُغضِي على عِلْمٍ بكُلّ مُمَخْرِقِ
وَإطراقُ طَرْفِ العَينِ لَيسَ بنافعٍ
- إذا كانَ طَرْفُ القلبِ ليسَ بمطرِقِ
فيا أيّها المَطلوبُ جاوِرْهُ تَمْتَنِعْ
- وَيا أيّهَا المَحْرُومُ يَمِّمْهُ تُرْزَقِ
وَيا أجبنَ الفُرْسانِ صاحِبْهُ تجترىءْ
- ويا أشجَعَ الشجعانِ فارِقْهُ تَفْرَقِ
إذا سَعَتِ الأعْداءُ في كَيْدِ مجْدِهِ
- سعى جَدُّهُ في كيدهم سعيَ مُحْنَقِ
وَما ينصُرُ الفضْلُ المُبينُ على العدَى
- إذا لم يكُنْ فضْلَ السّعيدِ المُوَفَّق
قصيدة قلبي يحدثني بأنّك متلِفي
قلْبي يُحدّثُني بأنّكَ مُتلِفي،
- روحي فداكَ عرفتَ أمْ لمْ تعرفِ
لم أقضِ حقَّ هَوَاكَ إن كُنتُ الذي
- لم أقضِ فيهِ أسى ً، ومِثلي مَن يَفي
ما لي سِوى روحي، وباذِلُ نفسِهِ،
- في حبِّ منْ يهواهُ ليسَ بمسرفِ
فَلَئنْ رَضيتَ بها، فقد أسْعَفْتَني؛
- يا خيبة َ المسعى إذا لمْ تسعفِ
يا مانِعي طيبَ المَنامِ، ومانحي
- ثوبَ السِّقامِ بهِ ووجدي المتلفِ
عَطفاً على رمَقي، وما أبْقَيْتَ لي
- منْ جِسميَ المُضْنى، وقلبي المُدنَفِ
فالوَجْدُ باقٍ، والوِصالُ مُماطِلي،
- والصّبرُ فانٍ، واللّقاءُ مُسَوّفي
لم أخلُ من حَسدٍ عليكَ، فلا تُضعْ
- سَهَري بتَشنيعِ الخَيالِ المُرْجِفِ
واسألْ نُجومَ اللّيلِ: هل زارَ الكَرَى
- جَفني، وكيفَ يزورُ مَن لم يَعرِفِ؟
لا غَروَ إنْ شَحّتْ بِغُمضِ جُفونها
- عيني وسحَّتْ بالدُّموعِ الدُّرَّفِ
وبما جرى في موقفِ التَّوديعِ منْ
- ألمِ النّوى، شاهَدتُ هَولَ المَوقِفِ
إن لم يكُنْ وَصْلٌ لَدَيكَ، فَعِدْ بهِ
- أملي وماطلْ إنْ وعدتَ ولاتفي
فالمطلُ منكَ لديَّ إنْ عزَّ الوفا
- يحلو كوصلٍ منْ حبيبٍ مسعفِ
أهفو لأنفاسِ النَّسيمِ تعلَّة ً
- ولوجهِ منْ نقلتْ شذاهُ تشوُّفي
فلَعَلَ نارَ جَوانحي بهُبوبِها
- أنْ تَنطَفي، وأوَدّ أن لا تنطَفي
يا أهلَ ودِّي أنتمُ أملي ومنْ
- ناداكُمُ يا أهْلَ وُدّي قد كُفي
عُودوا لَما كُنتمْ عليهِ منَ الوَفا،
- كرماً فإنِّي ذلكَ الخلُّ الوفي
وحياتكمْ وحياتكمْ قسماً وفي
- عُمري، بغيرِ حياتِكُمْ، لم أحْلِفِ
لوْ أنَّ روحي في يدي ووهبتها
- لمُبَشّري بِقَدومِكُمْ، لم أنصفِ
لا تحسبوني في الهوى متصنِّعاً
- كلفي بكمْ خلقٌ بغيرِ تكلُّفِ
أخفيتُ حبَّكمُ فأخفاني أسى ً
- حتى، لعَمري، كِدتُ عني أختَفي
وكَتَمْتُهُ عَنّي، فلو أبدَيْتُهُ
- لَوَجَدْتُهُ أخفى منَ اللُّطْفِ الخَفي
ولقد أقولُ لِمن تَحَرّشَ بالهَوَى:
- عرَّضتَ نفسكَ للبلا فاستهدفِ
أنتَ القتيلُ بأيِّ منْ أحببتهُ
- فاخترْ لنفسكَ في الهوى منْ تصطفي
قلْ للعذولِ أطلتَ لومي طامعاً
- أنَّ الملامَ عنِ الهوى مستوقفي
دعْ عنكَ تعنيفي وذقْ طعمَ الهوى
- فإذا عشقتَ فبعدَ ذلكَ عنِّفِ
