أين يوجد مسجد الجن وسبب تسميته بهذا الاسم
مسجد الجن هو مسجد في مكة، ويسمى مسجد البيعة، ويقع هذا المسجد خارج مكة، بأعلاها،[١] وهذا المسجد هو المسجد الذي خطّ فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- لعبد الله بن مسعود يوم استمع الجن للنبي.[٢]
وهو المسجد الذي جرت فيه بيعة الجن للنبي -صلى الله عليه وسلم-،[٢] ويُسمى أيضاً بمسجد الحرس؛ وذلك لأن صاحب الحرس في مكة كان يطوف في مكة وينتهي عنده فلا يتجاوزه حتى يأتيه عرفاؤه وحرسه.[٣]
قصة مبايعة الجن للرسول
وقد نزل في ذلك قوله -تعالى-: (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ* قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ).[٤]
ويكمل المولى -جل وعلا- على لسان الجن: (يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّـهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ* وَمَن لَّا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّـهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءُ أُولَـئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ).[٤]
وفي هذه الآيات دليل على أن نبوة سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- ليست فقط للبشر وإنما للجن أيضاً، وبدأت القصة بأن عدداً من الجن مروا بالنبي -صلى الله عليه وسلم- فسمعوا القرآن، وهذه كانت حجة للنبي -صلى الله عليه وسلم- على قومه، إذ إن الجن مروا بهذا القرآن فاستمعوا له وأمروا بعضهم بالإنصات.[٥]
وبعد أن استمعوا له ذهبوا إلى قومهم يريدون إنذارهم ولفت نظرهم إلى أنهم استمعوا إلى القرآن الذي أنزل بعد كتاب موسى -عليه السلام-؛ وخصّوا موسى -عليه السلام- لأنهم من يهود الجن، أو لأن سيدنا موسى -عليه السلام- قد بشّر بنبوة سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-.[٥]
ونصحوا قومهم بأن يتبعوا النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي هو داعٍ من الله -عز وجل-، ليغفر الله -عز وجل- لهم ذنوبهم ويبعد عنهم العذاب، وأنذروا قومهم أن الذي لا يتبّع النبي -صلى الله عليه وسلم- فهو في ضلال وليس له ولي من دون الله -عز وجل-.[٥]
ومن الأحاديث التي وردت في ذلك ما ثبت في صحيح مسلم: (عَنْ عامِرٍ، قالَ: سَأَلْتُ عَلْقَمَةَ: هلْ كانَ ابنُ مَسْعُودٍ شَهِدَ مع رَسولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- لَيْلَةَ الجِنِّ؟ قالَ: فقالَ عَلْقَمَةُ: أنا سَأَلْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ فَقُلتُ: هلْ شَهِدَ أحَدٌ مِنكُم مع رَسولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- لَيْلَةَ الجِنِّ؟ قالَ: لا، ولَكِنَّا كُنَّا مع رَسولِ اللهِ ذاتَ لَيْلَةٍ فَفقَدْناهُ فالْتَمَسْناهُ في الأوْدِيَةِ والشِّعابِ. فَقُلْنا: اسْتُطِيرَ أوِ اغْتِيلَ).[٦]
ثم يكمل فيقول: (فَبِتْنا بشَرِّ لَيْلَةٍ باتَ بها قَوْمٌ فَلَمَّا أصْبَحْنا إذا هو جاءٍ مِن قِبَلَ حِراءٍ، قالَ: فَقُلْنا يا رَسولَ اللهِ، فقَدْناكَ فَطَلَبْناكَ فَلَمْ نَجِدْكَ فَبِتْنا بشَرِّ لَيْلَةٍ باتَ بها قَوْمٌ، فقالَ: أتانِي داعِي الجِنِّ فَذَهَبْتُ معهُ فَقَرَأْتُ عليهمُ القُرْآنَ، قالَ: فانْطَلَقَ بنا فأرانا آثارَهُمْ، وآثارَ نِيرانِهِمْ وسَأَلُوهُ الزَّادَ فقالَ: لَكُمْ كُلُّ عَظْمٍ ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عليه يَقَعُ في أيْدِيكُمْ أوْفَرَ ما يَكونُ لَحْمًا، وكُلُّ بَعْرَةٍ عَلَفٌ لِدَوابِّكُمْ. فقالَ رَسولُ اللهِ: فلا تَسْتَنْجُوا بهِما فإنَّهُما طَعامُ إخْوانِكُمْ).[٦]
المراجع
- ↑ صديق حسن خان، رحلة الصديق إلى البلد العتيق، صفحة 17. بتصرّف.
- ^ أ ب عاتق البلادي، معالم مكة التأريخية والأثرية، صفحة 268. بتصرّف.
- ↑ الأزرقي، أخبار مكة، صفحة 200-201. بتصرّف.
- ^ أ ب سورة الأحقاف، آية:29-32
- ^ أ ب ت محمد التميمي، حقوق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 89-90. بتصرّف.
- ^ أ ب رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:450، صحيح.