أجمل أبيات الشعر الحديث

كتابة:
أجمل أبيات الشعر الحديث

قصيدة: نهج البردة

قال الشاعر أحمد شوقي:[١]

ريمٌ عَلى القاعِ بَينَ البانِ وَالعَلَمِ

أَحَلَّ سَفكَ دَمي في الأَشهُرِ الحُرُمِ

لَمّا رَنا حَدَّثَتني النَفسُ قائِلَةً

يا وَيحَ جَنبِكَ بِالسَهمِ المُصيبِ رُمي

جَحَدتُها وَكَتَمتُ السَهمَ في كَبِدي

جُرحُ الأَحِبَّةِ عِندي غَيرُ ذي أَلمِ

يا لائِمي في هَواهُ وَالهَوى قَدَرٌ

لَو شَفَّكَ الوَجدُ لَم تَعذِل وَلَم تَلُمِ

لَقَد أَنَلتُكَ أُذنًا غَيرَ واعِيَةٍ

وَرُبَّ مُنتَصِتٍ وَالقَلبُ في صَمَمِ

يا ناعِسَ الطَرفِ لا ذُقتَ الهَوى أَبَدًا

أَسهَرتَ مُضناكَ في حِفظِ الهَوى فَنَمِ

يا نَفسُ دُنياكِ تُخفى كُلَّ مُبكِيَةٍ

وَإِن بَدا لَكِ مِنها حُسنُ مُبتَسَمِ

صَلاحُ أَمرِكَ لِلأَخلاقِ مَرجِعُهُ

فَقَوِّمِ النَفسَ بِالأَخلاقِ تَستَقِمِ

وَالنَفسُ مِن خَيرِها في خَيرِ عافِيَةٍ

وَالنَفسُ مِن شَرِّها في مَرتَعٍ وَخِمِ

إِن جَلَّ ذَنبي عَنِ الغُفرانِ لي أَمَلٌ

في الله يجعَلُني في خَيرِ مُعتَصِمِ

أَلقى رَجاي إِذا عَزَّ المُجيرُ عَلى

مُفَرِّجِ الكَرَبِ في الدارَينِ وَالغَمَمِ

إِذا خَفَضتُ جَناحَ الذُلِّ أَسأَلُهُ

عِزَّ الشَفاعَةِ لَم أَسأَل سِوى أُمَمِ

وَإِن تَقَدَّمَ ذو تَقوى بِصالِحَةٍ

قَدَّمتُ بَينَ يَدَيهِ عَبرَةَ النَدَمِ

لَزِمتُ بابَ أَميرِ الأَنبِياءِ وَمَن

يُمسِك بِمِفتاحِ بابِ الله يَغتَنِمِ

مُحَمَّدٌ صَفوَةُ الباري وَرَحمَتُهُ

وَبُغيَةُ الله مِن خَلقٍ وَمِن نَسَمِ

وَنودِيَ اِقرَأ تَعالى الله قائِلُها

لَم تَتَّصِل قَبلَ مَن قيلَت لَهُ بِفَمِ

هُناكَ أَذَّنَ لِلرَحَمَنِ فَامتَلَأَت

أَسماعُ مَكَّةَ مِن قُدسِيَّةِ النَغَمِ

سَرَت بَشائِرُ باِلهادي وَمَولِدِهِ

في الشَرقِ وَالغَربِ مَسرى النورِ في الظُلَمِ

أَتَيتَ وَالناسُ فَوضى لا تَمُرُّ بِهِم

إِلّا عَلى صَنَمٍ قَد هامَ في صَنَمِ

أَسرى بِكَ الله لَيلًا إِذ مَلائِكُهُ

وَالرُسلُ في المَسجِدِ الأَقصى عَلى قَدَمِ

لَمّا خَطَرتَ بِهِ اِلتَفّوا بِسَيِّدِهِم

كَالشُهبِ بِالبَدرِ أَو كَالجُندِ بِالعَلَمِ

صَلّى وَراءَكَ مِنهُم كُلُّ ذي خَطَرٍ

وَمَن يَفُز بِحَبيبِ الله يَأتَمِمِ

جُبتَ السَماواتِ أَو ما فَوقَهُنَّ بِهِم

عَلى مُنَوَّرَةٍ دُرِّيَّةِ اللُجُمِ

مَشيئَةُ الخالِقِ الباري وَصَنعَتُهُ

وَقُدرَةُ الله فَوقَ الشَكِّ وَالتُهَمِ

حَتّى بَلَغتَ سَماءً لا يُطارُ لَها

عَلى جَناحٍ وَلا يُسعى عَلى قَدَمِ

وَقيلَ كُلُّ نَبِيٍّ عِندَ رُتبَتِهِ

وَيا مُحَمَّدُ هَذا العَرشُ فَاِستَلِمِ

يا رَبِّ هَبَّت شُعوبٌ مِن مَنِيَّتِها

وَاستَيقَظَت أُمَمٌ مِن رَقدَةِ العَدَمِ


لقراءة المزيد من قصائد الشاعر، ننصحك بالاطّلاع على هذا المقال: أجمل ما قال أحمد شوقي.


قصيدة: إرادة الحياة

قال الشاعر أبو القاسم الشابّي:[٢]

