أشعار حامد زيد

كتابة:
أشعار حامد زيد


الذهب

يا كثر ما رافقت خلّان وأحباب

ويا كثر ما في شدتي هملوني

على كثر ما أعدهم ستر وحجاب

على كثر ما احتجتهم واتركوني

من صارت الخوّه ثمن حفنة تراب

نفس الوجيه اللي نصوني نسوني

من غير ذكر فروق، وعروق، وأنساب

كانوا ثلاثة.. والثلاثة جفوني

علّمتهم وشلون الأهداف تنصاب

ولما سواعدهم قوت.. صوبوني

عشاني أصغرهم عمر صاروا أحزاب

عشاني أصدقهم قصيد اظلموني

إللي نجاح اسمي زرع فيهم أنياب

حتى النصيحة ما بغوا ينصحوني

دام العطايا عندهم دين وأتعاب

والله لو أطلب ذنبهم ما عطوني

طالب نصيحة، كني طالب أرقاب

وهي نصيحة؟! كيف لو زوّجوني؟

كنت أكتب لنفسي مشاريه وعتاب

ولا أدري إنّ إللي قروني... قروني

تضاربت من دوني عقول وألباب

واجد بغوا غيري... وواجد بغوني

أقفل هدب... تسهر على شعري أهداب

كني حبست إرقادهم في جفوني

لو شفتهم واحد... يشوفوني اسراب

من وين ما لدوا نظرهم لقوني

أثني وجودي بينهم محرق أعصاب

ومزعل بعضهم من بعض لو طروني

يا كبري بعيني وأنا توني شاب

وأهم كتاب الشعر حاربوني

حتى ولو يهوي على نجمي شهاب

يكفيني إن اسمي كبير بعيوني

كد قال أبوي: إن هبتهم قول: ما هاب

لو يقدرونك قول: ما تقدروني

ما دام قبري محتضن رأس مرقاب

على كثر ما تقدرون ادفنوني

لو ماني بذيب انهشت عظمي ذياب

لو ما عرفت أثبت وجودي لغوني

لو ما سكنت وجيههم مت بغياب

لو ما قدرت أمحي ورقهم محوني

أصبحت الأصعب لأنهم كانوا أصعاب

جننتهم مثل ما جننوني

ما جيت أبدبل كبدهم شعر وخطاب

لين أدبلوا كبد الذي خلفوني

يا ويل وجهي كن للدمع مخلاب

ما جف ماه ولا استحى من طعوني

كل ما طرالي منظرمريب وأرتاب

كان الوحيد اللي يحرك شجوني

قبلة صلاة، وذكر، وخشوع، وكتاب

وأمي على سجادة النور دوني

تدعي لي الله يفتح بوجهي أبواب

تتوسله بالشّدة يكون عوني

من كثر ما خفاقها بالدعاء ذاب

صارت تحس إن زملاي اكرهوني

بشرتها: يمّه معي ربع وأصحاب

ماني لحالي وأجد إللي يبوني

من يوم ما حاز قلمي كل الألقاب

قلطتهم في دفتري واحفظوني

الله وهبنيهم بني عم وأجناب

من يوم جيت أعجبتهم واعجبوني

وإعجابهم فيني ما هو بأية إعجاب

بأسلوبي، بشرحي، بطرحي، بلوني

لو قلت عن نفسي (بشر)..صرت كذاب

لو قلت: (دمي من ذهب) صدقوني

لو بكيفهم كان زرعوا دربي أعشاب

لو بيدهم يتشبهون اشبهوني

من كثر ما صاروا من طبوعي أقراب

حتى بلبسة شمغهم قلّدوني

واجد دعوني وأغلقوا دوني الباب

وكثار ناس أبكي لهم ما بكوني

لو طالوا لهدمي مناسيب وأطناب

كان وغلاتك من زمان أهدموني

مدام حطّوا فيني عيوب وسباب

جنبت عنهم مثل ما جنّبوني

أصلًا لو أن بخوتي شي ينعاب

ذبحت نفسي قبل لا يذبحوني

أنا يدي لو ماكست متني ثياب

نذرٍ عليّ لقطع يدي من متوني

مو عيب أجي مدعو ولا أشوف ترحاب

العيب لو إني رجعت إن دعوني

ما دمت آجي ولا يحسبون لي حساب

حرمت أروح إذا يبوني يجوني


غدر الخناجر

عفا الله عن خطا غدر الخناجر والضلوع أبطال

بسامح وأتركك تحت الظلام الحالك لحالك

دخيلك وفّر دموعك ترى هدر الدموع إذلال

وترى ما فيه أحد يصبر مثل صبري بغربالك

أنا عيب عليّ أنقض كلامي والرّجال أفعال

وإذا قلت أقطع أحبالك تراني بقطع حبالك

عشان أكسب هدب عينك تجرعت العذاب

أشكال وليتك ترأف بحالي علشان أرأف بحالك

مسوّي في حياتي شي ما يذكر ولا ينقال

حشا حتى العدو وهو العدو ما يعمل أعمالك

تمسيني على الهم وتصبّحني على الغربال

تقلطني فناجيلك وتقصر عنّي دلالك

تحمّلت التعب لجلك وأنا حملي يهدّ جبال

رحلت من العذاب وما وقفت إلا على جالك

علامك كل ما جيك متواضع جيتني تختال؟

معاك اليا متى بصبر وصبري معك يحلالك؟

مثل ما إقبلت لعيونك لزوم تلد لي بإقبال

ومثل ما قد حشمتك حسّ واحشم قلبي أشوى لك

أنا محدن بجابرني أساير معك هالمنوال

ترى لاني تبيع لك ولاني بأصغر عيالك

أنا جيت أعشقك نبض ومشاعر ما أعشقك (تمثال)