بَرَحَ الخَفاءَ بحُبّ مَن لو، في الدّجى
- سفرَ الِّلثامَ لقلتُ يا بدرُ اختفِ
وإن اكتفى غَيْري بِطيفِ خَيالِهِ،
- فأنا الَّذي بوصالهِ لا أكتفي
وَقْفاً عَلَيْهِ مَحَبّتي، ولِمِحنَتي،
- بأقَلّ مِنْ تَلَفي بِهِ، لا أشْتَفي
وهَواهُ، وهوَ أليّتي، وكَفَى بِهِ
- قَسَماً، أكادُ أُجِلّهُ كالمُصْحَفِ
لوْ قالَ تِيهاً: قِفْ على جَمْرِ الغَضا
- لوقفتُ ممتثلاً ولمْ أتوقفِ
أوْ كانَ مَنْ يَرْضَى، بخدّي، موطِئاً
- لوضعتهُ أرضاً ولمْ أستنكفِ
لا تنكروا شغفي بما يرضى وإنْ
- هوَ بالوصالِ عليَّ لمْ يتعطَّفِ
غَلَبَ الهوى، فأطَعتُ أمرَ صَبابَتي
- منْ حيثُ فيهِ عصيتُ نهيَ معنِّفي
مني لَهُ ذُلّ الخَضوع، ومنهُ لي
- عزُّ المنوعِ وقوَّة ُ المستضعفِ
ألِفَ الصّدودَ، ولي فؤادٌ لم يَزلْ،
- مُذْ كُنْتُ، غيرَ وِدادِهِ لم يألَفِ
ياما أميلحَ كلَّ ما يرضى بهِ
- ورضابهُ ياما أحيلاهُ بفي
لوْ أسمعوا يعقوبَ ذكرَ ملاحة ٍ
- في وجههِ نسيَ الجمالَ اليوسفي
أوْ لوْ رآهُ عائداً أيُّوبُ في
- سِنَة ِ الكَرَى، قِدماً، من البَلوَى شُفي
كلُّ البدورِ إذا تجلَّى مقبلاً
- ، تَصبُو إلَيهِ، وكُلُّ قَدٍّ أهيَفِ
إنْ قُلْتُ: عِندي فيكَ كل صَبابة ٍ؛
- قالَ:المَلاحة ُ لي، وكُلُّ الحُسْنِ في
كَمَلتْ مَحاسِنُهُ، فلو أهدى السّنا
- للبدرِ عندَ تمامهِ لمْ يخسفِ
وعلى تَفَنُّنِ واصِفيهِ بِحُسْنِهِ،
- يَفْنى الزّمانُ، وفيهِ ما لم يُوصَفِ
ولقدْ صرفتُ لحبِّهِ كلِّي على
- يدِ حسنهِ فحمدتُ حسنَ تصرُّفي
فالعينُ تهوى صورة َ الحسنِ الَّتي
- روحي بها تصبو إلى معنى ً خفي
أسْعِدْ أُخَيَّ، وغنِّ لي بِحَديثِهِ،
- وانثُرْ على سَمْعي حِلاهُ، وشَنِّفِ
لأرى بعينِ السّمعِ شاهِدَ حسْنِهِ
- معنى ً فأتحفني بذاكَ وشرِّفِ
يا أختَ سعدٍ منْ حبيبي جئتني
- بِرسالَة ٍ أدّيْتِها بتَلَطّفِ
فسمعتُ مالمْ تسمعي ونظرتُ ما
- لمْ تنظري وعرفتُ مالمْ تعرفي
إنْ زارَ، يوماً ياحَشايَ تَقَطَّعي،
- كَلَفاً بهِ، أو سارَ، يا عينُ اذرِفي
ما للنّوى ذّنْبٌ، ومَنْ أهوى مَعي،
- إنْ غابَ عنْ إنسانِ عيني فهوَ في
قصيدة إنها تثلج نساءً
- إنها تثلج نساءً..
- أنزع معطف المطر الذي أرتديه،
- وأقفل مظلتي،
- وأتركهن يتساقطن على جسدي
- واحدةً.. واحدة
- ثماراً من النار
- وعصافير من الذهب.
- إنها تثلج نساءً..
- أفتح جميع أزرار قميصي
- وأتركهن يتزحلقن على هضابي
- ويغتسلن بمياهي
- ويرقصن في غاباتي
- وينمن في آخر الليل كالطيور فوق أشجاري..
- أخرج كالطفل إلى الحديقة
- وأتركهن يكرجن كاللآلئ على جبيني
- إمرأةً.. امرأة
- ولؤلؤةً.. لؤلؤة..
- أحملهن كالثلج على راحة يدي
- وأخاف عليهن أن يذبن كالثلج بين أصابعي
- من حرارة العشق.
