أدوات النفي في اللغة العربية

كتابة:
أدوات النفي في اللغة العربية

ما هي أدوات النفي؟ 

الإثبات والنفي من الأساليب التي تُستعمل في اللغة العربية للتعبير عن شعور أو فكرة أو رأي، وإنّ النفي في اللغة هو الإبعاد والإقصاء، وفي الاصطلاح له معنى قريب من المعنى اللغوي، فهو يدل على إبعاد الفكرة وإقصائها، وهو ضد الإثبات، وللنفي في اللغة العربية أدوات تُستعمل للدلالة عليه، وهذه الأدوات منها ما يختص بالأفعال فقط، ومنها ما يمكن دخوله على الفعل والاسم.[١]


أدوات النفي في علم النحو هي: لم، لمّا، لن، ليس، ما، لا، لات، إن، غير، فأدوات النفي المختصة بالفعل المضارع فقط هي: لم ولن ولمّا، والأدوات التي تختص بالأسماء فقط هي: غير، لات، والأدوات النافية التي تدخل على الفعل والاسم هي: ليس، لا، ما، إنْ. ولكل أداة شروطها لتكون نافية سواء كانت داخلة على الاسم أم على الفعل، وبعض هذه الأدوات تعمل فيما بعدها وبعضها فقط تؤدي معنى النفي.[١]


إنّ ما النافية ولا النافية تدخلان على الفعل الماضي أو المضارع المرفوع، بينما تختص ليس النافية بالفعل المضارع دون غيره من الأفعال، وقد تدخل على الجملة الاسمية وتفيد معنى النفي، ومما يجدر ذكره أن لا النافية وما النافية عند نفيهما الأسماء تكونان من أخوات ليس، وتنطبق عليهما أحكام ليس، وتعملان عمل ليس بشروط محددة في كتب النحو.[١]


ممّا يجدر ذكره بخصوص لا النافية أنّها قد تكون لا النافية للجنس العاملة عمل إنّ ولهذا البحث كلام يطول في كتب النحو، أما فيما يخص لات التي تنفي الجملة الاسمية فإنها أيضًا تُعد من أخوات ليس، ويكون اسم لات من أسماء الزمان ويكون الاسم محذوفًا وجوبًا ويُقدر بنفس لفظ الخبر، مثل: لات ساعةَ أسفٍ، والتقدير: لات الساعةُ ساعةَ أسفٍ، أما غير التي تنفي الاسم فإنها تكون نافية بشرط إضافتها إلى صفة.[١]


استعمالات أدوات النفي

ما هي خصائص أدوات النفي في اللغة العربية من حيث الاستخدام؟

إنّ ما ذُكر عن أدوات النفي فيما سبق كان لمحة سريعة، وفي ما يأتي تفصيل استعمال أدوات النفي وتوضيح شروط كل منها:[٢]


  • لم: تنفي الفعل المضارع وتجزمه وتقلب زمنه من الحاضر إلى الماضي، وقد يكون النفي بها منقطعًا في الماضي مثل: لم أسمعِ القصيدة اليوم، لكن سمعتها البارحة، وقد يكون مستمرًا إلى زمن التكلم مثل: لم أحضرْ هديةً إلى اليوم، وقد يكون مستمرًا إلى المستقبل مثل: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ}.[٣]


  • لمّا: تنفي الفعل المضارع، وتجزمه، كما أنها تقلب زمنه من الحاضر إلى الماضي المتصل بالحال، فيُقال: لمّا يأتِ محمد، أي إنه لم يأتِ حتى اللحظة التي يحصل فيها الكلام عن عدم مجيء محمد، وفي لمّا معنى توقع حصول الفعل بالمستقبل، أي: من الممكن أن يحضر محمد في المستقبل.


  • لن: تنصب الفعل المضارع وتنفيه على وجه التأكيد في المستقبل، ولكن ممّا يجدر ذكره أنّ نفيها للفعل المضارع في المستقبل ليس على وجه التأبيد؛ أي من الممكن أن يحصل الفعل بعد مدة معينة.


  • ليس: تنفي الجملة الاسمية على الحال إذا لم تكن مُقيّدة، أمّا إذا كان هناك قرينة فقد يكون النفي للماضي أو الحاضر أو المستقبل، وفيما يخص ليس النافية للجملة الفعلية فإنها تختص بالفعل المضارع فقط، مثل: ليس يدري الإنسان متى يموتُ.


