إعراب الحال في اللغة العربية

كتابة:
إعراب الحال في اللغة العربية

تعريف الحال

الحال في النّحو العربيّ اسم نكرة منصوب، ويكون فَضَلةً في الجملة الفعلية، ويُذكَر لبيان هيئة صاحبه وقت حدوث الفعل، مثل جملة "جاء الرجلُ متعبًا" فكلمة "متعبًا" وصفت هيئة الرجل وبيّنتها، ويُقال في إعراب الحال: حال منصوبة وعلامة نصبها الفتحة الظاهرة على آخرها، وتكون الحال دائمًا بمثابة جواب لجملة استفهاميّة وأداة الاستفهام فيها "كَيف"، ولكي يتمكن الدارس من إعراب الحال ومعرفته في المثال السابق يسألُ: "كَيفَ جاء الرجلُ؟" ويكون الجوابُ: نشيطًا، وهي الحال، ومن الأمور الجديرة بالذكر أن كلمة الحال من حيث اللفظ تُستَعمل إمَّا مُذَكَّرًا أو مُؤَنَّثًا، إلا أنَّ التأنيث هو الأفصح لُغويًّا، في هذا المقال تفصيلٌ حول إعراب الحال في اللغة العربية. [١]

إعراب الحال في اللغة العربية

مِن المألوف لدى دارسي اللغة العربية عمومًا، والمهتمين بالنحو العربيّ خصوصًا، أن إعراب الحال هو اسم منصوب وعلامة نصبه الفتحة، وما ينبغي تسليط الضوء عليه هو: ما الذي جعل هذه الحال منصوبة؟ أي ما العامل في نصب الحال؟ وما الذي جعل إعراب الحال في باب المنصوبات في اللغة العربية؟ هناك عوامل عدة تعمل في نصب الحال، وقد اتفق علماء النحو على تقسيمها إلى ثلاثة أقسام هي: [٢]

  • الفعل: وهو العامل الأصليّ في نصب الحال، وله أمثلة وشواهد كثيرة، منها ما ورد في القرآن الكريم: {ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [٣] في هذه الآية كلمة "طائعين" حال؛ لأنها بينت هيئة صاحبها، ويقال في إعراب الحال: حال منصوبة وعلامة نصبها الياء لأنها جمع مذكر سالم، والعامل الذي نصب الحال هنا هو الفعل "أتينا".
  • ما يشبه الفعل: العامل الثاني الذي ينصب الحال هو ما يشبه الفعل، والمقصود بما يشبه الفعل أي يوافق الفعل في عمله ودلالته على حدوث فعل، ويخالفه في غير ذلك، ومما يشبه الفعل في اللغة العربية: المصدر، واسم المصدر، و المشتقات، وأسماء الأفعال. ومن أمثلة ذلك جملة"إنصاتُكَ مهتمًّا شيءٌ رائعٌ" كلمة إنصاتك هي مصدر، فهو يشبه الفعل، وكلمة "مهتمًا" حال منصوبة والذي عمل في نصبها هو المصدر إنصاتُك، أي ما يشبه الفعل.
  • ما يحمل معنى الفعل: أي ما يمكننا التعويض عنه بفعل من الأفعال، ومما يحمل معنى الفعل أسماء الإشارة، والأحرف المشبهة بالفعل، وأدوات الاستفهام، وحروف التشبيه والتمني والرّجاء. ومن أمثلة هذا القسم ما ورد في القرآن الكريم: {قَالَتْ يَا وَيْلَتَىٰ أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَٰذَا بَعْلِي شَيْخًا ۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ} [٤] كلمة شيخًا: هي حال منصوبة وعلامة نصبها الفتحة الظاهرة على آخرها، والذي عمل في نصبها هو اسم الإشارة "هذا" لما يحمله من معنى الفعل.

أشكال الحال

الحال كغيرها من المنصوبات في اللغة العربية لها أشكال عدة، صحيح أن إعراب الحال في مختلف الأشكال يبقى منصوبًا، إلّا أنه من المهم توضيح هذه الأشكال، وتبيان الفرق في ما بينها من خلال الأمثلة والشواهد، وأشكال الحال ثلاثة: [٥]

