محتويات
حُبٌ استثنائي لامرأةٍ استثنائية
يقول نزار قباني:
- أكثرُ ما يعذّبني في حُبِّكِ
- أنّني لا أستطيع أن أحبّكِ أكثرْ
- وأكثرُ ما يضايقني في حواسّي الخمسْ
- أنّها بقيتْ خمساً لا أكثَرْ
- إنَّ امرأةً استثنائيةً مثلكِ
- تحتاجُ إلى أحاسيسَ استثنائية
- وأشواقٍ استثنائية
- ودموعٍ استثنائية
- وديانةٍ رابعَة
- لها تعاليمُها، وطقوسُها، وجنَّتُها، ونارُها
- إنَّ امرأةً استثنائيَّةً مثلكِ
- تحتاجُ إلى كُتُبٍ تُكْتَبُ لها وحدَها
- وحزنٍ خاصٍ بها وحدَها
- وموتٍ خاصٍ بها وحدَها
- وزَمَنٍ بملايين الغُرف
- تسكنُ فيه وحدها
- لكنّني واأسفاهْ
- لا أستطيع أن أعجنَ الثواني
- على شكل خواتمَ أضعُها في أصابعكْ
- فالسنةُ محكومةٌ بشهورها
- والشهورُ محكومةٌ بأسابيعها
- والأسابيعُ محكومةٌ بأيامِها
- وأيّامي محكومةٌ بتعاقب الليل والنهارْ
- في عينيكِ البَنَفسجيتيْنْ
- أكثرُ ما يعذِّبني في اللغة أنّها لا تكفيكِ
- وأكثرُ ما يضايقني في الكتابة أنّها لا تكتُبُكِ
- أنتِ امرأةٌ صعبة
- كلماتي تلهثُ كالخيول على مرتفعاتكْ
- ومفرداتي لا تكفي لاجتياز مسافاتك الضوئيَّة
- معكِ لا توجدُ مشكلة
- إنَّ مشكلتي هي مع الأبجديَّة
- مع ثمانية وعشرين حرفاً، لا تكفيني لتغطية بوصة
- واحدةٍ من مساحات أنوثتكْ
- ولا تكفيني لإقامة صلاة شكرٍ واحدةٍ لوجهك الجميلْ
- إنَّ ما يحزنني في علاقتي معكِ
- أنّكِ امرأةٌ متعدِّدة
- واللغةُ واحِدة
- فماذا تقترحين أن أفعلْ؟
- كي أتصالح مع لغتي
- وأُزيلَ هذه الغُربَة
- بين الخَزَفِ، وبين الأصابعْ
- بين سطوحكِ المصقولة
- وعَرَباتي المدفونةِ في الثلجْ
- بين محيط خصركِ
- وطُموحِ مراكبي
- لاكتشاف كرويّة الأرضْ
- ربما كنتِ راضيةً عنِّي
- لأنني جعلتكِ كالأميرات في كُتُب الأطفالْ
- ورسمتُكِ كالملائكة على سقوف الكنائس
- ولكني لستُ راضياً عن نفسي
- فقد كان بإمكاني أن أرسمكِ بطريقة أفضلْ
- وأوزّعَ الوردَ والذَهَبَ حول إليتيْكِ بشكلٍ أفضلْ
- ولكنَّ الوقت فاجأني
- وأنا معلَّقٌ بين النحاس وبين الحليبْ
- بين النعاس وبين البحرْ
- بين أظافر الشهوة ولحم المرايا
- بين الخطوط المنحنية والخطوط المستقيمة
- ربما كنتِ قانعةً، مثل كلّ النساءْ
- بأيّة قصيدة حبٍ تُقال لكِ
- أما أنا فغير قانعٍ بقناعاتكْ
- فهناك مئاتٌ من الكلمات تطلب مقابلتي
- ولا أقابلها
- وهناك مئاتٌ من القصائدْ
- تجلس ساعاتٍ في غرفة الانتظار
- فأعتذر لها
- إنّني لا أبحث عن قصيدةٍ ما
- لامرأةٍ ما
- ولكنني أبحث عن "قصيدتكِ" أنتِ
- إنني عاتبٌ على جسدي
- لأنه لم يستطع ارتداءكِ بشكل أفضلْ
- وعاتبٌ على مسامات جلدي
- لأنّها لم تستطع أن تمتصَّكِ بشكل أفضلْ
- وعاتبٌ على فمي
- لأنه لم يلتقط حبّات اللؤلؤ المتناثرة على امتداد
- شواطئكِ بشكلٍ أفضلْ
