أنواع الحكاية

كتابة:
أنواع الحكاية

الحكاية

الحكاية قصّة بسيطة يمتزجُ فيها الواقع بالخيال، وأهمّ العناصر في أنواع الحكاية جميعها هو التّشويق والإثارة، والحكاية هي أساس للقصة وتستخدم التشويق والإثارة كسلاح يشدّ المستمع إليها، حيث يترقّب نهاية الحدث أو خاتمة القصة بفارغ الصبر، والحكاية ترتبط بزمان محدد مع توالي الأحداث فيها، وهي على بساطتها وقلّة تعقيدها تبقى النواة والأساس لجميع معالم الكتابات المعقدة كالرواية وغيرها، وسيرد فيما يأتي شرحٌ حول أنواع الحكاية.

أثر الحكاية في تربية الأطفال

أصلُ الحكاية شفهيّ من التراث الشعبيّ، وكان يتمثّلُ بحكايا الجدات لأحفادهم ما قبل النوم، ولكنّ هذا النوع من الفن انقرض لأنّ التلفاز قد حلَّ محلّه، وحكاية ما قبل النوم هي نوع مهمّ من أنواع الحكايا، فهي تأتي بالمرحلة الثالثة بعد المرحلة السريرية والجنينية، فيُحكى أن إياس الذكي هذا الذي ضُرِب المثل بذكائه أنّه سأل أمه عن سبب ضجّة أحسَّ بها يومًا في بطنه فتذكرت حادثة الطبق النحاسي الذي كانت تحمله على رأسها قبل مولده، إذ وقع فأحدث ضجة كبيرة وهذا إن دلَّ على شيء فإنه يدل على أثر المرحلة الجنينيّة في توسيع مدارك الطفل، حيث أثبت علم النفس أن ما تقرأه الأم لجنينها خاصّة إن كان من القرآن الكريم يسهم في فتح مداركه العقلية، وللمرحلة السريرية أهمية كبيرة في تهدئة الطفل وإغنائهِ بالمخزون اللغوي.[١]


أمّا سمات حكاية ما قبل النوم فكانت الحكاية تتولى قدرًا كبيرًا في أدب الطفولة، فكانت تتصف بالخيال والطفل قادر على تصور هذي الأحداث المروية كما هي، إذ إنّه يتخيّل البحر والجبل وعروس البحر، بالإضافة إلى النمو اللغوي والعقلي والوجداني أثناء استماع الطفل لتلك الحكاية في أحضان الجدة، والصفة الأخيرة في هذا النوع من أنواع الحكاية هو الجانب الأخلاقي حيث ينتصر الخير دائمًا على الشر في الحكايا.[١]

أنواع الحكاية

الحكاية بأنواعها أشبه بجداول وفروع تتضافر جميعًا لتصبّ في مصب واحد ألا وهو متعة المستمع وانجذابه للراوي، وتسعى الحكاية أيضًا وتشويق ذاك المستمع بأحداثها المتتالية التي تفضي لخاتمة قد تكون في بعض الأحيان غير متوقعة، وسيتطرق المقال الآن لهذين النوعين من أنواع الحكاية.

حكاية شعبية

الحكاية الشعبية هي نوع من أنواع الحكاية التي يقوم على الخيال واختلاق الأحداث و الشخصيات فيه غير واقعية، ويبقى أسلوبها مفهومًا وواضحًا وهي نوع من السّرد الشفويّ عن طريق راوٍ من المفروض أن يروي أحداث الحكاية، وفي بعض الأحيان يمكن الاستغناء عن الراوي وتنسب إلى راوٍ مجهول، وقد تدون في مرحلة ما، ويتصف هذا النوع من الحكايا بسمات عديدة منها:

