محتويات
علم النحو
علم النحو في اللغةِ هو القصد، ويقال "نَحا إلى الشيء" أيّ قصده ومال إليه، والنحو في الاصطلاح هو العلم الذي يدرس أحوال آخر الكلمات إعرابًا وبناءً، بوساطته تتمّ معرفة ضبط الكلمات وحركتها، والتغييرات التي تطرأ عليها، ليحفظها من اللحن، وكانت الغاية من علم النحو فَهمَ آيات كتاب الله وسنّه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأطلق عليه هذا الاسم لأنَّ المتكلم ينحو به عن اللحن في كلامه ويبتعد عن الخطأ، وينحو به طريق كلام العرب في الألفاظ والتراكيب، وسيتحدث هذا المقال عن واحد من المنصوبات في علم النحو وهو المفعول به، وسيخصّص الحديث حول أشكال المفعول به وعلامات إعرابه والأحكام المتعلّقة به.
أشكال المفعول به
في علم النحو أبواب وقواعد كثيرة جدًا تُسهِّل على دارسها إتقان اللغة العربية والغوص في محيطها الواسع والمنصوبات في اللغة هي باب أساسيّ من أبواب النحو، والجدير بالذكر منها المفعول به، وهو اسم يدلُّ على ما وقع عليه الفعل سلبًا أو إيجابًا، مثل: "قطفَ المُجدُّ ثمرةَ العملِ"، ولم تتغيّر للمفعول به صورة الفعل، وأشكال المفعول به هي: [١]
- المفعول به الصريح: وهو الذي يتعدى إليه الفعل بنفسه، مثل: "أحبُّ المخلصَ في عمله"، ويأتي بعد الفعل المتعدي إلى مفعول واحد مثل: "قرأ زكريا مقالةً"، أو إلى مفعولين أصلهما مبتدأ وخبر مثال قوله تعالى: {إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ}[٢]، أو إلى مفعولين ليس أصلهما مبتدأ وخبر مثل: "منحتُ لصديقي الودَّ"، أو إلى ثلاثة مفاعيل مثال قوله تعالى: {كَذَٰلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ}[٣].
- المفعول به غير الصريح: ثاني أشكال المفعول به وهو على ثلاث أقسام، أولها هو المفعول به الذي يتعدى إليه الفعل بحرف الجرّ مثل: "رغبتُ في العمل"، والقسم الثاني هو الجملة التي تقع موقع المفعول به مثل: "رأيتُ العلم يبني والجهل يهدِم"، أمّا الثالث المصدر المؤول مثل: "أودُّ أن تحافظ على وقتك وتواظب على عملك" والتقدير هنا: أودُّ محافظتَك ومواظبتَك.
أحكام المفعول به
بعد الحديث عن أشكال المفعول به يجيب الإشارة وبالتفصيل إلى الأحكام المتعلقة بالمفعول به وهي متعدّدة، توضح لنا علامات إعرابه الفرعية والأصليَّة، كما توضح حالات تقديمه على الفاعل ومن أحكام المفعول به ما يأتي: [٤]
- النصب بالفتحة الظاهرة أو المقدرة أو ما ينوب عنها كالألف في الأسماء الخمسة، والياء في المثنى أو في جمع المذكر السالم، والكسرة في جمع المؤنث السالم مثل: "أوقّرُ الأمهاتِ".
- الأصل في المفعول به أن يتأخر عن الفعل والفاعل، وقد يتوسط بينهما، وقد يتقدم عليهما، مثلًا يتوسط المفعول به بين الفعل والفاعل وجوبًا كما في قوله تعالى: {يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ}[٥].
- إذا تعدّى الفعل إلى أكثر من مفعول واحد؛ فلبعض المفاعيل الأصالة في التقديم، وذلك مثلًا إذا كان المفعول به في الأصل فاعل مثل: "ألبستُ الصغيرَ ثوبَه الجديد" فالصغير هنا المفعول به الأول وهو في الأصل الفاعل من حيث المعنى فهو من لبس الثوب، إذا كان المفعول به الأول مطلقًا والثاني مُقيدًا مثل: "اخترت زيدًا من القوم" فالمفعول به الأول "زيدًا" مطلق، أما الثاني فمقيدٌ بحرف الجر.
- يجوز حذف المفعول به لغرضين أولهما هو لفظيّ كتناسب الفواصل، مثال قوله تعالى: {وَالضُّحَىٰ [٦]* وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ [٧]* مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ[٨]}، أي: ما قلاك، وثاني الغرضين هو معنويّ كاحتقار المفعول به مثال في قوله تعالى: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي}[٩] والتقدير: لأغلبن الكافرين.
