الاحتلام تعريفه وأسباب حدوثه من وجهة نظر نفسية؟

كتابة:
الاحتلام تعريفه وأسباب حدوثه من وجهة نظر نفسية؟

تعريف الاحتلام لغة واصطلاحًا

الاحتلام في اللغة هو مصدر للفعل احتلم، يحتلمُ، وهو القيام بالجماع كاملًا أثناء المنام، ويعرَّف في الاصطلاح على أنَّه خروج المني من الرجل البالغ أثناء النوم، وإذا احتلم الرجل أول مرة أصبح بالغًا، فهو علامة من علامات البلوغ عند الذكور، وقد جعل الإسلام له أحكامًا خاصة يجب على كلِّ مسلم أن يكون على علم بها حتَّى يحسن التصرف عندما يحتلم في حياته، وأهم هذه الاحكام أنَّه إذا احتلم الإنسان وجب عليه الغسل حتَّى تتمَّ الطهارة منه لأنَّه يعتبر حدثًا أكبر، وهذا المقال سيسلط الضوء على الاحتلام تعريفه وأسباب حدوثه وحكم أن يحتلم الرجل في نهار الصيام والفرق بينه وبين العادة السرية.

الاحتلام تعريفه وأسباب حدوثه

يعرِّف أهل العلم الاحتلام على أنَّه رؤية الإنسان في منامه وكأنَّه يجامع أو يُباشر إلى الجماع، فإذا استيقظ من نومه وجد أثرَ هذا الجماع في ثيابه، وقد وجب الغسل على من وجد أثرًا مما رآه في المنام، فالغسل في هذه الحالة سبب الطهارة ودونه لا يمكن للإنسان أن يطهر مما رآه أبدًا، يقول أحد الفقهاء في تعريفه: "اسم لما يراهُ النَّائم من المباشرة، فيحدثُ معه إنزالُ المنيِّ غالبًا"، أمَّا الأسباب التي تؤدي بالإنسان إلى أن يرى في منامه ما يرى من أحلام مثيرة للشهوة، فقد قال البغوي: "ومن لعب الشيطان به الاحتلام الذي يُوجبُ الغُسْل، فلا يكون له تأويل، وقد يكون ذلك من حديث النَّفسِ، كمن يكون في أمر، أو حرفة يرى نفسه في ذلك الأمر، والعاشق يرى معشوقه ونحو ذلك، وقد يكون ذلك من مزاج الطبيعة".[١]

وجدير بالذكر إنَّه احتلام الإنسان قد يكون بسبب الشيطان وقد يكون بسبب طبيعة جسم الإنسان، حيث يكون الإنسان صاحب غريزة جنسية قوية، ولهذا لا يمكن أن يجزم الإنسان أن كلَّ احتلام سببه الشيطان خاصَّة، وأنَّ احتلام الإنسان لا إثم به ولا ذنب، ولكنَّ الأولى أن يبتعد الإنسان عن التفكير في الأمور الجنسية المثيرة للشهوة، مما قد تكون سببًا لاحتلامه أثناء نومه، والله تعالى أعلم.[٢]

هل تحتلم المرأة

لا شكَّ في أن المرأة تحتلم كالرجل تمامًا، وهذا مثبت علميًا ودينيًا أيضًا، فإذا رأت المرأة في منامها بعض مقدمات الجماع أو الجماع نفسه فهذا من الحلم، وقد ثبت احتلام المرأة في صحيح الإمام البخاري، عن أم سلمة هند بنت أبي أمية -رضي الله عنها- قالت: "جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إلى رَسولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- فَقَالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ! إنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ، فَهلْ علَى المَرْأَةِ مِن غُسْلٍ إذَا احْتَلَمَتْ؟ قَالَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: إذَا رَأَتِ المَاءَ فَغَطَّتْ أُمُّ سَلَمَةَ، تَعْنِي وجْهَهَا، وقَالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ أوَ تَحْتَلِمُ المَرْأَةُ؟ قَالَ: نَعَمْ، تَرِبَتْ يَمِينُكِ، فَبِمَ يُشْبِهُهَا ولَدُهَا"[٣]، وقد قال الشيخ البسام في شرح هذا الحديث الشريف: "عبارة عمَّا يراه النائم في نومِهِ منَ الأشياءِ، والمرادُ هُنا: إذا رأتِ المرأةُ في نومِها مثل ما يرى الرَّجلُ من صورةِ الجِماعِ وتمثيلِهِ"، والله تعالى أعلم.[٤]