  • يتكرر فيها الصيغ اللفظية بإيقاع محدد مثل كان يا ما كان. [٢]
  • أن من يبتكرها هو الشعب، فتمر بمرحلة تسمّى الانتخاب للحكاية، فلا يبقى من الحكايات إلّا ما بُني جيدًا.
  • الشخصيات في هذه الحكايا خيالية وأسطورية كعملاق بعين واحدة، وأيضًا يسيطر التناقض على هذي الشخصيات فهناك الفقير والغني، المتعلم والجاهل.
  • تتصف لغتها بالسجع والجناس والطباق لسهولة سردها.
  • هناك بعض الحكايات التي تتضمن معنى التضمين أي عدة حكايا في إطار حكاية واحدة كما في ألف ليلة وليلة، ومنها ما يتسم بالتكرارية أي كل مقطع ينتج مقطعا أخر يشبهه ببنائه كما في موسوعة الأطفال للأخوين كريم.

حكاية خرافية

الحكاية الخرافية من الحكايات السرديّة التي يرويها الراوي ويُفسح المجال فيها للحيوانات بالحديث، فربّما تجري أحداث الحكاية كلها على ألسنة الحيوانات قاطبة، والسبب في أنّ الرواة والكتاب قد ألفوا الحكاية على ألسنة الحيوانات؛ لأنهم كانوا يشكون واقعهم المرير وتردي أوضاعهم، وخوفهم من بطش علية القوم بهم، فكانت هذي الطريقة الوحيدة لتنجيهم من العقاب، بالإضافة إلى أن الحكاية الخرافية هي من أنواع الحكايا التي تنطوي على غرس الأخلاق والمبادئ بنفوس البشر فقد كانت تُضمَّن مغزىً وهدفًا أخلاقيًا، وظهر للقوى الغيبية فيها دورًا واضحًا حيث أُفسح لها المجال للتواجد فيها، وللحكاية الخرافية سمات منها:[٣]

  • تكتفي بالضروريّ من الكلام والرّسم القوي للشخصيات.
  • هناك ثقةٌ بينها وبين الفرد فهي من أنواع الحكايا التي تبني أحداثها على الخرافة مصورةً واقع الفرد المضطهد.
  • قراؤها من عدة طوائف تجمعهم قيم وأفكار واحدة.
  • تتوجه بشكل مباشر للقارئ ويوجد بها الراوي بشكل صريح، ولهذا يفسر حفاظها على صيغة واحدة بالبداية مثل كان يا ماكان، وبالنهاية مثل وعاشا بسبات ونبات وولدا صبيان وبنات.

الكتّاب و الحكاية

عُرفت أنواع الحكاية بالتراث العربي بوقتٍ مبكّر، وهذا ما وُجد بكتب الأصفهاني وابن كثير والمسعودي وغيرهم، وقد اكتسبت صفة الأسمار وأنها تروى للسمر و التسلية، وعندما جاء الإسلام منحها الصفة الشرعية بالدخول في الأخبار، وفي القرن الثاني الهجري بدأ اهتمام الكتاب والشعراء والأدباء فيها، يقول الأصفهاني أنه وُجد في القرنين الثالث والرابع حوالي سبعين كتاب في الحكاية وهي تشمل أنواع الحكاية، وفي العصر العباسي ترجم ابن المقفع كتاب كليلة ودمنة للغة العربية الذي كان يروى على ألسنة الحيوانات، لتمرير بعض الأفكار المعارضة وذلك خشية من بطش السلطان، كما ظهرت كتب حول أحاديث السندباد والسنور والفأر بالوقت نفسه الذي كان يجري فيه مناقشات عن دخول حكايا ألف ليلة وليلة.[٢]

مثال عن الحكاية

إذًا، اللجوء إلى الحكاية كان نوعًا يعتمد عليه الناس من أجل التفلت من العقاب، بالإضافة لطريقة للترفيه عن أنفسهم بالتشويق والاستثارة مرة، أوإفراغ ما في جعبتهم بحكاية يقصونها مرة أخرى، وهذا مثال على إحدى الحكايات في كتاب كليلة ودمنة، باب الحمامة والثعلب ومالك الحزين.[٤]