أنا جيت أسكنك وأحياك وأبقى فيك وأبقى لك

أنا جيت بظما عاشق تعب يطرد سراب اللال

أنا جيت استفزّ رضاك من فرقاك وألجأ لك

أنا ما همت بك عاقل أنا كنت أعشقك بخبال

أنا ما كنت أحبك حيّ أنا كنت أعشقك هالك

تخيّل من كثر ما أخاف تلقى للزّعل مدخال

أخاف أخطي على طيفك وأدوس برجلي ظلالك

تبعتك والعرب تتبع رعود البارق الهمال

وأنا شفت المطر يتبعك في حلك وترحالك

كأن إللي خلق حسنك خلقني مع جسدك ظلال

وصرت أقرب جسد يمشي معك بأقفاك وإقبالك

أبي قلبك يحس إنه فقد بمحبته رجال

ملكته من هدب عين وخسرت رضاه بإهمالك

صحيح إن الفراق أقسى ولكن الوصال محال

أنا صعبن علي أرضي غرورك وأضعف قبالك

بعد ما حققت عيني فبعدك للرقاد آمال

أعود للسهر؟ -- يا خوي فال الله ولا فالك

ببدل نظرتك فيني وآجي لك كل يوم بحال

يكون أقرب من ثيابك عليك ولا تهيّأ لك

بلمك وأنثرك وأجمعك وأرجع وأنثرك بإهمال

بخونك وأزعلك وأرضيك وأزعل منك وأرضى لك

أبرسم بالثّرى وجهك وأبدفن صورتك برمال

أبشكي للعرب فرقاك وأضحك عند عُذّالك

أبهديك الوصال فراق وأهديك الفراق وصال

بسوّي مثل ما شوفك تسوي وأفعل أفعالك

عشان تعرف من فينا الزَّعول ومن وسيع البال

أبيك تذوق فنجالي وأنا بذوق فنجالك

نصيحة واحتفظ فيها قصر معك الزمن أو طال

أبي تسمع كلامي زين وتحطّه على بالك

إذا حُبّك هبال أطفال لك عندي هبال أطفال

ولا! وأبشر بعد بهبال حبٍ ما هو بهبالك

وإذا قصدك تهين اسمي عشان تشمت العُذّال

ترى لا أنته ولا غيرك! ولا عشرة من أشكالك


الأم

قصيدتي زاد بعيوني جمالها

وأخذت أنقي بالمعاني جزالها

وأكتب معانيها من الشوق والغلا

لأمي وأنا أصغر شاعر ٍمن عيالها

كتبتها في غربتي يوم رحلتي

لما طرالي بالسفر ما طرالها

أمي وأنا بوصف لها زود حبها

وإن ما حكيت لها قصيدي حكالها

أمي لها بالقلب والجوف منزله

مكانة ماكل محبوب نالها

أقرب من ظلالي وأنا وسط غربتي

وأنا تراي أقرب لها من ظلالها

ما شافت عيوني من الناس غيرها

ولا خلق رب الخلايق مثالها

أغلى بشر في جملة الناس كلهم

وأكرم من إيدين المزون وهمالها

أتّبع رضاها ورتجي زود قربها

واللي طلبته من حياتي وصالها

الصدق مرساها والأشواق بحرها

والعطف وإحساس الغلا رأس مالها

أهيم فيها وابتسم يوم قلبها

يسأل وأنا قلبي يجاوب سؤالها

وإن اطلبتني شي فزّيت مندفع

أموت أنا وأحمل تعبها بدالها

وأصبر على الدنيا والأحزان والتعب

وأحمل على متني فطاحل جبالها

وأسهر أعذّب راحة القلب بالشقا

وأعيش أعاني بس يرتاح بالها

تربية أبوي اللي على الطِّيب بذكره

اللي وهبني الحياة ومجالها

نور لي دروبي وأنا طفل مبتدي

حتى تركني واحد من رجالها

الوالدين أولى بالإحسان لجلهم

وأولى بتكريم النفوس وعدلها

أقولها وأنا على الله متّكل

والله عليم بقدرتي واحتمالها

يا كلمة أغلى من الناس كلهم