  • الحال المفرد: أي أن تكون الحال كلمة واحدةً منصوبة تبين هيئة صاحبها، ومثالها ما ورد في القرآن الكريم: {قَالَتْ يَا وَيْلَتَىٰ أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَٰذَا بَعْلِي شَيْخًا ۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ} [٦] كلمة "شيخًا" هي حال منصوبة، وجاءت اسمًا مفردًا أي كلمة واحدة.
  • الحال الجملة: قد تأتي الحال أكثر من كلمة، فلا تكون مفردةً، بل تكون جملة، ولكي يكون إعراب الحال الجملة واضحًا للدارسين لابد عندما تكون الحال جملة من وجود رابط بها يربطها بصاحبها، وهذا الرابط إما أن يكون "الواو" أو "ضميرًا" يعود على صاحبها، وإعراب الحال الجملة له قسمان، هما:
    • الحال جملة فعليّة: في هذا النوع لا تكون الحال كلمة واحدة، إنما جملة مكونة من فعل وفاعل، ويمكن تأويلها بمفرد، من ذلك ما جاء في الآية الكريمة: {وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ}[٧] صاحب الحال هم أخوة يوسف عليه السلام، والحال جاء جملة فعلية وهي "يبكون" وقد حققت الجملة الفعلية الشرط من وجود الضمير الذي يعود على صاحب الحال وهو واو الجماعة المتصلة بالفعل "يبكي" والعائدة على أخوة يوسف أي على صاحب الحال.
    • جملة اسميّة: أي أن تأتي الحال مكونة من مبتدأ وخبر يمكن تأويلهما بمفرد، والمثال ما جاء في قوله تعالى: {مَا يَنظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ}[٨] صاحب الحال في هذه الآية هم: الذين كفروا، والحال هنا جاءت جملة اسمية "وهم يخصمون" وقد حققت الجملة الاسمية الشرطين من وجود الواو التي تسمى واوا الحال، ووجود الضمير العائد على صاحب الحال، وإعراب الحال هنا: جملة اسمية في محل نصب حال.
  • شبه جملة: في هذا النوع يكون الحال محذوفًا متعلّقًا بشبه الجملة، أي بالجار والمجرور أو المفعول فيه ظرف الزمان أو المكان، ومثال ذلك جملة "يعجبني السمكُ في الماءِ" السمك هي صاحب الحال، والحال هنا محذوفة نقدرها تقديرًا حسب سياق الكلام، والتقدير هو: يعجبني السمك سابحًا في الماءِ، ويُقال في إعراب الحال إن الجار والمجرور "في الماء" متعلقان بحال محذوفة تقديرها سابحًا.

حذف الحال

أكثر ما يتكرّر في تعريف الحال، أو في إعراب الحال أحيانًا، أنه اسم فضلة، أي ليس أساسًا في تركيب الجملة، فهو من مُتَمِّمات الجملة، وهناك بعض الآراء التي تجعل من الحال ملحقًا بالمفاعيل الخمسة، ومما هو جدير بالذكر أن الحال وإن كانت فضلة يمكن الاستغناء عنها وحذفها من ناحية التركيب اللغوي، ولكن هذا الحذف، أو الاستغناء إن صح التعبير، يؤثر على المعنى؛ لأنَّها قَد تردُ في بعض المواضع ضروريَّة وأساسيّة في الجُملة، بل وتكون الجُملةُ ناقصة إن لم تُذكر الحال فيها ولا يستقيم معناها، والشاهد على ذلك ما ورد في الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُوا}[٩] فالحال هنا جملة اسمية وهي: وأنتم سكارى، ويقال في إعراب الحال: جملة اسمية في محل نصب حال، ولا يمكن بأي شكل الاستغناء عن الحال هنا أو حذفها لأن هذا سيؤدي إلى إخلال كبير في المعنى. [٢]

أحكام الحال المعرفة

الأمر المُجمَع عليه بين علماء النحو، والذي يساعد الدارسين في معرفة إعراب الحال هو أن الحال اسم نكرة، ولكن كما هو معروف لكل قاعدة شذوذ، وفي بعض الأحيان تخرج الحال عن القاعدة الأساسية بأن تكون نكرة وترد في بعض الأمثلة معرفة، وهنا عمل علماء النحو على إيجاد مخرج لهذا الشذوذ عن القاعدة من خلال تأويل المعرفة باسم نكرة، وعلى وجود خلاف حول هذه القضية بين الكوفيين والبصريين من علماء النحو إلا هناك بعض الأمثلة التي توضح هذه الفكرة، مثل جملة "اعملْ عملكَ وحدَكَ" فكلمة وحدَك هنا جاءت معرّفة بالإضافة ولكن يمكن تأويلها بنكرة: اعمل عملك منفردًا، فكلمة وحدك معرفة في اللفظ لكنها نكرة في المعنى. ومثال آخر من الأمثلة التي وردت فيها الحال معرفة هو جملة: "ادخلوا الأول فالأولَ" أي مرتّبينَ. [١٠]

المراجع

  1. "حال (نحو)"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 11-6-2019. بتصرّف.
  2. ^ أ ب "حال (نحو)"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 11-6-2019. بتصرّف.
  3. سورة فصلت، آية: 11.
  4. سورة هود، آية: 72.
  5. " الحال"، almerja.com، اطّلع عليه بتاريخ 11-6-2019. بتصرّف.
  6. سورة هود، آية: 72.
  7. سورة يوسف، آية: 16.
  8. سورة يس، آية: 49.
  9. سورة النساء، آية: 43.
  10. "الحال"، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 11-6-2019. بتصرّف.
26066 مشاهدة
للأعلى للسفل
×