أسباب الاستعمار

كتابة:
أسباب الاستعمار

أسباب الاستعمار

تعود أسباب الاستعمار إلى أسباب: سياسيّة، دينية وثقافية، عِرقيّة، اقتصاديّة، استكشافيّة، اجتماعيّة.


أسباب سياسية

ما هي السياسة التي أدت إلى ظهور فكرة الاستعمار؟

أدّت الثورة الصناعيّة في القارة الأوروبيّة إلى بروز حاجة الدول الأوروبيّة إلى المواد الخام وإلى الأيدي العاملة، وبما أن القارة الأوروبية تفتقد إلى الكثير من الموادّ الخام، كانت الفكرة في سد هذا النقص من خلال البحث عن أراٍض جديدة، ما أدّى إلى زيادة التنافس بين الممالك والدول الأوروبية فيما بينها حول السيطرة على هذه الأراضي، وبالتالي توسّعت الممارسات الاستعمارية -أو الكولونيالية- بشكل كبير.[١]


أشعل التّنافس الاقتصادي بين الدول الأوروبيّة حركة الاستعمار أو ما يسمّى بالكولونيالية -أي: الاستعمار الحديث المبني على الفكر الرأسمالي- وبالتالي كانت السياسة الأوروبيّة الداخلية المؤثّر الرئيس في انطلاق واستمرار حملات الاستعمار التي بدأت في مناطق الساحل الافريقي، ومن ثمّ سواحل آسيا وصولًا إلى الأراضي المكتشفة حديثًا في استراليا والقارّتين الأمريكيتيين، كما اعتمدت الدول الأوروبية على الاستعمار كممارسة سياسية للأنظمة الحاكمة تحولت فيما بعد إلى إمبريالية، أي أن الأنظمة الأوروبية كانت ترتكز على الاستعمار كقاعدة قوية لها داخليًا وخارجيًا.[٢]


أسباب دينية وثقافية

من هي أول الدول الأوروبية الاستعمارية؟

تمثّل الحملات الصليبية -أو الفرنجية- مثالًا على كيفية توظيف الخطاب الديني لصالح الأهداف الاستعمارية في الفترات القديمة، وكذلك مثلت الحملات المسيحية التبشيرية ما بعد القرن السادس عشر في مناطق آسيا وافريقيا وقارات أمريكا وأستراليا تتويجًا للعقلية الاستعمارية الغربية خلال العصر الحديث، أيْ: خلال ما يسمى الحقبة الكولونيالية الممتدة تقريبًا من القرن السابع عشر ميلادية حتّى بدايات القرن العشرين.[٢]



لعب الدين دورًا أساسيًّا في تحفيز الشعوب الأوروبية لاكتشاف وتنصير الشعوب الأخرى بدعوى نشر العدل وإصلاح المجتمعات، وقد كانت إسبانيا والبرتغال أولى الدول الأوروبية التي بدأت باكتشاف الأراضي الجديدة ومحاولات السيطرة على شواطئ آسيا وأفريقيا، وقد كانت الكنيسة من أكبر المشجعين والداعمين لهذه الحملات الاستعمارية.[٢]


ارتبط الاستعمار بالتحول الاقتصادي الرأسمالي في أوروبا، وقد كان الاستعمار انعكاسًا للمصالح الاقتصادي والسياسية للطبقة البرجوازية في أوروبا، بالتالي فقد كانت ثقافة الاستعمار هي ثقافة الرأسمالية الصاعدة في أوروبا، وبالتالي فقد وظفت الدين والعقل الغربي كأداة لها في سبيل استمرار عملية السيطرة على الشعوب الأخرى، حتى على مستوى الثقافة، وهو ما عُرف بالاستشراق.[٢]


أسباب عرقية

من هو الأب المعاصر للفكر العنصري في أوروبا؟

انتشرت الفلسفة العرقية والفكر العنصري في أوروبا خلال القرن التاسع عشر كنتيجة للعقلية الغربية المركزية التي سيطرت على مناطق أوروبا؛ بسبب عزلتها التاريخية في فترات التاريخ القديم، قبيل ظهور روما جنوب أوروبا، وقد عزّزها الفكر الروماني، ثم الجرماني الذي تأسس على سياسة السيطرة على الآخرين.[٣]


أطلق غوستاف لوبون -الأب المعاصر للفكر العنصري والعرقي في أوروبا- طريقَ النزعة العرقية العنصرية الأوروبية، والتي كانت جوهر الحركات الاستعمارية قبل ظهورها، وبالتالي ظهرت هذه النزعة كتمثيل فكري وعقائدي للممارسات الأوروبية الاستعمارية أو الكولونيالية، وقد انعكس هذا الفكر بشكل أوسع في الحركات النازية والفاشية في أوروبا خلال القرن العشرين، وذلك عبر أفكار المفكر الفرنسي غوستاف لوبون.[٣]