يا شمس بقلبي بعيد زوالها

يا فرحة تملي لي الكون بأكمله

يا شجرة تكبر ويكبر ظلالها

تضحك لي الدنيا ليا شفت زولها

مثل السما تزهى بطلة هلالها

والبعد عنها ياهل العرف ما قدّره

لا شك ناري زايدة بشتعالها

ما عيش ببلاد ولا هيب بأرضاها

ولا بي عيوني كان ما هي قبالها

أرضٍ تدوس أمي بالأقدام رملها

أموت فيها واندفن في رمالها


أول الغيث

بسم الله أكبر وأول الغيث فرسان

جادت غيومه وانبنى السّور من طين

كن الثرى ينبت مباني وجدران

وكن السمى تمطر شيوخ وسلاطين

نوِِ سكبه الله على قصر دسمان

وأمطرت يا غيث الضّعاف المساكين

يا شيخ جابر يا سلايل كحيلان

أنشهد أن اللي سواتك قليلين

أقولها كلمة ولا نيب ندمان

لا عودت يمّ الرجال الميامين

سافرت بلدان وتعدّيت بلدان

ومرّوا على عيني نشاما كثيرين

على كثر ما شفت بالناس شجعان

ما شفت مثل الشيخ جابر لي هالحين

الله جمع طيبة هل الأرض بإنسان

قرمٍ فطره الله على العقل والدين

سلطان كنّه مهو بأي سلطان

واحد ويسوى في نظرنا ملايين

يا شيخ طيبك يرهق عقول وأذهان

نظرة طموحك تتعب العقل والعين

مدّة يدينك طالت الإنس والجان

وأعمال خيرك شيّبت بالشياطين

من شبه أسياد العرب فيك غلطان

أنت الوحيد إللي قلبت الموازين

والله لو أمدح طيبة فلان وفلان

فزعتك وين وفزعة ربيعهم وين

الفرق واضح والرّجاجيل شتّان

والناس صارت تعرف الزّين والشّين

لو عند حكام العرب كثرك إيمان

ما كان ضاعت من يدينا فلسطين

يا درعنا إللي ما تزعزع ولا لان

يا سيف عدل سله الوقت لسنين

يا فزعة المبلي ليا جاك منهان

يا شوق تلعات الرّقاب المزايين

من لا نظر في وجهك السمح ما زان

ومن لا دعالك ما عرف قيمتك زين

ومن لا تشرف بالحكي معك خسران

ومن لا وصلك وقبل إيديك مسكين

لولاك ما كنا ولا مجدنا كان

ومن غير عدلك ما تدوم القوانين

المدح في غيرك من الناس نقصان

والخير من غيرك مثل مدة الدين

يا كويت تفداك الخرايط والأوطان

وتهون لمجادك تواريخ وسنيسن

وترخص على شانك توابيت وأكفان

ويحلى على رملك نزيف الشرايين

يا كويت حنّا للشّدايد والأحزان

جينا عشان نموت وأنتِ تعيشين

كرامتك تبقى وتحفظ وتنصان

وإن ضاعت نفوس العرب ما تضيعين

الله خلقنا للعداوات عدوان

وصدورنا تبرى بطعن السكاكين

ولو ضرب حسادك يزعزع بالأبدان

حنّا بضربة نقسّم الجمع نصّين

وإن كأنهم وسط الميادين قشران

حنّا القشر فينا بليا ميادين

وإذا الحميا فيهم حمية إخوان

حنّا حميتنا حمية مجانين

للهرج ميدان وللأفعال ميدان

وللمجد درب وللشّهامة عناوين

وللفخر ناس وللتّواريخ بيبان

وللموت سوق وللتّجارب عناوين

يأبو مبارك والله أنك كحيلان

وأنشهد أن إللي سواتك قليلين

مرت عليّ الطّيبة أشكال وألوان

وقابلت حكّام وملوك وسلاطين

على كثر ما شفت حكام شجعان

ما شفت مثل الشيخ جابر لي هالحين.


