أسئِلةٌ وأجوِبةٌ حَولَ مُعالَجةِ الإِدمَانِ

كتابة:
أسئِلةٌ وأجوِبةٌ حَولَ مُعالَجةِ الإِدمَانِ

ان معالجة الإدمان طريق طويل، ولفهم هذه الطريق وكيفية معالجة الإدمان، إليكم عدد من الأسئلة والاجوبة حول الموضوع.

ما هو الوَقتُ الأَنسبُ لِطَلَبِ المُسَاعَدة؟

خَيرُ البِرِّ عَاجلُهُ، يَقولُ البَعضُ أنَّ المُدمِنَ يَجبُ أنْ يَصِلَ إِلى الحَضيضِ حَتّى يُصبِحَ جَاهِزاً للتّغيير، إِلّا أَنَّ الدَّلائِل أَثبَتَتْ أَنّهُ كُلَّما كَانَ التَّدخُّل مُبكِراً أَكثَر، كَان أَكثرَ نجاحاً.

 

ما هو دَورُ العَائِلةِ وَالأصدِقاء؟

يَنبغِي أنْ يُخبِرُوا كلَّ منِ اشتَبَهوا بِإدمانِهِ -سَواء كانَ قَريباً أو صديقاً أو زَميلاً في العملِ –بأنَّهُم قد لاحَظوا تَدهوُراً في شُربهِ للمشرُوباتِ الكُحوليّة أو مُعَاقَرتِهِ المخدّرات أو تدهوُراً في مَزاجهِ أو في صحَّتهِ الجِسميّة.

لكنْ يجبُ الابتِعادَ عنِ استخدامِ الأُسلوبِ الاتّهاميِّ في الحديثِ معهمْ وَإلّا سيُقابَلُ ذلكَ غالباً بِسلوكٍ دفاعيٍّ وسيلجؤونَ للابتعادِ، فَكلَّما كانَ أُسلوبُ مُخاطبتِهِم إِيجابيّاً وبنّاءً كانَ ذلكَ أَكثَرَ نَفعاً وإقناعاً بالعِلاجِ.

هناكَ أدِلّةٌ قويَّةٌ جِدَّاً على نَجاعَةِ طلبِ المُساعدَةِ منَ الأشخاصِ المُقرّبينَ مِن المُدمنِ، حَيثُ أَنّ كثيراً من خَدماتِ المُختَصِّين تُقدِّمُ معالجةً مبنيةً على شبكةٍ منَ العائلةِ والأصدِقاءِ.

منَ المهمِّ جداً أنْ تتمَّ مُساعدةُ المدمنِ على الكُحولِ أو المُخدّراتِ منْ قِبَلِ أشخاصٍ إيجابيين يهتمُّونَ لِأمرهِ وَلا يُعانونَ من مشاكلَ إِدمانيّةٍ أو غيرِها.

 

إلى من يجب أن يلجأ المُدمنُ أوَّلاً؟

يستطيعُ الطَّبيبُ أَنْ يُوجِّهَ المُدمنَ في أيِّ مَرحلةٍ، وَليسَ فَقطْ عِندمَا يريدُ الشَّخصُ أنْ يُقلِعَ عَنِ الإِدمانِ، فبإمكانِ الطَّبيبِ أنْ يُقدِّمَ إرشاداتٍ عنْ كيفيَّةِ شُربِ الكُحولِ بمعدّلٍ مَقبولٍ وأنْ يستعينَ بالجهاتِ الطِّبيَّةِ المُساعِدةِ مثلَ المُمرِّضاتِ والمُستَشَارين.

كذلِكَ قَد يوصي الطَّبيبُ بالاستعانةِ بخُطوطِ المُساعدةِ الوطنيَّةِ وَمجموعاتِ الدَّعمِ.

تُساعِدُ هذه المَجموعاتُ الكثيرَ مِنَ النّاسِ على التَّعامُلِ مَع إدمانِهم، إضافةً إلى ذلكَ توجدُ وحداتُ رعايةٍ صحّيّةٍ خاصّة بالإدمانِ جاهِزة لمقابَلةِ المُدمنينَ حتّى إن لم يكونوا على استعدادٍ للإقلاع. كما تُشجّعُ هذه الوحداتُ الناسَ على الحديثِ عن إدمانِهِم وتُحاولُ تَحفيزَهم للإقلاعِ عنهُ.

عَلى المدمنِ إيجادُ خِدمة الإدمانِ على الكحولِ المَحَلّيّة وَخدمة إدمانِ المخدّراتِ المحلّيّة القريبَة منهُ.

