أين يقع مسجد ضرار

كتابة:
أين يقع مسجد ضرار

أين يقع مسجد ضرار؟

يقع مسجد الضّرار في منطقة تُدعى بئر ذَرْوان، أو بئر بني ذروان، وقيل: هو في موضع آخر على بعد ساعة زمنيّة من المدينة المنورة،[١] وهو قريبٌ من مسجد قباء،[٢][٣] ولكنّه ليس من مساجد الرّسول محمد -صلّى الله عليه وسلّم-، وإنّما بناه جماعة من المنافقين بالقرب من مسجد قباء؛ ليكون لهم مسجداً للصّد عن سبيل الله -تعالى-، ولمقاومة دعوة الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم-، وليُنافسوا فيه مسجد النبي.[٤][٥] وقد بنوه قبل ذهاب رسول الله محمد -صلّى الله عليه وسلّم- إلى غزوة تبوك، وأحكموا بناءه، ثمّ طلبوا من رسول الله محمد -صلّى الله عليه وسلّم- أن يُصلّي فيه، ليأخذوا بركته وإقراره عليه، ثمّ فضحهم الله -تعالى- وكشف نواياهم،[٦] أمّا في وقتنا الحالي فإنّ هذا المسجد ليس موجوداً، ولم يتبقّى منه أثرا، ولا يُعرف مكانه بالتّحديد حول قباء.[٧]


قصة بناء مسجد ضرار

جاء في السّنّة النّبويّة أنّ قوم عمرو بن عوف بنوْا مسجد قباء، ودعوا إليه رسول الله محمد -صلّى الله عليه وسلّم- وصلّى به، فأراد أبناء عمومتهم بنو غنم بن عوف حسداً منهم بناء مسجد آخر يُضاهيه ويدعون النّبي محمد -صلّى الله عليه وسلّم- له، فأرسلوا خبراً إلى رسول الله محمد -صلّى الله عليه وسلّم- يخبرونه بأنّهم بنوا مسجداً للتّوسعة على المسلمين، ليصلّي فيه أصحاب الحاجة والعجز ولِيقيهم من مطر الشّتاء وحرّ الصّيف، وأرادوا منه الصّلاة فيه؛ ليتبرّكوا بنزول رسول الله عليهم، ويُظهروا حسن نواياهم، ولتكون صلاة الرسول محمد -صلّى الله عليه وسلّم- في مسجدهم بمثابة الإقرار على الصّلاة في مسجد الضّرار[٣][٨].


اعتذر النبي -صلّى الله عليه وسلّم- عن الصلاة فيه؛ لأنّه كان مُتوجّهاً لغزوة تبوك، ووعدهم بالصّلاة فيه عند العودة، ولمّا رجع فضحهم الله -تعالى- وكشف نواياهم لرسول الله، بأنّ مسجدهم ما هو إلّا للتّفريق بين المسلمين وإيقاع الضّرر فيهم،[٣][٨] ونزلت الآيات في ذلك، وسمّته مسجد ضِرار، فقد قال الله -تعالى: (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ).[٩][١٠]


سبب بناء مسجد ضرار

اتّخذ المنافقون مسجد الضّرار، وشيّدوه؛ لتحقيق أهدافهم التي فضحها الله -تعالى- في الآية الكريمة السّابقة، وأسبابهم في ذلك هي أربعة أسباب، نذكرها فيما يأتي:

  • الإضرار بالإسلام والمسلمين.[١١]
  • تقوية جانب المنافقين وإضعاف صفّ المؤمنين وضرب الإسلام.[١٢]
  • التّفرقة بين صفوف المسلمين الذّين كانوا يصلّون في مسجد التّقوى -مسجد قباء-، وبالتّالي تقلّ جماعة المسلمين فيه، فيختلف أهل الإيمان فيما بينهم وتتشتّت كلمتهم.[١٢]
  • التّرصّد والتّجمع فيه ليدبّر المنافقون الخطط والمكائد لمحاربة الإسلام، وليكون مركزاً لانتشار باطلهم منه، فهم في الظّاهر يبدون نوايا حسنة في تجمّعهم في المسجد، لكنّهم اتّخذوا المسجد وسيلة ليستتروا بها وليمكروا بالمسلمين.[١٣][١٤][١٢]


