أفضل الأعمال ليلة الإسراء والمعراج

كتابة:
أفضل الأعمال ليلة الإسراء والمعراج

حادثة الإسراء المعراج

الإسراء والمعراج من أعظم المنح التي منّ الله بها على النّبيّ محمّد –صلّى الله عليه وسلّم- فقد منحه الله –تعالى- إيّاها بعد معاناة مديدة مع قريش، بعد فقده لزوجته "خديجة" –رضي الله عنها– المؤنس له في وقت الشّدة، وعمّه "أبي طالب" سنده في وجه قريش، وبعد إيذائه وردّه من أهل الطّائف الذين سلّطوا عليه صبيانهم وعبيدهم، عندما ذهب إليهم ليدعوهم إلى التّوحيد ونبذ الشّرك، فرموه بالحجارة، حتّى أدموا قدميه الشّريفتين، فوقف متّجهًا إلى ربّه مستغيثًا به، فجاء الإذن الرّبّانيّ، فكانت حادثة الإسراء والمعراج، قال الله -تعالى-: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ}.[١] فأفضل أعمال ليلة الإسراء والمعراج؟[٢]

أفضل أعمال ليلة الإسراء والمعراج

ذكر القصّاص أنّ النّبيّ –صلى الله عليه وسلم- أسري به ليلة السّابع والعشرين من رجب، وهذا الكلام غير مثبتٍ ولا صحّة له، وقد أقرّ هذا الكلام الحافظ بن حجر العسقلاني –رحمه الله تعالى- إذًا فالسّادس والعشرين أو السّابع والعشرين من رجب لم يقل به النّبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- ولا أحد من صحابته الكرام –رضوان الله عليهم- إنّما هو قول اشتهر، وقال به بعض الأئمة، ونُسب إلى الإمام النّووي -رحمه الله- بينما نجد الإمام أبا إسحاق الحربيّ يقول: إنّ الإسراء والمعراج ليس في ليلة السّابع والعشرين من رجب بل في ليلة السّابع والعشرين من ربيع الأول.[٣]

فلمعرفة أفضل أعمال ليلة الإسراء والمعراج، لم يثبت شيء بتحديد تلك اللّيلة، ولكنّه أصبح معروفًا عند المسلمين منذ قرون بأنّ الإسراء والمعراج وقع في ليلة السّابع والعشرين من رجب، وبعد معرفة عدم ثبوت تاريخ حادثة الإسراء والمعراج، فيجب أن يعرف المسلمون بأنّه لم يثبت أنّ النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- خصّص تلك اللّيلة بحفلٍ أو قيام ولا نهارها بصيام، فلا يترتب أيّ عبادة خاصّة بالحادثة، أو عمل يتقرب به إلى الله –تعالى- ولا يشرع فيها قيام ولا في صبيحتها صيام. فالنّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- انتقل إلى الرّفيق الأعلى بعد أن اكتمل الدّين كلّه، لم يبقَ شيء من الدّين ينتظرونه الصّحابة، فقد اكتمل الدّين قبل موت النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- عندما أنزل الله -تعالى- عليه: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً}.[٤] ولو كان إحياء ليلة الإسراء بالحفل والقيام ونهارها بالصّيام من الديّن، لأخبر العباد به النّبيّ -عليه أفضل الصّلاة والسّلام- ولما أخفاه عنهم.[٣]

دروس وعبر في رحلة الإسراء والمعراج

بعد الحديث عن أفضل أعمال ليلة الإسراء والمعراج، فلا بدّ من استخلاص بعض الدّروس والعبر من رحلة الإسراء والمعراج، حادثة الإسراء والمعراج هذا الحدث الجليل، جاء تكريمًا وتثبيتًا وتأكيدًا لروح التّفاؤل والأمل في صدور المؤمنين المجاهدين؛ وما أكثر الدّروس والعبر التي يمكن ملاحظتها في هذه المعجزة الخالدة! ومن هذه الدّروس الجليلة:[٥]