- إنها تثلج نساءً..
- البوادي تخرج.. والحواضر تخرج
- الأغنياء يخرجون.. والفقراء يخرجون
- واحدٌ يحمل بارودة صيد
- وواحدٌ يحمل صنارة سمك
- وواحدٌ يحمل بطحة عرق
- وواحدٌ يحمل مخدةً وسريرا..
- إنها تثلج نساءً..
- والوطن كله مستنفرٌ للهجوم على اللون الأبيض
- وواحدٌ يريد أن يتزوج الثلج..
- وواحدٌ يريد أن يأكله..
- وواحدٌ يريد أن يأخذه لبيت الطاعة..
- وواحدٌ يسحب دفتر شيكاته من جيبه
- ليشتري أي نهدٍ أشقر يسقط من السماء
- كي يجعله ديكوراً في حجرة نومه....
- يسمع الثلج قرع الطبول، وخشخشة السلاسل
- ويرى بريق الخناجر، والتماع الأنياب
- يخاف الثلج على عذريته..
- ويقرر أن يسقط في بلادٍ أخرى...
- يسمع الثلج قرع الطبول، وخشخشة السلاسل
- ويرى بريق الخناجر، والتماع الأنياب
- يخاف الثلج على عذريته..
- فيحزم حقيبته،
- ويقرر أن يسقط في بلادٍ أخرى...
قصيدة أثر الفراشة
- أَثر الفراشة
- أَثر الفراشة لا يُرَى
- أَثر الفراشة لا يزولُ
- هو جاذبيّةُ غامضٍ
- يستدرج المعنى، ويرحلُ
- حين يتَّضحُ السبيلُ
- هو خفَّةُ الأبديِّ في اليوميّ
- أشواقٌ إلى أَعلى
- وإشراقٌ جميلُ
- هو شامَةٌ في الضوء تومئ
- حين يرشدنا إلى الكلماتِ
- باطننا الدليلُ
- هو مثل أُغنية تحاولُ
- أن تقول، وتكتفي
- بالاقتباس من الظلالِ
- ولا تقولُ…
- أَثرُ الفراشة لا يُرَى
- أُثرُ الفراشة لا يزولُ!
قصيدة تجلد للرحيل فما استطاعا
تَجَلَّدَ لِلرَحيلِ فَما اِستَطاعا
- وَداعاً جَنَّةَ الدُنيا وَداعا
عَسى الأَيّامُ تَجمَعُني فَإِنّي
- أَرى العَيشَ اِفتِراقاً وَاِجتِماعا
أَلا لَيتَ البِلادَ لَها قُلوبُ
- كَما لِلناسِ تَنفَطِرُ اِلتِياعا
وَلَيتَ لَدى فُروقٍ بَعضَ بَثّي
- وَما فَعَلَ الفُراقُ غَداةَ راعا
أَما وَاللَهِ لَو عَلِمَت مَكاني
- لَأَنطَقَتِ المَآذِنَ وَالقِلاعا
حَوَت رِقَّ القَواضِبِ وَالعَوالي
- فَلَمّا ضُفتُها حَوَتِ اليَراعا
سَأَلتُ القَلبَ عَن تِلكَ اللَيالي
- أَكُنُّ لَيالِياً أَم كُنَّ ساعا
فَقالَ القَلبُ بَل مَرَّت عِجالاً
- كَدَقّاتي لِذِكراها سِراعا
أَدارَ مُحَمَّدٍ وَتُراثُ عيسى
- لَقَد رَضِياكِ بينَهُما مَشاعا
فَهَل نَبَذَ التَعصُّبُ فيكِ قَومٌ
- يَمُدُّ الجَهلُ بَينَهُمُ النِزاعا
أَرى الرَحمَنَ حَصَّنَ مَسجِدَيهِ
- بِأَطوَلِ حائِطٍ مِنكِ اِمتِناعا
فَكُنتِ لِبَيتِهِ المَحجوجِ رُكناً
- وَكُنتِ لِبَيتِهِ الأَقصى سِطاعا
هَواؤُكِ وَالعُيونُ مُفَجَّراتٌ
- كَفى بِهِما مِنَ الدُنيا مَتاعا
وَشَمسُكِ كُلَّما طَلَعَت بِأُفقٍ
- تَخَطَّرَتِ الحَياةُ بِهِ شُعاعا
وَغيدُكِ هُنَّ فَوقَ الأَرضِ حورٌ
- أَوانِسُ لا نِقابَ وَلا قِناعا
حَوالى لُجَّةٍ مِن لازَوَردٍ
- تَعالى اللَهُ خَلقاً وَاِبتِداعا
يَروحُ لُجَينُها الجاري وَيَغدو
- عَلى الفِردَوسِ آكاماً وَقاعا