الإعجاز العلمي في قوله تعالى والقمر قدرناه منازل

كتابة:
الإعجاز العلمي في قوله تعالى والقمر قدرناه منازل

القمر

القمر الطبيعي جزءٌ من المجموعة الشمسيّة، وهو عبارة عن جسمٍ فلكيٍّ معتمٍ يدورُ في مدارٍ إهليلجيٍّ حول الكوكب أو الكويكب، ويبلغ عدد أقمار المجموعة الشمسية 336 قمرًا منها 173 قمرًا يدور حول كواكب المجموعة الشمسيّة التسعة ومنها قمر واحد يدور حول كوكب الأرض ويحتلّ المرتبة الخامسة من حيث الحجم بين الأقمار، ويعدّ قمر الأرض من أكثر الأجسام الموجودة في المجموعة الشمسية لمعانًا في الليل وذلك نتيجة إنعكاس ضوء الشمس الساقط عليه، وهذا المقال يسلط الضوء على الإعجاز العلمي في قوله تعالى والقمر قدرناه منازل أي أطوار ومراحل جعلت منه موضع اهتمام الثقافات القديمة وجعل آلهة للقمر كخونس في الحضارة الفرعونية وماما قيلا في حضارة الإنكا وتشانغ في الحضارة الصينية.

حركة القمر حول الأرض

القمر هو أقرب جيران الأرض ومتوسّط بُعد القمر عن الأرض 384000 كيلومتر، يدور حولها في مدارٍ بيضاويّ له قطر أكبر وله قطر أصغر، فحين يكون عند قطره الأصغر يكون أقرب ما يكون إلى الأرض، وحين يصل إلى قطره الأكبر يكون أبعد ما يكون عن الأرض، وسرعة دوران القمر حول محوره مرتبط ارتباطًا وثيقًا بسرعة دوران الأرض حول محورها، فكلما زادت سرعة دوران الأرض حول محورها، قلّت سرعة دوران القمر حولَ محورِه، وكلّما قلت سرعة دوران الأرض حول محورها أصبحنا في وضع حرج للغاية؛ لأنه مع تباطؤ سرعة دوران الأرض تتسارع سرعة دوران القمر، ومع تسارع دوران القمر حول محورِه قد ينفلت تمامًا من نطاق جاذبية الأرض، ويذهب بعيدًا عنها، وقد تبتلعه الشمس، وهذه من الإشارات القراآية البديعة المشيرة إلى بداية تهدم النظام الكوني وانتهاء العالم، ويعدّ هذا أحد أوجه الإعجاز في القرآن الكريم. [١]

الإعجاز العلمي في قوله تعالى والقمر قدرناه منازل

قال الله تعالى: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ}[٢]، تأتي هذه الآية في سورة يس في سياق الحديث عن قدرة الله في الخلق والكون والإعجاز في تسيير أمور الكون بالإشارة إلى أعظم الأجرام الشمس والقمر بالنسبة للإنسان آنذاك، ومن أبرز أوجه الإعجاز في خلق القمر وتسيير حركته حول الأرض تقسيم أطوار حركته وتغيُّر شكله خلال هذه الحركة إلى أطوارٍ ثمانية مطابقًا لقوله والقمر قدرناه منازل أي أطوار ومراحل ابتداءً من أول الشهر القمري وحتى نهايته، ويبدأ أوجه القمر بالهلال وهو المنزلة الأولى على شكل هلالٍ رفيعٍ لامعٍ يظهر في الأفق الغربي مع غروب الشمس ولمدةٍ وجيزةٍ، المنزلة الثانية هي التربيع الأول أي بعد مضي ربع دورةٍ للقمر حول الأرض وتبدأ في اليوم السابع من الشهر القمريّ، ثم المنزلة الثالثة وتسمى الأحدب المتزايد يظهر القمر قريب من الأفق الشرقي بعد غروب الشمس بمساحةٍ ضوئيةٍ أكبر من سابقه في اليوم الثامن من الشهر القمري، ثم القمر البدر وهي منزلته الرابعة حين يغطي الضوء كامل مساحة وجه القمر وذلك بعد مضي أربعة عشر يومًا وثمان عشرة ساعةً على منزلة الهلال وعندما يكون القمر بدرًا يكون في وضع تقابلٍ مع الشمس وبعد منزلة البدر يبدأ ظهور القمر في السماء بتأخر يومًا بعد يومٍ بمقدار خمسين دقيقةً مع انحسارٍ تدريجيٍّ للمعانه ووهجه.