  • ما: تشبه إلى حدٍّ ما "ليس" في أنها تنفي الجملة الاسمية والفعلية، إلا أنّ "ما" تنفي الفعل الماضي أيضًا ولا تختص بالمضارع فقط، وقد يكون نفيها للماضي فيه دلالة على الحال أو على الاستقبال، وكذلك الأمر عندما تنفي الجملة الاسمية.


  • إنْ: تنفي الجملة الفعلية والاسمية، ونفيها للجملة الفعلية يكون للحال إذا نفت الفعل المضارع، وإذا دخلت على الفعل الماضي كانت نفيًا للماضي القريب، أما إذا نفت الجملة الاسمية فإنها تحتمل نفي الحال أو الاستمرار في النفي وذلك حسب سياق الكلام.


  • لا: إذا دخلت على الأسماء إما أن تكون نافية للجنس، أو عاملة عمل ليس، أو تدخل على المعارف فتكون مهملة ويجب تكرارها، وقد تنفي الفعل المضارع في الحال أو الاستقبال، وإذا نفت الفعل الماضي وجب تكرارها أيضًا.


أنواع النفي

هل النفي يقتصر فقط على استخدام أدوات النفي؟

أساليب الكلام في اللغة العربية كثيرة ومتعددة، ومنها أن النفي لا يقتصر فقط على أدوات النفي المذكورة، بل من الممكن أن يكون النفي ضمنيًا يُفهم من سياق الكلام، دون استعمال أداة من أدوات النفي.


النفي الصريح

إنّ النفي الصريح يُقصد به النفي الذي يكون واضحًا في اللفظ مفهومًا مباشرة من سياق الكلام، ويكون هذا النفي باستخدام واحدة من أدوات النفي المذكورة فيما سبق، ومن خلال العثور على أداة نفي في الجملة يفهم القارئ أن المعنى منفيٌّ، ولكن مع ذلك لا بد من التمعن في القراءة، لأنّ بعض الأدوات أحيانًا تكون زائدة غير نافية فلا بد من فهم المعنى قبل الحكم على الكلام إذا كان مثبتًأ أو منفيًا.[٤]


النفي الضمني

إنّ البلاغة عند العرب تُمكّنهم من التعبير عما يريدونه بأساليب متعددة، فمن الممكن أن يحمل الكلام معنى النفي ضمنيًا دون التصريح به، ومن أشهر الأمثلة عن النفي الضمني هو أسلوب الاستفهام المجازي، والذي يكون المقصود به ليس ليس معرفة شيء مجهول من السائل، إنّما يسأل بغرض بلاغي وهو النفي، فهو يسأل عن شيء لم يحصل ولن يحصل.[٥]


ممّا هو معروف أنّ الاستفهام إذا جاء بعده استثناء كان نفيًا ضمنيًا، مثل قولهم: من يقصّر في واجبه إلا المهملُ؟ أو إذا جاء بعد أداة الاستفهام حرف نفي مثل قولهم: ألم تُحضِر أغراضَ الرحلة؟ ولتكن التفرقة واضحة بين الاستفهام الحقيقي والاستفهام الذي يؤدي إلى النفي الضمني، يُمكن ببساطة استبدال أداة الاستفهام بأداة نفي مناسبة للسياق والتأكد من صحة المعنى.[٦]


إعراب أدوات النفي

هل أدوات النفي كلها لها محل من الإعراب؟

إنّ أدوات النفي لها إعرابها الخاص، فالبعض منها تنفي وتعمل فتغيّر من حركة ما بعدها، وبعضها تكون نافية مهملة، فالأداتان "لم ولمّا" هما أداتا جزم ونفي وقلب، ولن هي أداة نصب ونفي واستقبال، "وما ولا" إذا دخلتا على الجملة الفعلية كانتا نافيتين مهملتين، أما إذا دخلتا الجملة الاسمية فإنهما تعملان عمل ليس فترفعان الاسم وتنصبان الخبر، كما أن "لا" من الممكن أن تكون نافية للجنس عاملة عمل إنّ، وقد تكون مهملة إذا دخلت على المعرفة.[٧]


