أسباب ثقب طبقة الأوزون

كتابة:
أسباب ثقب طبقة الأوزون


هل الأنشطة البشرية هي السبب الوحيد في ثقب الأوزون؟

تبين من خلال دراسات أسباب ثقب الأوزون، الذي يُرجح أنه يظهر بأسباب طبيعية وأخرى بشرية، وبناءً على نتائج التقرير الصادر فجوة الانبعاثات لعام 2019 في برنامج الأمم المتحدة والذي يضم فريق عمل متكامل، أظهر أنَّ هناك ما يسمى بمجموعة العشرين (وهي مجموعة من 19 دولة، بالإضافة للاتحاد الأوروبي) والتي تمثل 78% من إجمالي الانبعاثات للغازات المسببة للاحتباس الحراري المسببة لثقب الأوزون والناتج عن الأنشطة الصناعية في هذه الدول. [١]


ويتضح مما سبق أنه ورغم وجود الكثير من الأسباب الطبيعية كالغازات المنبعثة عن البراكين واحتراق الغابات وذوبان التربة الصقيعية، يظهر تأثير الإنسان بصناعاته المتنوعة المُطلقة للكثير من المركبات التي تساهم بشكل أكبر من غيرها في زيادة ثقب الأوزون.[٢]



الأسباب الصناعية المسببة لثقب الأوزون

تُعرف الأنشطة الصناعية بأنها الأنشطة التي تُشكل القطاع الاقتصادي في العالم على اختلافها، مثل، الزراعة صيد الأسماك واستخراج الزيوت والمعادن والغاز الطبيعي والتعدين واستغلال المحاجر وصناعة المياه، وكذلك الصناعات التحويلية على اختلافها، وجميعها تُعد سبب صناعي مهم في التأثير في المناخ بوجه عام وفي طبقة الأوزون بطريقة خاصة، من خلال إطلاق مركبات كيميائية تُسبب بدورها اضمحلال الأوزون[٣].



تتنوع الأسباب الصناعية التي تسبب ثقب الأوزون، لأنها تُعد سببًا في إطلاق مركبات كيميائية تؤثر على الأوزون، ومن هذه المركبات والأنشطة التي تسببها ما يأتي:


مركبات الكلوروفلوروكربون

تُدعى مركبات الكلوروفلوركربون (Chlorofluorocarbons CFCs)، والتي تؤثر بطريقة كبيرة على ثقب طبقة الأوزون، حيث ترتفع إلى طبقة الستراتوسفير في الغلاف الجوي، وتتحلل مركبات الكربون الكلورية الفلورية بالتحلل الضوئي، فتُطلق ذرات عالية التفاعل من الكلور والفلور، فتشكل مركبات بسيطة مثل أول أكسيد الكلور (ClO)، حيث تتفاعل هذه المنتجات الثانوية مع الأوزون (O3)، وتؤدي إلى استهلاكه[٤].


ومن الأنشطة الصناعية التي تسبب إطلاق مركبات الكلوروفلوروكربون:[٤]

  • المبردات في المضخات الحرارية.
  • الثلاجات والمجمدات.
  • مكيفات الهواء.
  • تصنيع منتجات الرغوة البلاستيكية والعزل مثل البوليسترين والبولي يوريثين (كعوامل نفخ).
  • إزالة الشحوم من المعادن والمعدات والمكونات الإلكترونية (كعوامل تنظيف) وخاصة لوحات الدوائر؛ كغازات حاملة للمواد الكيميائية المستخدمة في تعقيم الأدوات الطبية، وكسوائل تنظيف جاف.



مركبات الهيدروفلوروكربون

تُدعى مركبات الهيدروفلوروكربون (Hydrofluorocarbons HFCs)، ولها دور كبير في ثقب طبقة الأوزون إذ تتميز بقدرة عالية على إحداث الاحترار العالمي يتراوح بين 140 و11700، أي أنها تحبس ما بين 140 إلى 11700 مرة من الحرارة لكل جرام، وهذا أكثر بكثير من ثاني أكسيد الكربون، مما يسبب الاحتباس الحراري.


