أنواع المدح في الإسلام

كتابة:
أنواع المدح في الإسلام

أنواع المدح في الإسلام

يعرف المدح في اللغة بأنه الاتساع في الشيء مثل انمدحت الأرض أي اتسعت،[١] ومنه المدح في الاصطلاح: نقيض الهجاء وعكسه،[٢] ويعني التوسع في ذكر الصفات الجميلة، في الخِلقةِ أو في الخُلقِ،[١] وليس كل المدح له حكم واحد، فمن المدح ما يحمد، ومنه ما يكون مذموماً.

المدح المحمود

وهو المدح المباح الذي يذكر ما في الآخرين من خير إلا أن له ضوابط شرعية، وهي كما يأتي:[٣]

  • الصدق، فلا ينسب للممدوح ما ليس فيه، وإلا كان المادح كاذباً.
  • التوسط في المدح فلا يصل إلى الإفراط في الثناء على في الممدوح من خير.
  • ألا يكون المدح سبباً في فتنة الممدوح فيقع في الغرور وتعظيم النفس، أو أن يفتن الممدوح في الثناء على طاعته وعبادته فيصابه الفتور في العمل.
  • أن يقيد المدح بما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: (مَن كانَ مِنكُم مَادِحًا أخَاهُ لا مَحَالَةَ، فَلْيَقُلْ: أحْسِبُ فُلَانًا، واللَّهُ حَسِيبُهُ، ولَا أُزَكِّي علَى اللَّهِ أحَدًا، أحْسِبُهُ كَذَا وكَذَا، إنْ كانَ يَعْلَمُ ذلكَ منها)،[٤] أي أنه يتحدث بما يعلم هو والعلم الحقيقي للممدوح هو عند الله -تعالى-.
  • ألا يكون الهدف من المدح الوصول إلى أمر ليس للمادح حقٌ فيه، فيكون المدح كالرشوة لهم[٥]

والمدح المحمود منهج نبوي استعمله النبي -صلى الله عليه وسلم-، فمدح -صلى الله عليه وسلم- بشكل جماعي حيث مدح بعض الصحابة وسماهم المبشرون بالجنة، ومدح بعضاً آخر وسماهم أهل بدر، ومدح غيرهم وسماهم بأهل بيعة الرضوان، ومدح -عليه الصلاة والسلام- أفراداً مثل مدحه لحياء أحد الصحابة، ومدح تلاوة صحابي آخر،[٦]ومدح أمانة صحابي ثالث.

المدح المذموم

وهو المدح الذي فيه الكذب والنفاق، مما يزيد من كبر وبطر وظلم الممدوح، أو المدح الذي يعد وسيلة للتكسب،[٧] وهو المدح الذي نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عنه، لذا (أَمَرَنَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، أَنْ نَحْثِيَ في وُجُوهِ المَدَّاحِينَ التُّرَابَ).[٨]

ويكون المدح مذموماً كما في الأمثلة التالية:[٩]

  • إذا كان في حضور الممدوح لأن ذلك مظنة أن يؤدي إلى مفاسد تضر به وتفتنه، فقد مدح رجلٌ رجلا عند النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال -عليه الصلاة والسلام-: (وَيْحَكَ قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ، قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ مِرَارًا إذَا كانَ أَحَدُكُمْ مَادِحًا صَاحِبَهُ لا مَحَالَةَ، فَلْيَقُلْ: أَحْسِبُ فُلَانًا، وَاللَّهُ حَسِيبُهُ، وَلَا أُزَكِّي علَى اللهِ أَحَدًا أَحْسِبُهُ).[١٠]
  • المبالغة في المدح، حتى يخرج إلى حد التكلف وحد الكذب، قال -صلى الله عليه وسلم-: (إياكم والتمادُحَ ، فإِنَّه الذَّبْحُ).[١١]
  • مدح الظالمين في أي موقع كانوا، لما في ذلك من إعانة لهم على الظلم، وتغريراً لهم بأنفسهم بأن يكونوا ظالمين ويظنوا بالمدح أنهم على خير.
  • مدح من لا يُعرف حاله من الصلاح والفساد، ومن التقوى والفجور.

مدح النفس

لا يعد مدحُ النفس من المدح المذموم، إذا كان الذي يمدح نفسه يعلم بأنه على خير وأنه صادق فيما يقول، وأنه يُحدّث بنعمة الله -تعالى- عليه وهذا من قوله -تعالى-: ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾،[١٢] وقد مدح نبي الله يوسف -عليه السلام- نفسه فقال: ﴿قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ﴾.[١٣]

ومدح عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- في علمه في القرآن الكريم، ومدح نفسه بأنه لا يعلم أحداً أعلم به في القرآن الكريم فقال عن نفسه: ( وَاللَّهِ الذي لا إلَهَ غَيْرُهُ، ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مِن كِتَابِ اللَّهِ إلَّا أنَا أعْلَمُ أيْنَ أُنْزِلَتْ، ولَا أُنْزِلَتْ آيَةٌ مِن كِتَابِ اللَّهِ إلَّا أنَا أعْلَمُ فِيمَ أُنْزِلَتْ، ولو أعْلَمُ أحَدًا أعْلَمَ مِنِّي بكِتَابِ اللَّهِ، تُبَلِّغُهُ الإبِلُ لَرَكِبْتُ إلَيْهِ).[١٤]

المراجع

  1. ^ أ ب الفيومي، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، صفحة 566. بتصرّف.
  2. الخليل بن أحمد الفراهيدي، العين، صفحة 188. بتصرّف.
  3. مجموعة من المؤلفين، مجلة البيان، صفحة 32. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو بكرة نفيع بن الحارث، الصفحة أو الرقم:2662، صحيح.
  5. مجموعة مؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 279. بتصرّف.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم ، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:2464، صحيح.
  7. أبو فيصل البدراني، آفات اللسان، صفحة 17. بتصرّف.
  8. رواه مسلم ، في صحيح مسلم ، عن عبدالله بن سخبرة الأزدي أبو معمر، الصفحة أو الرقم:3002، صحيح.
  9. منقذ السقار، الدين المعاملة، صفحة 98. بتصرّف.
  10. رواه مسلم ، في صحيح مسلم ، عن أبي بكرة نفيع بن الحارث ، الصفحة أو الرقم:3000، صحيح.
  11. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن معاوية بن أبي سفيان، الصفحة أو الرقم:2674، صحيح.
  12. سورة الضحى ، آية:11
  13. سورة يوسف ، آية:55
  14. رواه البخاري ، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:5002، صحيح.
4972 مشاهدة
للأعلى للسفل
×