يلي منزلة البدر منزلة الأحدب المتناقص وتكون بعد مضيّ ثمانية عشر يومًا وعشر ساعاتٍ على منزلة الهلال إذ يكونُ الخط الفاصل بين المنطقة المضاءة والمظلمة على شكلٍ قوسٍ محدبٍ، ثمّ تأتي منزلة التربيع الثاني بعدَ قَطْع اثنين وعشرين يومًا في الشهر القمريّ، وفي هذه المنزلة يتأخّر ظهور القمر بمعدّل خمس ساعاتٍ بعد مغيب الشمس ويتناقص نوره، ثم المنزلة السابعة وهي الهلال الثاني وتبدأ بعد مضي خمسةٍ وعشرين يومًا على منزلة الهلال الأول أو بداية الشهر القمري ويصبح الضوء قليلًا، وأخيرًا المنزلة الثامنة منزلة المُحاق، وهي عندما يصل القمر إلى أعلى نقطةٍ في صعوده بين السماء والأرض وتكون في آخر يومٍ في الشهر القمري -التاسع والعشرين أو الثلاثين- ولا يظهر في السماء ويغطي الظلام كامل وجه القمر.

ومن أوجه الإعجاز في والقمر قدرناه منازل إطلاق لفظ العرجون القديم على الهلال الثاني، وتعني عنقود الرُّطب اليابس والمنحني وهو لفظٌ مأخوذٌ من بيئة العرب، وأطلق العرب منذ القدم لفظ منازل على مراحل تطور القمر لانتقاله من موقعٍ إلى آخر فكل واحدٍ منها هو منزلٌ ويبلغُ عدد منازله ثمانية وعشرين منزلًا بعدد الأيام التي يُرى فيها في السماء، وهذا مصداقٌ لقوله والقمر قدرناه منازل. [٣][٤]

القمر والعبادات في الإسلام

قال الله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ۖ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ}[٥] والأهلة جمع هلالٍ وبذلك يعدُّ الهلال -أحد منازل القمر- مقياسًا للزمن اعتُمد من ربّ العباد للمسلمين لآداء عباداتهم المختلفة، وتبرز أهمية والقمر قدرناه منازل في تحديد الزمن الصحيح لكثيرٍ من العبادات وعلى رأسها فريضة الحج ويوم عرفة وعيد الأضحى وأيضًا دخول شهر رمضان وانقضاؤه وأول أيام عيد الفطر، ويوم عاشوراء، والأيام البيض، والأشهر الحُرم -رجب وذو القعدة وذو الحجّة ومحرم-. [٦]

خسوف القمر

يُعدُّ خسوف القمر من الناحية العلميّة البحتة واحدة من الظواهر الطبيعيّة، والتي تحدثُ عند وقوع الأرض بين الشمس والقمر على استقامةٍ واحدةٍ بحيث تحجبُ الأرض ضوء الشمس من الوصولِ إلى القمر في ليلةِ البدر، فيصبح القمر معتمًا بمقدار ظلّ الأرض الواقع عليه، فإذا غطى ظلّ الأرض كامل القمر فهو خسوفٌ كليٌّ وإذا غطّى جزءًا من القمر فهو خسوفٌ جزئيّ، أما ظاهرة الخسوف من الناحية الشرعية فهي من علامات التخويف التي يُذكِّر فيها الله عباده بيوم القيامة حيث يُخسف القمر في ذلك اليوم، لذا من السنة الفزع إلى تأدية صلاة الخسوف حتى ينجلي لفِعل النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ الشمسَ والقمرَ من آيات اللهِ، وإنهما لا يَنخسفان لموتِ أحدٍ ولا لحياتِه، فإذا رأيتُموهما فكبِّروا، وادعو اللهَ وصلُّوا وتصدَّقوا" [٧][٨][٩]

المراجع

  1. القمر،,  "www.marefa.org"، اطُّلع عليه بتاريخ 07-02-2019، بتصرف
  2. {يس: الآية 39}
  3. كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم،,  "www.al-eman.com"، اطُّلع عليه بتاريخ 07-02-2019، بتصرف
  4. معنى آية ( والقمر قدّرناه منازل ..)،,  "www.islamqa.info"، اطُّلع عليه بتاريخ 07-02-2019، بتصرف
  5. {البقرة: الآية 189}
  6. القمر ومنازله مقياس صحيح للزمن،,  "www.alukah.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 07-02-2019، بتصرف
  7. الراوي: عائشة أم المؤمنين، المحدث: مسلم، المصدر: صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 901، خلاصة حكم المحدث: صحيح
  8. إذا كان الكسوف ظاهرة طبيعية فلماذا نفزع ونصلي،,  "www.islamqa.info"، اطُّلع عليه بتاريخ 07-02-2019، بتصرف
  9. في دقائق.. أحكام الخسوف والكسوف،,  "www.alukah.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 07-02-2019، بتصرف
4839 مشاهدة
للأعلى للسفل
×