اجعلني على خزائن الارض

كتابة:
اجعلني على خزائن الارض

من قائل (اجعلني على خزائن الأرض)؟

طلب يوسف -عليه السّلام- من الملك أن يجعله على خزائن الأرض، قال -تعالى-: (قالَ اجعَلني عَلى خَزائِنِ الأَرضِ إِنّي حَفيظٌ عَليمٌ).[١]

فقيل إنّه إنّما طلب ذلك لأنّه السبيل للوصول إلى أبيه وإخوته، وقيل إنّه طلب ذلك كونه يعلم في نفسه أنّه قادرٌ على القيام بهذه المهمة في السنين الشداد التي ستمرّ على الناس.[٢]

معنى (اجعلني على خزائن الأرض)

كان مجمل ما طلبه يوسف -عليه السلام- من الملك أن يجعله والياً على أموال الدولة، وهو المقصود بقوله اجعلني على خزائن الأرض، وأراد بالأرض بلاد مصر، وتتمثّل هذه المهمّة بحفظ الأموال من الضياع.[٣]

ومنع أيّ معتدٍ من أن يعتدي عليها، أو أن يأخذ منها ما ليس له حقٌّ فيها، ثمّ يقوم هو بتصرفيها في الجهة التي يرى من حقّها أن ينفقها فيها بحكمةٍ منه ورجاحةٍ في عقله، ثمّ ينفق باعتدال وتوسط، فلا يبخل في الموضع الذي يجب أن ينفق فيه.[٣]

والخزائن جمع مفردها خزينة، وهي المكان الذي يقوم النّاس فيه بتخزين ما يريدون حفظه من الطعام والشراب،[٤] وقال يوسف -عليه السّلام- بعدما طلب ذلك معلّلاًً طلبه بأنّه حفيظٌ على هذه الأموال.

ومعنى حفيظ على الأموال؛ أي منفقها بوجهها الصحيح، محافظٌ عليها، عليمٌ بما فيه المصلحة لهذه الأموال،[٢] فإن فعل ذلك على وجهه الصحيح قام بالعدل الذي يساعده على نشر دين الله وتوحيده في أرض مصر.[٥]

ما يستفاد من الآية

هناك العديد من الدروس المستفادة من قصة سيدنا يوسف، نبين منها الآتي:

  • أهمية العلم بنوعيه الديني والدنيوي

فقد خاطب يوسف -عليه السّلام- الملك بأسمى آداب الخطاب التي تجعله يستجيب لمطلبه، ووصف نفسه بالحفظ والعلم، فالعلم يساعده على تمييز الصواب من الخطأ.

والحفظ يقدّره على القيام بالأمانة بعدالة وحكمة، ويتجنّب الشبهات فلا يقع فيها ويسير وفق ما أمر الله به، ممّا استدعاه أن يقول: (اجعَلني عَلى خَزائِنِ الأَرضِ إِنّي حَفيظٌ عَليمٌ).[١][٦]

  • طلب الآخرة في كل أعمال الدنيا

فقد طلب يوسف تولي ذلك المنصب بناءً على ما رأى في نفسه من القيام على مصالح الأمة، وفقاً لما كانت من قبله عندما تولّاها أهل الفضل والكمال.

ولم تكن غايته تحصيل المال ولا ما يتعلّق بالدنيا بما فيها، وإنّما أراد أن يكون مسؤولاً عن حفظ هذه الأموال بطرق تحصيلها من الناس بما يكون رفيقاً بهم، ثمّ تصريفها بما يحقق مصلحتهم.[٦]

  • جواز طلب الإمارة

وفي الآيات الكريمة دلالة على جواز طلب الإمارة والمسؤولية لمن رأى في نفسه أنّ الأمر متعيّن عليه، وقد امتلك القدرة على القيام بها بحقها، فيوسف -عليه السّلام- طلبها بنفسه لأنّه رأى إن توسّدت هذه المهمة لغيره فلن يتمكّن من القيام بها.[٧]

  • استخدام القوة لنصرة الحق

بتولي المناصب يستطيع المرء أن يرفع منارة الحق ويقضي على الباطل، كما يجوز له أن يصف نفسه بما يرغب المطلوب منه في قبول طلبه، وإذا تعارض ذلك مع ما ورد عن رسول الله في النهي عن طلب الإمارة، فإنّ يوسف طلبها ابتغاء مرضاة الله ونشراً لحكم الله في الأرض، فبذلك لا يكون قد خالف ما نهى عنه رسول الله.[٥]

المراجع

  1. ^ أ ب سورة يوسف ، آية:55
  2. ^ أ ب السمعاني (1997)، تفسير القرآن (الطبعة 1)، الرياض:دار الوطن، صفحة 40، جزء 3. بتصرّف.
  3. ^ أ ب محمد أبو زهرة ، زهرة التفاسير، القاهرة : دار الفكر العربي، صفحة 3835، جزء 7. بتصرّف.
  4. صديق حسن خان (1992)، فتحُ البيان في مقاصد القرآن، بيروت :المكتبة العصرية ، صفحة 356، جزء 6. بتصرّف.
  5. ^ أ ب صديق حسن خان (1992)، فتحُ البيان في مقاصد القرآن، بيروت :المكتبة العصرية ، صفحة 356-357، جزء 6. بتصرّف.
  6. ^ أ ب ابن عاشور (1984)، التحرير والتنوير، تونس :الدار التونسية للنشر ، صفحة 8، جزء 13. بتصرّف.
  7. عبد المحسن العباد ، شرح سنن أبي داود، صفحة 12، جزء 255. بتصرّف.
5742 مشاهدة
للأعلى للسفل
×