محتويات
حديث: الدعاء هو العبادة
متن الحديث
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "الدُّعاءُ هو العبادةِ".
شرح الحديث
والمعنى أنّ الدعاء هو العبادة الحقيقية التي تستحق أنّ تُسمّى عبادة، لأنّ فيه دلالة واضحة في الإقبال على الله تعالى والإعراض عمّا سواه، فالداعي يلجأ إلى ربّه ويرجوه وحده ولا يخاف إلا إيّاه محقّقًا بذلك واجب العبودية، ومعترفًا بربوبيته سبحانه، مع علمه بأنّ الله تعالى هو من أوجده ويطلب منه العون والمدد في دعائه ويسأله التوفيق والسعادة، فجوهر العبادة هو الخضوع والتذلّل لله والدعاء ما هو إلّا كذلك.
حديث: دعوة المرء المسلم لأَخيه
متن الحديث
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "دَعْوَةُ المَرْءِ المُسْلِمِ لأَخِيهِ بظَهْرِ الغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ، عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ كُلَّما دَعَا لأَخِيهِ بخَيْرٍ، قالَ المَلَكُ المُوَكَّلُ بهِ: آمِينَ وَلَكَ بمِثْلٍ".
شرح الحديث
يتبيّن من هذا الحديث فضيلة أن يدعو الإنسان لأخيه المؤمن دون علمه، فهذه دعوة مستجابة لأنّها خالية من الرياء والسمعة، كما أنّ هناك ملك موكل بالتأمين على دعاء المسلم لأخيه بظهر الغيب، حيث يدعو الملك الله أيضًا أن ينال الداعي من الخير مثلما أراد لأخيه، وقد كان بعض السلف إذا أراد شيئًا فيبدأ بالدعاء لإخوانه المؤمنين حتّى يقول الملك ولك بالمثل فيكون ذلك أدعى للقبول بإذن الله.
حديث: إذا رفع يديه إليه أن يردّهما صفرًا
متن الحديث
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "إنَّ ربَّكم حَيِيٌّ كريمٌ، يستحيي مِن عبدِه إذا رفَع يدَيْهِ إليه أنْ يرُدَّهما صِفرًا".
شرح الحديث
يُفسّر الحياء في هذا الحديث بفعل ما يسر وترك ما يضر أو بمعاملة المستحيي، وليس المراد الحياء الذي ينتاب البشر والتغيّر الذي يعتريهم بسبب خوفهم من فعل يلحقهم العيب منه، فالله تعالى مُنزّه عن هذا الانكسار ولا يجوز ذلك في حقّه أبدًا سبحانه وتعالى، والكريم هو الذي يُعطي بدون سؤال، فإذا رفع العبد المؤمن يديه ودعا ربّه فإنّ الله تعالى لن يردّ هاتين اليدين وهما خاليتان من الرحمة فارغتان من فضله وكرمه.
حديث: لا يزال يستجاب للعبد
متن الحديث
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ، ما لَمْ يَدْعُ بإثْمٍ، أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ، ما لَمْ يَسْتَعْجِلْ، قيلَ: يا رَسُولَ اللهِ، ما الاسْتِعْجَالُ؟ قالَ: يقولُ: قدْ دَعَوْتُ وَقَدْ دَعَوْتُ، فَلَمْ أَرَ يَسْتَجِيبُ لِي، فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذلكَ وَيَدَعُ الدُّعَاءَ".
شرح الحديث
يتبيّن من هذا الحديث أنّ الدعاء المتضمّن للإثم وقطيعة الرحم لا يُستجاب ومثله الدعاء المشتمل على حسد وتمنّي زوال نعمة عن الآخرين، كما يجب ألّا يستعجل المسلم الإجابة ولا يقول دعوت ولم يُستجب لي، ولا يمل وينقطع عن الدعاء، وهذا معنى الاستحسار، فالداعي يجب أن يكون صبورًا ويعلم أنّ الدعاء، بإخلاص فيه خير له سواء رأى استجابة دعائه أم لم يرها.
حديث: فأدعو فيها فأعرفُ الإجابة
متن الحديث
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: "أنَّ النبيَّ دعا في مسجدِ الفتحِ ثلاثًا: يومَ الاثنينِ، ويومَ الثلاثاءِ، ويومَ الأربعاءِ، فاستُجيبَ له يومُ الأربعاءِ بين الصلاتَينِ، فعُرِفَ البِشْرُ في وجهه. قال جابرٌ: فلم ينزلْ بي أمرٌ مهمٌّ غليظٌ إلا توخَّيتُ تلك الساعةَ، فأدعو فيها، فأعرف الإجابةَ".
شرح الحديث
يدلّ هذا الحديث على وجود ساعة مباركة هي مظنْة استجابة للدعاء، يوم الأربعاء بين صلاتي الظهر والعصر، حيث كان يتحرّى تلك الساعة فيدعو الله بها حيث يخبر الله عز وجل عن أنها من ساعات الاستجابة.