إِذا الشَّعْبُ يومًا أرادَ الحياةَ

فلا بُدَّ أنْ يَسْتَجيبَ القدرْ

ولا بُدَّ للَّيْلِ أنْ ينجلي

ولا بُدَّ للقيدِ أن يَنْكَسِرْ

ومَن لم يعانقْهُ شَوْقُ الحياةِ

تَبَخَّرَ في جَوِّها واندَثَرْ

فويلٌ لمَنْ لم تَشُقْهُ الحياةُ

من صَفْعَةِ العَدَمِ المنتصرْ

كذلك قالتْ ليَ الكائناتُ

وحدَّثَني روحُها المُستَتِرْ

ودَمْدَمَتِ الرِّيحُ بَيْنَ الفِجاجِ

وفوقَ الجبالِ وتحتَ الشَّجرْ

إِذا مَا طَمحْتُ إلى غايةٍ

رَكِبتُ المنى ونَسيتُ الحَذرْ

ولم أتجنَّبْ وُعورَ الشِّعابِ

ولا كُبَّةَ اللَّهَبِ المُستَعِرْ

ومن لا يحبُّ صُعودَ الجبالِ

يَعِشْ أبَدَ الدَّهرِ بَيْنَ الحُفَرْ

فَعَجَّتْ بقلبي دماءُ الشَّبابِ

وضجَّت بصدري رياحٌ أُخَرْ

وأطرقتُ أُصغي لقصفِ الرُّعودِ

وعزفِ الرّياحِ وَوَقْعِ المَطَرْ

وقالتْ ليَ الأَرضُ لما سألتُ

أيا أمُّ هل تكرهينَ البَشَرْ

أُباركُ في النَّاسِ أهلَ الطُّموحِ

ومَن يَسْتَلِذُّ ركوبَ الخطرْ

وأَلعنُ مَنْ لا يماشي الزَّمانَ

ويقنعُ بالعيشِ عيشِ الحجرْ

هو الكونُ حيٌّ يحبُّ الحَيَاةَ

ويحتقرُ الميْتَ مهما كَبُرْ

فلا الأُفقُ يَحْضُنُ ميتَ الطُّيورِ

ولا النَّحْلُ يلثِمُ ميْتَ الزَّهَرْ

ولولا أُمومَةُ قلبي الرَّؤومُ لمَا

ضمَّتِ الميْتَ تِلْكَ الحُفَرْ

فويلٌ لمنْ لم تَشُقْهُ الحَيَاةُ

منْ لعنةِ العَدَمِ المنتصر

وفي ليلةٍ مِنْ ليالي الخريفِ

متقَّلةٍ بالأَسى والضَّجَرْ

سَكرتُ بها مِنْ ضياءِ النُّجومِ

وغنَّيْتُ للحُزْنِ حتَّى سَكِرْ

سألتُ الدُّجى هل تُعيدُ الحَيَاةُ

لما أذبلته ربيعَ العُمُرْ

فلم تَتَكَلَّمْ شِفاهُ الظَّلامِ ولمْ

تترنَّمْ عَذارَى السَّحَرْ

وقال لي الغابُ في رقَّةٍ

محبَّبَةٍ مثلَ خفْقِ الوترْ

يجيءُ الشِّتاءُ شتاءُ الضَّبابِ

شتاءُ الثّلوجِ شتاءُ المطرْ

فينطفئُ السِّحْرُ سحرُ الغُصونِ

وسحرُ الزُّهورِ وسحرُ الثَّمَرْ

قصيدة: عابرون في كلام عابر

