محتويات
ما هي الاستعارة؟ وأنواعها؟
قال تعالى: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ)،[١] فهل كلمتا الظلمات والنور اُسْتعمِلَتَا هنا في معناهما الحقيقي، أي أن الظلمات تشير إلى الظلام والعتمة والنور يشير الضوء؟ أم غير ذلك؟
إن دارس البلاغة يعرف أنهما قد خرجتا لغير معناهما الحقيقي على سبيل المجاز اللغوي، وتحديداً الاستعارة، ومن هنا يمكن تعريف الاستعارة على أنّها من المجاز اللغوي، وهي تشبيه حُذِفَ أحد طرفيه، فعلاقتها المشابهة دائماً، وتقسم إلى: تصريحية، ومكنية.
- الاستعارة التصريحية: هي ما صُرِّحَ فيها بلفظ المشبه به.
- الاستعارة المكنية: هي ما حُذِف فيها المشبه به، ورُمِزَ له بشيء من لوازمه.
وهذا المقال سيقتصر على الاستعارة التصريحية، ففي المثال السابق كلمة الظلمات يقصد بها الكفر والضلال، ويقصد بالنور الإيمان والهدى، وإذا تأملت رأيت أنه تضمن تشبيهاً حُذِفَ منه لفظ المشبه، واستعير بدلاً منه بلفظ المشبه به؛ ليقوم مقامه بادعاء أن المشبه به هو نفس المشبه، وهذا من روعة بلاغة اللغة العربية، ويسمى هذا المجاز استعارة، ولما كان المشبه به مصرَّحاً به في هذا المجاز سمّي استعارة تصريحية.[٢]
أمثلة على الاستعارة التصريحية
فيما يأتي بعض الأمثلة على استخدام الاستعارة التصريحية:[٣]
أمثلة من القرآن الكريم
- قال تعالى: "اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ".[٤]
شُبِّه الدين بالطريق، ووجه الشبه هو أن كليهما يوصل إلى الغاية، واستعير بالمشبه به وهو الطريق (الصراط) ليدل على المشبه المحذوف وهو الدين، على سبيل الاستعارة التصريحية.
أمثلة من الشعر العربي
- قال المتنبي يصف دخول رسول الروم على سيف الدولة الحمداني:
وأقبل يمشي في البساط فما درى
- إلى البحر يسعى أم إلى البدر يرتقي
فشبه المتنبي سيف الدولة بالبحر، ووجه الشبه هو كثرة العطاء، ثم استعير بالمشبه به وهو البحر ليدل على المشبه المحذوف وهو سيف الدولة، على سبيل الاستعارة التصريحية، وأيضاً شبهه بالبدر، ووجه الشبه هو الرفعة، ثم استعير بالمشبه به وهو البدر ليدل على المشبه المحذوف وهو سيف الدولة، على سبيل الاستعارة التصريحية.
- كل زنجية كأن سواد ال
- لَيل أهدى لها سواد الإهاب
فشُبِّهَت السفينة بزَنجية، ووجه الشبه هو السواد، ثم استعير بالمشبه به وهو زَنجية ليدل على المشبه المحذوف وهو السفينة، على سبيل الاستعارة التصريحية، ثم شُبِّهَ طلاء السفينة الأسود بالإهاب وهو الجلد، ووجه الشبه هو أن كلًّا يستر ما تحته، ثم استعير بالمشبه به وهو الإهاب ليدل على المشبه المحذوف وهو طلاء السفينة، على سبيل الاستعارة التصريحية.
- قال الشاعر في وصف مزيَّنٍ:
إذا لمع البرق في كفه
- أفاض على الوجه ماء النعيم
شُبِّهَ الموسى بالبرق، ووجه الشبه هو اللمعان، واستعير بالمشبه به وهو البرق ليدل على المشبه المحذوف وهو الموسى، على سبيل الاستعارة التصريحية.
- قال بعضهم في وصف الكتب:
لنا جُلَساء لا نمل حديثهم
- أَلِبَّاء مأمونون غيباً ومشهدا
شُبِّهَت الكتب بالجلساء، ووجه الشبه هو الاستفادة من كليهما، واستعير بالمشبه به وهو الجلساء ليدل على المشبه المحذوف وهو الكتب على سبيل الاستعارة التصريحية.
- رأيت حبال الشمس كفة حابل
- تحيط بنا من أشمل وجنوب
شُبِّهَت أشعة الشمس بالحبال، ووجه الشبه هو الاستطالة والامتداد، واستعير بالمشبه به وهو الحبال ليدل على المشبه المحذوف وهو أشعة الشمس، على سبيل الاستعارة التصريحية.
- قال المتنبي في ذم كافور:
نامت نواطير مصر عن ثعالبها
- وقد بِشمْنَ وما تفنى العناقيد
شبَّه المتنبي سادات مصر بالنواطير، ووجه الشبه هو ولاية كلٍّ على ما هو مشرف عليه، واستعير بالمشبه به وهو النواطير ليدل على المشبه المحذوف وهو سادات مصر، كما وشبَّه الأشرار بالثعالب، ووجه الشبه هو الدهاء والحيلة، واستعير بالمشبه به وهو الثعالب ليدل على المشبه المحذوف وهو الأشرار، على سبيل الاستعارة التصريحية.
المراجع
- ↑ سورة إبراهيم، آية:1
- ↑ د علي الجارم، د مصطفى أمين، البلاغة الواضحة البيان والمعاني والبديع (الطبعة 1)، بيروت:مؤسسة الكتب الثقافية، صفحة 63 -64. بتصرّف.
- ↑ د علي الجارم، د مصطفى أمين، البلاغة الواضحة البيان والمعاني والبديع (الطبعة 1)، بيروت:مؤسسة الكتب الثقافية، صفحة 63 - 85. بتصرّف.
- ↑ سورة سورة الفاتحة، آية:6