أمر الرسول بهدم مسجد ضرار

علم رسول الله محمد -صلّى الله عليه وسلّم- عندما رجع من غزوة تبوك بنوايا المنافقين الذّين دعوه للصّلاة في مسجد النّفاق، فشدّد على المنافقين ولم يتهاون معهم، فأمر بهدم هذا المسجد وإحراقه، وأمر المسلمون بالتّفرق عنه وألا يقوموا فيه أبداً، قال الله -تعالى-: (لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ)،[١٥] وقد كلّف بهذه المهمّة كلاً من: مالك بن الدخشم، ومعن بن عديّ، وعامر بن السّكن،[١٦][١٧] وذُكِرَ بأنّه وكّل معهم لهذه المهمّة وحشيّ بن حرب -رضي الله عنه-، وأخبرهم بأنّ الله -تعالى- أمره بهدم المسجد الظّالم أهله، فجاؤوا للمسجد في وقت بين صلاتي المغرب والعشاء، وهو وقت تجمّع هؤلاء المنافقين، فأحرقوا المسجد وهدموه، ثمّ أمر رسول الله محمد -صلّى الله عليه وسلّم- الصّحابة -رضي الله عنهم- أن يُحوّلوا المكان الذّي أقيم عليه مسجد ضرار إلى مكانٍ تُلقى فيه النّفايات والجِيف.[٣][١٨]


المراجع

  1. عبد المؤمن بن عبد الحق (1421)، مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع (الطبعة الأولى)، بيروت، دار الجيل، صفحة 141، جزء 1. بتصرّف.
  2. محمد شراب (1411)، المعالم الأثيرة في السنة والسيرة (الطبعة الأولى)، دمشق، دار القلم، صفحة 252. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت ث عبد الله النسفي (1998)، مدارك التنزيل وحقائق التأويل (الطبعة الأولى)، بيروت، دار الكلم الطيب، صفحة 709، جزء 1. بتصرّف.
  4. عبد الله الغنيمان، شرح فتح المجيد، صفحة 2، جزء 42. بتصرّف.
  5. مكي بن أبي طالب (2008)، الهداية الى بلوغ النهاية (الطبعة الأولى)، الشارقة، مجموعة بحوث الكتاب والسنة، صفحة 3154، جزء 4. بتصرّف.
  6. محمد رضا (1990)، تفسير المنار، مصر، الهيئة المصرية العامة للكتاب، صفحة 33، جزء 11. بتصرّف.
  7. نور الدين السمهودي (1419)، وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى (الطبعة الأولى)، بيروت، دار الكتب العلمية، صفحة 30، جزء 3. بتصرّف.
  8. ^ أ ب محيي الدين درويش (1415)، إعراب القرآن وبيانه (الطبعة الرابعة)، حمص، دار الإرشاد للشئون الجامعية، صفحة 176-177، جزء 4. بتصرّف.
  9. سورة التوبة. آية: 107.
  10. أكرم العمري (1994)، السيرة النبوية الصحيحة محاولة لتطبيق قواعد المحدثين في نقد روايات السيرة النبوية (الطبعة السادسة)، المدينة المنورة، مكتبة العلوم والحكم، صفحة 527، جزء 2. بتصرّف.
  11. محمد رضا، محمد صلى الله عليه وسلم، صفحة 59، جزء 2. بتصرّف.
  12. ^ أ ب ت نظام الدين النيسابوري (1419)، تفسير النيسابوري، غرائب القرآن ورغائب الفرقان (الطبعة الأولى)، بيروت، دار الكتب العلمية، صفحة 528-529، جزء 3. بتصرّف.
  13. محمد التويجري، موسوعة فقه القلوب، بيت الأفكار الدولية، صفحة 3304، جزء 4. بتصرّف.
  14. سعيد حوّى (1424)، الأساس في التفسير (الطبعة السادسة)، القاهرة، دار السلام، صفحة 2328، جزء 4. بتصرّف.
  15. سورة التوبة، آية: 108.
  16. رفاعة الطهطاوى (1419)، نهاية الإيجاز في سيرة ساكن الحجاز (الطبعة الأولى)، القاهرة، دار الذخائر، صفحة 385، جزء 1. بتصرّف.
  17. محمد السلمي (2010)، صحيح الأثر وجميل العبر من سيرة خير البشر (صلى الله عليه وسلم) (الطبعة الأولى)، جدة، مكتبة روائع المملكة، صفحة 427. بتصرّف.
  18. مجموعة من المؤلفين، مجلة الجامعة الإسلامية، صفحة 478، جزء 23. بتصرّف.
4337 مشاهدة
للأعلى للسفل
×