- وعاتبٌ على خيالي
- لأنه لم يتخيَّل كيف يمكن أن تنفجر البروق
- وأقواسُ قُزَحْ
- من نهدين لم يحتفلا بعيد ميلادهما الثامنِ عشر
- بصورة رسميَّهْ
- ولكن ماذا ينفع العتب الآنْ
- بعد أن أصبحتْ علاقتنا كبرتقالةٍ شاحبة
- سقطت في البحرْ
- لقد كان جسدُكِ مليئاً باحتمالات المطرْ
- وكان ميزانُ الزلازلْ
- تحت سُرّتِكِ المستديرةِ كفم طفلْ
- يتنبأ باهتزاز الأرضْ
- ويعطي علامات يوم القيامة
- ولكنني لم أكن ذكياً بما فيه الكفاية
- لألتقط إشاراتكْ
- ولم أكن مثقفاً بما فيه الكفاية
- لأقرأ أفكار الموج والزَبَدْ
- وأسمعَ إيقاعَ دورتكِ الدموية
- أكثر ما يعذِّبني في تاريخي معكِ
- أنني عاملتُكِ على طريقة بيدبا الفيلسوفْ
- ولم أعاملكِ على طريقة رامبو وزوربا
- وفان كوخ وديكِ الجنّ وسائر المجانينْ
- عاملتُك كأستاذ جامعيّْ
- يخاف أن يُحبَّ طالبته الجميلة
- حتى لا يخسَر شرَفَه الأكاديمي
- لهذا أشعر برغبةٍ طاغية في الاعتذار إليكِ
- عن جميع أشعار التصوُّف التي أسمعتكِ إياها
- يوم كنتِ تأتينَ إليَّ
- مليئةً كالسنبُلة
- وطازجةً كالسمكة الخارجة من البحرْ
- أعتذر إليكِ
- بالنيابة عن ابن الفارض، وجلال الدين الروميّ
- ومحي الدين بن عربي
- عن كلَّ التنظيرات والتهويمات والرموز
- والأقنعة التي كنتُ أضعها على وجهي، في
- غرفة الحُبّْ
- يوم كان المطلوبُ منِّي
- أن أكونَ قاطعاً كالشفرة
- وهجومياً كفهدٍ إفريقيّْ
- أشعرُ برغبة في الاعتذار إليكِ
- عن غبائي الذي لا مثيلَ له
- وجبني الذي لا مثيل له
- وعن كل الحكم المأثورة
- التي كنتُ أحفظها عن ظهر قلبْ
- وتلوتُها على نهديكِ الصغيريْْنْ
- فبكيا كطفلينِ معاقبينِ وناما دون عشاءْ
- أعترفُ لكِ يا سيّدتي
- أنّكِ كنتِ امرأةً استثنائيَّة
- وأنَّ غبائي كان استثنائياً
- فاسمحي لي أن أتلو أمامكِ فِعْلَ الندامَة
- عن كلِّ مواقف الحكمة التي صدرتْ عنِّي
- فقد تأكّد لي
- بعدما خسرتُ السباقْ
- وخسرتُ نقودي
- وخيولي
- أن الحكمةَ هي أسوأُ طَبَقٍ نقدِّمهُ
- لامرأةٍ نحبُّها.[١]
كلُّ قصيدة كلُّ حبّ
يقول أُنسي الحاج:
- كلُّ قصيدةٍ هي بدايةُ الشعر
- كلُّ حبٍّ هو بدايةُ السماء
- تَجذري فيّ أنا الريح
- اجعليني تراباً
- سأعذبكِ كما تُعذب الريحُ الشجَرَ
- وتمتصّينني كما يمتصُّ الشجر التراب
- وأنتِ الصغيرة
- كلُّ ما تريدينه
- يُهدى إليكِ الى الأبد
- مربوطاً إليكِ بألم الفرق بيننا
- أنتَزعُكِ من نفسكِ
- وتنتزعينني
- نتخاطف الى سكرة الجوهريّ
- نتجدّد حتى نضيع
- نتكرّر حتى نتلاشى
- نغيبُ في الجنوح
- في الفَقْد السعيد
- ونَلِجُ العَدَم الورديّ خالصَين من كلّ شائبة
- ليس أنتِ ما أُمسك
- بل روح النشوة
- وما إن توهّمتُ معرفةَ حدودي حتى حَمَلَتني أجنحةُ التأديب إلى الضياع.