"قال الملك للفيلسوف: قد سمعت هذا المثل فاضرب لي مثلاً في شأن الرجل الذي يرى الرأي لغيره ولا يراه لنفسه، قال الفيلسوف: إن مثل ذلك مثل: الحمامة والثعلب ومالك الحزين، قال الملك: وما مثلهم؟ قال الفيلسوف: زعموا أن حمامة كانت تفرّخ في رأس نخلة طويلة ذاهبة في السماء، فكانت الحمامة إذا شرعت في نقل العيش إلى رأس تلك النخلة لا يمكنها ذلك إلا بعد شدة وتعب ومشقة لطول النخلة وسحقها، فإذا فرغت من النقل باضت ثم حضنت بيضها، فإذا فسقت وأدرك فراخها جاءها ثعلب قد تعاهد ذلك منها لوقت علمه يقدر ما ينهض فراخها فيقف بأصل النخلة فيصيح بها ويتوعدها أن يرقى إليها فتلقي إليه فراخها.


فبينما هي ذات يوم وقد أدرك لها فرخان، إذ أقبل مالك الحزين فوقع على النخلة، فلما رأى الحمامة كئيبة حزينة شديدة الهم قال لها: يا حمامة ما لي أراك كاسفة البال سيئة الحال؟ فقالت له: يا مالك الحزين، إن ثعلبًا دُهيت به، كلما كان لي فرخان جاءني يهددني ويصيح في أصل النخلة فأفرق منه فأطرح إليه فرخيّ، قال اله مالك الحزين: إذا أتاك ليفعل ما تقولين فقولي له: لا ألقي إليك فرخيّ فارْق إليّ وغرر بنفسك، فإذا فعلت ذلك وأكلت فرخي طرت عنك ونجوت بنفسي.


فلما علّمها مالك الحزين هذه الحيلة طار فوقع على شاطئ نهر، فأقبل الثعلب في الوقت الذي عرف فوقف تحتها ثم صاح كما كان يفعل، فأجابته الحمامة بما علمها مالك الحزين، فقال لها الثعلب: أخبريني من علمك هذا؟ قالت: علمني مالك الحزين، فتوجه الثعلب حتى أتى مالكًا الحزين على شاطئ النهر فوجده واقفًا، فقال له الثعلب: يا مالك الحزين إذا أتتك الريح عن يمينك أين تجعل رأسك؟ قال: أجعله عن شمالي، قال: فإذا أتتك عن شمالك أين تجعل رأسك؟ قال: أجعله عن يميني أو خلفي، قال: فإذا أتتك من كل مكان ومن كل ناحية أين تجعله؟ قال: أجعله من تحت جناحي، قال: وكيف تستطيع أن تجعله تحت جناحك؟ ما أراه يتهيّأ لك، قال: بلى.


قال: فأرني كيف تصنع، فلَعَمري يا معشر الطير لقد فضلكم الله علينا، إنكن تدرين في ساعة واحدة مثل ما ندري في سنة وتبلغن ما لا نبلغ وتدخلن رؤوسكن تحت أجنتكن من البرد والريح فهنيئاً لكنّ، فأرني كيف تصنع، فأدخل الطائر رأسه تحت جناحه فوثب عليه الثعلب فأهذه فهمزه همزة دق بها صلبه ثم قال له: يا عدوّ نفسه ترى الرأي للحمامة وتعلمها الحيلة لنفسها وتعجز عن ذلك لنفسك حتى يتمكن منك عدوك، ثم قتله وأكله".

المراجع

  1. ^ أ ب "الحكاية في أدب الطفولة:"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-06-2019. بتصرّف.
  2. ^ أ ب "حكاية شعبية"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 25-06-2019. بتصرّف.
  3. "حكاية خرافية"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 26-06-2019. بتصرّف.
  4. "باب الحمامة والثعلب ومالك الحزين"، www.al-hakawati.la.utexas.edu، اطّلع عليه بتاريخ 26-06-2019.
6498 مشاهدة
للأعلى للسفل
×