اللزوم والتعدي
ينقسم الفعل من حيث اللّزوم والتّعدي إلى لازم ومتعدٍّ، والفعل اللّازم: هو الفعل الذي يكتفي بفاعله ولا يحتاج إلى مفعول به لإتمام معنى الجملة، فلا يتعدّى إلى مفعول به، مثل: يقفُ الفارسُ شامخًا، والفعل المتعدّي: هو الفعل الذي يتعدّى أي يتجاوز فاعله إلى المفعول به، فلا يكتفي بفاعله لإتمام المعنى، مثل: كتبَ الطّالبُ الوظيفةََ، "الوظيفة" مفعول به، أو يتعدّى إلى مفعولين اثنين، مثل: جعلتُها لوحةً جميلةً، "الهاء" مفعول به أوّل، "لوحة" مفعول به ثانٍ، أو يتعدّى إلى ثلاثة مفاعيل، مثل: أريتُ الطّالبَ العلمَ نافعًا، "الطالب" مفعول به أوّل، "العلم" المفعول الثّاني، "نافعًا" المفعول الثّالث، وفي هذا المقال سيتمّ الحديث حول أفعال التحويل في النحو. [١]
أفعال التحويل في النحو
أفعال التحويل في النحو هي أفعال تدلّ على انتقال الشّيء من حالة إلى أخرى تخالفها، و تسمّى أيضا أفعال التّصيير، وتكون بمعنى صيّر، تنصب مفعولين لا يشترط أنْ يكونا مبتدأ وخبرًا، تدخل على الجملة الاسميّة مصحوبة بفاعلها فتنصب المبتدأ ويصبح مفعولًا أوّلًا لها، وتنصب الخبر ويصبح مفعولًا ثانيًا لها، وأفعال التحويل في النحو سبعة أفعال: "صيَّر": صيّرتُ الحطبَ فحمًا، "جعل": جعلنا الأرضً ممهّدةً، "اتـَّخذ": اتّخذتُ الطّالبَ خليلًا، "تخِذ": تخِذتُ أخي صديقًا، "ترك": تركتُهم يتباكونَ، "وهبَ": وهبني الله فداءً للعلم، "ردَّ" ردَّ الماء بخارًا، وهذه الأفعال لا تنصب مفعولين إلّا إذا كانت بمعنى (صيّر) الدّالّة على التّحويل، فإن كانت جعل بمعنى (خلق)، نحو: جعلَ اللهُ الكونَ، أي: خلق الله الكون، وكانت ردّ بمعنى (رجع)، نحو: رددتُهُ إليك. وترك بمعنى (خلّى)، نحو: تركت الجهلَ. كانت هذه الأفعال متعدّية لمفعولٍ واحدٍ فقط. [٢]
أمثلة إعرابية
تمّ انتقاء آيةً قرآنيّة، وثلاثة أبيات من الشّعر تحتوي على أربعة أفعالٍ مختلفة من أفعال التحويل في النحو، لإجراء تطبيقات إعرابيّة مع الإشارة إلى الشّاهد ووجه الاستشهاد والصّور البلاغيّة التي وردت فيها كما يأتي:
- قال الله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} [٣]آية قرآنيّة من سورة النّساء، الفعل الوارد فيها "اتّخذ" بمعنى حوّل، أي: حوّل الله تبارك وتعالى مكانة سيّدنا إبراهيم، بأنْ جعلَهُ صفيًّا خالص المحبّة له، الإعراب كالآتي: "الواو": استئنافيّة، "اتّخذ": فعل ماضٍ، "الله": اسم الجلالة فاعل مرفوع، "إبراهيم": مفعول به أوّل منصوب، "خليلا": مفعول به ثانٍ منصوب. والشّاهد "الآية"، ووجه استشهاد: نَصب الفعل اتّخذ الدّال على التّصيير مَفعولين هما "إبراهيم، خليلًا".