تُعد مركبات الهيدروفلوركربون بديلًا لمركبات الكلوروفلوروكربون والهالونات والمواد الأخرى المستنفدة للأوزون، ومن أبرز الأنشطة الصناعية المسببة لها استخدامها في التبريد.[٥]


الهالونات

تُدعى الهالونات (Halons)، وهي مواد كيميائية تحتوي على الكربون والفلور والبروم، وتمثل الهالونات نسبة 20٪ من نضوب طبقة الأوزون عندما تُعيد توزيع نفسها في أنحاء طبقة الستراتوسفير في الغلاف الجوي، وأعلى تركيز لها فوق القطبين، حيث تكسر الأشعة فوق البنفسجية عالية الطاقة روابط البروم والكلور، ثم تُطلق جزيئات الهالوجين شديدة التفاعل، والتي بدورها تكسر جزيئات الأوزون وتتفاعل مع الأكسجين الحر للتدخل في تكوين الأوزون، ويُعد عنصر البروم الأكثر تأثيرًا منها في تدمير الأوزون، كما وتُعد الهالونات مواد كيميائية تحتوي على الكربون والفلور والبروم، ومن الأنشطة الصناعية التي تُساهم في إطلاق هذه المركبات؛ طفايات الحريق وجميع معدات مكافحة الحرائق.[٦]


رباعي كلوريد الكربون

تُدعى مركبات رباعي كلوريد الكربون (Carbon tetrachloride CCl)، وتم استخدامه مؤخرًا في إنتاج CFC-11 و CFC-12، فهو يمثل نسبة أقل من 8٪ من إجمالي نضوب طبقة الأوزون، ويُعد المركب سائلًا عديم اللون ويُصنف المركب على أنه هيدروكربون مهلجن لأن كل الهيدروجين الموجود في الميثان (CH4)، وهو الهيدروكربون، قد تم استبداله بذرات الهالوجين (الكلور).[٧]


ومن الأنشطة الصناعية التي تساهم في إطلاق مركبات رباعي كلوريد الكربون:[٨]

  • مطفأة الحريق.
  • استخدامه كمذيب صناعي، ومبخر زراعي.
  • وفي تكرير البتروكيماويات، ومبيدات الآفات وإنتاج الأدوية.
  • أنظمة التبريد وإزالة الشحوم من المعادن.
  • تصنيع بعض المنتجات الإلكترونية.
  • وإضافات لبعض أنواع البنزين.
  • وتبخير أنواع من الحبوب، ومذيب لعدد من العمليات الصناعية.



ميثيل الكلوروفورم

تُدعى مركبات الميثيل الكلوروفورم (Methyl chloroform)، ويُعرف في ثلاثي كلورو الإيثان، وهو مذيب صناعي متعدد الأغراض، واستعمل في الخمسينيات كبديل لرابع كلوريد الكربون، ويمثل ميثيل الكلوروفورم ما يقرب من 5٪ من إجمالي نضوب طبقة الأوزون، كما يظهر مركب ميثيل الكلوروفورم سائلًا نقيًا، عديم الرائحة ومتطاير.[٧]


وتم استخدامه في العديد من الأنشطة الصناعية مثل:[٩]


  • تنظيف الأجزاء المعدنية والإلكترونية.
  • مُخدر للعمليات، وفي بعض العلاجات كالكوليرا والسيلان والمغص والتشنجات.
  • وبعض المستهلكات المنزلية مثل: معاجين الأسنان وشراب السعال ومراهم الجلد، وتم إيقاف هذه الاستعمالات مباشرة لأضراره الكثيرة.
  • يُستخدم اليوم بالكثير من التفاعلات التي تجري عليه كمذيب للدهون والزيوت والشموع والمطاط وعدد من الأدوية.


ومما سبق يتضح أنَ الأسباب الصناعية لها دور كبير في تكوين المركبات الكيميائية التي تضر في طبقة الأوزون وتزيد ثقبه، ويتنوع إصدار هذه المركبات تبعًا للصناعات التي تدخل بها، كما ذُكر سابقًا.



الأسباب الطبيعية المسببة لثقب الأوزون

تُعرف الأسباب الطبيعية، بتلك الأسباب الناتجة من ظواهر طبيعية بعيدة عن صنع الإنسان، والتي تسببت في ثقب الأوزون على النحو الآتي:


  • البراكين: تؤثر الغازان المُطلقة من البراكين بطريقة غير مباشرة في ثقب الأوزون، حيث اكتشف العلماء أن الجسيمات الناتجة عن الانفجارات البركانية الكبرى أحد أهم مسببات الثقب، لأنّها توفر سطحًا تحدث عليه التفاعلات الكيميائية، وهذا يعزز استنفاد الأوزون الناتج عن الكلور، حيث تشكل البراكين حوالي 3٪ من الكلور في الستراتوسفير.[١٠]
  • النشاط الشمسي: تسبب الاختلافات في الإشعاع الشمسي، مثل التوهجات الشمسية والبقع الشمسية، والتغيرات في الأطوال الموجية (مثل الأشعة فوق البنفسجية أو المرئية الأطوال الموجية)، سبب رئيسي في اختلاف درجات الحرارة العالمية، مما يسببالاحتباس الحراري والذي بدوره يؤثر على طبقة الأوزون.[١١]


  • حرائق الغابات الطبيعية: يؤثر احتراق الغابات لفترات طويلة على حرارة المناخ، إذ يُطلق احتراق الغابات الكربون المخزن، مما يزيد الغازات الدفيئة كغاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي واحتباسه، فيسبب ارتفاع في درجة درجة حرارة الجو فتؤثر سلبًا على طبقة الأوزون.[١١]
  • ذوبان التربة الصقيعية: ترتكز هذه التربة على كل من القطبين الشمالي والجنوبي وتحتفظ بداخلها بكميات كبيرة من الكربون، إذ يؤدي ذوبانها إلى الانطلاق المفاجئ لهذا الكربون المحتبس في الغلاف الجوي، مما يؤدي إلى اختلال في دورة الكربون والعمليات الطبيعية الأخرى والتأثير على طبقة الأوزون.[١١]


ومن الأسباب السابقة يتبين أنَ للأسباب الطبيعية أثرًا كبيرًا في زيادة الاحتباس الحراري وبالتالي زيادة ثقب الأوزون، نتيجة للتغيرات الحاصلة بسببها كإطلاق الكربون وغاز ثاني أكسيد الكربون وبعض من الجسيمات التي تُعد وسطًا ملائمًا للتفاعلات الكيميائية التي تزيد من توسع الثقب.



كيف تشكل ثقب الأوزون؟

يُدمر الأوزون على نحو رئيسي بواسطة ClO (أكسيد الكلور)، والذي ينتج عن تحلل الجزيئات الحاملة للكلور بواسطة أشعة الشمس، حيث تشارك هذه الجزيئات كمحفز للتفاعل للمساهمة في تدمير جزيئات الأوزون،[١٢] وقد بدأ ثقب الأوزون في الظهور فوق القارة القطبية الجنوبية والطرف الجنوبي من أمريكا الجنوبية، على النحو الآتي: [١٢]


  • يبدأ أوزون الستراتوسفير في التقلص في نصف الكرة الجنوبي في أول فصل الربيع، ويصل إلى أقل من 50٪ من قيمته الطبيعية في شهر تشرين أول، ويعود إلى المستويات الطبيعية مع بداية كانون الأول.
  • تتشكل الدوامة القطبية، إذ إنَّ القطب الجنوبي يكون في ظلام دام 24 ساعة في منتصف الشتاء، لذلك يصبح الهواء فوقه باردًا جدًا، فيكون ضغطه منخفضًا.
  • يمتص الضغط المنخفض قطب الهواء الأكثر دفئًا والقريب من خط الاستواء نحو القطب، وحركة الهواء الدافئ جنوبًا يُدوَر في رياح دائرية بواسطة دوران
   الأرض. 
  • تتشكل الرياح الدائرية (الدوامة القطبية) تتمركز فوق القطب الجنوبي مثل الهالة، وتعزل الهواء فوق القطب وتسمح له بأن يصبح أكثر برودة، فيصبح الستراتوسفير فوق القطب باردًا بالقدر الكافي لتشكيل السحب.


  • تتشكل القطرات وبلورات الجليد في السحب الستراتوسفيرية على تسريع تكسير الأوزون بواسطة الكلور، مما يؤدي بشكل أساسي إلى إزالة الأوزون من طبقة
  الستراتوسفير السفلية والسماح بضعف الكمية المعتادة من الأشعة فوق البنفسجية للو صول للسطح. 
  • يتكون ثقب الأوزون في القطب الشمالي لأن الدوامة الشتوية القطبية الشمالية أصغر وأكثر دفئًا من الدوامة الجنوبية، إلا أنَ هناك انخفاض بنسبة 30٪ في أوزون القطب الشمالي كل آذار، ومن الجدير ذكره أن مستويات الأوزون انخفضت بنسبة 3-6٪ فوق خطوط العرض (الوسطى) المأهولة بالسكان.


