أركان الحج بالتفصيل

كتابة:
أركان الحج بالتفصيل

أركان الحج عند الحنفية

من المعلوم أنَّ فريضة الحجَّ تعدُّ الركن الخامس من أركان الإسلام، وهذه الفريضة لها عددٌ من الأركان التي لا بدَّ للحاجِّ من الإتيان بها لتكون كيفية أداء مناسك الحج عنده صحيحة، وهذه الأركان تختلف من مذهبٍ إلى آخر، وفي هذا المقال سيجد القارئ أركان الحجَّ بالترتيب في المذاهب الأربعة، كما سيتمُّ بيان حكم ترك ركنًا من أركانِ الحجِّ.

كم عدد أركان الحجِّ عند الحنفية؟ الحجِّ له ركنان اثنان عند الحنفية، وهما: الوقوف بعرفة، وطواف الإفاضة أو الزيارة، وفيما يأتي بيانهما:

  • الوقوف بعرفة: وهو الركن الأعظم للحجِّ، ودليل ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (الحجُّ عرفاتٌ، الحجُّ عرفاتٌ، الحجُّ عرفاتٌ)،[١] ولا بأس في هذا المقام من ذكر بعض التفاصيل الخاصة بهذا الركن، وفيما يأتي ذلك:
    • زمن الوقوف: يبدأ زمن الوقوف في عرفة من حين زوال شمس يوم عرفة، حتى طلوع الفجر الصادق من يوم النحر، ولا يجزئ الوقوف قبل الزوال أو بعد طلوع الفجر.[٢]
    • مكان الوقوف: يقف الحاجُّ في أيِّ موضعٍ شاء من عرفة، باستثناء منطقة بطن عرنة؛ إذ إنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الوقوف في هذا الموضع؛ إذ إنَّ هذا الوادي وادٍ للشيطان.[٢]
    • النية: ويصحُّ عندهم الوقوف في عرفة من غير نيةٍ.[٣]
  • طواف الإفاضة: وهذا هو الركن الثاني من أركان الحجِّ عند الأحناف، وما يدلُّ على ركنيته قوله -تعالى-: (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ)،[٤] وفيما يأتي ذكر بعض تفاصيل هذا الركن:
    • وقت طواف الإفاضة: يبدأ وقت طواف الإفاضة بعد طلوع الفجر الصادق من يوم النحر، وليس هناك وقتا لآخره، عند أبي يوسف ومحمد، بينما ذهب أبو حنيفة إلى أنَّه مؤقتٌ بأيام النحر، ومن أخره عن ذلك وجب عليه الدم عنده.[٥]
    • مكان طواف الإفاضة: يكون الطواف حول الكعبة المشرفة وخارج الحطيم، ولو طاف بعيدا أو قريبا من البيت صحَّ طوافه، شريطة ألا يكون بينه وبين الكعبة حيطان.[٦]
    • كيفية الطواف: يصحُّ طواف الحاجِّ سواء أكان ماشيا أم محمولاً، وسواء أكان عاجزا أم قادرا، غير أنَّ العاجز إذا طاف به غيره لا يجب عليه شيء، بينما القادر إذا طاف به غيره وجب عليه الدم.[٣]
    • النية: يحتاج طواف الزيارة إلى نيةٍ ليصحْ، هذا مذهب فقهاء الحنفية، غير أنَّ القاضي في شرح الطحاوي ذهب إلى أنَّ النية عند الإحرام كافية.[٣]

عدد أركان الحج عند الحنفية ركنان، وهما: الوقوف بعرفة، وطواف الإفاضة.

أركان الحج عند المالكية

إن للحجِّ أربعة أركان في المذهب المالكي، وهي: الإحرام، والوقوف بعرفة، والطواف، والسعي، وفيما يأتي بيان هذه الأركان:

  • الإحرام :يعدُّ الإحرام الركن الأول من أركان الحجِّ عند المالكية، وهو عبارة عن نيّة الدخول في مناسك الحج،[٧] ومكان الإحرام يختلف بحسب البلد التي جاء منها، وفيما يأتي بيان مواقيت الإحرام:
    • الجحفة: وهو ميقات أهل الشام وأهل مصر وأهل المغرب.
    • ذي الحليفة: وهو ميقاتُ الحاجِّ الذي جاء من المدينة المنورة.
    • ذات عرق: وهو ميقات أهل العراق، وفارس، وخراسان، ومن وراءهم.
    • يلملم: وهو ميقات أهل اليمن والهند.
    • قرن: وهو ميقات أهلِ نجدٍ.

