محتويات
الرضاعة الطبيعية
يعدّ حليب الأم الغذاء المثالي للطفل منذ لحظة ولادته، ويتكوّن على عدة مراحل؛ كلّ منها ملائم لمرحلة معيّنة من عمر الطفل، فيبدأ حليب الأم بكمية صغيرة من حليب اللبأ يحتاجها الطفل في الأيام الأولى من حياته، وهو مزيج من الفيتامينات، والمعادن، والبروتينات المهمّة، لتحفيز الطفل على محاربة أنواع العدوى المختلفة، كما قد يُحفِّز إنتاج الأجسام المضادة لديه، بالإضافة إلى ذلك؛ فإنَّه يغلِّف الأمعاء في جسم الطفل، ويقيه من الاضطرابات الهضمية وردود الفعل التحسُّسية، كما يحمي الجهاز المناعي غير الناضج لديه، ويُحفَّز الحركة الإخراجية الأولى، ويُقلَّل من خطر الإصابة باليرقان.
ثمّ تبدأ الأم بإنتاج الحليب الانتقالي خلال عدّة أيام، الذي يحتوي على كميات أكبر من السعرات الحرارية، والدهون، واللاكتوز، وكميّات أقل من البروتينات والغلوبيولين المناعي، وبعدها يبدأ الحليب الناضج بالظهور خلال عشرة أيّام إلى أسبوعين بعد الولادة، الذي يحتوي على جميع المواد الغذائية والدهون التي يحتاجها الرضيع لكي ينمو.[١]
تنصح منظمة الصحة العالمية بإرضاع الأطفال من الأم فقط خلال الأشهر الستّة الأولى من حياتهم، والاستمرار بالرّضاعة بالتزامن مع أنواع الطعام الملائمة الأخرى حتّى عمر السنتين، ويحتاج الأطفال المولدون حديثًا إلى الرّضاعة 8-12 مرّةً يوميًا خلال الشهر الأول من حياتهم، كما يحتاج الأطفال الذين يرضعون رضاعةً طبيعيّةً إلى عدد مرات إرضاع أكثر من الأطفال الذين يعتمدون على الحليب الصناعي، لأنَّ حليب الأم سهل الهضم أكثر من الحليب الصناعي، بالتّالي ينتقل بسرعة خلال الجهاز الهضمي، فيجوع الطّفل سريعًا.[٢][٣]
الآثار الإيجابية للرضاعة على الأم
تمتاز الرضاعة الطبيعية بالعديد من الفوائد للأم والطفل، ويمكن بيان فوائد الرضاعة الطّبيعية للأم على النّحو الآتي:[٤]
- تحقيق الرضا العاطفي: تُحفَّز الرضاعة الطبيعية العديد من المشاعر الإيجابية عند الأم نتيجة التواصل العاطفي والجسدي مع أطفالهم أثناء الرضاعة، بالإضافة إلى تحفيز الرضاعة إفراز عدد من الهرمونات في جسم الأم، منها؛ هرمون البرولاكتين المعروف بهرمون الحليب، الذي يساعد على الشعور بالاسترخاء والسلام والتركيز مع الطفل، بالإضافة إلى هرمون الأوكسيتوسين الذي يُعزِّز الإحساس بالحبّ بين الأم وطفلها.
- التعافي السريع: تتعافى الأمهات اللواتي يلجأن إلى الرضّاعة الطبيعية أسرع من الأمهات الأخريات؛ إذ يقلِّل هرمون الأوكسيتوسين من نزيف ما بعد الولادة، ويحفِّز انقباض الرحم وعودته إلى حجمة الطبيعي بسرعة أكبر.
- التقليل من خطر الإصابة بالعديد من الأمراض: وُجِدَ أنَّ الرضاعة الطبيعية تقلِّل من خطر الإصابة بالعديد من الاضطرابات الصحيّة مثل؛ التهاب المفاصل الروماتويدي، والنوع الثاني من داء السكري، بالإضافة إلى ارتفاع مستوى الكوليسترول في الدم، وارتفاع ضغط الدم، وغيرها من أمراض القلب.
- المباعدة بين الأحمال: تُعد الرضاعة الطبيعية من وسائل منع الحمل؛ إذ إنَّها تسِّبب تأخير عودة فترات الحيض الشهريّة للمرأة.
- التقليل من خطر الإصابة بالسرطانات: وُجِدَ أنَّ الرضاعة الطبيعية، قد تُساعد على التقليل من خطر الإصابة ببعض أنواع السرطانات؛ كسرطان المبيض، وسرطان الثدي.