 

كيفَ تتمُّ معالجةُ المدمن؟

صُمِّمَتِ المعالجةُ لِتُناسِبَ الشَّخصَ المُدمنَ، فهُناك العديدُ منَ العِلاجاتِ التي أثبتَتْ فَعّاليَّتَها وتَدمجُ في الغَالبِ المُعالجةَ بالكلامِ مع الأدويةِ. وتُستخدَمُ المعالجاتُ السُّلوكيّةُ المَعرفيّةُ عَادةً نظراً لكفاءتِها العاليةِ في المَشاكلِ الإدمانيَّةِ.

تَبدأُ المُعالجةُ عادةً بجعلِ الشَّخصِ صَاحب المشكِلةِ يُفكّرُ جَدّياً بالطَّريقةِ التي يريدُ أنْ يتغيَّرَ بِها، مِنَ المُهمّ تَجنُّبَ الحُكم عليه بأنَّهُ لا يستطيعُ التّعافي، إذ لابُدَّ لَه أنْ يُؤمنَ بِأنَّهُ يَستطيعُ الإقلاعَ ممّا سيجعلُ حياتَهُ أَفضَل.

سَيُناقشُ المختصُّون كيفَ يَرى المُدمنُ حياتَهُ في المُستقبلِ وما العَوائِق التي يَظنُّ أنَّهُ سَيواجهُهَا خلالَ مرحلةِ التَّغيير وما الذي سَيساعِدُه في التَّغلُّبِ على هذه العَوائِق.

ثُمَّ سيتمكَّنونَ مِن تحديدِ الحالاتِ التي سَيستصعِبُها المُدمنُ ووَضْعِ الخِطَطِ للتَّعامُلِ مع هذه الحَالاتِ. يُمكنُهم تحديدَ الهدفِ من خلالِ هذه العمليَّة وهوَ الإقلاعُ عن الإدمانِ في نهايةِ المَطافِ.

بِمجرَّدِ تَحديدِ الهَدفِ وما يحتاجُهُ المُدمِنُ للوُصولِ إليهِ يَجبُ إعدادِ جميعِ المَوارِدِ المُمْكِنَةِ، وَتُعدُّ العَائلةُ والأصدقاءُ وسيلةً مهمَّةً. منَ الأَفضلِ اختيارُ الأَشخاصِ الذينَ يهتمُّون فِعلاً فلا يُشجِّعونَهُ مَثلاً "على شُربِ كَأسٍ واحدةٍ لأنَّها لَنْ تُؤثِّرَ على إقلاعِهِ" بل يَعرضونَ عليهِ الذَّهابَ إلى السّينما مَثلاً.

حَالما يندَمِجُ المُدمِنُ بسلوكيّاتِ الإدمانِ فإنَّ كُلَّ نَمطِ حياتِهِ سيدورُ حَولَ مُعاقَرَةِ المَوادِ المُخدِّرةِ والحُصولَ عليهَا. لِذا يُعدّ تغييرَ نَمطِ الحياةِ خُطوةً كبيرةً جِداً. الإقلاعُ عن الإدمانِ ليسَ أصعبَ مرحلةٍ غالباً إنَّما الاستمرارُ بالإقلاعِ هو الأصعب.

 

كيفَ تعملُ مجموعاتُ المساعدةِ الذّاتيَّةِ ومَراكزُ إعادةِ التَّأهيلِ؟

تُعدُّ بَعض مجموعاتِ المساعدةِ الذَّاتيَّةِ مُفيدةً للغايةِ لأنَّها تُقدِّمُ شبكةَ علاقاتٍ -غالباً في غيابِ العائلةِ والأصدقاءِ، كَما أنَّها تُقدّمُ الدّعمَ اللازِمَ خِلالَ فَترةِ إِعادةِ التَّأهيلِ.

تُساعدُ مراكزُ إعادةِ التَّأهيلِ الكثيرَ منَ النَّاسِ في تجاوُزِ المَراحِل الأُولى منَ الانسحابِ وفي البدْء بِتغييرِ نَمَطِ الحَياة ممَّا يُعينُهم على استِمرارِ التَّعافي منَ الإدْمانِ.