قال الشاعر محمود درويش:[٣]

أيّها المارون بين الكلمات العابرة
احملوا أسماءكم وانصرفوا
واسحبوا ساعاتكم من وقتنا، وانصرفوا
وخذوا ما شئتم من زرقة البحر ورمل الذاكرة
وخذوا ما شئتم من صور، كي تعرفوا
أنّكم لن تعرفوا
كيف يبني حجر من أرضنا سقف السماء
أيُّها المارون بين الكلمات العابرة
منكم السيف ومنّا دمنا
منكم الفولاذ والنار ومنّا لحمنا
منكم دبابة أخرى ومنّا حجر
منكم قنبلة الغاز ومنّا المطر
وعلينا ما عليكم من سماء وهواء
فخذوا حصتكم من دمنا وانصرفوا
وادخلوا حفل عشاء راقص و انصرفوا
وعلينا نحن أن نحرس ورد الشهداء
وعلينا نحن أن نحيا كما نحن نشاء
أيها المارون بين الكلمات العابرة
كالغبار المرّ مروا أينما شئتم ولكن
لا تمرُّوا بيننا كالحشرات الطائرة
فلنا في أرضنا ما نعمل
ولنا قمح نربّيه ونسقيه ندى أجسادنا
ولنا ما ليس يرضيكم هنا
حجر أو خجل
فخذوا الماضي، إذا شئتم إلى سوق التحف
وأعيدوا الهيكل العظمي للهدهد، إن شئتم
على صحن خزف
لنا ما ليس يرضيكم، لنا المستقبل ولنا في أرضنا ما نعمل
أيها المارّون بين الكلمات العابرة
كدّسوا أوهامكم في حفرة مهجورة، وانصرفوا
وأعيدوا عقرب الوقت إلى شرعية العجل المقدس
أو إلى توقيت موسيقى مسدس
فلنا ما ليس يرضيكم هنا، فانصرفوا
ولنا ما ليس فيكم، وطن ينزف و شعب ينزف
وطنًا يصلح للنسيان أو للذاكرة
أيها المارون بين الكلمات العابرة
آن أن تنصرفوا
وتُقيموا أينما شئتم ولكن لا تُقيموا بيننا
آن أن تنصرفوا
ولتموتوا أينما شئتم ولكن لا تموتوا بيننا
فلنا في أرضنا مانعمل
ولنا الماضي هنا
ولنا صوت الحياة الأول
ولنا الحاضر، والحاضر، والمستقبل
ولنا الدنيا هنا والآخرة
فاخرجوا من أرضنا
من برّنا .. من بحرنا
من قمحنا .. من ملحنا .. من جرحنا
من كل شيء، واخرجوا
من مفردات الذاكرة
أيها المارون بين الكلمات العابرة


لقراءة المزيد من قصائد الشاعر، ننصحك بالاطّلاع على هذا المقال: أجمل قصائد محمود درويش.


