اتق شر من احسنت اليه

كتابة:
اتق شر من احسنت اليه


من القائل اتق شر من أحسنت إليه؟

تشتهرُ مقولة اتق شر من أحسنت إليه بين الناس، ولكنَّها ليست آيةً قرآنيةً وليست حديثًا نبويًّا كما يعتقد البعض، ولا يعرَف من قائل هذه العبارة على وجه الدقة، ولكنها من الأقوال المشهورة عند العرب منذ زمنٍ بعيد، وقد تكون من أقوال بعض السلف كما أشار إلى ذلك كتاب كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس.[١]


معنى مقولة اتق شر من أحسنت إليه

تقتصر مقولة اتق شر من أحسنت إليه على بعض الفئات من الناس، ولا تؤخذ على عمومها لجميع أصناف البشر، وهي محمولة على اللئام من الناس فقط من دون الكرام.[١]


أكَّد ذلك الإمام السخاوي في المقاصد الحسنة بقوله: "اتق شر من أحسنت إليه من اللئام"، فذكرَ المثل مع تحديد الفئة المقصودة به، وأكَّد هذا المعنى معظم العلماء.[٢]


شواهد على مقولة اتق شر من أحسنت إليه

توجد الكثير من الشواهد سواء من كتاب الله تعالى أم من الأمثال الأخرى وأقوال العديد من العلماء والشعراء، وفيما يأتي بعض الشواهد عليها:

  • قال تعالى: {وَمَا نَقَمُوا إِلا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ}،[٣] وقد أشار الإمام القرطبي في تفسيره إلى أنَّ هذه الآية بمعنى مقولة "اتق شرَّ من أحسنت إليه".[٤]
  • من الأمثلة التي تعدُّ شاهدًا على هذه المقولة: سمِّن كلبك يأكلك.[٥]
  • يقول المتنبي في قصيدته لكل امرئ من دهره ما تعودا:[٦]

إِذا أَنتَ أَكرَمتَ الكَريمَ مَلَكتَهُ

وَإِن أَنتَ أَكرَمتَ اللَئيمَ تَمَرَّدا


قصة يصدق عليها مقولة اتق شر من أحسنت إليه

وردت العديد من القصص الحقيقية التي تشير إلى معنى هذه المقولة الشهيرة، ومن الأقوال الشهيرة والتي تحمل المعنى نفسه قولهم: ومن يصنع المعروف في غير أهله يلاقي كما لاقى مجير أم عامرِ.[٧]


رويَ أنَّ الخليفة العباسي أبا جعفر المنصور قال لعبد الله بن الربيع الحارثي: إني وأنت يا عبد الله مثلُ مجيرِ أمِّ عامر، فقال له عبد الله بن الربيع: وما قصة مجير أم عامر يا أمير المؤمنين؟[٧]


أخبره أبو جعفر المنصور يروي قصَّة هذا المثل، وهي أنَّه في أحد الأيام خرجَ قوم من العرب يطلبون الصيد في الفيافي، وبينما هم يجدُّون في البحث لم يجدوا من صيدٍ إلا أنثى ضبع، وكان يطلق على أنثى الضبع لقب أمِّ عامر، فحاولوا الإمساك بها فهربت منهم، وبينما هم يطاردونها من مكان إلى مكان حتى لجأت إلى خيمة أعرابي.[٧]


كان ذلك في يوم حرِّ شديد، فرأى الأعرابي أنَّ أم عامر قد استجارت به مستنجدةً، فآواها وأطعمها، وردَّ القوم الذين كانوا يطاردونها، وأبقاها عنده حتى استعادت عافيتها، وفي أحد الأيام خرج من الخيمة وترك أخاه نائمًا، فجاءته أم عامرٍ وقد عادت لطبيعتها في الافتراس والغدر، فقتلته وهربت، فعاد الأعرابي ووجد أخاه مقتولًا، فأنشد يقول:[٧]

ومن يصنعِ المعروفَ في غيرِ أهله

يلاقي الذي لاقى مجيرُ أمِّ عامرِ

أذمَّ لها حين استجارتْ برحله

لتأمن ألبانَ اللقاح الدرائرِ

فأسمَنها حتَّى إذا ما تكلمت

فَرَته بأنيابٍ لها وأظافرِ

فقل لذوي المعروف هذا جزاء من

أراد يدَ المعروفِ من غير شاكرِ


المراجع

  1. ^ أ ب إسماعيل العجلوني، كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس، صفحة 36. بتصرّف.
  2. السخاوي، المقاصد الحسنة، صفحة 763. بتصرّف.
  3. سورة التوبة، آية:74
  4. الفرطبي، تفسير القرطبي، صفحة 132. بتصرّف.
  5. الميداني، مجمع الأمثال، صفحة 145. بتصرّف.
  6. "لكل امرئ من دهره ما تعودا"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 10/11/2021.
  7. ^ أ ب ت ث أحمد الطيار، كتاب حياة السلف بين القول والعمل، صفحة 834. بتصرّف.
7382 مشاهدة
للأعلى للسفل
×