- تَخِذْتُ غَرازَ إثرَهُمُ دَلِيلًا
- وفرُّوا في الحجازِ ليُعْجزُوني
البيت لأبي جندب الهذليّ، يقول فيه: تتبعتُ آثارهم في وادي غراز، لكنهم هربوا منّي خلسة في الحجاز، دون أن أعرف وجهتهم أو مكانهم. أمّا الإعراب فكالآتي: "تخذْتُ": فعل ماضٍ مبني على السّكون، و"تُ": ضمير متّصل في محلّ رفع فاعل. "غراز": مفعول به أوّل منصوب. "إثرهم": ظرف مكان منصوب متعلّق بِـ "تخذ" و"هم" ضمير متّصل في محلّ جرّ مضاف إليه، "دليلًا": مفعول به ثانٍ منصوب، "وفرّوا": "الواو": عاطفة أو حاليّة، "فرّوا": فعل ماضٍ وفاعل، "في الحجاز": جار ومجرور متعلّقان بِـ "فرّوا"، "ليعجزوني": اللام للتّعليل، "يعجزوني": فعل مضارع منصوب بأن المضمرة بعد لام التّعليل، والواو فاعل، والنّون للوقاية، و"الياء": ضمير متّصل في محل نصب مفعولًا به، والمصدر المؤوّل من أن المضمرة والفعل يجزوني في محل جر باللّام والجار والمجرور متعلّقان بالفعل "فرّوا"، وجملة"تخذتُ" ابتدائيّة لا محلّ لها من الإعراب. جملة: "فرّوا" معطوفة على سابقتها، أو في محلّ نصب حال، وجملة "يجزوني": صلة الموصول لامحلّ لها من الإعراب، والشّاهد "تَخِذْتُ غَرازَ إثرَهُمُ دَلِيلًا"، ووجه الاستشهاد: نصب الفعل "تخذ الدّال على التّصيير" مفعولين هما "غرازًا، دليلًا". [٤]
- ورَبَّيْتُهُ حتَّى إذا ما تَرَكْتُهُ
- أخا الْقَوْمِ واسْتَغْنَى عَنِ المَسْحِ شارِبُهْ
البيت لفرعان بن الأعرف، قوله: "واستغنى عن المسح شاربه"، كناية عن شيخوخته، فاكتفى بنفسه، ولم تعد به حاجة إلى الخدمة، والإعراب كالآتي: "ربيتُهُ": فعل وفاعل ومفعول به، "حتّى": ابتدائية، "إذا": ظرفيّة شرطيّة غير جازمة مبنيّة على السّكون في محلّ نصب، "ما": زائدة، "تركتُهُ": فعل ماضٍ وفاعله ومفعوله الأوّل، والجملة في محل جر بإضافة إذا إليها، "أخا": مفعول به ثانٍ لترك، وأخا مضاف، و "القوم": مضاف إليه، "واستغنى": فعل ماضٍ، "عن المسحِ": جار ومجرور متعلّق باستغنى، "شاربُهُ"، شارب: فاعل استغنى، وشارب مضاف، والهاء ضمير متّصل مبنيّ على الضّمّ في محلّ جرّمضافًا إليه، والشاهد: قوله: "تَرَكْتُهُ أخا الْقَوْمِ"، ووجه الاستشهاد: نصب الفعل "ترك" مفعولين؛ لأنّه يدلّ على التّصيير، أحدهما الهاء التي هي ضمير الغائب، وثانيهما قوله "أخا". [٥]
- فردّ شعورَهُنَّ السُّودَ بيضًا
- وردّ وجوهَهُنَّ البيضَ سودَا
البيت لعبد الله بن الزّبير (على خلاف في نسبته)، وقوله: "فردّ شعورهنّ السّد بيضًا" كناية عن شدّة الحزن، و "ردّ وجوههنّ البيض سودا": كناية عن شدة اللّطم، الإعراب: "فردّ" الفاء عاطفة، ردّ: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو، "شعورهن"، شعور: مفعول به أوّل لردّ، وشعور مضاف وضمير النّسوة مضاف إليه، "السّود": صفة لشعور "بيضًا" مفعول به ثانٍ لردّ، و"ردّ وجوههنّ البيضَ سودَا" مثل الجملة السّابقة، الشّاهد: " فردّ شعورهنَّ إلخ"، وقوله: "وردّ وجوههنّ إلخ"، ووجه الاستشهاد: نصب الفعل "ردّ" في كلا الشّطرين مفعولين؛ لأنّه دلّ التّصيير والتّحويل. [٦]
المراجع
- ↑ "الفعل من حيث التّعدِّي واللّزوم"، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 07-06-2019، بتصرّف.
- ↑ ابن عقيل، شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك، صفحة 428، اطّلع عليه بتاريخ 07-06-2019، بتصرّف.
- ↑ سورة النّساء، آية: 125.
- ↑ "المشؤوم » لقد أمسى بنو لحيان مني"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-06-2019، بتصرّف.
- ↑ "دعوة أبي"، www.ahlalhdeeth.com، اطّلع عليه بتاريخ 07-06-2019، بتصرّف.
- ↑ "أفعال التّصيير"، www.books.google.com، اطّلع عليه بتاريخ 07-06-2019، بتصرّف.