اتقوا دعوة المظلوم
دعا رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في العديد من أحاديثه إلى التّوخي والحذر من دعوة المظلوم، ومن ذلك قوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (اتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ، فإنَّهَا ليسَ بيْنَهَا وبيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ)،[١][٢] والمراد بلفظ (اتّقِ)؛ أي تجنّب دعوة المظلوم، ويعني كذلك وقاية النّفس وحمايتها منها؛[٣][٤] وقد أراد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بأحاديثه التي تُحذّر من دعوة المظلوم معنى وأمراً أكثر بلاغة وفصاحة، ألَا وهو النّهي والزّجر عن الظّلم الذي يُعدّ سبباً لدعوة المظلوم على مَن ظلمه،[٥][٦] لذا يجدر بالمسلم حتى لا يقع في شباك دعوة المظلوم أن يتجنّب كافّة أنواع وأشكال الظّلم، وأن يتحرّى العدل في سائر أموره.[٧][٨]
هل يجوز الدعاء على الظالم
أجاز الإسلام لِمَن تعرّض للظلم الدّعاء على ظالمه،[٩] وذلك لقوله -تعالى-: (وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ* وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا)،[١٠] وقوله -تعالى-: (ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللَّـهُ)،[١١][١٢] كما استدلّ الإمام مالك وجماعة من العلماء على جواز ذلك بقوله -تعالى-: (وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَـئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ)،[١٣][١٤] وتجدر الإشارة إلى أنّ ترك الدّعاء على الظالم أفضل لأنّ ذلك يُتيح للمظلوم أخذ حقّه وأجره كاملاً يوم القيامة.[١٥]
السر في استجابة دعوة المظلوم
يكمن السرّ باستجابة دعوة المظلوم بأمرين، نذكرهما فيما يأتي:
- أوّلهما: تَكفُّل الله -تعالى- ووعده بنُصرة المظلوم وتأييده، ولا شكّ بأنّ إجابة دعاءه من صور نصرته.[٢]
- ثانيهما: انغمار قلب المظلوم بالانكسار والذلّ، وهذا المقام سببٌ لإجابة دعاء العبد، خاصة وأنّ الله سبحانه يكون في معيّة المنكسرة قلوبهم بسبب الظلم.[١٦][١٧]
المراجع
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 2448، صحيح.
- ^ أ ب مظهر الزيداني (2012م)، المفاتيح في شرح المصابيح (الطبعة الأولى)، الكويت: دار النوادر، صفحة 122، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ محمد عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 731، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ عبد الله الغنيمان، شرح فتح المجيد، صفحة 11، جزء 22. بتصرّف.
- ↑ الألباني (2003م)، التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان وتمييز سقيمه من صحيحه، وشاذه من محفوظه (الطبعة الأولى)، السعودية: دار با وزير، صفحة 363، جزء 7. بتصرّف.
- ↑ مجد الدين أبو السعادات (2005م)، الشَّافِي فيْ شَرْح مُسْنَد الشَّافِعي (الطبعة الأولى)، الرياض: مكتبة الرشد، صفحة 204، جزء 4. بتصرّف.
- ↑ ابن باز، الإفهام في شرح عمدة الأحكام، السعودية: مؤسسة الجريسي، صفحة 368. بتصرّف.
- ↑ محمد الزرقاني (2003م)، شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك (الطبعة الأولى)، القاهرة: مكتبة الثقافة الدينية، صفحة 686، جزء 4. بتصرّف.
- ↑ تاج الدين الفاكهاني (2010م)، رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (الطبعة الأولى)، سوريا: دار النوادر، صفحة 295، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ سورة الشورى، آية: 39-40.
- ↑ سورة الحج، آية: 60.
- ↑ مصطفى العدوي، سلسلة التفسير، صفحة 12، جزء 75. بتصرّف.
- ↑ سورة الشورى، آية: 41.
- ↑ القرافي، الفروق، الرياض: عالم الكتب، صفحة 292، جزء 4. بتصرّف.
- ↑ محمد المنجد، سلسلة القصص، صفحة 7، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ محمد عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 260، جزء 4. بتصرّف.
- ↑ محمد الحمد، دروس رمضان، صفحة 64. بتصرّف.