حكم من احتلم في نهار الصيام

يسأل كثيرون عن حكم احتلام الإنسان في نهار الصيام، والإجابة هو أنه لا حرج على من احتلم في نهار الصيام ولا إثم ولا يفسد صومه، لأن احتلام الإنسان خارج عن إرادته وطاقته، وإنَّما يدخل تحت حكم الآية القرآنية، قال تعالى في سورة البقرة: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ}[٥]، وهذا ما أجمع عليه أهل العلم، وهنا تجب الإشارة إلى أنَّ احتلام الإنسان يختلف عن الاستمناء، فالاستمناء أو ما يُسمَّى بالعادة السرية يُعتبر من مبطلات الصيام لأنَّ الإنسان في هذه الحالة يقوم بإنزال شهوته في حالة اليقظة وبوعي تام، أما احتلام الإنسان فيكون أثناء النوم، ومن المعروف أنَّ القلم رُفع عن النائم حتَّى يستيقظ، روى علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- إنَّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم- قال: "رُفِع القلمُ عن ثلاثةٍ: عن المجنونِ المغلوبِ على عقلِه وعن النَّائمِ حتَّى يستيقظَ وعن الصَّبيِّ حتَّى يحتلِمَ"[٦]، والله تعالى أعلم.[٧]

حكم الاغتسال على المحتلم

لا شكَّ في أن الاحتلام يوجب الاغتسال على الإنسان، فمن احتلم أصبح حكمه في الطهارة في حكم من جامع وعليه أن يغتسل حتَّى تصح صلاته، ولكن تجب الإشارة هنا إلى أنَّ الغُسل لا يكون إلَّا على من احتلم في منامه ووجد الماء -أي السائل المنوي- في ثيابه، فمن احتلم ولم يجده فلا غُسل عليه ويكفي أن يتوضأ حتَّى يطهر، والدليل على هذا ما جاء عن أم سلمة هند بنت أبي أمية -رضي الله عنها- قال: "جاءت أمُّ سليمٍ بنتُ ملحانَ إلى النَّبيِّ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- فقالت: يا رسولَ اللَّهِ! إنَّ اللَّهَ لا يستحيي منَ الحقِّ، فَهل علَى المرأةِ تعني غسلًا إذا هيَ رأت في المنامِ مثلَ ما يرى الرَّجلُ؟ قالَ: نعم، إذا هيَ رأتِ الماءَ فلتغتسل"[٨]، وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- إنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: "إنَّما المَاءُ مِنَ المَاءِ"[٩]، والمقصود في هذا الحديث إنَّ ماء الغسل يأتي من ماء المني، فالاحتلام هو جماع وفيه إنزال، ولذلك فُرض الغسل فيه كما فُرض على من جامع زوجته، والله تعالى أعلم.[١٠]

المراجع

  1. "الاحتلام.. معناه.. أسبابه.. وحقيقته"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-06-2019. بتصرّف.
  2. "ليس كل احتلام سببه الشيطان"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-06-2019. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أم سلمة هند بنت أبي أمية، الصفحة أو الرقم: 130، صحيح.
  4. "رى في المنام أحلاماً مزعجة، وتَتَخَيَّل الجِماع في النوم"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 13-06-2019. بتصرّف.
  5. سورة البقرة، آية: 286.
  6. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 143، أخرجه في صحيحه.
  7. "حكم من احتلم في نهار رمضان"، www.binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 13-06-2019. بتصرّف.
  8. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أم سلمة هند بنت أبي أمية، الصفحة أو الرقم: 122، صحيح.
  9. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 343 ، صحيح.
  10. "حكم الغسل من الاحتلام الذي لا يجد له أثرًا"، www.binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 13-06-2019. بتصرّف.
5094 مشاهدة
للأعلى للسفل
×