قصيدة: أنشودة المطر

قال الشاعر بدر شاكر السياب:[٤]

عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السَّحر
أو شُرفتانِ راح ينأى عنهما القمر
عيناكِ حين تبسمان تورِقُ الكُروم
وترقصُ الأضواء كالأقمارِ في نهر
يرجُّه المجداف وهنًا ساعة السَّحر
كأنما تنبضُ في غوريهما النّجوم
أنشودة المطر
مطر .. مطر .. مطر
تثاءبَ المساء والغُيوم ما تزال
تسِح ما تسِح مِن دُموعِها الثقال
كأنَ أقواسَ السَّحاب تشرب الغُيوم
وقطرةً فقطرةً تذوبُ في المطر
وتغرقانِ في ضبابٍ مِن أسن شفيف
كالبحر سرَّح اليدين
فوقه المساء .. دفءُ الشِتاء
وارتِعاشةُ الخريف
ويهطُلُ المطر
مطر .. مطر .. مطر
أتعلمين
أيّ حُزنٍ يبعث المطر
وكيف يشعُرُ الوحيدُ فيه بالضَّياع
كأنَّ طِفلًا باتَ يهذي قبل أن ينام
بأن أُمَّه التي أفاقَ مُنذُ عام .. فلم يجدها
ثُم حين لجَّ في السؤال
قالوا له: بعدَ غدٍ تعود .. لا بُدَّ أن تعود
فتستفيقُ مِلءَ روحي نشوةُ البُكاء
ورعشةٌ وحشيةٌ تُعانِقُ السَّماء
كرعشةِ الطّفلِ إذا خافَ مِن القمر
مطر .. مطر .. مطر
ومُقلتاكِ بي تطيفانِ مع المطر
وعبرَ أمواجِ الخليج تمسح البُروق
شواطيءَ الخليج بالنَّجومِ والمحار
كأنها تهمُ بالشَّروق
أصيحُ بالخليج .. ياخليج
ويرجعُ الصَّدى كأنه النشيج
أصيحُ بالخليج
يا واهبَ الَّلؤلؤِ والمحارِ والرَّدى
وأسمع الصَّدى مِن لُجَّةِ القرار
وينثرُ الخليج مِن هِباتِه الكِثار
في كلِ قطرةٍ مِن المطر
هي ابتسامٌ في انتظارِ مبسمٍ جديد
أو حلمةٌ تورَّدت على فمِ الوليد
في كلِ قطرةٍ مِن المطر
في عالم الغدِ الفتي .. واهبِ الحياة
ويهطِلُ المطر


لقراءة المزيد من قصائد الشاعر، ننصحك بالاطّلاع على هذا المقال: أجمل ما كتب بدر شاكر السياب.


قصيدة: اللغة العربية

قال الشاعر حافظ إبراهيم:[٥]