- لمنْ يدّعي التُخمةَ، الجوعُ
- ولمن يعلن السأمَ، لدغةُ الهُيام
- ولمن يصيح لا لا ظهورٌ موجع لا يُرَدّ
- في صحراء اليقين المظفَّر
- ظهورٌ فجأةً كدُعابة
- كمسيحةٍ عابثة
- كدُرّاقةٍ مثلَّجة في صحراء اليقين
- ظهوركِ يَحني الرأسَ بوزن البديهة المتجاهَلَة
- فأقول له: نعم نعم
- وإلى الأمام من الشرفة الأعلى
- كلّما ارتميتُ مسافة حبّ
- حرقتُ مسافةً من عمر موتكَ
- كائناً من كنتَ
- ترتفعُ
- ترتفع جذوركِ في العودة
- تمضي
- واصلةً إلى الشجرةِ الأولى
- أيّتها الأمُّ الأولى
- أيتها الحبيبةُ الأخيرة
- يا حَريقَ القلب
- يا ذَهَبَ السطوح وشمسَ النوافذ
- يا خيّالةَ البَرق المُبْصر وجهي
- يا غزالتي وغابتي
- يا غابةَ أشباح غَيرتي
- يا غزالتي المتلفّتة وسط الفَرير لتقول لي: اقتربْ
- فأقترب
- أجتاز غابَ الوَعْر كالنظرة
- تتحوّل الصحراء مفاجرَ مياه
- وتصبحين غزالةَ أعماري كلّها
- أفرّ منكِ فتنبتين في قلبي
- وتفرّين منّي
- فتعيدكِ إليّ مرآتكِ المخبأة تحت عتبة ذاكرتي
- يداكِ غصونُ الحرب
- يداكِ يدا الثأر اللذيذ مني
- يدا عينيكِ
- يدا طفلةٍ تَرتكب
- يداكِ ليلُ الرأس
- تُسكتينني كي لا يسمعونا
- ويملأُ الخوفُ عينيكِ
- مُدَلّهاً مختلجاً بالرعب
- كطفلٍ وُلد الآن.
- تنسحب الكلمات عن جسدكِ
- كغطاءٍ ورديّ
- يَظهر عُريكِ في الغرفة
- ظهورَ الكلمة الأوحد
- بلا نهائيّةِ السراب في قبضة اليد
- مَن يحميني غابَ النهار
- مَن يحميني ذَهَبَ الليل
- ليس أيَّ شوقٍ بل شوقُ العبور
- ليس أيَّ أملٍ بل أملُ الهارب الى نعيم التلاشي
- فليبتعد شَبَحُ الخطأ
- ولا يقتحْمنا باكراً
- فيخطف ويطفئ
- ويَقتل ما لا يموت
- لكي يعيش بعد ذلك قتيلاً
- الحبّ هو خلاصي أيّها القمر
- الحبّ هو شقائي
- الحبّ هو موتي أيّها القمر
- لا أخرج من الظلمة إلاّ لأحتمي بعريكِ ولا من النور إلاّ لأسكر بظلمتك
- تربح عيناكِ في لعبة النهار وتربحان في لعبة الليل
- تربحان تحت كلّ الأبراج وتربحان ضدّ كل الأمواج
- تربحان كما يربح الدِين عندما يربح وعندما يَخْسر
- وآخذ معي وراءَ الجمر تذكارَ جمالكِ أبديّاً كالذاكرة المنسيّة
- يحتلّ كلَّ مكان وتستغربين
- كيف يكبر الجميع ولا تكبرين
- ذَهَبُ عينيكِ يسري في عروقي.