 

هلْ تَنْجَحُ المُساعدةُ الذّاتيَّةُ أو بَرامجُ التّعافَي المنزِليَّة؟

بِالطَّبع. عندَ وجودِ مَجالٍ واسِعٍ منْ خَيَاراتِ المُعالجَةِ فإنَّ النّاسَ يميلونَ دُونَ شَكّ إلى طُرُقِ العِلاجِ المُلائمةِ لهُم، إذْ لنْ تكونَ استِجابَتُهمْ جَيِّدة إذا شَعَروا بأنَّهمْ محشُورُونَ في الزَّاويةِ.

لَكنْ نَادراً ما يكونُ كُتيِّب إرْشاداتٍ للمُساعَدةِ الذَّاتيَّةِ بديلاً عن التَّواجُدِ مع أشخاصٍ داعِمين ضِمنَ وَسطٍ اجتماعيٍّ يُكَافِئُ الامتِناعَ أو التَّحكُّمَ بالإدْمانِ.

 

هَل التَّعافي يَعني الامتِنَاعَ في جَميعِ الحَالاتِ؟

يُمكنُ أنْ يكونَ الهدفُ ضبطَ شُربِ الكُحولِ لَدى قِلّةٍ منَ الأشخاصِ مِمّنْ يُعانُونَ مِنْ مَشاكِل شُربٍ مُعتَدلَةٍ. لَكِنَّ مُعظمَ الأشْخاصِ في المَراكزِ العِلاجيَّةِ يحتاجونَ إلى أنْ يَكونَ الهَدفُ هوَ الامتِناع (الإقلاعُ التَّامُّ) وهوَ الخَيارُ الوحيدُ بالنِّسبةِ لِمُدمِنيِّ الهِيروئينِ وَالكوكائين.

 

كيفَ يُمكنُ حِمايةَ المُدمِنِ مِنَ الانتِكاسِ؟

هُناكَ العَديدُ منَ الطُّرقِ، إِحدَاها إزالةُ محفِّزاتِ الإدْمانِ أَو تَجَنُّبَهَا. مِنَ الطُّرُقِ الأُخرى أَيضاً التَّواصل بأشخاصٍ جُدُدٍ لا يخضعونَ للعِلاجِ منَ الإدمانِ ولا يتَعاطونَ المُخَدِّرات.

مِنْ ناحيةٍ أُخرى، يَنصَحُ بعضُ الأشخاصِ اتّباعَ عكسِ الطَّريقةِ السَّابِقةِ، حَيثُ يَعتَبرونَ أنَّهُ منَ المُهمِّ البَقاء مع أشخاصٍ يخضَعونَ للعلاجِ لأنَّهمْ أكثرُ تفهّماً وقدرةً على تقديمِ الدَّعمِ، ولا بأسَ بذلكَ مادَاموا يساعِدونَ المُدمِنَ على الإقلاعِ أكثَر مِنْ تحرِيضهِ على الإدْمانِ.

وفي حالةِ مُعاقَرةِ المُخدِّراتِ، فإنَّ الأشخاصَ الذين تَعَافَوا منَ الإدمانِ بنجاحٍ هُم الذينَ ابتعدوا عنِ الأشخاصِ المُدمِنينَ المُحيطينَ بهمْ. قدْ يكونُ هذا الأمرُ صَعباً جِداً خَاصَّةً إنْ كانَ شريكُ الحياةِ مُدمِناً أَيضاً (مَالمْ يغيِّر عاداتِه).

مِنَ المُهِمِّ أيضاً أنْ يُغيِّرَ المُدمنُ منْ نَشاطاتهِ اليَوميَّةِ بحيث يَجدُ بدائلَ تُشعِرهُ بالسَّعادَةِ وتُمكّنهُ منَ التَّغلّبِ على الشُّعورِ بالاكتئابِ والوحدةِ وَتجعلهُ يُمضي وَقتاً جيِّداً.

يِلجأُ الأشخاصُ لِتعاطي المُخدِّراتِ والكحولِ عادةً منْ أجلِ الشُّعورِ بالاستِرخاءِ والتَّرويحِ عنْ أنفُسِهمْ ولَكنْ يَصلُ بهمُ الأمرُ إلى فُقدانِ السَّيطرةِ، وَينبَغي في مثلِ هذهِ الحالاتِ إيجادُ طرقٍ مُختَلِفةٍ لِلاستِرخَاءِ.

 

 

أجاب عن هذه الأسئلة د.جيليان توبر -مُستَشارُ عِلمِ النَّفسِ والرَّئيسُ السَّابقُ لِجمعيَّةِ دِراسَةِ الإدْمان.

4325 مشاهدة
للأعلى للسفل
×