لطالما اقترن اكتئاب ما بعد الولادة بالنساء، ولكن يبدو أنه يؤثر على الرجال كذلك! فكيف يحدث هذا؟ اقرأ المقال لتعرف أكثر.
في العادة تصاب بعض النساء باكتئاب من نوع خاص بعد الولادة، وهو أمر شائع ومألوف، لذا كان أمراً غريباً أن يخرج أحد المشاهير الرجال مؤخراً ليصرح بأنه يعاني من اكتئاب ما بعد الولادة بعد إنجاب زوجته، الأمر الذي جعله موضع هجوم العديد من الرجال حوله.
وهو أمر سلط الضوء على أنه قد لا يكون وحده، إذ -وتبعاً لدراسات حديثة- فإن حالة اكتئاب ما بعد الولادة تصيب ما نسبته 10% من الآباء الجدد، أي نسبة تفوق نسبة إصابة الرجال عموماً بالاكتئاب بمقدار الضعف.
أسباب اكتئاب بعد الولادة لدى الرجال
مع أن اكتئاب ما بعد الولادة لدى النساء غالباً ما يكون سببه هو التغيرات الهرمونية التي تمر بها المرأة، إلا أن سبب إصابة الأب الجديد بهذا النوع من الاكتئاب لا يزال مجهولاً حتى اليوم، ولكن بدأ العلماء في تحري ارتباطه لدى الرجال بهرمون الذكورة.
ووجدت دراسات أولية رابطاً بين هرمون الذكورة - التستوستيرون وبين اكتئاب ما بعد الولادة لدى الرجال، كما رجحت أن تكون مستويات الهرمون لدى الرجل قبل ولادة زوجته مؤشراً على قابلية إصابته وإصابة زوجته بالاكتئاب بعد قدوم الطفل المنتظر.
1- ما هو التستوستيرون؟
التستوستيرون هو هرمون الذكورة المسؤول عن تطور الصفات الجسدية والنفسية التي تميز الذكر، مثل: الكتلة العضلية، وشعر الجسم والوجه، والغرائز الجنسية.
2- ما الذي يحدث في مستويات التستوستيرون قبل وبعد ولادة الزوجة؟
وجدت العديد من الدراسات التي تم إجراؤها على ذكور الحيوانات أن مستويات التستوستيرون تنخفض بشكل كبير لدى الآباء الجدد منهم، خاصة لدى الذكور الذين يشاركون إناثهم عادة في العناية بالأطفال الجدد.
ولاحظت بعض الدراسات أن الأمر ذاته ينطبق على البشر، فوجدت أن مستويات التستوستيرون تنخفض كذلك لدى الآباء الجدد، وفي دراسة كانت هي الأكبر من نوعها وتم إجراؤها على ما يقارب 600 رجل أعزب من الفلبين وعلى مدى 5 سنوات، وجد الباحثون:
- أن الرجال الذين تزوجوا منهم انخفضت لديهم مستويات هرمون الذكورة بشكل أكبر بكثير من أي انخفاض طرأ على مستويات الهرمون لدى من لم يتزوج منهم خلال فترة الدراسة.
- أن الرجال الذين كانوا يمضون وقتاً أطول مع أبنائهم خلال فترة إجراء الدراسة، سجلوا مستويات كانت هي الأكثر انخفاضاً في هرمون الذكورة بين باقي من شملتهم الدراسة.
وفي دراسة أخرى وجد الباحثون أن مستويات هرمون الذكورة استمرت بالتداعي والانخفاض منذ أشهر الحمل الأولى وصولاً إلى أشهر الحمل الأخيرة.
3- خلاصة الدراسات؟
وجدت الدراسات أن اكتئاب ما بعد الولادة كان يصيب غالباً:
- الرجال الذين انخفضت مستويات هرمون الذكورة لديهم بشكل أكبر من غيرهم.
- الرجال الذين كان ارتباطهم العاطفي بزوجاتهم كبيراً جداً.
- الرجال الذين كانوا يمضون ساعات أطول مع زوجاتهم وأطفالهم ويعانون بالأصل من التوتر أو من مشاكل في النوم.
وقد يعمل الخبراء قريباً على تطوير حبوب تستوستيرون لتجربة تأثيرها على حالات الاكتئاب العادية لدى الرجال، ويأملون أن يكون لها تأثير إيجابي.
كيف يؤثر ما يحدث على الزوجة؟
هنا كان الأمر مفاجئاً إلى حد ما، إذ وجد أن النساء اللواتي أصيب أزواجهن بانخفاض في مستويات التستوستيرون -جعل بعضهم يصابون باكتئاب ما بعد الولادة-، كن أقل عرضة للاكتئاب، وربما يكون السبب في ذلك أن الارتباط برجل لديه مستويات هرمون ذكورة منخفضة بالعادة يزيد من قوة العلاقة بين الزوجين، الأمر الذي يقلل من احتمال إصابة المرأة بالاكتئاب عموماً واكتئاب ما بعد الولادة خصوصاً.
أما في حال ارتفاع مستويات الذكورة لدى الآباء الجدد، فقد وجد الباحثون أن رضا الزوجين عن علاقتهما وتجربتهما كوالدين كان متدنياً وبشكل كبير، لذا يجب إيجاد التوازن الصحيح في مستويات هرمون الذكورة لدى الزوج ليكون زوجاً وأباً جيداً.