- لم يعد يعرفني إلاَّ العميان
- لأنّهم يرون الحبّ
- ما أملكه فيكِ ليس جسدكِ
- بل روحُ الإرادة الأولى
- ليس جسدك
- بل نواةُ الجَسد الأول
- ليس روحكِ
- بل روحُ الحقيقة قبل أن يغمرها ضباب العالم
- الشمس تشرق في جسدكِ
- وأنتِ بردانة
- لأن الشمس تَحرق
- وكلّ ما يَحرق هو بارد من فرط القوّة.
- كلّ قصيدةٍ هي قَلْبُ الحبّ
- كلّ حبٍّ هو قلبُ الموت يخفق بأقصى الحياة
- كلّ قصيدةٍ هي آخرُ قصيدة
- كلّ حبٍّ هو آخرُ الصراخ
- كلّ حبٍّ، يا خيّالةَ السقوط في الأعماق، كلّ حبٍّ هو الموت حتى آخره
- وما أُمسكه فيكِ ليس جسدكِ
- بل قَلْبُ الله
- أعصره وأعصره
- ليُخدّر قليلاً صراخُ نشوتِهِ الخاطفة
- آلامَ مذبحتي الأبديّة.
حنين
يقول علاء عبد المولى:
- جسدُ الربيع نما، وأنتِ عصيَّةٌ
- لكِ يا حديقة وحشةٌ
- عودي إلى جدَل الطَّبيعة والرِّياح
- إلى زواج الأرض بالذِّكرى
- إلى وادٍ به طوفان أصنافٍ ستغرقُ
- واصنعي فُلْكاً بأعيننا لمن تاهوا
- أنادي كنزك الأغلى أعيدي
- للزَّمان طراوةً وحلاوةً ونداوةً ولتستعيدي
- يا قوتَ ذاكرتي اسكبيه في يديك
- لأسترد الرّوحَ في خَلْقٍ جديدِ
- إلى كائن الغياب
- فتنتظرْ أن تهبط الأقمارُ من كتب السّماءْ
- هذي حقائبُ نومكَ انتشرتْ، تعبّئها الدموعْ
- سرقتكَ ساحرة المراثي نحو عالمها
- متى كان الرّجوعْ؟
- الحلمُ في يدكَ استدارَ
- وطار من شفتيكَ مجهولُ الكلامْ
- صمتٌ كأنّ القبرَ يدخلُ بين نافذةٍ
- ومهدٍ مقفرٍ مدَّدتَهُ
- فطواك مثل الدَّفتر المنسيِّ في دُرج الصّغارْ
- أغلقتَ بابك وانسفحتَ كنعشِ حزنٍ من ضفافِ مشيّعيكْ
- ورموكَ، ما قرأوا وما سمّوا عليكْ
- وبقيتَ وحدكَ مثل صومعةٍ على جبلٍ بعيدْ
- لم تستطع أن تملأ الأقداحَ من نهرٍ جرى
- بين الأغاني والخريفْ
- والشّعرُ لعبة عاشقَيْن توارثا لغةَ الشِّجارْ
- الشعرُ إتلافٌ وإيلافٌ
- وإنعامٌ وآلامٌ
- وجَمْع وافتراقْ
- فخُذِ القصيدةَ من نهايتها
- وضعْ قمراً على شرفاتها
- لتضاء أوقات الوداعْ
- دقّت طبولُ النَّار في وادي الضَّياعْ
- فقصائدٌ رقصَتْ
- وأخيلةٌ رمَتْ زنَّارها
- ومضَتْ تفتّشُ عن جذورْ
- منسوجةٌ كفّي بخيطان الدّموعْ
- وأصابعي هشَمَتْ قناديلَ الذّرى
- وركعتُ للّغة التي أقدامُها تمشي على جِسْرٍ يُرى
