اتجاهات المدارس الأدبية في العصر الحديث

كتابة:
اتجاهات المدارس الأدبية في العصر الحديث

اتجاهات المدارس الأدبية في العصر الحديث

لا شك أن التطور النهضوي الأدبي الذي طال البلاد العربية مع نهايات القرن الثامن عشر كان لا بد له من شكل جديد ومنهجية مختلفة في التأليف والقول، وفقًا لما تتطلبه المرحلة الجديدة من الحضارة إن جاز التعبير، وكان أهم ظواهر هذا التجديد ظهور المدارس الأدبية باتجاهاتها الثلاثة وهي على النحو الآتي:[١]

الاتجاه المحافظ

وقد تبنى هذا الاتجاه مدرسة الإحياء لمؤسسيها أحمد شوقي ومحمود سامي البارودي وحافظ إبراهيم، وكانت الغاية من تأسيسها اتخاذ النمط العربي القديم في الشعر مثالًا يقتدي به شعراء العصر الحديث، وتميزت هذه المدرسة بسمات عديدة منها ما يأتي:[٢]

  • ميول الشعراء لدراسة الشعر القديم واحتذاء تعابيره وصوره، فكان شعرهم أقرب لجودة السبك وصحة العبارة وحسن اختيار الألفاظ.
  • الحفاظ على المعاني العامة وجمال الصياغة والنسق الموسيقي، وهي من أهم ميزات القصيدة العربية القديمة.
  • التأثر الشديد بمعجم الشعر القديم، ومن أبرز الشعراء الذين تأثروا بهذا المعجم كثيرًا الشاعر محمود سامي البارودي.
  • الحفاظ على وحدة الوزن والقافية في القصيدة الواحدة وعدم الخروج عن هذا التقليد إلا بحالات نادرة جدًا.

وعلى أن غاية مدرسة الإحياء كانت نبيلة بلا ريب، إلا أنها كانت جامدة إلى حد ما، حيث انتهجت القديم في عصر اختلفت كل متطلباته وحوائجه، وعلى هذا فيُحسب لأصحاب هذه المدرسة إحياء ما كان قد تجمد في النفوس من روعة الأدب القديم خاصة مع نهايات العصر العثماني وما كان به من جمود أدبي واضح.[٢]

الاتجاه الرومانسي

وينقسم هذا الاتجاه في مدرستين هما ما يأتي:[٣]

مدرسة الديوان

وقد تمثلت هذه المدرسة بالشعراء الثلاثة: عبد الرحمن شكري، إبراهيم المازني، عباس محمود العقاد، وقد تأسست هذه المدرسة ما بين عامي 1909-1918، وتعود التسمية إلى كتاب الديوان الذي وضعه الأديبان المازني والعقاد، إلا أنّ الخلاف الذي وقع بين أقطاب مدرسة جماعة الديوان حذا بالمازني والعقاد بالذهاب إلى طرف وذهاب شكري إلى طرف آخر.[٣]

ومن أهم الموضوعات الشعرية التي تميزت بها جماعة الديوان ما يأتي:[٣]

  • الاهتمام بنفس الشاعر وما يتصل بهذا العالم من تأملات فكرية ونظرة فلسفية، فيجد الدارس أن أصحاب هذه المدرسة قد أكثروا من الحديث عن حقائق الكون وأسرار الوجود.
  • الاهتمام بالموضوعات الحسية، مثل الحديث من خلال فهمهم للحياة عن موضوع معين في أشعارهم، فتجد جل اهتمامهم بالكيفية التي سيصل فيها هذا الشعر للنفس الإنسانية لا إلى شكله وحجمه ومقدار الصور الشعرية فيه.

أما السمات الفنية لهذه المدرسة فهي كالتالي:[٤]

  • الدعوة إلى التجديد الشعري شكلًا ومضمونًا.
  • العناية بالوحدة العضوية للقصيدة.
  • التأثر بالأدب الغربي.
  • التأثر بمدرسة التحليل النفسي للأدب.
  • التعبير عن الذات الإنسانية وحقائق الكون.
  • الميل إلى معالجة الأمور النفسية الفلسفية.