مما سبق توضح أن بدايات تشكل ثقب الأوزون كانت في القطبين الجنوبي والشمالي من الكرة الأرضية، والذي يظهر بصورة كبيرة في القطب الجنوبي، والذي يُدمر الأوزون بشكل عام هو أكسيد الكلور والتفاعلات الحاصلة بسببه.



هل يمكن أن يتم تدمير طبقة الأوزون بالكامل؟

أظهرت الدراسات الحديثة منذ عام 2018 بدء التعافي في ثقب طبقة الأوزون في الطبقة الخارجية منه، وكان هناك انخفاضًا في الجزء السفلي من الطبقة فوق خطوط العرض المنخفضة حيث يعيش الإنسان ويستخدم صناعاته، وفي تشرين أول من عام 2019، لوحظ أن ثقب الأوزون الموجود فوق القارة القطبية الجنوبية قد صغر، ووفقًا لوكالة ناسا وصل ثقب الأوزون فوق القارة القطبية الجنوبية إلى ذروته البالغة 6.3 مليون ميل مربع في 8 أيلول وانكمش على طول الطريق إلى 3.9 مليون ميل مربع خلال الفترة المتبقية من أيلول وتشرين الأول، وفي آذار من عام 2020، لاحظ العلماء أن طبقة الأوزون الواقعة فوق القارة القطبية الجنوبية قد تعافت لأنّ العديد من التغيرات الجوية في نصف الكرة الأرضية الجنوبي قد توقفت، وما إن لوحظ ذلك كان في الناحية الأخرى علماء من مركز الفضاء الألماني واللذين لاحظوا ثقب بالطبقة يبلغ مليون كيلومتر في القطب الشمالي، ولاحظوا شفاءها خلال عام 2020.[١٣]


من الجدير ذكره أن أكثر الدول استهلاكًا للمواد المستنزفة لطبقة الأوزون وبالتالي ستعاني من مشاكل الثقب أكثر، هي، الصين بالدرجة الأولى حيث يبلغ استهلاكها للمواد هذه (15691 طنًا)، ومن ثم البرازيل حيث يبلغ (1165 طنًا)، وبعدها السعودية والتي يبلغ استهلاكها ( 1448 طنًا).[١٤]


مما سبق يتضح أنَ ثقب الأوزون ينقص في حال قللت البشرية استخدام المواد المستنزفة له، ويلاحظ أن الثقب متأرجح ما بين الاضمحلال في مكان والتعافي في آخر.

المراجع

  1. "Emissions Gap Report 2019 Global progress report on climate action", unep, Retrieved 26/2/2021. Edited.
  2. Misha Ketchell (18/9/2019), "Climate explained: how much of climate change is natural? How much is man-made?", theconversation, Retrieved 19/2/2021. Edited.
  3. "Industrial Sector", encyclopedia, 22/2/2021, Retrieved 19/2/2021. Edited.
  4. ^ أ ب "Chlorofluorocarbons (CFCs)", encyclopedia, 8/3/2021, Retrieved 19/2/2021. Edited.
  5. "Hydrofluorocarbons", encyclopedia, 13/3/2021, Retrieved 19/2/2021. Edited.
  6. "Halons", encyclopedia, 4/3/2021, Retrieved 19/2/2021. Edited.
  7. ^ أ ب "Other Ozone Depleting Substances", ozone-hole, Retrieved 19/2/2021. Edited.
  8. "Carbon Tetrachloride", encyclopedia, 22/2/2021, Retrieved 19/2/2021. Edited.
  9. "Chloroform", encyclopedia, 7/3/2021, Retrieved 19/2/2021. Edited.
  10. "Ozone destruction", volcano.oregonstate, Retrieved 19/2/2021. Edited.
  11. ^ أ ب ت "Natural Causes Of Global Warming", all-recycling-facts, Retrieved 19/2/2021. Edited.
  12. ^ أ ب "Ozone Layer And Ozone Hole Dynamics", encyclopedia, 15/2/2021, Retrieved 19/2/2021. Edited.
  13. "Earth's Ozone Layer Has Been Healing Since 33 Years: Why It Matters In Climate Change Fight", indiatimes, 27/4/2020, Retrieved 19/2/2021. Edited.
  14. Hannah Ritchie and Max Roser (1/6/2018), "Ozone Layer", ourworldindata, Retrieved 19/2/2021. Edited.
5360 مشاهدة
للأعلى للسفل
×