رَجَعتُ لِنَفسي فَاتَّهَمتُ حَصاتي

وَنادَيتُ قَومي فَاِحتَسَبتُ حَياتي

رَمَوني بِعُقمٍ في الشَبابِ وَلَيتَني

عَقِمتُ فَلَم أَجزَع لِقَولِ عُداتي

وَلَدتُ وَلَمّا لَم أَجِد لِعَرائِسي

رِجالًا وَأَكفاءً وَأَدتُ بَناتي

وَسِعتُ كِتابَ الله لفظًا وَغايَةً

وَما ضِقتُ عَن آيٍ بِهِ وَعِظاتِ

فَكَيفَ أَضيقُ اليَومَ عَن وَصفِ آلَةٍ

وَتَنسيقِ أَسماءٍ لِمُختَرَعاتِ

أَنا البَحرُ في أَحشائِهِ الدُرُّ كامِنٌ

فَهَل سَأَلوا الغَوّاصَ عَن صَدَفاتي

فَيا وَيحَكُم أَبلى وَتَبلى مَحاسِني

وَمِنكُم وَإِن عَزَّ الدَواءُ أَساتي

فَلا تَكِلوني لِلزَمانِ فَإِنَّني

أَخافُ عَلَيكُم أَن تَحينَ وَفاتي

أَرى لِرِجالِ الغَربِ عِزًّا وَمَنعَةً

وَكَم عَزَّ أَقوامٌ بِعِزِّ لُغاتِ

أَتَوا أَهلَهُم بِالمُعجِزاتِ تَفَنُّنًا

فَيا لَيتَكُم تَأتونَ بِالكَلِماتِ

أَيُطرِبُكُم مِن جانِبِ الغَربِ ناعِبٌ

يُنادي بِوَأدي في رَبيعِ حَياتي

وَلَو تَزجُرونَ الطَيرَ يَومًا عَلِمتُمُ

بِما تَحتَهُ مِن عَثرَةٍ وَشَتاتِ

سَقى اللَهُ في بَطنِ الجَزيرَةِ أَعظُمًا

يَعِزُّ عَلَيها أَن تَلينَ قَناتي

حَفِظنَ وِدادي في البِلى وَحَفِظتُهُ

لَهُنَّ بِقَلبٍ دائِمِ الحَسَراتِ

وَفاخَرتُ أَهلَ الغَربِ وَالشَرقُ مُطرِقٌ

حَياءً بِتِلكَ الأَعظُمِ النَخِراتِ

أَرى كُلَّ يَومٍ بِالجَرائِدِ مَزلَقًا

مِنَ القَبرِ يُدنيني بِغَيرِ أَناةِ

وَأَسمَعُ لِلكُتّابِ في مِصرَ ضَجَّةً

فَأَعلَمُ أَنَّ الصائِحينَ نُعاتي

أَيَهجُرُني قَومي عَفا الله عَنهُمُ

إِلى لُغَةٍ لَم تَتَّصِلِ بِرُواةِ

سَرَت لوثَةُ الإِفرِنجِ فيها كما سَرى

لُعابُ الأَفاعي في مَسيلِ فُراتِ

فَجاءَت كَثَوبٍ ضَمَّ سَبعينَ رُقعَةً

مُشَكَّلَةَ الأَلوانِ مُختَلِفاتِ

إِلى مَعشَرِ الكُتّابِ وَالجَمعُ حافِلٌ

بَسَطتُ رَجائي بَعدَ بَسطِ شَكاتي

فَإِمّا حَياةٌ تَبعَثُ المَيتَ في البِلى

وَتُنبِتُ في تِلكَ الرُموسِ رُفاتي

وَإِمّا مَماتٌ لا قِيامَةَ بَعدَهُ

مَماتٌ لَعَمري لَم يُقَس بِمَماتِ

قصيدة: في أحضان الطبيعة

قالت الشاعرة نازك الملائكة:[٦]

أيها الشاعرون يا عاشقي النبـ
ـل وروح الخيال والأنغام
ابعدوا ابعدوا عن الحبّ وانجو
بأغانيكم من الآثام
اهربوا لا تدّنسوا عالم الفنّ
بهذي العواطف الآدميّة
احفظوا للفنون معبدها السا
مي وغنوا أنغامها القدسيّة
قد نعمتم من الحياة بأحلى
ما عليها وفزتم بجناها
يعمه الآخرون في ليلها الدا
جي وأنتم تحيون تحت سناها
اقنعوا باكتآبكم واعشقوا الفنّ
وعيشوا في عزلة الأنبياء
وغدا تهتف العصور بذكرا
كم وتحيون في رحاب السماء
اقنعوا من حياتكم بهوى الفنّ
وسحر الطبيعة المعبود
واحلموا بالطيور في ظلل الأغـ
ـصان بين التحليق والتغريد
اعشقوا الثلج في سفوح جبال الـ
أرض والورد في سفوح التلال
وأصيخوا لصوت قمريّة الحقـ
ـل تغني في داجيات الليالي
اجلسوا في ظلال صفصافة الوا
دي وأصغوا إلى خَرير الماء
واستمدّوا من نغمة المطر السا
قط أحلى الإلهام والإيحاء
وتغّنوا مع الرعاة إذا مرّ
وا على الكوخ بالقطيع الجميل
وأحبّوا النخيل والقمح والزهـ
ـر وهيموا في فاتنات الحقول
شجرات الصفصاف أجمل ظلًاّ
من ظلال القصور والشرفات
وغناء الرعاة أطهر لحنًا
من ضجيج الأبواق والعجلات
وعبير النارنج أحلى وأندى
من غبار المدينة المتراكم
وصفاء الحقول أوقع في النفـ
ـس من القتل والأذى والمآثم
وغرام الفراش بالزهر أسمى
من صبابات عاشق بشريّ
ونسيم القرى المغازل أوفى
لعهود الهوى من الآدميّ