العامل في المفعول به
من الجدير بالذكر بعد الحديثِ عن أشكال المفعول به التعرض إلى العامل في المفعول به وهو الفعل المتعدي، وما يعمل عمل الفعل المتعدي كالمصدر مثل: "يُحمدُ عونَ الأخِ أخاه"، أو اسم الفاعل مثل: "أطلَّ الربيع حاملًا سحره وزهره"، أو اسم المفعول مثل: "المُجدُّ مُعْطَى مكافأةً"، وقد يُنصب الاسم على شبه المفعوليَّة بعد الصفة المشبهة مثل: "زيدٌ حسنُ الخلق"، والأصلُ في العامل أن يكون مذكورًا، وقد يُحذف جوازًا إن كان الكلام الموجب للحذف أو المانع منه كقولك: "زيدًا" في جواب السؤال: "مَنْ أُكرِم؟"، ويُحذف العامل وجوبًا في عدة مواضع منها في باب الاشتغال مثل: "زيد أكرمتُه" لأنَّ الفعل المذكور عوض عن المحذوف والعوض والمُعَوَّض لا يجتمعان، أو يُحذف في باب النداء مثل: "يا أعدلَ الناسَ"، أو في باب الإغراء وذلك بشرط التكرار أو العطف مثل: "الجهادَ الجهادَ" أو "المروءةَ النجدةَ"، أو في باب التحذير بِـ "إيّاك" وفروعه مثل: " إيّاك المِراء"، أو في أسلوب الاختصاص مثل: "نحن _العربَ_ أوفى الناسِ ذمةً وأكرمهم نفسًا"، وفي الأمثال لأنَّها لا تتغير كقولهم: "كلُّ شيءٍ ولا شتيمةُ حرٍّ" والمقصود: افعل كلَّ شيءٍ. [١٠]
تراكيب خاصة من المفعول به
بعد الحديث عن أشكال المفعول به، وشرح العامل فيه، والاستطراق للأحكام الهامة المتعلقة به، هناك تراكيب خاصة لا بدّ من ذِكرها عند الحديث عن المفعول به، والاستشهاد عليها بأمثلة توضح فكرتها، ومن هذه التراكيب: [١٠]
- الاشتغال: هو أن يتقدّم اسم ويتأخّر عنه عامل اشتغل بنصبه لضمير ذلك الاسم أو لملابس ضميره عن نصبه للاسم المتقدم نفسه، بحيث لو تفرغ له لنصبه مثل: "الكتابَ قرأته، وسعدًا أكرمته أخاه".
- التنازع: وهو أن يتقدم عاملان ويتأخر عنهما معمول مطلوب لكلٍّ منهما من حيث المعنى مثل:" جاءَ وجلس زيد، زارني وأكرمتُ سعدٌ"، ويُسمّى العاملان المتقدّمان "المتنازعين"، والمعمول المتأخر: "المتنازَع عليه".
- الإغراء: هو نصب الاسم بفعل محذوف تقديره "ألزم"، أو ما في معناه نحو " النجدة"، والغرض من الإغراء تنبيه المخاطب على أمرٍ محمود فعله.
- التحذير: هو نصب الاسم بفعل محذوف تقديره "احذر"، أو ما في معناه مثل: "الكذب" أو "إياك النميمة"، والغرض منه تنبيه المخاطب على أمرٍ مكروه لمتجنبه.
- الاختصاص: نصب الاسم بفعل محذوف وجوبًا تقديره: : "أخصُّ" أو "أعني" بعد ضمير لبيان المراد منه وقصر الحكم الذي للضمير عليه مثل: " نحنُ معاشرَ الأنبياءِ لا نُورثُ، ما ترَكْنا فهو صدقةٌ" [١١]، فالضمير "نحن" صالح لكلِّ المتكلمين، ولكنَّه خُصّص بقوله: "معاشر الأنبياء" فتبين المراد منه، وقُصر الحكم "عدم الإرث" الذي للضمير على هذا الاسم المنصوب، أيّ عدم التوريث مقصور على الأنبياء دون سواهم.
المراجع
- ↑ "مفعول به"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 22-06-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الصافات، آية: 69.
- ↑ سورة البقرة، آية: 167.
- ↑ "حكام المفعول به"، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 22-06-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة غافر، آية: 52.
- ↑ سورة الضحى، آية: 1.
- ↑ سورة الضحى، آية: 2.
- ↑ سورة الضحى، آية: 3.
- ↑ سورة المجادلة، آية: 21.
- ^ أ ب " المفعول به "، www.almerja.com، اطّلع عليه بتاريخ 22-06-2019. بتصرف
- ↑ رواه ابن كثير، في تفسير القرآن، عن -، الصفحة أو الرقم: 5/207 ، صحيح.