ليس إذا نفت الفعل المضارع تكون حرف نفي فقط، أما إذا دخلت على جملة اسمية تكون فعلًا ناقصًا، ولات تعمل عمل ليس في النفي ورفع الاسم ونصب الخبر أيضًا، وفيما يخص حرف النفي "إنْ" فإنه فقط يفيد النفي ولا عمل له لا في الجملة الفعلية ولا في الجملة الاسمية، ويكثر دخوله على الجملة الاسمية للنفي، وفيما يأتي بعض النماذج لإعراب أدوات النفي:[٧]


  • قوله تعالى: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ}[٨]، لم: حرف جزم ونفي وقلب.
  • قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ}[٩]: لا: نافية لا عمل لها.
  • ليس الكذبُ نافعًا صاحبه: ليس: فعل ماض ناقص مبني على الفتح الظاهر على آخره.
  • ما نقصَ قدرُ امرئ يحترم الآخرين: ما: حرف نفي لا عمل لها.
  • لا خائنًا وطنه محبوب: لا: نافية للجنس تعمل عمل إنّ.
  • أقبل كانون ولمّا تمطرِ السماءُ: لمّا: حرف جزم ونفي وقلب.
  • إنْ جاء إلا المعلمُ: إنْ: حرف نفي.
  • قول المتنبي:[١٠]

وَزائِرَتي كَأَنَّ بِها حَياءً

فَلَيسَ تَزورُ إِلّا في الظَلامِ

ليس: حرف نفي


أمثلة على أدوات النفي

ما هي الشواهد النحوية على أدوات النفي؟

كثيرة هي الأمثلة والشواهد على أدوات النفي في اللغة العربية، سواء كانت هذه الأدوات أحرفًا أم أسماء، ومن الأمثلة التي تكثر في كتب النحو:[١١]

  • قوله تعالى: {فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّىٰ}.[١٢]


  • قوله تعالى: {ذَٰلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ۗ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ}.[١٣]
  • ما هذا بشرًا.
  • إنْ أحد خيرًا من أحد إلا بالعافية.
  • ندم الكُسالى ولاتَ ساعةَ مندمِ.


  • ما جاءَ إلا طالب.
  • لن ينجح المتقاعسون.
  • لم يدرس الطّالب امتحانه.


مَعاذَ الهَوى ما ذُقتِ طارِقَةَ النَوى

وَلا خَطَرَت مِنكِ الهُمومُ بِبالِ


إنّ أدوات النفي في اللغة العربية ذات أقسام متعددة، فمن النحاة من قسّمها حسب ما يأتي بعدها، وهناك من قسّمها حسب العاملة منها والمهملة، وكلّ ذلك لا يؤثر على المعنى الذي تؤديه في الكلام، ألا وهو النفي لما بعدها.

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث أحمد حاطوم وآخرون (2000)، الوافي في النحو والبلاغة والعروض (الطبعة 1)، بيروت:دار الفكر اللبناني، صفحة 53-55-56. بتصرّف.
  2. فاضل صالح السامرائي، معاني النحو، صفحة 189-211. بتصرّف.
  3. سورة الإخلاص ، آية:3
  4. سلطان ناصر الدين (2015)، المحيط في اللغة العربية (الطبعة 2)، بيروت:دار الفكر اللبناني، صفحة 44، جزء 4. بتصرّف.
  5. هشام المعموري، أسلوب الاستفهام والنفي، صفحة 22-24-25. بتصرّف.
  6. ابن عثيمين، تفسير العثيمين: الفاتحة والبقرة، صفحة 5. بتصرّف.
  7. ^ أ ب إميل يعقوب (2016)، قواعد اللغة العربية (الطبعة 15)، بيروت:مكتبة لبنان ناشرون، صفحة 77. بتصرّف.
  8. سورة الإخلاص ، آية:3
  9. سورة الصف، آية:2
  10. "ملومكما يجل عن الملام"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2/03/2021م.
  11. مصطفى الغلايني (2004)، جامع الدروس العربية (الطبعة 1)، صفحة 582. بتصرّف.
  12. سورة القيامة، آية:31
  13. سورة الشورى، آية:23
  14. "أقول وقد ناحت بقربي حمامة"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2/03/2021م. بتصرّف.
4457 مشاهدة
للأعلى للسفل
×