- تساعد على فقدان الوزن: بالرّغم من أنّ بعض النساء يكتسبن وزنًا إضافيًا أثناء الرضاعة الطّبيعية، يبدو أنّ أخريات يفقدن الوزن دون تعب، وبالرّغم من أنّ الرضاعة الطبيعية تزيد من احتياجات الطاقة لدى الأم بحوالي 500 سعرة حرارية في اليوم، لإنتاج الحليب للطفل؛ إلّا أنّ توازن الهرمونات في الجسم، يختلف تمامًا عن المعدّل الطبيعي، وبسبب هذه التغيّرات الهرمونيّة، فإنّ النساء المرضعات قد تزداد لديهن الشهيّة، وقد يصبحن أكثر عرضةً لتخزين الدهون لإنتاج الحليب، كما أنّه خلال الأشهر الثلاثة الأولى بعد الولادة قد تفقد الأمهات المرضعات وزنًا أقلّ من النساء اللواتي لا يرضعن رضاعة طبيعية، وفي بعض الحالات قد يزيد وزنهن، إلّا أنّه بعد 3 أشهر من الرضاعة الطبيعية من المحتمل أن يزيد معدل حرق الدهون لديهنّ، ومع حلول 3-6 أشهر بعد الولادة تبيّن أنّ النساء اللواتي يرضعن أطفالهن رضاعةً طبيعيّةً يفقدن وزنًا أكبر من النساء اللواتي لا يرضعن؛ إلّا أنّ النظام الغذائي، وممارسة التمارين الرياضية، من أهم العوامل التي تحدّد مقدار الوزن الذي ستفقده السيدة بعد الولادة، سواءً كانت مرضعًا أم لا.[٥]
- التقليل من خطر الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة: يكون ذلك بزيادة تركيز هرمون الأوكسيتوسين في الجسم، وأظهرت إحدى الدّراسات أنَّ معدّل إهمال الأطفال والإساءة إليهم، أعلى بثلاثة أضعاف لدى الأمهات اللواتي يعتمدن على الحليب الصناعي.[٥][٦]
- المحافظة على الوقت والمال: لا تحتاج الرضاعة الطبيعية إلى شراء أي حليب أو معدات، كما أنَّها لا تتطلب العناية بعبوات الرضاعة، ولا تعقيمها.[٥]
- تساعد على تقليص حجم الرحم: أثناء الحمل ينمو الرحم كثيرًا ليتّسع الجنين المتنامي، ويمتدّ حجمه من حجم الإجاص ليملأ المساحة الكاملة في البطن تقريبًا، وبعد الولادة يخضع الرّحم لعملية تسمّى النكوص أو الأوب، وتساعد هذه العملية على عودة الرّحم إلى حجمه السابق، بمساعدة هرمون الأوكسيتوسين؛ وهو هرمون تزداد مستوياته طيلة فترة الحمل، ويفرز الأوكسيتوسين بكميات كبيرة أثناء الولادة للمساعدة على ولادة الطفل وتقليل النزيف، كما يزيد هذا الهرمون أيضًا خلال الرضاعة؛ إذ إنّه يشجّع تقلصات الرحم ويقلل من النزيف، ممّا يساعد على عودة الرحم إلى حجمه السابق، فوجِدَ أنّ الأمهات اللواتي يرضعنّ أطفالهنّ رضاعةً طبيعيّةً، يحدث لديهن نزيف أقلّ بعد الولادة وتقلّص أسرع للرّحم.[٥][٧]
أثر الرضاعة الطبيعية على الطفل
إنّ الرضاعة الطبيعية طريقة مثالية لتزويد الطفل بما يحتاجه من العناصر الغذائية المهمة لنموّه وتطوره، فحليب الأم يعدّ الغذاء الأفضل للأطفال؛ إذ إنّ له القدرة على تلبية احتياجات الطفل المتغيرة، فعندما يرضع الطفل يتفاعل اللعاب الموجود في فمه مع حلمات الأم معطيًا إشارات مهمة لجسم المرأة حول صحة الطفل ونموه، ممّا يُؤدي إلى تغيير في تركيبة حليب الأم، وكميته أحيانًا بما يتناسب مع احتياجات الطفل، كما تُساعد الرضاعة الطبيعية على تقليل خطر الإصابة بالعديد من الأمراض مثل:[٨]
- التهاب معوي قزلزني ناخر؛ وهو أحد أمراض المعدة القاتلة التي تصيب الأطفال الخدج.
- التهابات الأذن.
- نزلات البرد والتهابات الجهاز التنفسي.
