أغراض الشعر الأموي

كتابة:
أغراض الشعر الأموي

الشعر الأموي

لم تُتَحْ الفرصة للأدب العربيّ أن يتطوّر في فترةِ صدرِ الإسلام؛ فقد كانت فترةً قصيرة، فعندما بدأت العهد الأمويّ بدأ الأدب بالازدهار والتطوّر، ووضحت سماتُه وأغراضُه، وقد تأثرت الأغراض الشعرية في العصر الأموي بسبب الظروف السياسيَّة والعوامل الدينيّة والاجتماعيَّة، فقد ظهرت فئات وأحزاب سياسيَّة ودينية كان لها شعراؤها، منها الخوارج التي ظهرت معارِضةً لاستلام بني أميّة للحكم، وقد نقل بنو أميَّة الخلافة إلى حاضرة جديدة وهي دمشق، التي أثَّرت طبيعتها الجديدة في الشعر الأموي، فظهرت أغراض جديدة للشعر بالإضافة للتي كانت في العصر الجاهليّ والإسلاميّ، وسيتحدث هذا المقال عن أغراض الشعر الأموي. ويذكر قصائدَ نُظِمت في هذا العصر. [١]

أغراض الشعر الأموي

ظهرت تطوّرات كثيرة في الشِّعر في الأمويّ، وكان له مميّزاته الخاصّة، منها أنَّ العرب قد فتحوا بلادًا جديدةً واستقرّوا فيها، فسببت لهم الغربة إحساسًا بالحنين إلى موطنهم الأصليّ، والفتن التي ظهرت في المجتمع التي كانت لها الأثر الواضح في نفوس الشعراء، كما ظهر الغنى والترف بسبب اتساع رقعة الدولة وزيادة الخيرات فيها، وكلُّ ذلك أثَّرَ بشكلٍ واضح في أغراض الشعر الأموي وأضاف له أغراضًا جديدة بالإضافة إلى أغراض الشعر العربي التقليديّة ومن هذه الأغراض ما يأتي: [٢]

  • شعر المديح: كانت غاية الشاعر الأموي من شعر المديح نيلَ المكاسب وأخذ الهدايا والأُعطيات من الممدوح، وغالبًا ما كانوا يَمدحون من يملك السيادة والسلطان مثل الخلفاء والولاة والفرسان وأبناء القادة، ومن الشعراء الأمويّين الذين اشتُهروا بهذا النوع من الشعر في العصر الأمويّ الشاعر الأخطل.
  • شعر الهجاء: إنَّ الدافع الأول الذي طوَّر من شعر الهجاء في العصر الأمويّ هو ظهور الأحزاب والفرق السياسَّة بكثرة، والعصبية القبيلة التي عادت للظهور من جديد بعد أن انطفأت قليلًا في عصر صدر الإسلام، وبعد أن كان الهجاء يهدف إلى التقليل من شأن الطرف الآخر اصبحت فنًا قائما بحدِّ ذاته واسمُه النقائض، وقد كانت موجودة من قبل في الجاهلية والإسلام، لكنهَّا ازدهرت في العصر الأموي، ومن شعراء الهجاء والنقائض في هذا العصر جرير والفرزدق.
  • شعر الغزل: كتب الكثير من الشعراء في العصر الأموي في شعر الغزل، هذا الشعر الذي يعبِّر فيه الشاعر عن حبِّه ومشاعره اتجاه المرأة التي يحبُّها، و كان الغزل العذري متميزًا في هذا العصر ومن شعراء الغزل المشهورين في عصر بني أميَّة قيس بن الملوح وجميل بن معمر.
  • شعر الزهد: تجلَّت الروح الإسلاميَّة في أحد أغراض الشعر الأموي، وظهر فيه أثر القرآن الكريم واضحًا وهو شعر الزهد، الذي كان يدعو إلى التقوى والعفاف والعمل الصالح والرّزق الحلال، ومن شعراء الزهد أبو الأسود الدؤليّ.
  • شعر الطبيعة: تأثّر الشعراء بجمال الطبيعة في البلاد الجديدة الذي فتحها المسلمون، فكتبوا القصائد الطّوال التي تصفُ جمال أنهارِها وأشجارها وخُضرتها وثمارها، بالإضافة إلى وصف الطبيعة الأمّ في الحجاز من صحراء وواحاتٍ ونخيل، ومن الشعراء الذين وصفوا الطبيعة في العصر الأموي ذو الرمَّة والرّاعي النُّمَيريّ.