قصيدة: موطني

قال الشاعر إبراهيم طوقان:[٧]

موطني الجَلالُ وَالجَمالُ
السَناءُ وَالبَهاءُ في رُباك
وَالحَياةُ وَالنَجاةُ
وَالهَناءُ وَالرَجاءُ في هَواك
هَل أَراك
سالمًا مُنعّمًا
وَغانِمًا مكرّمًا
هَل أَراك
في عُلاك
تبلغ السماك
موطِني
مَوطِني الشَباب لَن يَكلَّ
همُّهُ أَن تَستقلَّ أَو يَبيد
نَستَقي مِن الرَدى
وَلَن نَكون لِلعِدى كَالعَبيد
لا نُريد
ذلّنا المُؤبدا
وَعَيشنا المنكدا
لا نُريد
بَل نَعيد
مَجدَنا التَليد
مَوطني
مَوطِني الحسامُ وَاليَراعُ
لا الكَلامُ وَالنِزاع رَمزَنا
مَجدَنا وَعَهدنا
وَواجب إِلى الوفا يَهزُّنا
عِزُّنا
غايةٌ تشرّفُ
وَرايَةٌ تُرَفرفُ
يا هَناك
في عُلاك
قاهِرًا عِداك
مَوطِني

قصيدة: ملحمة النبي

قال الشاعر عمر أبو ريشة:[٨]

