محتويات
أين ولد يونس عليه السلام
نَزَلَ يونس -عليه السلام- إلى شاطئ نهر دجلة في العراق؛ فِراراً بدينه، فبعثه الله -تعالى- نبيَّاً إلى أهل نينوى من أرض الموصِل،[١] وهو من أبناء يعقوب -عليه السلام-، وبُعث إلى غير الإسرائيليين، فقد بُعث نبيَّاً إلى الآشوريّين في مدينة الموصل، وكانت حضارتهم مميَّزةً قد سبقوا بها أهل المدن، وكانت عاصمتُهم في الصيف مدينة نينوى، وعاصمتهم في الشِّتاء آشور، وعُرِفوا بجبروتهم وتسلُّطهم على من يجاورهم،[٢] وتقع مدينة نينوى ضمن مملكة الشَّام، وسُمّيت بالجزيرة؛ لأنَّها تقع بين نهري دجلة والفُرات.[٣]
التعريف بنبي الله يونس عليه السلام
نسب يونس عليه السلام
هو نبيُّّ الله يونس -عليه السلام- بن متّى، من أنبياء بني إسرائيل،[٤] وهو من أبناء يعقوب -عليه السلام-،[٢] بُعث إلى أهل نينوى من أرض الموصل، فدعاهم إلى عبادة الله -تعالى- وتوحيده وترك عبادة الأصنام؛ ولكنَّهم كذَّبوه وتمرَّدوا عليه،[٥] واسمُ يونس من الأسماء الأعجميّة، وأبوه متّى من ولد بنيامين بن يعقوب، وقال مُقاتل إن متّى اسمُ أُمّه،[٦] وجاء عن أبي حنيفة ابن النُّوبي أنّ أُمّهُ من ولد هارون -عليه السلام-، واسمه يُلفظ بعدّة طرقٍ وهي: ضمُّ النُّون، وكسرها، وفتحها، وهمز الواو، والضمُّ هو الأجود،[٧][١] وأمّا تسميته بذي النون؛ لأنَّ النُّون -وهي السَّمكة- قامت بابتلاعه في البحر.[٨]
وفاة يونس عليه السلام
ذكر العلماء في كتبهم أنّ يوُنُس -عليه السلام- تُوفّي في سنة 815 من وفاة موسى -عليه السلام-، وقُبر في قريةٍ تُسمَّى حلحول؛ تقع بالقُرب من مدينة الخليل، وتقع على طريق بيت المقدس.[٩]
قصة يونس عليه السلام مع قومه
التعريف بقوم يونس عليه السلام
ذكر العلماء أنّ يونس -عليه السلام- بُعث بعد سُليمان -عليه السلام- بستِّمئة سنة إلى أهل نينوى،[١٠] وكانوا من الآشوريين الذين قاموا بغزوِ بني إسرائيل وسبي نسائهم، فبعثه الله -سبحانه وتعالى- إليهم ليهديهم إلى طريق الحقِّ، ويعيد معه بني إسرائيل إلى بلادهم،[٤] وهُم الذين أسّسوا حضارة الآشوريين، وتقع حول نهر دجلة، ومن أشهر مُدنهم: آشور، وأريلا، والكلخ، ونينوى، وتقع على الجهة المُقابلة لمدينة الموصل، وقد نشأوا في البادية، ولكنّهم تأثروا بأهل المدينة، وكانت لهم عاصمتان؛ آشور، وهي عاصمة فصل الشِّتاء، ونينوى عاصمة فصل الصَّيف كما ذُكر سابقاً.[٢]
دعوة يونس وموقف قومه من دعوته
دعا يونس -عليه السلام- قومه إلى التَّوحيد، والبُعد عن الأخلاق السّيّئة، والتَّوقف عن عُدوانهم وظُلمهم للنَّاس، ولكنَّهم رفضوا دعوته، وأصرُّوا على كُفرهم وظُلمهم، وبقوا على ما هم عليه من عبادة المُلوك والأصنام،[١١] فلمَّا رأى منهم ما رأى من صدِّهم ورفضهم لدعوة الحقِّ وترك الباطل، تَرَكهم وخَرَج من عندهم غاضباً، وفسَّر العُلماءُ غضبه على عدّة وجوه:[٤]
- أوَّلها: خرج غاضباً لأجل ربِّه؛ لمعصية قومه له، وتركتهم طاعته.
- ثانيها: خرج غاضباً على قومه من أجل كُفرهم.
- ثالثها: خرج غاضباً إلى الملك الذي يتولّى أُمور القوم والناس؛ لأنَّهُ لم يقِف معه في دعوته.
