تُعدّ المقامات فنٌاً من الفنون الأدبية، وهي قطعة نثرية تختم بأبياتٍ شعرية في أغلب الأحيان، لها مغزىً معين، وهي أشبه بقصةٍ خيالية يكون لها بطلٌ تدور حوله الأحداث وراوية يروي أحداث هذه القصة، وهي مطعمة بضروب البلاغة بلغةٍ جزلة، وأول من كتب فها بهذه الصورة هو بديع الزمان الهمذاني [١]
أشهر كتب المقامات
مقامات الهمذاني
مؤلفها هو أحمد بن الحسين الهمذاني الملقب ببديع الزمان الهمذاني، ومقاماته لها بطلٌ اسمه أبو الفتح الإسكندري، وراوية يروي أحداث هذا البطل اسمه عيسى ابن هشام، وكان موضوع مقاماته الكدية أو ما يسمى بالشحاذة، ويروى أنّ مقاماته قاربت الأربعمئة إلّا أنّه لم يصلنا إلا عشرها، وأما تسمية مقاماته فكانت تسمى باسم طائفة معينة كالساسانية، أو باسم شخصٍ كالمقامة الجاحظية، أو باسم مدينةٍ كالمقامة النيسابورية والمقامة البغدادية، وبطل المقامات ينصب شباكه وحيله لاستلاب أموال الناس.[٢]
ومقامات الهمذاني تعرض واقع مجتمعه ومرفقاته فيذكر المساجد، والحوانيت، والمطاعم، وغيرها، ومغزى مقاماته متنوع فأحياناً تدور حول النقد، وأحياناً حول الشعر وغيرها، كما يعرض في مقاماته مشاكل المجتمع، والهمذاني يعرض أفكاره بطريقةٍ دعابية تجلب البسمة لسامعيه، وأما عن أسلوبه في المقامة فكان عموده الأول هو السجع، بالإضافة إلى ضروب البلاغة كالتشبيهات والاستعارات، والجناس، ومراعاة النظير وغيرها.[٢]
مقامات الحريري
مقامات الحريري هي مقاماتٌ كتبها القاسم بن علي بن محمد بن عثمان الحريري، وبطل مقامته هو أبو زيد السروجي، وراويها هو الحارث بن همام وقد قصد به نفسه، ومقاماته تقوم على الكدية على غرار مقامات الهمذاني، ولكن الحريري اختلف عن الهمذاني في أنّ مقاماته كانت لتربية الناشئة على الأساليب البلاغية.[٣]
لهذا كانت مقاماته فخمة الألفاظ سادها التعقيد، ومقاماته كتبت بخط يده لهذا لم يحصل فيها ما حصل في مقامات الهمذاني من التشتت بين الرواة، وضياع المقامات، ومقاماته نسجت على غرار مقامات الهمذاني في الصنعة البلاغية فقامت على السجع ومطعمة بضروب البلاغة، واختلف عنه في تعقيدها حيث صعّب الأداء، فكانت بعض الكنايات في مقاماته أشبه بالألغاز، وضمن مقاماته التوشيح بالآيات القرآنية، واحتوائها على الأمثال والحكم.[٣]
ومقاماته لم تكن قائمة على النقد الاجتماعي كمقامات الهمذاني بل كانت تعليمية فنراه يخصص مقامةً للفقه، ومقامةً للنحو وغيرها، وصحيح أنّ مقامات الهمذاني نالت شهرةً أوسع في الأوساط النقدية ولكن مقامات الحريري نالت شهرةً لدى كتاب المقامات فراحوا يحتذون أسلوبها.[٣]
مقامات اليازجي
تعرف مقامات اليازجي بأنّها مقاماتٌ كتبها ناصيف بن عبدالله بن ناصيف بن جنبلاط بن سعد اليازجي في العصر الحديث (توفي في شباط 1871م)، وعنوان مقاماته (مجمع البحرين) وقد أخذ الاسم من القرآن الكريم، ولعله أراد بالبحرين النظم والنثر أو قصد بهما مقامات الهمذاني والحريري، فمقاماته كانت خليطاً من أسلوبهما، بلغت مقاماته ستين مقامةً، بطلها الشيخ ميمون بن خزام، والراوية سهل بن عباد، وموضوع مقاماته الكدية.[٤]
وكان متأثراً بالحريري أكثر من تأثره بالهمذاني، فطغت عليه المسحة السوداوية المتشائمة حيث كان سيئ الظن بالناس، يعتقد أنّ مكارم الأخلاق قد ذهبت مع الأولين ولم يعد هناك سبيلٌ إلا الاحتيال للعيش، وقد تنوعت مغازي مقاماته ولكنها كلها كانت تدور في فلك التعليم كالطب والفلك والنحو واللغة وغيرها.[٤]
أما أسلوبها فكان أقرب للحريري، ولغته كانت أقرب للقدماء من لغة العصر الذي عاش فيه، وهدفه في مقاماته كهدف الحريري، حيث قصد تعليم الناشئة مختلف العلوم وصوغها بلغةٍ جزلة؛ ليثبت أنّ اللغة العربية لغةٌ حيةٌ قادرة على استيعاب مختلف العلوم. [٤]
المراجع
- ↑ خليل مردم بك، كتاب مجلة الثقافة السورية، صفحة 1- 23. بتصرّف.
- ^ أ ب شوقي ضيف ، تاريخ الأدب العربي، صفحة 5- 669 - 673. بتصرّف.
- ^ أ ب ت شوقي ضيف، الفن ومذاهبه في النثر العربي، صفحة 297- 301. بتصرّف.
- ^ أ ب ت الدکتورة سهاد جادري والطالبة ابتسام ناصر، "دراسةعن ناصیف الیازجي ومقاماته"، ديوان العرب، اطّلع عليه بتاريخ 25/1/2022. بتصرّف.