- أو لا يُرى
- لا بدّ منك
- لا بدّ منكِ ليستديرَ الصَّوتُ فاكهةً تزيّن سهرةَ الأشباحِ
- في كهف الزّمانْ
- لا بدّ منكِ لأستعيدَ الَّليلَ من نسيان نجمتِه إلى هذا المكانْ
- لا بدّ من أشيائكِ الصّغرى
- ليكتسب النَّهارُ حرائق الأحلام فيَّ
- ومن يديكِ إلى يديَّ رسالةٌ في الريحِ
- لا خطايَ قربَ خطاكِ بيدَرُ صبوةٍ يعلو
- ويجلسُ حوله فجرُ المناجلِ بعد أن تعبَتْ
- ولا
- لا بدّ من عينيكِ تتَّخذان شرقَ الوقتِ
- تختبئان في جرس الحياءْ
- أصغي إليه، يشقّ صدري بالشّعاع الفاطميّ المزدهي
- بسلالةِ الأنوار
- لا، لا بد منكِ صديقةً تحلو
- وتبدأُ حين فيها انتهى
- مغفرة الضحى والليل
- للحبّ مغفرةُ الضُّحى والَّليل
- ما ودَّعتُ روحكِ عندما ودَّعتُ أجنحةَ الرَّسائلِ
- ما اندفعتُ سوى إلى حجرٍ يشقّ الصّمت فيما بيننا
- للحبّ صورتُه البعيدةُ
- لا أرى جسدي تراجَعَ عن بنفسجه ونرجسه
- خذيه كما يقول الفجرُ
- هذي الأرض كرسيٌّ ستُجلِسُ فوقها
- أيامُنا أيامَها
- وتعدّ أوراق الخريف
- تنظّفُ الذكرى من الأمواتِ
- تكسو لحمها وعظامَها
- بالحبّ أُطوى فيكِ ثانيةً وتنتشرين كالشَّمس القديمةِ،
- كم دفعتُكِ باتّجاهِ الحلْم حتَّى
- صرتِ أنثى أقتفي أحلامها
- وأنا أطيّر من يديَّ حمامةً بيضاء
- تخطئُ في الهديلِ لتغفري آثامها
قصائد عن حب قديم
يقول محمود درويش:
- على الأنقاض وردتُنا
- ووجهانا على الرملِ
- إذا مرّتْ رياحُ الصيفِ
- أشرعنا المناديلا
- على مهل.. على مهلِ
- وغبنا طيَّ أغنيتين، كالأسرى
- نراوغ قطرة الطّل
- تعالي مرة في البال
- يا أُختاه!
- إن أواخر الليلِ
- تعرّيني من الألوان والظلّ
- وتحميني من الذل!
- وفي عينيك، يا قمري القديم
- يشدُّني أصلي
- إلى إغفاءةٍ زرقاء
- تحت الشمس.. والنخلِ
- بعيداً عن دجى المنفى..
- قريبا من حمى أهلي
- تشهّيتُ الطفولة فيكِ.
- مذ طارت عصافيرُ الربيعِ
- تجرّدَ الشجرُ
- وصوتك كان، يا ما كان،
- يأتيني
- من الآبار أحياناً
- وأحياناً ينقِّطه لي المطُر
- نقيا هكذا كالنارِ
- كالأشجار.. كالأشعار ينهمرُ
- تعالي
- كان في عينيك شيء أشتهيهِ
- وكنتُ أنتظرُ
- وشدّيني إلى زنديكِ
- شديني أسيراً
- منك يغتفُر
- تشهّيت الطفولة فيك
- مذ طارت
- عصافير الربيع
- تجرّد الشجرُّ!
