التسامح
إنّ التسامح هو الصفح والعفو عند المقدرة، ولا بدّ أن يكون التسامح من الصّفات التي قد تجد لها المصاعب على النّفس، فليس سهلًا على المرء أن يصفح ويُسامح من غدر به أو خانه وأن يختلق له الأعذار وأن يتجاوز عن سيئاته وينظر إلى المزايا التي يتمتّع بها، وقد أشارت المختصّة في علوم الطاقة الباطنيّة الدكتورة إجلال إلى وجوب أن يترك المرء الأمر يأخذ مجراه، وأن لا يُبالغ في ردّ فعله كي لا يُعرقل ذلك مسيرة الرّوح في الجسد، فطاقة التّسامح هي طاقة الرّوح ونفحةٌ ربّانيّة لا تتوافق مع الشّرّ والحقد والمشاعر والأفكار السلبيّة، وفيما يأتي من المقال سيتمّ التركيز على أهميّة التسامح في حياتنا.[١]
التسامح في عصر النهضة
الخوض في الحديث عن أهميّة التسامح في حياتنا يُوجب التغلغل إلى تاريخ التسامح وحيثيّاته في عصر النهضة، ففي القرنين السادس عشر والسابع عشر كان التسامح مفهومًا ذو دلالاتٍ معرفيّةٍ وواقعيّةٍ في خضمّ الحروب الدّينيّة، قبل أن يتطوّر هذا المصطلح في القرن العشرين ليأخذ الأبعاد السياسيّة والقانونيّة الحقوقيّة، وقد بدأ ظهور مصطلح التسامح في أوروبا منذ العصر الوسيط، وكان ذلك بعد انتشار التعصّب القبليّ والتطرّف الدينيّ وتشكّل المحاكم، الأمور التي عصفت باستقرار أوروبا، فسبّبت الحرائق والمجازر والجرائم، ممّا دفع العديد من طبقات المجتمع بالمطالبة والدعوة إلى السِلم والمسامحة، وذلك عن طريق الاحتجاج بالكتب المقدّسة والفكر السليم.[٢]
أهمية التسامح في حياتنا
تكمن أهميّة التسامح في حياتنا بكونها أصلٌ ثابتٌ من الأصول التي قامت بها الأديان وخاصّةً الدّين الإسلاميّ، وقد بيّن الله تعالى تسامحه مع عباده في العديد من العبادات التي أُشير إليها في القرآن الكريم، فقد جاء عن التسامح في صوم المريض وغير المقتدر قوله تعالى من سورة البقرة: {أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ۚ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}،[٣] وقد أشار الله -عزّ وجلّ- إلى ضرورة التسامح والصفح وفضله في قوله من سورة الشورى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}،[٤] كما تتّضح أهميّة التّسامح في حياتنا من خلال الآثار التي يُخلّفها التسامح:[٥]
- الآثار النفسيّة: إنّ للتسامح أثرٌ كبيرٌ على كينونة الفرد، والتي تتلخّص في رحابة الصّدر وتأصيل جذور المحبّة والإخاء في النفس البشريّة، كما يزيد التسامح من الثقة بالنّفس ويحثّ النفس على تقدير ذاتها، كما يرسم فاعله البشاشة على محيّى الآخرين.
- الآثار الاجتماعيّة: إنّ للتسامح دورٌ عظيمٌ في الحياة الاجتماعيّة، فإنّه يعمل على تأصيل القيم الاجتماعيّة بين الأفراد وينثر بذور المسامحة والتغاضي و مبدأ العفو بين المقدرة، ممّا يدفع أفراد المجتمع إلى التماسك والتعاضد للسموّ به نحو المجد.
المراجع
- ↑ "التسامح طريقك للسلام والسعادة"، www.sayidaty.net، اطّلع عليه بتاريخ 08-01-2020. بتصرّف.
- ↑ ""التسامح في عصر النهضة": تأصيل تاريخي"، www.alaraby.co.uk، اطّلع عليه بتاريخ 08-01-2020. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 184.
- ↑ سورة الشورى، آية: 40.
- ↑ "التسامح مظاهره وآثاره"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 08-01-2020. بتصرّف.