قصائد من الشعر الأموي

تنوّعت القصائد بتنوّع أغراض الشعر الأموي، وقد كان أثرُ الانقسام السياسيّ والأحزاب والفئات الموجودة في المجتمع واضحًا في قصائد شعراء ذلك العصر، بالإضافة إلى أنَّهم لم يهملوا الأغراض الأخرى للشعر بل برعوا فيها، وبقيت تخلِّدُ إبداعهم وتشرح طبيعة الحياة في العصر الأموي، ومن أمثلة هذه القصائد:

  • قصيدة في الغزل للشاعر القيس بن الملوح يقول فيها: [٣]

أَنيري مَكانَ البَدرِ إِن أَفَلَ البَدرُ

وَقومي مَقامَ الشَمسِ ما اِستَأخَرَ الفَجرُ

فَفيكِ مِنَ الشَمسِ المُنيرَةِ ضَوءُها

وَلَيسَ لَها مِنكِ التَبَسُّمُ وَالثَغرُ

بَلى لَكِ نورُ الشَمسِ وَالبَدرُ كُلُّهُ

وَلا حَمَلَت عَينَيكِ شَمسٌ وَلا بَدرُ

لَكِ الشَرقَةُ اللَألاءُ وَالبَدرُ طالِعٌ

وَلَيسَ لَها مِنكِ التَرائِبُ وَالنَحرُ
  • قصيدة هجاء للشاعر الفرزدق يقول فيها: [٤]

يا اِبنَ المَراغَةِ وَالهِجاءُ إِذا اِلتَقَت

أَعناقُهُ وَتَماحَكَ الخَصمانِ

ما ضَرَّ تَغلِبَ وائِلٍ أَهَجَوتَها

أَم بُلتَ حَيثُ تَناطَحَ البَحرانِ

يا اِبنَ المَراغَةِ إِنَّ تَغلِبَ وائِلٍ

رَفَعوا عِناني فَوقَ كُلِّ عِنانِ

كانَ الهُذَيلُ يَقودُ كُلَّ طِمِرَّةٍ

دَهماءَ مُقرَبَةٍ وَكُلَّ حِصانِ
  • قصيدة يمدح فيها جرير عبدَ الملك بن مروان يقول فيها: [٥]

أَتَصحو بَل فُؤادُكَ غَيرُ صاحِ

عَشِيَّةَ هَمَّ صَحبُكَ بِالرَواحِ

يَقولُ العاذِلاتُ عَلاكَ شَيبٌ

أَهَذا الشَيبُ يَمنَعُني مِراحي

يُكَلِّفُني فُؤادي مِن هَواهُ ظَعائِنَ

يَجتَزِعنَ عَلى رُماحِ

ظَعائِنَ لَم يَدِنَّ مَعَ النَصارى

وَلا يَدرينَ ما سَمكُ القَراحِ

لَعَمري لَقَد أَفشَيتُ يَوماً فَخانَني

إِلى بَعضِ مَن لَم أَخشَ سِرّاً مُمَنَّعا

فَمَزَّقَهُ مَزقَ العَما وَهوَ غافِلٌ

وَنادى بِما أَخفَيتُ مِنهُ فَأَسمَعا

فَقُلتُ وَلَم أَفحَش لَعاً لَكَ عالياً

وَقَد يَعثرُ الساعي إِذا كانَ مُسرِعاً

فَلَستُ بِجازيكَ المَلامَةَ إِنَني

أَرى العَفوَ أَدنى لِلسَّداد وَأَوسَعا

المراجع

  1. "الأدب في العصر الأموي"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 17-05-2019. بتصرّف.
  2. "أغراض الشعر في عصر صدر الإسلام والعصرالأمويّ(الهجاء)"، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 17-05-2019. بتصرّف.
  3. "أنيري مكان البدر إن أفل البدر"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 17-05-2019.
  4. " يا ابن المراغة والهجاء إذا التقت"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 17-05-2019.
  5. " أتصحو بل فؤادك غير صاح"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 17-05-2019.
  6. "لَعَمري لَقَد أَفشَيتُ يَوماً فَخانَني"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 17-05-2019.
6501 مشاهدة
للأعلى للسفل
×