وزمان الإحرام: يبدأ وقت الإحرام للحجِّ من شوال -ويكره التقدم عليه- ويستمرُّ حتى طلوع فجر يوم النحر، والتلبية عند الإحرام: تعدُّ التلبية عند فقهاء المالكية من واجبات الإحرام، وقيل إنَّها من سننه.

  • الوقوف بعرفة :وهو الركن الثاني من أركان الحجِّ عند المالكيّة، ومكان الوقوف: يصحُّ الوقوف في أيِّ جزءٍ من عرفات، إلَّا أنَّ المستحب أن يقف الحاجَّ في الموقف الذي وقف به النبيِّ، مع ضرورة التنبيه إلى عدم الوقوف في بطن عرنة، وزمن الوقوف: يبدأ زمن الوقوف بعد زوال شمس عرفة، حتَّى طلوع الفجر الصادق من يوم النحر، ولا بدَّ من التنبيه إلى زمن الوقوف بعرفة عندهم منه ما هو واجب ومنه ما هو ركن، وفيما يأتي بيان ذلك:[٨]
    • الوقوف الواجب: يجب الوقوف عندهم ولو بجزءٍ من نهار عرفة، ومن ترك هذا الوقوف اختيارًا لزمه الدم.
    • الوقوف الركن: يبدأ عندهم من غروب شمس عرفة حتى طلوع الفجر الصادق من يوم النحر.
    • طواف الإفاضة

وهذا هو ثالث أركان الحجِّ عند المالكيّة، ولا يختلف هذا الركن عندهم عن الأحناف.[٩]

  • السعي بين الصفا والمروة

وهذا هو الركن الرابع من أركان الحجِّ عندهم، ومكان السعي: يكون بين جبلي الصفا والمروة، ويبتدئُ الحاجُّ سعيه من جبل الصفا، وينتهي بجبل المروة، وعدد الأشواط: يبلغ سبعة أشواط.[١٠]

عدد أركان الحجِّ عند المالكية أربعة أركان، وهم: الإحرام، والوقوف بعرفة، وطواف الإفاضة، والسعي، وبذلك لم يوافق المالكيةُ الأحنافَ في عدد أركان الحجِّ.

أركان الحج عند الشافعية

هل اقتصرت أركان الحجِّ عند الشافعية على أربعة أركان؟ إنَّ أركان الحجِّ عند فقهاء الشافعية خمسة أركان، وفي هذه الفقرة سيتمُّ بيانها، وفيما يأتي ذلك:

  • الإحرام: وينعقد الإحرام عندهم بالنية، ومن غيرها لا ينعقد، ولا تُشترط التلبية عند الإحرام، فمن نوى ولم يلبِ أجزأه، ومن لبى ولم ينوِ فإحرامه لا ينعقد.[١١]
  • الوقوف بعرفة: وهو الركن الثاني، وقد تمَّ الحديث سابقًا عن هذا الركن، لكن لا بدَّ من التنبيه إلى أنَّ الوقوف في عرفة في أيِّ لحظةٍ من ليلٍ أو نهارٍ يجزئ الحاجَّ ما دامت ضمن الفترة المحددة شرعًا.[١٢]
  • طواف الإفاضة: وهذا هو الركن الثالث عندهم، وعدد الأشواط عندهم لا بدَّ أن تكون سبعة أشواط، ولهذا الطواف عدد من الشروط، وفيما يأتي ذكرها:[١٣]
    • النيّة.
    • الطهارة من الحدثين الأكبر والأصغر.
    • طهارة المكان والثوب.
    • ستر العورة.
    • السعي بين الصفا والمروة: وهذا الركن الرابع عندهم، وقد وافق الشافعيّة المالكيّة في مكان السعي بين الصفا والمروة، وكيفيته، وعدد أشواطه.[١٣]
  • الحلق: وهذا هو الركن الخامس والأخير عندهم، وقد استدلَّ الشافعية على ركنية الحلق من قوله -تعالى-: {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ}،[١٤] وفيما يأتي ذكر بعض تفاصيله:[١٥]
  • وقت الحلق: إنَّ وقت الحلق يكون بعد منتصف ليلة النحر، ومن حلق قبل ذلك كان آثمًا ووجبت الفدية في حقِّه.
  • الحلق المجزئ: إنَّ الحاجَّ مخيرٌ بين أن يقصِّر ثلاث شعراتٍ على الأقل من حدود رأسه، وبين أن يحلق شعره كاملًا، هذا بالنسبة للرجل، أمَّا المرأة فمأمورةٌ بالقصِّ لا بالحلقِ.