  • درس الثبات على الحقّ: نأخذ ذلك من رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بعد عودته من رحلة الإسراء والمعراج، فدخل على زوجته أمّ هانئ -رضي الله عنها- وأخبرها بما حدث معه، وعندما أراد الخروج من عندها، أخذت بثوبه، وقالت له: يا رسول الله لا تخبر بهذا أحدًا من النّاس، فلن يصدّقوك، فجذب ثوبه، وخرج من عندها وأخبر النّاس بما رأى، وحدث معه.
  • وحدة الرّسالات السّماويّة: إذ جمع الله تعالى الأنبياء فصلّى بهم النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- إمامًا في المسجد الأقصى تكريمًا وتشريفًا لجميع الأنبياء وعلى رأسهم سيّدنا محمّد، عليهم الصّلاة والسّلام.
  • مكانة المسجد الأقصى في الإسلام: للمسجد الأقصى مكانة خاصة عند المسلمين، فهو قبلة كثير من الأنبياء من قبل مجيء الإسلام، وقد صلّى إليه النّبيّ محمّد وصحابته في بداية الدّعوة، وقبل أن تحوّل القبل إلى الكعبة الشريفة، وقد ارتبطت، وتوثّقت علاقة المسلمين بالمسجد الأقصى بعدما أسري بالنّبيّ -صلّى الله عليه وسلم- من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى وفيه زاده الله تشريفًا وتكريمًا عندما صلّى إمامّا بالأنبياء، وكذلك يعتبر المسجد الأقصى هو المسجد الثّالث الذي يشدّ المسلم إليه الرّحال، بعد المسجد الحرام، و المسجد النّبويّ.
  • حادثة الإسراء والمعراج جاءت تكريمًا وتشريفًا وتسليةً للرّسول: فخلال تلك الأيّام الشّديدة التي واجهها، فكأن الله سبحانه يقول لرسوله: يا محمّد فإن ضاقت عليك الأرض بما رحبت، فلن تضيق عليك السّماء.
  • معجزة الإسراء والمعراج وثيقة الصّلة بجهاد المسلمين: وكان ذلك ضدّ المعتدين لأنّ مثل هذه المعركة تتطلّب نوعين من القوّة، قوّة مادّيّة سريعة دافعة رادعة للعدوان في أسرع وقت ممكن، وقوّة معنويّة تملأ الطّوايا والخفايا، وتطهّر القلوب والنّفوس وتسمو بالأرواح والمشاعر.
  • الإخلاص في الصّداقة مواقف ومبادئ: عندما رجع النّبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- من رحلة الإسراء والمعراج وأخبر قريش بما حدث معه، فأسرع جمع من قريش إلى أبي بكر يسألونه عن رأيه فيما سمعوا من محمّد –صلّى الله عليه وسلّم- فقال لهم: لئن كان قال ذلك لقد صدَقَ، قالوا: أو تُصَدِّقُه أنه ذهب الليلةَ إلى بيتِ المقدسِ و جاء قبل أن يُصبِحَ ؟ قال: نعم إني لَأُصَدِّقُه فيما هو أبعدُ من ذلك، أُصَدِّقُه بخبرِ السماءِ في غُدُوِّه أو رَوْحِه، فلذلك سُمِّي أبو بكٍر الصِّديقَ. [٦] إذًا فمن خلال المواقف والشّدائد يمكن معرفة الصديق الحقيقيّ من غيره، ولله درّ من قال:

جزى اللهُ الشّدائدَ كلّ خيرٍ

عرفتُ بها عدويّ من صديقي
  • ترمز إلى أسرع قوّة مادّيّة، وإلى أعلى قوّة روحيّة: وما أكثر العظات والعبر الخالدة، فلو أنّ نفحة من نفحات الغيرة الإسلاميّة ارتفعت منّا إلى مرتبة الرّضا الإلهيّ، فعمّرنا يوم الإسراء والمعراج بخطوة حاسمة، يكون فيها غسل العار، وأخذ الثأر وتحرير الدّيار.

المراجع

  1. سورة الإسراء، آية: 1.
  2. "كلمة عن الإسراء والمعراج"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 19-06-2019. بتصرّف.
  3. ^ أ ب "الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 20-06-2019. بتصرّف.
  4. سورة المائدة، آية: 3.
  5. "دروس من الاسراء والمعراج"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 20-06-2019. بتصرّف.
  6. رواه الألباني، في السلسلة الصحيحة، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 306، متواتر.
4465 مشاهدة
للأعلى للسفل
×