محتويات
الحيوية والتجديد في الخطاب الفلسفي
يعد الإسلام أروع موجة حضارية تشهدها الإنسانية في تاريخها الطويل إذا ما قورنت بالحضارات السابقة من صينية وهندية ويونانية ورومانية، وقد استغرقت تلك الحضارات قروناً طويلة لتصل قمتها، ولكن سرعان ما أفل نجمها لتصبح حضارات بائدة ومدنيات مندثرة.[١]
في حين أن الحضارة الإسلامية مرت بأطوار ضعف وضمور إلا أنها ما زالت حضارة حية، والدليل على ذلك أنها اليوم مصدر إشعاع فكري وروحي وحضاري ملموس في عالمنا المعاصر.[١]
كما أنّ من المجالات المتجددة في الفلسفة الإسلامية وتعطيها قيمة وأهمية إنسانية لا سيما دعوتها إلى حوار الأديان وهو من القضايا المحورية المستندة إلى رؤيا قرآنية. [٢]
البناء الاستقلالي
إن من أهم ما يميز الفلسفة الإسلامية أنها ولدت في فطرة سليمة وخاطبت عقلاً ناضجاً قادراً على استيعاب الخطاب الإلهي، وعالجت قضاياها بعيداً عن الجدليات الأخرى، الأمر الذي بنى استقلاليتها الذاتية في التفكير بعيداً عن الفلسفات الأخرى، وهذا جزء مميز كي لا يدعي أحد أن الفلسفة الإسلامية جاءت نتاج تعليم بشر.[٣]
تخاطب الفلسفة الإسلامية العقل الإنساني على إطلاقه ولا تطلب منه سوى القلب المفتوح الراغب في تلقي الحقيقة وامتلاكها، بعيداً عن الهوى أو التقليد أعمى أو محاكاة السابقين أو اتباع للظن والوهم الكاذب، كما أنها دعوة صريحة لتحرير العقل من الخرافة والسحر والشعوذة وادعاء معرفة الغيب.[٣]
تميزها من حيث مصادر المعرفة
الفرق بين الفلسفة والفلسفة الإسلامية أن مصادر المعرفة في الفلسفة الإسلامية هي العقل والنقل، وليس العقل وحده، وعند الحديث أن مصادر الفلسفة الإسلامية الوحي والعقل، ينتج من هذا الفهم العلوم النقلية وكيفية التعامل مع النصوص سواء من حيث التثبت (علم الحديث، أم من حيث الفهم للنص (أصول الفقه، ومقاصد الشريعة).[٤]
فهي علوم إسلامية تعنى بمعالجة النصوص وفهمها للوصول إلى تحقيق الغاية الكلية من وجود الإنسان كفرد وجماعة وأمة وحضارة في حين أن الفلسفة مصادرها على العقل والحس.[٤]
قدرتها على الاستيعاب والهيمنة بالحجة والبرهان
وتبرز قيمة الفلسفة الإسلامية بالتماسك والاتساق المنطقي وقدرتها على الاستيعاب للفكر الفلسفي الإنساني والدخول في نقاشات وجدليات منطقية عرفت باسم الكلام، فضلاً عن وجود تمثل القيم الفلسفية من قبل بعض العلماء المسلمين وتأثرهم بها لا سيما اليونانية منه، أو كانوا مثار جدل في أطروحاتهم ورؤاهم الفلسفية.[٥]
مناقشة القضايا الكبرى للإنسان والرؤية المتكاملة للعالم
سواء أكان ذلك في جانب الغيب أو الشهادة، وفق منطق دعوي لاستخدام الحجج المنطقية السليمة، من حيث تنوع المجالات، إذ إن الفلسفة الإسلامية تبحث في مسائل الوجود الكلية ولها منحيان، المنحى الأول: علم الكلام (أصول الدين).[٦]
أما المنحى الثاني فهو فلسفة العلوم والمناهج والمنطق، كما أنها تبحث في فلسفة القانون في الإسلام وهو ما يسمى بـ (أصول الفقه)، ولا يخفى تناولها لقضايا السلوك الإنساني سواء على المستوى الأخلاقي والقيمي من جهة ومناقشات التصوف من جهة أخرى.[٢]
وقد قدمت الفلسفة الإسلامية نضجاً معرفياً في علم فقه اللغة، وإضافات متقدمة لفقه السيرة النبوية بوصفها المنهج الإسلامي لهندسة المجتمع وإقامته على الفضيلة، كما أن علم الاجتماع، وما بني عليها في علم السلوك الإنساني التي قدمها ابن خلدون، والتي تعد من الإضافة النوعية على المستوى الحضاري، ومن خلال هذا التنوع يدرك معه الإنسان أهمية الفلسفة الإسلامية وإضافاتها القيمة للإنسانية.[٢]
المراجع
- ^ أ ب زكريا بشير إمام، لمحات من تاريخ الفلسفة الإسلامية؛ دراسة مدخلية ميسرة، صفحة 22.
- ^ أ ب ت زكريا بشير إمام، لمحات من تاريخ الفلسفة الإسلامية؛ دراسة مدخلية ميسرة، صفحة 49.
- ^ أ ب زكريا بشير إمام، لمحات من تاريخ الفلسفة الإسلامية؛ دراسة مدخلية ميسرة، صفحة 24.
- ^ أ ب طه جابر علواني، إصلاح الفكر الإسلامي بين القدرات والعقبات: ورقة عمل، صفحة 87.
- ↑ زكريا بشير إمام، لمحات من تاريخ الفلسفة الإسلامية؛ دراسة مدخلية ميسرة، صفحة 25.
- ↑ زكريا بشير إمام، لمحات من تاريخ الفلسفة الإسلامية؛ دراسة مدخلية ميسرة، صفحة 22.