أيّ نجوى مخضلّة النّعماءِ

رددتها حناجر الصّحراءِ

سمعتها قريش فانتفضت غضبى

وضجّت مشبوبة الأهواءِ

ومشَتْ في حمى الضّلال إلى

الكعبة مشي الطريدة البلهاءِ

وارتمت خشعة على اللاّت

والعزّى وهزّت ركنيهما بالدّعاءِ

وبدت تنحر القرابين نحرًا

في هوى كلّ دمية صمّاءِ

وانثنت تضرب الرّمال اختيالًا

بخطى جاهلية عمياءِ

عَرْبِدي يا قريش وانغمسي ما

شئت في حمأة المنى النّكراءِ

لن تزيلي ما خطّه الله للأرض

وما صاغه لها من هناءِ

شاء أن ينبت النبوّة في القفر

ويلقي بالوحي من سيناءِ

فَسَلي الرّبْعَ ما لغربة عبد الله

تطوى جراحها في العزاءِ

ما لأقيال هاشم يخلع البشر

عليها مطارف الخيلاءِ

انظريها حول اليتيم فراشًا

هزجًا حول دافق لألاءِ

وأبو طالب على مذبح الأصنام

يزجي له ضحايا الفداءِ

هو ذا أحمد فيا منكب الغبراء

زاحم مناكب الجوزاءِ

بسم الطفل للحياة وفي جنْبَيه

سر الوديعة العصماءِ

هبّ من مَهْده وَدَبّ غريبَ

الدار في ظل خيمة دكناءِ

تتبارى حليمةٌ خلفه تعدو

وفي ثغرها افترار رضاءِ

عرفت فيه طلعة اليمن والخير

إذا أجدبت ربى البيداءِ

وتجلّى لها الفراق فأغضت

في ذهول وأجهشت بالبكاءِ

عاد للربع أين آمنةٌ

والحب والشوق في مجال اللقاءِ

ما ارتوت منه مقلة طالما شقت

عليه ستائر الظلماءِ

يا اعتداد الأيتام باليتم كفكف

بعده كل دمعة خرساءِ

أحمد شب يا قريش فتيهي

في الغوايات واسرحي في الشقاءِ

وانفضي الكفّ من فتى ما تردّى

برداء الأجداد والآباءِ

أنت سمّيته الأمين وضمخ

ـت بذكراه ندوة الشعراءِ

فدعي عمّه فما كان يغريه

بما في يديك من إغراءِ

جاءه متعب الخطى شارد الآمال

مابين خيبة ورجاءِ

قال هوّنْ عنك الأسى يا بن عبد

الله واحقنْ لنا كريم الدماءِ

لا تسفّه دنيا قريش تُبوّئكَ

من الملك ذروة العلياءِ

فبكى أحمد وما كان من يبكي

ولكنّها دموع الإباءِ

فلوى جيده وسار وئيدًا

ثابت العزم مُثقل الأعباءِ

وأتى طوده الموشّح بالنور

وأغفى في ظلّ غار حراء

قصيدة: قارئة الفنجان

قال الشاعر نزار قباني:[٩]

جلست والخوف بعينيها
تتأمل فنجاني المقلوب
قالت:
يا ولدي .. لا تحزن
فالحب عليك هو المكتوب
يا ولدي،
قد مات شهيدًا
من مات على دين المحبوب
فنجانك دنيا مرعبةٌ
وحياتك أسفارٌ وحروب
ستحبّ كثيرًا يا ولدي
وتموت كثيرًا يا ولدي
وستعشق كل نساء الأرض
وترجع كالملك المغلوب
بحياتك يا ولدي امرأةٌ
عيناها، سبحان المعبود
فمها مرسومٌ كالعنقود
ضحكتها موسيقى وورود
لكن سماءك ممطرةٌ
وطريقك مسدودٌ .. مسدود
فحبيبة قلبك يا ولدي
نائمةٌ في قصرٍ مرصود
والقصر كبيرٌ يا ولدي
وكلابٌ تحرسه وجنود
وأميرة قلبك نائمةٌ
من يدخل حجرتها .. مفقود
من يطلب يدها
من يدنو من سور حديقتها .. مفقود
من حاول فك ضفائرها
يا ولدي ..
مفقودٌ .. مفقود
بصرّتُ ونجّمتُ كثيرًا
لكني لم أقرأ أبدًا
فنجانًا يُشبه فنجانك
لم أعرف أبدًا يا ولدي
أحزانًا تشبه أحزانك
مقدورك أن تمشي أبدًا
في الحب على حد الخنجر
وتظل وحيدًا كالأصداف
وتظل حزينًا كالصفصاف
مقدورك أن تمضي أبدًا
في بحر الحب بغير قلوع
وتُحبّ ملايين المرات
وترجع كالملك المخلوع


لقراءة المزيد من قصائد الشاعر، ننصحك بالاطّلاع على هذا المقال: أبيات شعر نزار قباني عن الحب.

المراجع

  1. "نهج البردة"، ويكيبيديا، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-18.
  2. "إذا الشعب يومًا أراد الحياة"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-18.
  3. "قصيدة عابرون في كلام عابر"، أنفاس، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-19.
  4. "أنشودة المطر"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-19.
  5. "رجعت لنفسي فاتهمت حصاتي"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-19.
  6. "في أحضان الطبيعة"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-19.
  7. "موطني الجلال والجمال"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-19.
  8. "ملحمة النبي"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-19.
  9. "قصيدة قارئة الفنجان"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-19.
5473 مشاهدة
للأعلى للسفل
×