- ..ونعبر في الطريق
- مكبَّلين..
- كأننا أسرى
- يدي، لم أدر، أم يدُكِ
- احتست وجعاً
- من الأخرى؟
- ولم تطلق، كعادتها
- بصدري أو بصدرك..
- سروة الذكرى
- كأنّا عابرا دربٍ
- ككلّ الناس
- إن نظرا
- فلا شوقاً
- ولا ندماً
- ولا شزرا
- ونغطس في الزحام
- لنشتري أشياءنا الصغرى
- ولم نترك لليلتنا
- رماداً.. يذكر الجمرا
- وشيء في شراييني
- يناديني
- لأشرب من يدك
- ترمّد الذكرى
- ترجّلَ، مرةً، كوكب
- وسار على أناملنا
- ولم يتعبْ
- وحين رشفتُ عن شفتيك
- ماء التوت
- أقبل، عندها، يشربْ
- وحين كتبتُ عن عينيك
- نقّط كل ما أكتب
- وشاركنا وسادتنا..
- وقهوتنا
- وحين ذهبتِ
- لم يذهب
- لعلي صرت منسياً
- لديك
- كغيمة في الريح
- نازلة إلى المغربْ..
- ولكني إذا حاولتُ
- أن أنساك..
- حطّ على يدي كوكبْ
- لك المجدُ
- تجنّحَ في خيالي
- من صداك..
- السجنُ، والقيد
- أراك ،استندتُ
- إلى وسادٍ
- مهرةً.. تعدو
- أحسكِ في ليالي البرد
- شمساً
- في دمي تشدو
- أسميك الطفولة
- يشرئبّ أمامي النهدُ
- أسميكِ الربيع
- فتشمخ الأعشاب والوردُ
- أسميك السماء
- فتشمت الأمطار والرعدُ
- لك المجدُ
- فليس لفرحتي بتحيُّري
- حدُّ
- وليس لموعدي وعدُ
- لك.. المجدُ
- وأدركَنا المساءُ..
- وكانت الشمسُ
- تسرّح شعرها في البحرْ
- وآخر قبلة ترسو
- على عينيّ مثل الجمرْ
- خذي مني الرياح
- وقّبليني
- لآخر مرة في العمر
- ..وأدركها الصباحُ
- وكانت الشمسُ
- تمشط شعرها في الشرقْ
- لها الحنّاء والعرسُ
- وتذكرة لقصر الرق
- خذي مني الأغاني
- واذكريني..
- كلمحْ البرقْ
- وأدركني المساء
- وكانت الأجراسْ
- تدق لموكب المسبية الحسناءْ
- وقلبي بارد كالماسْ
- وأحلامي صناديقٌ على الميناء
- خذي مني الربيع
- وودّعيني..[٢]
وَقائِلَةٍ ماذا لَقيتَ مِنَ الحُبِّ
يقول إيليا أبو ماضي:
وَقائِلَةٍ ماذا لَقيتَ مِنَ الحُبِّ
- فَقُلتُ الرَدى وَالخَوفَ في البُعد وَالقُربِ
فَقالَت عَهَدتُ الحُبَّ يَكسَبُ رَبَّهُ
- شَمائِلَ غُرّاً لا تُنالُ بِلا حُبِّ
فَقُلتُ لَها قَد كانَ حُبّاً فَزادَهُ
- نُفورُ المَهى راءً فَأَمسَيتُ في حَربِ
وَقَد كانَ لي قَلب وَكُنتُ بِلا هَوىً
- فَلَمّا عَرَفتُ الحُبَّ صُرتُ بِلا قَلبِ
المراجع
- ↑ "حب استثنائي امرأة استثنائية"، بوابة الشعراء. بتصرّف.
- ↑ "صائد عن حب قديم"، الديوان. بتصرّف.