مدرسة أبولو

نشأت مع بدايات العقد الرابع من القرن العشرين، بعد قرب انتهاء المعارك الأدبية القائمة بين المحافظين وجماعة الديوان، فأخذت المدرسة خير ما عند الفريقين وتأسست على يد مجموعة من الشعراء الشباب ومنهم: أحمد زكي أبو شادي، إبراهيم ناجي، محمد عبدالمعطي الهمشري.[٣]

ومن أبرز السمات الفنية لمدرسة جماعة أبولو هي التالية:[٣]

  • التجربة الشعرية

فلم تعد القصيدة عند رواد هذه المدرسة نتيجة حدث طارئ أو حالة نفسية عارضة، بل اتسمت بخروجها من أعماق الشاعر حين تأثره بعامل معين فيستجيب له استجابة انفعالية قد يكتنفها التفكير أو لا، مع تمسكه بالعاطفة فيها.

  • الوحدة العضوية

حيث رأت جماعة أبولو أن القصيدة عمل واحد متكامل، وبنية عضوية حية، وقد عبرت عن هذه الوحدة العضوية معظم القصائد التابعة لهذه المدرسة.

  • التعبير بالصورة واللفظ الموحي

حيث اعتنى أصحاب هذه المدرسة بالصورة الشعرية وأولوها اهتمامًا لا مثيل له، وقد نبع هذا من تأثير المدرسة الشعرية الإنكليزية آنذاك.

  • التنويع الموسيقي

يأتي التنويع الموسيقي عند أصحاب مدرسة أبولو من كثرة التنويع في القافية والوزن الشعري واختياراتهم للأوزان الخفيفة المجزوءة.

مدرسة الشعر المهجري

بفرعيه وهما العصبة الأندلسية في أمريكا الجنوبية، والرابطة القلمية في أمريكا الشمالية، وقد دفع شجن الشعراء العرب في تلك المهاجر لتكوين هذا الاتحاد، فكانت مكانًا يلتقون فيه ويبثون حنينهم من خلال أشعارهم المليئة باللوعة والشوق للوطن ومن أبرز شعراء المهجر إيليا أبو ماضي، شفيق معلوف، نسيب عريضة، ميخائيل نعيمة، وغيرهم كثير، ومن أبرز سمات شعر المهجر ما يأتي:[٣]

  • تميزه بالتجاوب مع الحياة والحضارة.
  • اشتهاره بالتحرر في الصياغة والتنوع في الموضوعات والتجديد في الأوزان الشعرية.
  • حرية اللغة وتجديد الألفاظ والأساليب.
  • ظهور النزعة الرومانسية بشكل غير مسبوق عند شعراء أهل المهجر.

اتجاه شعر التفعيلة

نشأ شعر التفعيلة قبيل النصف الثاني من القرن العشرين، في محاولة للخروج من قالب الشعر العربي المعتاد، وقد تميز هذا الاتجاه الشعري بعدة رواد أهمهم نازك الملائكة وبدر شاكر السياب ومحمود درويش، وأبرز السمات الفنية لشعر التفعيلة هي الآتية:[٥]

  • انتهاج وحدة التفعيلة، والتحرر من التفعيلات العروضية المتعارف عليها في القصيدة العربية في كل سطر.
  • تشكيل الصور الشعرية الجديدة والإكثار منها.
  • عدم التقيد بوحدة القافية.
  • الاهتمام بالرموز والأساطير الدينية مما طبع على بعض قصائده بالغموض حد الإبهام أحيانًا.
  • استخدام لغة الحياة اليومية والبعد عن الانشغال بجزالة الألفاظ.
  • ظهور الوحدة العضوية بشكل كبير في قصائده.

المراجع

  1. الدكتور جودت الركابي (1996)، الادب العربي من الانحدار الى الازدهار، بيروت -لبنان:دار الفكر المعاصر، صفحة 331-333. بتصرّف.
  2. ^ أ ب عارف حجاوي، احياء الشعر، صفحة 17-55. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت ث ج ح عبد الحفيظ حسن، الرومانسية في الشعر العربي المعاصر، صفحة 9-19. بتصرّف.
  4. سامي هاشم، المدارس والأنواع الأدبية، صفحة 15. بتصرّف.
  5. مصطفى جمال الدين، الايقاع في الشعر العربي من البيت الى التفعيلة، صفحة 155-164. بتصرّف.
4968 مشاهدة
للأعلى للسفل
×