الضرورة الشرعية
أباحت الشريعة الإسلامية أمورًا وحرَّمت كذلك أمورًا وفرضت فرائض كذلك على الناس، فلا يجوز ارتكاب المُحرَّم ولا يجوز ترك الفرائض، ويبقى المباح بين جواز الفعل أو عدم الفعل، أما بالنسبة للفرائض والمحرمات فإن الشريعة الإسلامية مع إلزام المكلفين بها فقد أوجدت قواعد من خلالها يجوز ترك الفرائض، ويجوز ارتكاب المحرمات، وذلك بناءً على القاعدة الفقهية القائلة: الضرورات تُبيح المحظورات، وهي مستنبطةٌ من قول الله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}،[١] كما أنّ هنالك الكثير من النصوص الصريحة التي دلت على صحة هذه القاعدة، وبناءً عليه فيجوز من اضطر إلى فعل المُحرم لدفع الضرر عن نفسه أن يفعل المحرم، ويجوز لمن اضطر لترك الفريضة أن يتركها إن كان في ذلك دفع الضرر عنه كذلك، شريطة أن لا يتعدى بالأخذ بالضرورة،[٢] وفي هذا المقال بيان أحكام كشف العورة في الإسلام والضرورات التي تُبيح ذلك وقت الحاجة وحدُّه في الشرع.
أحكام كشف العورة في الإسلام
لا يجوز للمرأة إظهار شيءٍ من عورتها أمام الرجال، فيجب عليها ستر جميع بدنها كما أشارت الشريعة الإسلامية، ولا يجوز للرجال الأجانب النظر إلى المرأة الأجنبية، ومع ذلك فإنّ هناك بعض الحالات التي يُباح فيها النظر إلى المرأة لعذر، وهذه الإباحة محددةٌ بما يُحقق الضرورة التي أُبيح لأجلها النظر، وفيما يأتي بيان أحكام كشف العورة في الإسلام في حالات الأعذار:[٣]
- إذا تقدَّم شابٌ لخطبة امرأة فيُباح له النظر إليها بما يُحقق الحاجة فقط، وحدُّ الحاجة هنا هو النظر إلى الوجه والكفين فقط، فلا يجوز لها كشف غيرهما من جسدها، ولا يجوز له النظر إلى ما سوى ذلك.
- يجوز النظر للمرأة التي تؤدي الشهادة في مجلس القضاء أو أي مكانٍ تؤدى فيه الشهادة، وكذلك الحال في المعاملات التي تتطلب النظر إلى الوجه، وفي هذه الحالة لا يُباح للناظر أن ينظر إلا للوجه فقط وبما يُحقق الحاجة من التحقق من شخصية المرأة التي تقف للشهادة فلا يجوز له أن يتعدى ذلك السبب.
- التطبيب، فيجوز للطبيب النظر إلى موضع الداء في جسد المرأة بما يحقق له معرفة التشخيص، ولا يجوز له النظر إلى غيره من جسد المرأة ما لم تدعو الحاجة لذلك، شريطة وجود محرمٍ معها، وأن لا يوجد من يُعالجها من مثيلاتها من النساء، كما أنّه لا يجوز للمرأة التداوي عند الطبيب غير المسلم حال وجود الطبيبة أو الطبيب المسلم
- أما بالنسبة للرجل فقد اتفق أصحاب المذاهب الفقهية الأربعة إلى أنّ الرجل يتوجب عليه ستر ما بين سرته وركبتيه أمام الرجال،[٤] وكذا الأمر بالنسبة لما يجب عليه ستره أمام المرأة الأجنبية، فالمرأة مطالبة بغض البصر عن عورة الرجل الأجنبي.[٥]
عورة الرجل والمرأة
بعد بيان أحكام كشف العورة في الإسلام ينبغي بيان عورة المرأة والرجل في الإسلام، وما هي العورة التي ينبغي على كلٍ منهما سترها ولا يجوز كشفها، فعورة المرأة جميع جسدها باستثناء الوجه والكفين، وتسمى هذه العورة بالمغلَّظة لعدم جواز ظهور شيءٍ خلاف الوجه والكفين، كما لا يجوز النظر إلى الوجه والكفين مع جواز كشفهما إلّا للضرورة كما بيّن المقال في أحكام كشف العورة في الإسلام، أمّا عورة الرجل فهي ما بين السرة والركبة للرجل البالغ الذي يزيد عمره عن عشر سنوات، وهي كذلك عورة الأمة غير الحرة سواء كانت بالغةً أو غير بالغة، ومع إنّ هذه العورة للرجل والمرأة غير الحرة التي يجوز كشفها إلّا أنه ينبغي عدم إظهارها والتحلي بالستر والعفاف.[٦]
المراجع
- ↑ سورة البقرة، آية: 173.
- ↑ "شروط إباحة المحرم عند الضرورة"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 18-4-2020. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي، صفحة 126، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ "ما هو حكم كشف العورة للرجل"، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-4-2020. بتصرّف.
- ↑ "ما هو حكم كشف عورة الرجل للمرأة"، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-4-2020. بتصرّف.
- ↑ عبد الله الطيار، الفقه الميسر، صفحة 231. بتصرّف.