أسباب اقتصادية

ما هي الطبقات التي دعمت استمرار الاستعمار؟

شكلت الثورة الصناعية في أوروبا تحولًا كبيرًا في نمط الحياة في أوروبا، فقد كانت متطلبات الإنتاج تحتاج إلى الكثير من المواد الخام التي تفتقدها القارة الأوروبية، بالإضافة إلى العقلية الرأسمالية التي هيّأت البنية التحتية للاستعمار كتشكيل الأساطيل البحرية التجارية والعسكرية التي شقت طريقها لنهب ثروات الشعوب الأخرى في القارات القديمة. إضافة إلى هذا، فقد شكلت الثورة الصناعية تنافسًا اقتصاديًا كبيرًا بين الدول الأوروبية، وفتح الباب للصراع العسكري حول السيطرة على الأراضي الجديدة والدول الضعيفة في مختلف أصقاع العالم.[٤]


شجعت النخبة الأرستقراطية ومن ثم الطبقة البرجوازية دولَها للسير قُدُمًا في استعمار الدول الأخرى؛ وذلك لحاجتها للمواد الخام كالذهب والعاج والنحاس والفضة وما إلى ذلك من مواد خام. وبذلك كانت العرقية والليبرالية المحرك الفكري لعمليات النهب بدوافع اقتصادية سياسية تغلفها الدوافع الدينية والثقافية الناتجة أساسًا من منبع اقتصادي بحت.[٥]


أسباب استكشافية

أي المناطق تم استعمارها من خلال الاستكشاف؟

أسهم سقوط غرناطة آخر معاقل العرب في الأندلس في تمدد السيطرة الأوروبية وتقويتها، وقد استفاد الأوروبيون من مكتبات العرب وخرائطهم بالإضافة إلى ضمّهم للكثير من البحارة العرب الذين برعوا في ركوب البحار، لذلك وبالنظر إلى الإرادة الرأسمالية بالتوسّع خارج القارة الأوروبية للحصول على المواد الخام، بدأت الدول الأوروبية بإرسال البعثات الاستكشافية.[٢]


وهذه إحدى أسباب الاستعمار التي أدت إلى زيادة الأطماع الأوروبية بعد معرفتهم بغنى هذه المناطق بالمواد الخام وضعف شعوبها وعدم قدرتهم على مقاومة الجيوش الأوروبية، وقد كان اكتشاف القارات الأمريكية والأسترالية بمثابة الكنز والثروة للدولة الأوروبية، وبذلك كان الاستعمار الإحلالي لهذه القارات أهمّ نتائج حملات الاستكشاف الأوروبية.[٢]


أسباب اجتماعية

أين ظهرت هذه الأسباب الاجتماعية التي أدت إلى الاستعمار لاحقًا؟

ترك التحول في البنية الاقتصادية داخل المجتمعات الأوروبية بعد الثورة الصناعية الأثر الكبير في بنيته الاجتماعية، وإعادة تقسيم المجتمع إلى طبقات جديدة ومختلفة فكريًا، هذا التحول الاقتصادي -الذي أشعل التنافس ومن ثم الصراعات السياسية والعسكرية- ترك الكثير من المجتمعات الأوروبيين في حالة صراع مع الأنظمة الملكية، كما في إسكتلندا وإيرلندا.[٢]


كان التطور العلمي في المجالات الطبية خلال القرن السابع الميلادي والقرون التي تلته، سببًا في ازدياد عدد سكان القارة الأوروبية، وذلك عبر تطوير اللقاحات والأدوية العشبية والمصنعة مخبريًا، إلا إنه لم يمنع من انتشار الأوبئة بسبب قلة عدد الأطباء، وبسبب سوء أوضاع البنية التحتية في المدن الأوروبية، تحديدًا شبكات الصرف الصحية،[١] وقد تم استثمار هذه الزيادة من قبل الحكومات الأوروبية عبر إرسالهم إلى الأراضي المكتشفة حديثًا أو تجنيدهم في حروبهم خارج القارة الأوروبية، والحدث الأهم هو ظهور الطبقات الأرستقراطية ومن ثم الطبقة البرجوازية التي عززت من عمليات الاستعمار والنهب خارج القارة الأوروبية.[١] وبالتالي كانت التغيرات الاجتماعية في أوروبا سببًا آخر أسهم في استمرار وتعزيز فكر الاستعمار الحديث.[١]



للاطلاع حول أهمّ أنواع الاستعمار، اقرأ هنا: ما هي أنواع الاستعمار.

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث جان بيرنجيه وايف دوران ، تاريخ أوروبا العام الجزء الثاني، صفحة 709-711. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث ج ح خ عبد اللطيف الدباغ، تاريخ أوروبا الحديث، صفحة 20. بتصرّف.
  3. ^ أ ب غوستاف لوبون (2017)، السنن النفسية لتطور الأمم (الطبعة 1)، الأردن:مكتبة الأسرة الأردنية، صفحة 35-36، جزء 1. بتصرّف.
  4. كارل ماركس، رأس المال، صفحة 105-107. بتصرّف.
  5. جمال حمدان، استراتيجية الاستعمار والتحرير، صفحة 110-112. بتصرّف.
4454 مشاهدة
للأعلى للسفل
×