وبعد خروج يونس -عليه السلام- من عندهم غاضباً على تمرُّدهم وكُفرهم، توعَّدهم بالعذاب من الله -تعالى- بعد ثلاثةِ أيَّام، فلمَّا رأوا تحقُّق نُزول العذاب عليهم، قذف الله -تعالى- في قُلوبهم التَّوبة والنَّدم، فندموا على ما فعلوا،[٥] ولكنَّ يونس -عليه السلام- كان قد خرج وركب مع قومٍ في سفينةٍ، و بعد ركوبه معهم في البحر توقّفت السَّفينة عن الحركة، فقال يونس -عليه السَّلام- إن في السَّفينة عبدًا ابتعد عن ربِّه، وأنَّ السَّفينة لن تتحرك حتى يلقوه في البحر، فاختاروا القُرعة لاختيار الشَّخص الذي سيقومون بإلقائه في البحر، فوقع الاختيار على يونس -عليه السلام- ثلاث مراتٍ، فلمَّا ألقوه في البحر جاء الحوت فابتلعه،[١٢] وكان هذا الحوت مبعوثاً من الله -تعالى- إلى يونس -عليه السلام-، فطاف به البحار، وذكر الله -عز وجل- ذلك بقوله: (وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ* إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ* فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ* فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ).[١٣][١٤]
خروج يونس إلى السفينة وقصة الحوت
بقيَ يونس -عليه السَّلام- في بطن الحوت يذكر ربَّه ويُسبِّحه ويعبده، قال الله -تعالى-: (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)،[١٥] فلمَّا اجتهد في دعائه وصدقت توبته لله -تعالى-؛ لأنه ترك دعوة قومه، نزلت رحمة الله عليه، فقذفه الحوت على اليابسة بجسدٍ ضعيفٍ؛ لِما قاساه في بطن الحوت، فأنبت الله -تعالى- له شجرة اليقطين؛ ليأكُل منها، ويستُر نفسه من ورقها، لِقولهِ -تعالى-: (فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ* وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ).[١٦][١٧]
وقد مكث في بطن الحوت أربعين يوماً، وذكر ابن أبي حاتم في تفسيره أنَّ يُونس -عليه السَّلام- لمَّا دعا الله -تعالى- وهو في بطن الحوت قالت الملائكة لله -تعالى-: "يا رب صوتٌ معروفٌ ضعيف من بلادٍ غريبة"، فأخبرهم أنَّه عبده يونس، فقالوا: "يا ربنا أَوَلَا تَرْحَمُ مَا كَانَ يَصْنَعُهُ فِي الرَّخَاءِ فَتُنَجِّيَهُ مِنَ الْبَلَاءِ"، فنجَّاه الله -سبحانه وتعالى- من هذا الابتلاء العظيم، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن دعوة يونس: (دَعوةُ ذي النُّونِ إذ دعا ربَّه وهو في بَطْنِ الحُوتِ: لا إلهَ إلَّا أنتَ سُبْحانك إنِّي كُنتُ مِن الظَّالمينَ، لم يَدْعُ بها رجُلٌ مُسلمٌ في شَيءٍ قطُّ إلَّا اسْتُجِيبَ له).[١٨][١٩]
المراجع
- ^ أ ب جمال الدين الجوزي (1992)، المنتظم في تاريخ الأمم والملوك (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 395، جزء 1. بتصرّف.
- ^ أ ب ت أحمد أحمد غلوش (2002)، دعوة الرسل عليهم السلام (الطبعة الأولى)، بيروت: مؤسسة الرسالة، صفحة 254. بتصرّف.
- ↑ أحمد القرشي العدوي العمري، شهاب الدين (1423هـ)، مسالك الأبصار في ممالك الأمصار (الطبعة الأولى)، أبو ظبي: المجمع الثقافي، صفحة 505، جزء 3. بتصرّف.
- ^ أ ب ت أحمد غلوش (2002)، دعوة الرسل عليهم السلام (الطبعة الأولى)، بيروت: مؤسسة الرسالة، صفحة 257. بتصرّف.
- ^ أ ب أبو الفداء القرشي (1986)، البداية والنهاية، دمشق: دار الفكر، صفحة 232، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ عبد الرحمن العليمي، الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل، عمان: مكتبة دنديس، صفحة 156، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ «سبط ابن الجوزي» (2013)، مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (الطبعة الأولى)، دمشق: دار الرسالة العالمية، صفحة 278، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ محمد السجستاني (1995)، غريب القرآن المسمى بنزهة القلوب (الطبعة الأولى)، سوريا: دار قتيبة، صفحة 229، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ عبد الرحمن العليمي، الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل، عمان: مكتبة دنديس، صفحة 158، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ عماد الدين الأصفهاني (2002)، البستان الجامع لجميع تواريخ أهل الزمان (الطبعة الأولى)، بيروت: المكتبة العصرية للطباعة والنشر، صفحة 76، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ أحمد غلوش (2002)، دعوة الرسل عليهم السلام (الطبعة الأولى)، بيروت: مؤسسة الرسالة، صفحة 255. بتصرّف.
- ↑ سليمان العودة (2013)، شعاع من المحراب (الطبعة الثانية)، السعودية: دار المغني للنشر والتوزيع، صفحة 157، جزء 6. بتصرّف.
- ↑ سورة الصافات، آية: 139-142.
- ↑ أبو الفداء إسماعيل بن كثير (1986)، البداية والنهاية، دمشق: دار الفكر، صفحة 233، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سورة الأنبياء، آية: 87.
- ↑ سورة الصافات، آية: 145-146.
- ↑ أحمد غلوش (2002)، دعوة الرسل عليهم السلام (الطبعة الأولى)، بيروت: مؤسسة الرسالة، صفحة 258-259. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن سعد بن أبي وقاص، الصفحة أو الرقم: 3505، صحيح.
- ↑ أبو الفداء القرشي (1986)، البداية والنهاية، دمشق: دار الفكر، صفحة 233-234، جزء 1. بتصرّف.