أظهرت دراسة جديدة أن الأمهات صاحبات العائلة الكبيرة هن أقل عرضة للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. مستوى الهرمونات المرتفع في أجسام النساء اللواتي تنجبن أربعة أطفال أو أكثر يعزز قوة جهاز الأوعية الدموية والقلب لديهن.
لا ننسى ان الاثار الاقتصادية والاجتماعية والنفسية للعائلة الكبيرة تشكل ضغوطا ومسؤوليات على كاهل معيل الاسرة (الاب والام). وفي هذا المقال نوجه التركيز فقط على نتائج دراسة بحثية جديدة من نوعها، شملت 1300 امرأة في ولاية كاليفورنيا. اظهرت الدراسة أن المرأة التي تنجب اربعة اطفال او اكثر قللت لديها احتمالية الاصابة بأمراض القلب والاوعية الدموية الى الثلث. وخلص الباحثون ان مستوى الهرمونات المرتفع خلال فترة الحمل تحافظ على بنية الاوعية الدموية في جسم المرأة، واظهرت ايضا ان تعدد الولادات كان لها تأثيرا مباشرا على منع السكتة الدماغية، بحيث تقل احتمالات الوفاة لدى الامهات بسبب السكتة الدماغية بنحو النصف. وبينت الدراسة ايضا ان ثمة استنتاج اضافي توصل إليه الباحثون هو أن العائلة الكبيرة توفر دعما اجتماعيا كبيرا للأمهات. ومن الملاحظ ايضاً ان فرص الاصابة بامراض القلب او السكتة الدماغية تقل لدى النساء المعرضات لخطر الاصابة كلما انجبن اكثر. لذلك يستنتج الباحث بأن النساء اللواتي ينجبن أطفالا أكثر يتمتعن بصحة جيدة.
الباحثة الرئيسية، ميرني جاكوبس من جامعة كاليفورنيا في سان دييغو، تدعي بأن "النساء اللواتي شاركن في هذه الدراسة كن أقل عرضة للوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية إذ كن قد حملن أربع مرات، في حين أن العلاقة الأقوى التي وجدت هي تقليل احتمالات الوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية الغير تاجية".
الآلية التي تعمل على تقليل الخطر غير معروفه، لكن مع ذلك فهناك عدة فرضيات. الفرضية الأولى هي أن هذه الآلية ترتبط بالخصوبة المرتفعة لدى النساء الأكثر صحة. فرضية أخرى هي أن التعرض خلال فترات طويلة إلى مستويات مرتفعة من الاستروجين أو غيره من الهرمونات أثناء الحمل يساعد على خفض خطر الاصابة. فرضية أخرى هي أنه خلال فترة الحمل تطرأ زيادة في نشاط الطبقة الداخلية للأوعية الدموية (البطانية). وبالإضافة إلى ذلك، افترض الباحثون أن الدعم الاجتماعي من العائلة الكبيرة يؤدي الى أداء صحي أكثر لدى الأم.
التغيرات التي تمر بها المرأة خلال فترة الحمل تؤثر على صحتها لفترة طويلة:
البروفيسور دونالد بيبلز، المتحدث باسم الكلية الملكية لأمراض النساء والتوليد في بريطانيا يقول: "من غير الواضح لماذا يؤدي انجاب أربعة أطفال أو أكثر إلى حماية النساء من أمراض القلب والأوعية الدموية". ويضيف: "ربما النساء اللواتي لم ينجبن أطفالا يكن أكثر عرضة من المعتاد للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية". ربما أن ارتفاع مستويات الهرمونات أثناء الحمل توفر حماية للقلب.
وفقا لبيبلز، فإن هذه الدراسة لم تفحص أسباب عدم انجاب هؤلاء النساء للأطفال- فقد تكون لديهن مشاكل في الخصوبة، مما قد يزيد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. "نحن نعرف أن النساء اللواتي يرغبن في الحمل لكنهن لا يستطعن ذلك، هن أكثر عرضة لخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بسبب وجود تكيس المبايض"، كما يقول.
ويدعي الخبراء في علم الغدد الصماء، التكاثر والخصوبة بأن التغيرات الفسيولوجية التي تحصل لدى المرأة خلال فترة الحمل تؤثر على صحتها لفترة طويلة. في هذه الدراسة، أظهرت مجموعة كبيرة من النساء السليمات أن أربعا أو أكثر من حالات الحمل تؤدي إلى حصول تحسن في جهاز الأوعية الدموية والقلب. ولكن الخبراء يشيرون إلى أن هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث لدراسة ما إذا كان للدعم النفسي في الأسر الكبيرة له تأثير اضافي.
ويضيف خبراء طب القلب انه من المعروف أن الأمراض القلبية والوعائية تسبب معدلات وفيات متساوية لدى الرجال والنساء. لكن الرجال يتأثرون بعوامل أخرى مقارنة بالنساء، ونحن لا نزال بعيدين عن معرفة السبب لذلك. احدى النظريات تقول ان النساء محميات من أمراض القلب بواسطة الهرمونات الموجودة في أجسامهن، حتى سن اليأس ( سن الامان). هذه الدراسة أظهرت عمليا أن عددا أكبر من حالات الحمل يرتبط مباشرة بعدم ظهور أمراض القلب والأوعية الدموية في مرحلة متأخرة من الحياة. ولكن الخبراء يشيرون إلى أن الباحثين في هذه الدراسة وجدوا بالفعل أن النساء صاحبات العائلة الكبيرة حملن أربع مرات أو أكثر قللن بذلك من مخاطر الإصابة بأمراض القلب، لكنهم لم يستطيعوا معرفة السبب. ولذلك، هناك حاجة إلى إجراء المزيد من البحوث قبل استخلاص أية استنتاجات بعيدة المدى.