البيئة
خلق الله -تعالى- الإنسان لمهمّةٍ عظيمة، تمثّلت في جعله خليفةً في الأرض؛ لقوله -تعالى-: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً)،[١] وللقيام بهذا الدّور هيّأ الله للإنسان كلّ مقوّمات الحياة اللاّزمة حيث خلقه في أحسن تقويمٍ، وزوّده بالعقل، وأعدّ له البيئة المستقرّة والآمنة، وخلق كلّ شيءٍ فيها بقدرٍ موزون، لتساعد الإنسان على تنفيذ دوره في الحياة.
والبيئة هي الإطار الذي يعيش فيه الإنسان، متضمّناً الأرض ومكوناتها الحيّة من نباتٍ وحيوان، ومكوناتها غير الحيّة، من ماءٍ ويابسةٍ وهواء، وتمثّل موقف الإسلام من البيئة عن طريق حثّ الإنسان على إعمار الأرض، من خلال استثمارها، والدّعوة إلى حمايتها من جميع أنواع الفساد، وإصلاحها من فساد الإنسان.[٢]
الإسلام وحماية عناصر البيئة
تقوم المبادئ الإسلاميّة على حماية البيئة، ومن أهم هذه المبادئ:[٣]
- مبدأ الخلافة
حيث يُعدّ الإنسان المستخلف الوحيد في هذه البيئة، وعلاقته بها ليست تملّكيّة، بل علاقة استئمان على الأمانة، فيجب الحفاظ على الأمانة، والعناية بها.
- مبدأ التوازن
إن التلوث يؤدي إلى الإخلال بتوازن الكون؛ والذي أدى ويؤدي إلى فساد البيئة والإضرار بالكائنات الحية التي في مقدمتها الإنسان.
- مبدأ "لا ضرر ولا ضرار"
لأنّ الضرر يعود على الإنسان والبيئة، فالضّرر محرّم للنفس، وكذلك للغير.
- مبدأ تحقيق المصحة العامة
إن في المحافظة على البيئة نقية كما خلقها الله مصلحة لكل مكوناتها؛ ويأتي في أولها الكائنات الحية، وأهمها الإنسان الذي خلق الله له تلك الأشياء وسخرها له.
- مبدأ المسؤوليّة الشّخصية
فالإنسان مسؤولٌ عن جميع تصرّفاته تجاه البيئة؛ لقوله -عليه الصّلاة والسّلام-: (كلّكم راعٍ وكلّكم مسؤولٍ عن رعيّته).[٤]
- مبدأ الرّقابة الذّاتية
يعمل الوازع الدّيني في تقوية النّفس على حماية البيئة من الفساد، عند غياب الرّقابة الخارجيّة.
مظاهر حماية الإسلام لعناصر البيئة
إن مظاهر حماية البيئة في الإسلام كثيرة ومتنوعة؛ منها ما نصت عليه الأدلة الشرعية، ومنها ما دعت إليه التعاليم الإسلامية بشكل عام؛ ونذكر منها:[٥]
- حثّ الإسلام على الزّراعة
وقد شجّع النبي -عليه الصلاة والسلام- المسلمين على غرس الأشجار، لقوله: (مَا مِن مُسلم يَغرِسُ غَرْسًا أو يَزرَعُ زَرْعًا فيأكُلُ مِنه طَيرٌ أو إنسَانٌ أو بهيْمَةٌ إلا كان لهُ بهِ صَدقَةٌ)؛[٦] حيث تعود بالنّفع والفائدة على البيئة.
- حرّم الإسلام الاعتداء على عناصر البيئة
بطريقة غير صحيحة؛ لأنها من حقّ جميع البشر والحيوانات، ولهم الحقّ في تقاسمها.
- اهتمام الإسلام بنظافة البيئة
وتجنّب تلوث الموارد الحيويةّ، كالتّبول في المياه، أو الطريق، أو في الظّل، وحثّ على النّظافة العامّة لهذه المصادر، قال -عليه الصلاة والسلام-: (لا يبولنّ أحدكم في الماء الدّائم الذّي لا يجري ثم يغتسل فيه).[٧]
- التّحذير من الإسراف في الموارد الطّبيعية؛ والمائيّة بشكلٍ خاص.
المراجع
- ↑ سورة البقرة، آية:30
- ↑ [محمد محمود محمدين]، المدخل إلى علم الجغرافيا والبيئة، صفحة 368. بتصرّف.
- ↑ [عبد الله الطيار]، الفقه الميسر، صفحة 135-136. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:893، صحيح.
- ↑ [مجموعة من المؤلفين]، موسوعة صناعة الحلال، صفحة 175. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:2320، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:239، صحيح.