لم تقتصر أركان الحجِّ عند الشافعية على أربعة أركان كما المالكية، بل زاد الشافعية الحلق، وعدُّوه ركنًا من أركان الحجِّ، وعلى ذلك فإنَّ أركان الحجِّ عند الشافعية هي: الإحرام، والوقوف بعرفة، وطواف الافاضة، والسعي، والحلق.

أركان الحج عند الحنابلة

هل اقتصرت أركان الحجِّ عند الحنابلة على ما ذكر سابقًا؟

إنَّ أركان الحجِّ عند الحنابلة أربعة أركان، وسيتمُّ الاقتصار على ذكرها؛ وتفصيلها كما ورد في المذاهب السابقة:[١٦]

  • الإحرام.
  • الوقوف بعرفة.
  • طواف الإفاضة.
  • السعي بين الصفا والمروة.

لقد وافق الحنابلةُ المالكيةَ في عدد وماهية أركان الحجِّ؛ إذ الأركان عندهم أربعة، وهي: الإحرام، والوقوف بعرفة، وطواف الإفاضة، والسعي.

ما حكم ترك أحد أركان الحج؟

لا يجوز للحاجِّ ترك ركنًا من أركان الحجِّ، بل لا بدَّ من الإتيان بها جميعا بحسب المذهب الذي يتبعه، وفيما يأتِ بيان ذلك بحسب المذاهب المذكورة:[١٧]

  • ترك الإحرام: من ترك ركن الإحرام فإنَّ نسكه لم ينعقد أصلًا، عند المالكيّة، والشافعيّة، والحنابلة.
  • ترك الوقوف بعرفة: من ترك الوقوف في عرفة فقد فاته الحجَّ، عند الأئمة الأربعة.
  • ترك الطواف والسعي: من ترك الطواف والسعي فإنَّ حجَّه لا يكون تامَّا، عند المالكيّة، والشافعية، والحنابلة، وعليه أن يأتي بالطواف والسعي عند استطاعته لأن وقته ليس له نهاية، ومثله السعي، إلا أن السعي عند الحنفية يجبر تركه بدم لأنه ليس ركنا عندهم، وإنما واجب من واجبات الحج.
  • ترك الحلق: كذلك من ترك الحلق عند الشافعية فلا يكون حجُّه تامًا، وعلى تاركه الدم.

لا بدَّ للحاجِّ من الإتيان بجميع الأركان المعتبرة في المذهب الذي يقلّده.

المراجع

  1. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبدالرحمن بن يعمر الديلي، الصفحة أو الرقم:2975، حديث حسن صحيح.
  2. ^ أ ب الكاساني (1986)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (الطبعة 2)، صفحة 125-126، جزء 2. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت الكاساني (1986)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (الطبعة 2)، صفحة 128، جزء 2. بتصرّف.
  4. سورة الحج، آية:29
  5. الكاساني (1986)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (الطبعة 2)، صفحة 132، جزء 2. بتصرّف.
  6. الكاساني (1986)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (الطبعة 2)، صفحة 131، جزء 2. بتصرّف.
  7. النفرواي (1995)، الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني، صفحة 352-254، جزء 1. بتصرّف.
  8. النفراوي (1995)، الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني، صفحة 361، جزء 1. بتصرّف.
  9. النفراوي (1995)، الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني، صفحة 363، جزء 1. بتصرّف.
  10. عبد الرحمن الجزيري (2003)، الفقه على المذاهب الأربعة (الطبعة 2)، دمشق- بيروت:دار الكتب العلمية، صفحة 595، جزء 1. بتصرّف.
  11. وهبة مصطفى الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة 4)، سورية- دمشق:دار الفكر، صفحة 2181، جزء 3. بتصرّف.
  12. مجموعة من المؤلفين (1992)، الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي (الطبعة 4)، دمشق:دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 140، جزء 2. بتصرّف.
  13. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين (1992)، الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي (الطبعة 4)، دمشق:دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 141، جزء 2. بتصرّف.
  14. سورة الفتح، آية:27
  15. مجموعة من المؤلفين (1992)، الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي (الطبعة 4)، دمشق:دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 143، جزء 2. بتصرّف.
  16. البهوتي (1993)، شرح منتهى الإرادات دقائق أولي النهى لشرح المنتهى (الطبعة 1)، صفحة 596، جزء 1. بتصرّف.
  17. ".حكم حج من ترك شيئاً من هذه الأركان:"، الإيمان، اطّلع عليه بتاريخ 20/7/2021. بتصرّف.
6889 مشاهدة
للأعلى للسفل
×