الإسلام دين العمل

كتابة:
الإسلام دين العمل

العمل

نعيش في كنف عالم تقوم كافة أشكال الحياة فيه على العمل والسعي لتحقيق عيش الكريم، ولا يقتصر ذلك على البشر بل يشمل كافة الكائنات الحية التي تعمل جميعها ضمن نظام محكم وبشكل منظم لاستمرار الحياة على الأرض، وقبل الحديث عن مكانة العمل في الإسلام، لا بدّ من تسليط الضوء على مفهوم العمل، حيث سنتحدث بعد ذلك بشكل مفصل عن المكانة التي أعطاها الدين الإسلامي للعمل ومدى حثه للمؤمنين على الالتزام بالقيام بأعمالهم على أكمل وجه، وكذلك عن أبرز المبادئ التي يقوم عليها العمل في الإسلام.


مفهوم العمل في الإسلام

يُلخص مفهوم العمل في الإسلام على أنه كل نشاط بدني أو عقلي يقوم به المرء بشكل مقصود ضمن محيط معين، سواء كان عملاً خاصاً تعود ملكيته للشخص نفسه ويعمل على إدارته، أو عملاً لدى أشخاص يمتلكون مشروعاً معيناً أي ضمن حدود القطاع الخاص، أو عمل في القطاع الحكومي أو العام، مقابل أجر مادي معين يتفق عليه الطرفين ضمن اتفاقية أو عقد عمل تحفظ به حقوق صاحب العمل والعامل، وتكمن أهمية العمل في أنه يؤمن لقمة عيش للأفراد ويجعلهم قادرين على تحقيق الحياة الكريمة لأنفسهم وعائلاتهم، لذلك أولى الدين الإسلامي العمل مكانة كبيرة جداً، وجعله بمثابة عبادة.[١]


العمل في الدين الإسلامي وأهميته

عظّم الدين الإسلامي مكانة العمل وجعل منه عبادة لله عز وجل حيث يؤجر المؤمن الذي يعمل بجد وينتج لنفسه وأسرته، بغض النظر عن نوعه طالما يندرج تحت خانة الحلال، ويبتعد كل البعد عن المحرمات التي تلحق ضررا بالشخص والمجتمع، وتجلى ذلك في عدة آيات وردت في الذكر الحكيم ومنها: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)،[٢] كما جاء في سورة الملك: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)،[٣] ومن هنا نرى أن الإسلام يرى بالعمل أحد أبرز مقومات الحياة، وأنه بمثابة أداة لبناء مستقبل الشعوب، ويحفظ أمنها وأمانها واستقرارها، وبه تزدهر الأمة.[٤][٥]


ويرى الإسلام بالعمل أنه أحد أشكال الجهاد في سبيل الله تعالى، يجاهد فيه المؤمن لتحقيق ذاته، حيث لا تقتصر فائدته على جني الأموال وتأمين الغذاء والملبس والمسكن فقط، بل يتجاوز ذلك بكثير كونه يحقق الأمن في المجتمعات ويحول دون حدوث الجرائم الناتجة عن الفراغ والفقر والحاجة؛ بما فيها السرقات والقتل والسطو والنهب وأكل الحقوق وغيرها، كما أنه يؤدي إلى التوازن النفسي لدى الفرد وينعكس ذلك تلقائياً على تحقيق السلام الاجتماعي.[٦]


آداب العمل في الإسلام

يقوم العمل في الإسلام شأنه شأن كافة مجالات الحياة على العديد من المبادئ والآداب تتمثل فيما يلي:[٧][٨]

  • الإتقان في العمل يعتبر أساساً، حيث يحاسب المرء الذي يكتسب مالاً مقابل عمله ولا يقوم بتأديته بأفضل صورة وعلى أكمل وجه، حيث قال النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ اللهَ تعالى يُحِبُّ إذا عمِلَ أحدُكمْ عملًا أنْ يُتقِنَهُ).[٩]
  • الأمانة والصدق والإخلاص، ومخافة الله في النفس والناس والمرافق وغيرها مما هو موجود في بيئة العمل، والابتعاد كل البعد عن الغش والتلاعب والتحايل.
  • يقع على عاتق صاحب العمل أن يعطي العمال كافة حقوقهم وفي الأوقات المحددة بذلك، سواء الحقوق المتعلقة بالأجور أو التعويضات أو غيرها، كما يُلزم بتأمين بيئة عمل صحية وسليمة لضمان سلامتهم.


المراجع

  1. سمير محمد جمعة العواودة، واجبات العمال وحقوقهم في الشريعة الإسلامية مقارنة مع قانون العمل الفلسطيني، صفحة 9-10. بتصرّف.
  2. سورة الجمعة، آية:10
  3. سورة الملك، آية:15
  4. "قيمة العمل والاكتساب في الإسلام"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 15/6/2022. بتصرّف.
  5. محمد بن محمد العواجي، أهمية دراسة السيرة النبوية والعناية بها في حياة المسلمين، صفحة 39. بتصرّف.
  6. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 4986. بتصرّف.
  7. عمر الأشقر، نحو ثقافة إسلامية أصيلة، صفحة 306. بتصرّف.
  8. "مكانة العمل وآدابه في الإسلام "، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 15/6/2022. بتصرّف.
  9. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1880، حسن.
5353 مشاهدة
للأعلى للسفل
×