فراق الأكابر

الله يعين العقل ويثبّت الدين

في حزن لا منسي ولا هو بعابر

بصدورنا كأنه طعون السّكاكين

وفعيوننا مثل الكفن والمقابر

حنّا حزِنّا لشيوخ البعيدين

وشلون ما نحزن على الشيخ جابر

يا أكبر غلا تدمع على شانه العين

يا أعزّ من ناحة عليه المنابر

يا متعب بعطفك شموخ السّلاطين

ومثبّت بزهدك سموّ المخابر

يا من خلقه الله وطن للمساكين

يا أصدق قصيد سيلته المحابر

رحت وتركت محبتك عندنا دين

علمتنا معنى فراق الأكابر

يا سيدي نلقى مثل طيبتك وين

وأنت الذي تكبر وغيرك يكابر

إن غاب جابرنا يجي جابر منين

وإحنا ملاهيفك مثل ما أنت خابر

حنّا يبكينا فراق البعيدين

وشلون ما نبكي على موت جابر


الجريمة

يوم ثارت في جنون من جنون الجاهلية

عاتبتني لين شبت في شراييني لهبها

واستفزتني وفزت وزعلت مني عليه

وستضاقت من كلامي يوم زعلني عتبها

من بعدها ما بقى لي في محانيها بقية

أسدلت دمع المحاجر للبكا ورخت هدبها

والله إني ما نويت أبدي معاها بالخطية

بس هي إللي تعدت حدها لحظة غضبها

والله إني كنت أكابر بالعتب بحسن نية

بس أبدري هو صحيح إني الوحيد إللي عجبها

يمكن إني كنت قاسي بالعتب معها شوية

كثر ما كانت تمنى راحتي واعشق تعبها

جرحتني بالكلام وكبرت حيل القضية

واخسرت بي كل عرق من شراييني كسبها

ولا هي ما كان فيها للموادع مقدرية

والجفا كانت تعافه بس مدري وش قلبها

ليتني ما رحت اقياس قيمتي عند بدوية

رجعت لي كل عرق حبها ولا نهبها

وعلمتني كيف بالجفا وانتصر وأبقى ضحية

وعلمتني كيف قلبي لو غلبها ما غلبها

وعلمتني يوم صدت عنفوان الأجودية

ما تلوح للمقفي لو سلبها ما سلبها

رابية بين القبايل والعرب وأهل الحمية

عاقله ما تبذر إلا نخلة تعرف رطبها

إن تهادت ذكرتني في خفوق العامرية

وإن تمادت تركب إبليس الرجيم وما ركبها

جفنها لا سلهمت به ما يطليق السامرية

تسحبه برضاه عينه وان سهت عينه سحبها

وإن حكت تعطي مكانه للحروف الأبجدية

كن كلمتها تلفت للكلام اللي عقبها

والحروف اليا تعدت بالشفاه النرجسية

كنها صارت قصيدة بس ربي ما كتبها

وش بوصف من حلاها وش بخلي للبرية

ما بها بالحسن عيب واكشفته إلا حجبها

شعرها فيه الخوي اللي تبرى من خويه

والشفا لو تشرب الما واختلط فيها شربها

كن في ضمة شفاها جمرتين بنار حيه

كل من حس بدفاها وحترق صد وقربها

شفتها مثل الجريمة وابتليت أبها بليه

غلطةٍ جيت أتحاشى ظلمها قلت ارتكبها

كل شي شفت فيها فيه نبرة جاذبية

موهبة من فضل ربي وأشهد أن الله وهبها

كلها لله بلله فاتنه ها لآدمية

عاجبتني من بداية رأسها لا سفل كعبها

لو تبادلني شعوري والهدية بالهدية

ما وفت لي لو تبيع ثيابها وأغلى ذهبها

هملتني والقلوب الجرهدية جرهدية

وحرقتني والمحبة نارها تآكل حطبها

ولا أنا ما كنت أكابر والليالي السرمدية

يمكن إن إللي غصبني للولع فيها غصبها

يا خوفوقي وأدري إنك منت في حاجة وصية

شف مكاني وإنت تدري وين هي يمة عربها

رح لها وإن كان فيها قلب يطمح في مجيه

شف طلبها في عروقه وإن حصل تمم طلبها

وأنشده وإن قال عنها من هدر دمي بريه

قلة إن اللي حصلي بالمحبة من سببها

ولو يقول إني تعمدت الخطأ لجل الأذية

قله إني ما تحمل بالعتب قلة أدبها

ولو يقول إني أنا إللي كنت بادي بالخطية

قل هي إللي تعدت حدها لحظة غضبها
6117 مشاهدة
للأعلى للسفل
×