- متلازمة موت الرضيع المفاجئ.
- مشكلات في المعدة، مثل؛ الإسهال، والتقيّؤ.
- الأكزيما.
الاضطرابات المرتبطة بالرضاعة الطبيعية
تظهر العديد من الاضطرابات المرتبطة بالرضاعة الطبيعية خلال الأسابيع الأولى من الرضاعة، وتسبِّب هذه الاضطرابات الشعور بالألم وعدم الارتياح للأم، بالإضافة إلى عدم ارتياح الرضيع وتهيّجه، ويمكن بيان بعض من الاضطرابات المتعلقة بالرضاعة الطبيعية على النّحو الآتي:[٩]
- التهاب الحلمات: يُعدّ ألم الحلمات -خصوصًا عند الضغط عليها- في الأسابيع الأولى بعد الولادة أمرًا طبيعيًا، في حين يستدعي تشقُّقها أو نزيفها مراجعة الطبيب؛ إلّا أنّه من الضروريّ الاستمرار بالرضاعة الطبيعية في حال الإصابة بالتهاب الحلمات وتلقّي العلاج المناسب.
- انسداد قنوات الحليب: ينتج انسداد قنوات الحليب عن تكوّن كتل صلبة صغيرة من الحليب، ممّا يُؤدي إلى تورُّم المنطقة واحمرارها، بالإضافة إلى الشعور بالألم عند الضغط عليها، ومن الجدير بالذكر أنَّها تختفي من تلقاء نفسها خلال عدة أيام غالبًا.
- احتقان الثدي: يُسبِّب احتقان الثدي شعور الأم بالألم، بالإضافة إلى التسبُّب بزيادة صعوبة إمساك الطفل لثدي الأم الكبير والقاسي، ومن الجدير بالذكر أنَّ هذه المرحلة تستمرّ حتى يتكيَّف جسم الأم مع حاجات الطفل للحليب خلال عدّة أيام أو أسابيع.
- التهاب الثدي: يُسبِّب احتقان الثدي أو انسداد قنوات الحليب أو الإعياء أو غيرها من العوامل الإصابة بالتهاب الثدي المُسبِّب لاحمرار الثدي والشعور بالألم عند الضغط عليه، بالإضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة، وظهور أعراض شبيهة بأعراض الإنفلونزا.
- القلاع: يعدّ القلاع أحد أنواع العدوى الفطرية التي تظهر على ثدي الأم وفم الطفل بالتزامن، وتُسبِّب هذه العدوى الشعور بالحكّة في الحلمات، وألم الصدر واحمراره، وقد يكون ذلك مصحوبًا بالطفح الجلدي، واحمرار فم الطفل أو ظهور بقع بيضاء داخله.
- زيادة إنتاج الحليب أو انخفاضه: يُسبِّب كلاهما العديد من الاضطرابات الصحية، كما أنَّه يسهل تحديد أسباب قلة إنتاج الحليب ومعالجتها.
المراجع
- ↑ "Breastfeeding: Basics and Tips for Nursing Your Baby", www.whattoexpect.com,8-12-2017، Retrieved 8-7-2019. Edited.
- ↑ "Breastfeeding", www.who.int, Retrieved 8-7-2019. Edited.
- ↑ Elana Pearl Ben-Joseph, "Breastfeeding FAQs: How Much and How Often"، kidshealth.org, Retrieved 8-7-2019. Edited.
- ↑ "Benefits of Breastfeeding for Mom", www.healthychildren.org,25-7-2016، Retrieved 8-7-2019. Edited.
- ^ أ ب ت ث Adda Bjarnadottir (1-6-2017), "11 Benefits of Breastfeeding for Both Mom and Baby"، www.healthline.com, Retrieved 8-7-2019. Edited.
- ↑ Strathearn L, Mamun AA, Najman JM, (2-2009), "Does breastfeeding protect against substantiated child abuse and neglect? A 15-year cohort study."، ncbi, Retrieved 8-7-2019. Edited.
- ↑ Negishi H1, Kishida T, Yamada H (11-1999), "Changes in uterine size after vaginal delivery and cesarean section determined by vaginal sonography in the puerperium."، ncbi, Retrieved 25-7-2019. Edited.
- ↑ Zawn Villines (20-8-2018), "What are the pros and cons of breastfeeding?"، medicalnewstoday, Retrieved 28-8-2019. Edited.
- ↑ Donna Murray (7-6-2019), "Common Breastfeeding Problems and Solutions"، www.verywellfamily.com, Retrieved 7-8-2019. Edited.