حديث: من تعارّ من اللَّيل
متن الحديث
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "مَن تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ، فَقالَ: لا إلَهَ إلَّا الله وحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وله الحَمْدُ، وهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ، الحَمْدُ لِلهِ، وسُبْحَانَ اللهِ، ولَا إلَهَ إلَّا اللهُ، واللهُ أَكْبَرُ، ولَا حَوْلَ ولَا قُوَّةَ إلَّا باللهِ، ثُمَّ قالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، أَوْ دَعَا، اسْتُجِيبَ له، فإنْ تَوَضَّأَ وصَلَّى قُبِلَتْ صَلَاتُهُ".
شرح الحديث
إنّ التعار في اللغة هو: "السهر والتقلب على الفراش والتمطي ليلًا مع كلام"، وفي هذا الحديث بيان لفضيلة الاستيقاظ في الليل وذكر الله تعالى في تلك الساعات، والإكثار من توحيده والاعتراف له بالربوبية، وحمده على نعمه وتسبيحه وتنزيهه عمّا لا يليق به من صفات النقص، والإقرار بدرته المطلقة والتسليم بالعجز البشري وعدم القدرة على تحصيل شيء دون المعية الربّانية، فمن قال ذلك وشهد بهذا ثمّ طلب المغفرة ودعا بأي دعاء آخر فإنّ دعاءه سيُستجاب، فإذا صلّى قيام ليل بعدئذ كانت صلاته مقبولة بإذن الله.
حديث: أَيُّها المصلّي ادع تجب
متن الحديث
عن فضالة بن عبيد -رضي الله عنه- قال: "بَينما رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- قاعدٌ إذ دخلَ رجلٌ فصلَّى فقالَ: اللَّهمَّ اغفِر لي وارحَمني، فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: عَجِلتَ أيُّها المصلِّي، إذا صلَّيتَ فقعَدتَ فاحْمَدِ الله بما هوَ أَهْلُهُ، وصلِّ عليَّ ثمَّ ادعُهُ. قالَ: ثمَّ صلَّى رجلٌ آخرُ بعدَ ذلِكَ فحمِدَ اللهَ وصلَّى على النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: أيُّها المصلِّي ادعُ تُجَبْ".
شرح الحديث
يُبيّن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في هذا الحديث أهمية الدعاء بعد الصلاة وكيفيته، فيجب أن يجلس المصلّي بعد أن يفرغ من صلاته فيحمد الله ويصلّي على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ثم يدعو فإنّ هذا الوقت هو من أوقات إجابة الدعاء، ولا ينبغي للمسلم أن يكتفي بحمد الله والصلاة على الرسول ويترك الدعاء كما حصل مع المصلّي الثاني.
حديث: ورجل حضرها يدعو
متن الحديث
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "يحضُرُ الجمعةَ ثلاثةُ نفرٍ رجلٌ حضرَها يلغو وهو حظه منها ورجلٌ حضرها يدعو فهو رجلٌ دعا اللهَ عزَّ وجلَّ إن شاء أعطاه وإن شاء منَعَه ورجلٌ حضرها بإنصاتٍ وسكوتٍ ولم يتخطَّ رقبةَ مسلمٍ ولم يؤذِ أحدًا فهي كفارةٌ إلى الجمعةِ التي تليها وزيادةُ ثلاثةِ أيامٍ وذلك بأن اللهَ -عزَّ وجلَّ- يقولُ (مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا)".
شرح الحديث
يُقسّم هذا الحديث حاضري خطبة الجمعة إلى ثلاثة أصناف، الأول يلغو أثناءها وهذا ليس له حظ منها وآثم على فعله هذا، والثاني منشغل عن سماع الخطبة بالدعاء فربّما استجاب الله تعالى له ربّما منعه لانشغاله عن الخطبة بالدعاء لنفسه، أمّا الصنف الثالث وهو الصنف المنصت للخطبة المتأدّب بآداب الإسلام، فهذا سيكون سماعه للخطبة كفارة له إلى الجمعة التي تليها وزيادة ثلاثة أيام لأنّ الحسنة بعشر أمثالها، وهذا ما يجب أن يكون عليه جميع حاضري الخطبة فلا ينبغي لهم الانشغال عنها حتّى بالدعاء.
حديث: فأكثروا الدّعاء
متن الحديث
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "أَقْرَبُ ما يَكونُ العَبْدُ مِن رَبِّهِ، وهو ساجِدٌ، فأكْثِرُوا الدُّعاءَ".
شرح الحديث
والمعنى أنّ الإنسان وهو ساجد يكون أكثر قربًا من ربّه من جميع أحواله الأخرى، فيستحب في هذه الحالة الإكثار من الدعاء، لأنّ السجود فيه تذلّل وافتقار لله تعالى، واعتراف بعبودية العبد وربوبيته ربّه، فكان الدعاء فيها أحرى للقبول والإجابة.